لن أمل من التأكيد أن أغلى ما يمتلكه هذا البلد هى عبقرية وعقول أبنائه، فمنذ عهد الفراعنة وهى تبهر العالم بفكر لا مثيل، وكأن حظ هذا الوطن فى عقول أبنائها والشئ المعلوم للقاصى والدانى أن المصريين فى الداخل والخارج  يمتلكون عقول مبدعة، ولا مثيل ولا شبيه لها فى كل دول العالم .
ولمن لا يعلم فإننى منذ عشرات السنين وأنا حريص على يوم مفتوح لاستقبال أهلى فى قرية ميت فارس التابعة لمحافظة الدقهلية بمقر منزلي، أستمع إليهم مستمتعاً بأفكارهم الخلاقة وبخفة الدم والظل الرائعة، وهذه اللقاءات بمثابة وقود أستطيع به مواجهة متاعب العمل الأسبوع القادم، وأحمل كل أسبوع كومة أوراق وطلبات خاصة بأهلى لأخذ الموافقات عليها من الجهات الحكومية، خدمة لأبناء الدقهلية الكرام، ولكن خلال زيارتى الأخيرة همس فى أذنى أحد شيوخ القرية وأحد كبار العائلات، قائلا (هما الوزراء اللى مشيوا طلعوا معاش ولا إيه)، كلمة عفوية لكنها لم تمر علىَّ مرور الكرام وظلت تلازمنى طوال زيارتى وحتى عودتى للقاهرة أفكر، ما هو مصير هذه العقول وهذه الخبرات؟
لم يمر كثيرا حتى وجدت عقلى يقودنى أن مصر عامرة بالكفاءات الأفذاذ الذين أعطوا للوطن الكثير فلماذا لا نستفيد منها، والاستفادة تكون بانضمام جميع الكفاءات التى أبلت بلاء حسناً فى أثناء أداء دورها الوطنى فى الوزارات والمحافظات المختلفة، الى المجالس القومية المتخصصة، نعم قد يكون المسمى غريبا على البعض، ولكن يوجد فى مصر مجالس قومية متخصصة منذ عقود من الزمن من أيام الرئيس جمال عبدالناصر مروراً بالرئيس السادات وغيرهما، وجاء الرئيس السيسى فى عام 2016 وأصدر قرارا جمهوريا بإنشاء هذ المجالس التى على رأس أهدافها، دراسة واقتراح السياسات العامة التى تستهدف إقامة مجتمع قائم على أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والاحترام المتبادل وتقبل الآخر، التخطيط، ودراسة واقتراح خطط مناهج تنمية المجتمع وبناء القدرات المساهمة فى تطوير برامج المؤسسات المهنية بتنمية المجتمع.


مسألة تغيير الوزارات هى سنة الحياة فى كل الدول الديمقراطية، ومصر عطاؤها لا ينضب، ولا يختلف أحد على كفاءة الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط السابقة، وهى من الكفاءات الوطنية النادرة كواجهة مشرفة لمصر ونموذج للمرأة المصرية الرائدة من أيام كليوباترا الى هالة السعيد، كذلك لا يختلف أحد على الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء السابق، هذا الرجل الوطنى الشريف الذى أعطى لبلدة الكثير، ولا يختلف أحد عزيزى القارئ على الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم السابق، وهو أحد اركان الوزارة منذ عقود من الزمن يعنى بالبلدى كدة (راجل عقر) خبرات متراكمة وكفاءة متميزة، والأسماء كثيرة وجديرة بالاحترام.
أقترح على كل المسئولين فى هذا الوطن أن نستفيد من أبناء مصر، الأبرار الذين أدوا دورهم ولديهم خبرات تلامس السحاب فلماذا لا يتم الاستفادة بهم فى المجالس القومية المتخصصة، هذه المفرخة التى تصدر لنا الأفكار والحلول، لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصاديه، شرط أن يتم إعطاؤها الصلاحية الكاملة فى الحصول على المعلومات لإعداد استراتيجيات وطنية تكون هى السبيل الذى نهتدى به وتنير لنا طريق المستقبل.
اقتراحى ينبع من إيمان مخلص بضرورة عدم إهدار هذة الكفاءات والبدء الفورى بالتواصل مع هذه الأسماء وغيرهم ممن كان لهم بصمة فى عملهم فى الوزارات والمحافظات المختلفة، حتى القيادات الأمنية والعسكرية فهى كنز وبنك من الأفكار الذى لابد من الاستفادة منهم.
دعوة من القلب أطلقها لعلها تجد آذان صاغية، يا حكومة لدينا جواهر ودرر تحتاج إلى توظيفها والاستفادة منها وإبرازها ليشع بريقها وتؤتى نتاج عقود من الزمن من الخبرات التى لا تقدر بثمن، ولابد من عودة المجالس المتخصصة الى دورها الوطنى العظيم.
بقى لى أنا وشعب مصر ان نطوق هذه الكفاءات بوسام الوطنية، على ما قدموه لخدمة وطنهم فى فترة من أحلك الظروف وتحملوا المسئولية فى وقت عصيب، وأقول لهم التاريخ لن ينساكم.
أوقن ان الحكومة الجديدة فى حاجة ماسة وملحة لأفكار سياسية واقتصادية واجتماعية وعلميّة جديدة توضع تحت بصرهم كأستراجيات مستقبلية خاصة فى مجال التعليم والصحة والزراعة والصناعة، وأن تكون هذه الاستراتيجيات مستندة إلى مبادئ علمية وأفكار مبدعة ومبتكرة ومستمدة من الواقع المصرى الذى نعيشه، وأعتقد أن إسناد رئاسة المجالس القومية المتخصصة للدكتورة هالة السعيد وبالتنسيق مع معهد التخطيط القومى وضم كافة العلماء والوزراء السابقين ورؤساء الجامعات والهيئات والمؤسسات العامة والحكومية السابقين الى عضوية تلك المجالس كلاً فيما يخصه سيكون له دور فعال وكبير فى رسم مستقبل الوطن والمواطن، وتكون الحكومة قادرة على مواجهة التحديات التى تواجه المجتمع كى تكون للحكومة الجديدة أجندة سياسية واجتماعية واقتصادية واضحةً وثابتة لعشرين عاماً قادمة، إعلاء لمبدأ وجب ترسيخه وهو «أجندة الحكومة «لا» حكومة الأجندة».
للحديث بقية ما دام فى العمر بقية 
المحامى بالنقض 
عضو مجلس الشيوخ
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عضو مجلس الشيوخ كلمة حق طارق عبدالعزيز

إقرأ أيضاً:

ائتلاف المالكي: مجالس المحافظات حلقة زائدة فاسدة في هيكل الدولة

آخر تحديث: 3 مارس 2025 - 2:27 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد المتحدث باسم كتلة ائتلاف دولة القانون، النائب عقيل الفتلاوي، اليوم الاثنين، أن مجالس المحافظات بدأت بالابتعاد عن دورها الخدمي وتتحول إلى ساحة صراعات سياسية.وقال الفتلاوي في تصريح  صحفي، إن ” مجالس المحافظات تم تأسيسها من أجل الاهتمام بالأمور الخدمية في المحافظات، لكن للأسف، أصبحت العديد من هذه المجالس تبتعد عن مهامها الأساسية وتتحول إلى ساحة للصراعات السياسية، مما يخالف الدستور”.وأشار إلى أن “هذه المجالس أصبحت تعكس الخلافات السياسية التي تجري داخل قبة البرلمان، وهو ما أثر سلبًا على أدائها”.ولفت الى أنه “لا توجد نية لدى مجلس النواب لاتخاذ أي إجراءات بحق مجالس المحافظات وفق صلاحياته الدستورية، رغم أن الدستور يتيح لمجلس النواب تجميد عمل أي مجلس محافظة لأسباب محددة”.وأعرب عن “أسفه لأن غالبية هذه المجالس قد انشغلت بالصراعات السياسية بدلاً من التركيز على دورها الأساسي في تقديم الخدمات ومراقبة تنفيذ المشاريع في المحافظات”.ودعا الفتلاوي رؤساء القوى السياسية إلى “توجيه ممثليهم للتركيز على العمل الخدمي والابتعاد عن الانغماس في الخلافات السياسية”.يذكر أن مجالس المحافظات تشهد في الوقت الحالي العديد من الخلافات والتبادلات الاتهامية، خاصة فيما يتعلق بإقالات المسؤولين المحليين وتعيينات رؤساء المجالس المحلية

مقالات مشابهة

  • راشد بن حميد: المجالس نموذج للممارسات الاجتماعية الإيجابية
  • بعد حادثة التمثال.. من يمول الدكتور زاهي حواس وبعثته؟ ولماذا تصمت وزارة السياحة والآثار؟!
  • ائتلاف المالكي: مجالس المحافظات حلقة زائدة فاسدة في هيكل الدولة
  • روساتوم تقود تدريبًا دوليًا لإعداد خبراء الطاقة النووية من بينهم مصر
  • ترند زمان.. أنا ضحية جبروت امرأة .. اعترافات المذيع إيهاب صلاح بقتل زوجته
  • "رمضان يعنى".. ابتهالات النقشبندي والأذان بصوت محمد رفعت وخواطر الشعراوى
  • "القومي للإعاقة" ينظم الورشة السادسة للمبادرة القومية "أسرتي قوتي" في أسيوط
  • بنك عُمان العربي يستعرض برامجه المبتكرة لدعم الكفاءات الوطنية
  • المفوضية تعلن عدد المسجلين في المجالس البلدية
  • انطلاق الحملة القومية لمكافحة القوارض فى17 محافظة