الأسبوع:
2024-12-26@20:47:22 GMT

القهر النفسي والموت البطئ

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

القهر النفسي والموت البطئ

إن انتهاك حقوق الآخرين بدون وجه حق والقمع النفسي والطمع والسيطرة على الأشخاص لمجرد الانتفاع منهم بصرف النظر عن ما يحدث من تلك السيطرة من تدمير للشخص فى سلوكه وقدرته على الاختيار وتلفيق الأكاذيب والاتهام بالباطل والظلم وعدم الانصاف، كل هذه الأفعال البغيضة ترفضها الفطرة السليمة، ورفضتها جميع الشرائع السماوية ومنها الإسلام إذ جعل الظلم والقهر النفسي من الكبائر.

يعتبر من أصعب اللحظات التي يشعر بها أى إنسان، الانكسار والضعف وعدم القدرة على المواجهة سواء مواجهة الأشخاص أو المواقف فكان دعاء رسول الرحمة (صل الله عليه وسلم) ( اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وجاء هذا الحديث الشريف بمثابة تأكيد على أن الحزن والهم هما بلاء شديد ومصيبة عظمى تكون فى حد ذاتها أشد من جميع الأمراض العضوية.

والقهر النفسي من أبشع الممارسات التي تتم على أى إنسان، حيث يمارس عليه القوة والسلطة بشكل ظالم للسيطرة عليه بدون رحمة أو شفقة مما يجعله إنسانا ضعيفا مضغوطا غير قادر على التعبير عما بداخله فيحدث بذلك انكسار في القلب، فيشعر بالموت البطئ كل لحظة، كما يشعر بالتدني وعدم احترام الذات مما يجعله يرى نفسه صغيرا غير قادر على الإفصاح بالقهر الذى وقع عليه، كما يؤدى هذا الشعور إلى الإصابة بالاكتئاب وتفضيل الوحدة فى كثير من الأوقات، وكل هذا يؤدى إلى دمار الشخص وتحويله من شخص قوى الإرادة إلى شخص مسلوب الإرادة، ومع إستمرار الضغوط والروتين اليومى يصبح الشخص المقهور نفسياً غير قادر على القيام بالمتطلبات اليومية، مما يجعله يموت (الموت التدريجي).

وحيث أن المستويات المرتفعة من هرمونات التوتر يمكن أن تتسبب فى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية مما يؤدى إلى الإصابة بالسكته الدماغية وضعف جهاز المناعة وانتشار أمراض العصر مثل السكر والضغط، فجاء القرآن الكريم بدليل قاطع على أن الضغط والقهر النفسى يسبب الموت في الآية الكريمة (موتوا بغيظكم) فتبين لنا هذه الآية أن الغيظ والقهر يمكن أن يقصم عمر الإنسان ويؤدى إلى هلاكه وتدميره.

ولمواجهة الضغط والقهر الذى يمارس على أى شخص وتحصين قلبه من الإنفطار علينا القيام:

أولاً: القرب من المولى عزوجل فعندما تستشعر عظمة الإيمان ويملئ قلبك بها وتفهم معنى أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق القهار الجبار، لايستطيع أى مخلوق أن يضرك إلا بمشيئته، فتعلم جيداً أن الله عزوجل قوى بالمرصاد ومع الضعيف بالمعونه ويسمع شكوى المظلوم ويستجيب لدعائه لقوله تعالى (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).

ثانياً: المعرفة الحقيقية لقيمة ذاتك وتيقن أنك تستطيع أن تفعل المعجزات، لأنك من أعظم المخلوقات ولك قدرك وشأنك العظيم عند الله تبارك وتعالى، فلا يصح بعد ذلك أن يأتى أى شخص ويحاول النيل منك ويضعف قوتك ويجعلك دميه بين يديه.

ثالثاً: قل الحق مهما كلفك هذا الأمر من ألم، فتتألم بعض الوقت أفضل من أن تتألم طول الوقت وتصبح مهزوماً ضعيف مسلوب الإرادة.

رابعاً: خذ قرارك بكل حسم وحزم، فالبعد عن ساحات المعارك والبدء من جديد مع أشخاص آخرين وظروف آخرى أفضل من الإستمرار فى بيئة فاسدة تعمل على تدميرك مهما كانت المغريات.

وفي الختام فالإنسان الذى منح الله تعالى له الحياة للعيش والسعى والأمل والاجتهاد والكفاح لا يصح أن يضع نفسه تحت رحمة أى شخص أو أى ظرف صعب يمر به.

ولذلك انهض - اعمل - افرح - أملأ قلبك بالأمل وأبعد عن اليأس ولا تقبل الهزيمة.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الفيلم الفلسطيني خطوات.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحايا الحروب

تزداد الحاجة إلى الفن بين الشعوب، مع ازدياد الأزمات، حيث تكثر قصص الناس وتكبر أهمية توثيقها، وتقديمها في قوالب إبداعية مؤثرة، تحاكي العقل والوجدان. وتتعمق قيمته إذا كان مصوَّبا نحو العلاج النفسي للمرء وقت الأزمات.

ومع استمرار حرب الإبادة على غزة لأكثر من عام، يستمر الفنانون الفلسطينيون في تحدي الظروف الصعبة التي يمرون بها، ويقدمون مخرجات فنية ترصد مأساة الإنسان الفلسطيني مع الحرب والتهجير والنزوح والفقد والذكريات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يصلح الحياد الخلافات الزوجية؟list 2 of 2إمبراطوريات متخيلة ودولة "كأنها لم تكن".. تاريخ الثورة في صعيد مصرend of list

من بين تلك الأعمال صدر مؤخرا بغزة الفيلم الوثائقي والدرامي "خطوات" للمخرج الفلسطيني المكرس سعود مهنا، والذي يقدم من خلاله قصة واقعية، يهجّنها بأفكار خيالية، لطفلة فلسطينية، عاشت تجربة حرب الإبادة القاسية، واصفا قصة كل طفل فلسطيني عايش الحرب، وكذلك كرس جهده نحو قيمة الفن في حياة الإنسان.

جعل مهنا بحر غزة مكانا للتصوير، بما يقدمه كصورة شاسعة للحرية، وحضن وملجأ لنازحي قطاع غزة هروبا من براثن الاحتلال.

يجسد البحر للغزيين انعكاسا لحياتهم، ومخزنا لذكرياتهم. ويحمل رمزية للوطن والحب والخيال منذ النشأة. لذا كانت قصة فيلم "خطوات"، مرتبطة بأكثر من جانب إنساني، وغير مقتصرة على حدث شخصي.

إعلان

تدور قصة الفيلم حول الطفلة لانا، التي عاشت رحلة بشعة مع الفقد والنزوح، حيث تم إرغامها وأهلها، على إخلاء منزلهم من شمال القطاع، إلى وسطه.

يرصد الفيلم عبر كوادر مختلفة، ملامح الطفلة المنهكة بفعل أزمات متلاحقة مرت بها، بترك بيتها، ثم اعتقال والدها، من قبل إسرائيل، وآخرها استشهاد أمها.

تمضي الكاميرا بين ممرات الخِيَم، كأنها تشق متاهة، كإسقاط على الحالة المعنوية التي تسيطر على بطلة الفيلم.

تزداد معاناة الطفلة، (10 أعوام)، مع شعورها بالوحدة داخل خيمة، صحبة إخوتها الثلاثة، حيث تسبب غياب الأب والأم، بإحساسها بالعجز عن العناية بذاتها وبإخوتها.

تلقت الطفلة الصغيرة صدمة قاصمة، بسبب تراكم الحوادث في حياتها، ما تسبب بخوضها مرحلة مرَضية صعبة.

المخرج الفلسطيني "سعود مهنا" في فيلمه الوثائقي والدرامي "خطوات" جعل بحر غزة مكانا للتصوير، بما يقدمه كصورة شاسعة للحرية، وحضن وملجأ لنازحي قطاع غزة (لقطة من الفيلم) دور الفن

يبرز الفيلم دور الفن والأنشطة المجتمعية، والمشاركة، في علاج تلك الطفلة. فكانت الرعاية الواعية من قبل الأخصائيات الاجتماعيات، بالإضافة إلى مشاركة لانا في الأنشطة الفنية والدبكة الشعبية داخل مخيمات النزوح، سببا في تخلصها من المرض النفسي، وزاد من قوة أدواتها في الحياة.

وتبقى سردية الفيلم على الماضي كخلفية للرواية، حيث تسترجع الذاكرة الخفية للكاميرا، الأم الشهيدة، وتجعلها بطلة من أبطال العمل.

كانت الأم تحب البحر، وتشارك معه خصوصيتها، وتبادله الحديث بشكل مستمر. وعلى درب أمها، أعطت الطفلة المجروحة للبحر سرها، وألمها، وحنينها لأمها، من خلال رسالة مكتوبة وضعتها في قنينة.

تصاحب موسيقى تصويرية حزينة سير وتتابع الكوادر، وتمضي الطفلة بخُطا مرتبكة نحو الحياة المرهقة التي تنتظرها.

ويرصد المخرج مشاعر وإيماءات الطفلة من جوانب مختلفة، عاقدا مقارنة فنية بين انكسارها والفضاء الأزرق الواسع أمامها.

إعلان

تعطي لانا للبحر نظرات تدل على الخذلان والشعور بالخوف في معظم اللحظات، عدا لحظة تواصلها الروحي مع أمها، وفجأة تحول البحر طريقا مضاء، يملؤه الأمل.

رموز

من جانب آخر، اعتمد مهنا على رموز كلاسيكية زادت من جمالية الفيلم، ورفعت من مستوى تأثيره. من حيث الأدوات البدائية التي تستخدمها البنت خلال إعداد الطعام، كدلالة على دفع الاحتلال لحياة الفلسطينيين للتراجع الى خمسينيات القرن الماضي، وإجبارهم على استخدام الأدوات البدائية في معالجة أمور حياتهم.

كما تبرز رمزية كلاسيكية أخرى لرسالة القنينة والبحر، في المراسلة والتواصل بين الإنسان. الآخر البعيد، حيث يحمل المشهد صورة الماضي، خاصة مع نزوح الفلسطينيين للخيام مجبرين، طيلة مدة الحرب.

وتعمد المخرج خلال رحلة تصويره استخدام الأيقونات التي تمثل الهوية الفلسطينية، مثل البحر، الذي يدل على فضاء الحرية والأفق مع الحلم والخيال.

على درب أمها، أعطت الطفلة المجروحة للبحر سرها، وألمها، وحنينها لأمها، من خلال رسالة مكتوبة وضعتها في قنينة (لقطة من الفيلم) بحر

وتحول البحر في لحظة درامية، إلى بطل حقيقي داخل الفيلم، حيث صنع المخرج لحظة سينمائية مؤثرة، ما بين الطفلة والبحر.

وفي حديثه للجزيرة نت يقول مهنا إن البحر يحمل رمزية كبيرة في الوعي الجمعي الفلسطيني، فهو رئة غزة وأهلها، وصلة ما بين غزة ومدن فلسطين، في الداخل المحتل، حيفا ويافا وعكا، "فكانت الطفلة تحاكي البحر، مثل وطن يحتضن أمها، وأحلامها".

ويتابع القول "إن قوة الإنسان في استعادة من يحب، أمام البحر، بمثابة تشافٍ واستعادة للأمل مع الحياة، وهذا ما عمدت إلى تنسيقه وتقديمه سينمائيا، من خلال حوار عاطفي ما بين الطفلة والبحر وأمها الشهيدة".

وحول المنهجية التي تناولها الفيلم، يفيدنا المخرج سعود مهنا: "لقد أردت أن أقول للعالم إن الأطفال دوما ضحايا في زمن الحروب، حيث مر أطفال غزة بظروف قاسية، بفعل أفعال شائنة من قبل جنود إسرائيل، ولم يحترم أولئك القوانين الدولية والأعراف التي تحمي الطفل وحقوقه وقت الأزمات والحروب".

إعلان

في غزة توقفت الحياة التعليمية للعام الثاني على التوالي، بفعل استمرار حرب الإبادة. واقتصرت العملية التعليمية للأطفال، على مبادرات بسيطة يقوم بها متطوعون، من أجل دعم وإسناد الطفل، والحفاظ على موروثه التعليمي السابق.

تنشط كذلك المبادرات الفنية والثقافية، كالمسرح والسينما والموسيقى، بين خيام النازحين، مجسدة متنفسا للأطفال والعائلات. يربط المخرج مهنا بين تلك الأنشطة وتسلسلية التعافي للطفلة لانا، ويقول "تمثل الأنشطة الفنية والثقافية، من عروض المسرح والسينما والألعاب أهمية كبيرة لإنقاذ الأطفال من وحل الحرب".

أطفال يتجمعون في مصلى لتلقي دروس تعليمية خلال مبادرة أطلقها أهالي مخيم جباليا شمالي قطاع غزة للأطفال (الجزيرة)

ويتابع قائلا "نحاول من خلال تلك الأنشطة معالجة الأطفال من صدمات نفسية شديدة القسوة، وصراعات تعرضوا لها بفعل النزوح والقصف، وفقد الأحباب".

ويردف "لقد طبقنا هذه الطريقة مع العديد من الأطفال، وتمكنوا من خلالها من الاندماج بالمجتمع الطفولي المحيط، والخروج من العزلة التي أحاطتهم بفعل وحشية الحرب".

يعمل الفنانون الفلسطينيون خلال الحرب في ظروف استثنائية، بفعل التعرض المستمر للخطر أثناء التصوير، بالإضافة إلى شح مصادر الطاقة، بفعل قطع الكهرباء عن قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة، من قبل الاحتلال.

وتجسد مواجهة الظروف العكسية خلال العمل إشكالية كبيرة، وتصعّب من المهمة المنشودة. يخبرنا مهنا: "نخشى دوما من ترصد طائرات الاحتلال لأي عمل فني أو إعلامي، وما دُمنا نحمل الكاميرات في الميدان وأماكن التصوير، فإننا تحت دائرة الخطر".

يكمل: "هنالك تحديات كبيرة نواجهها خلال العمل، فكثيرا ما نتوقف عن التصوير بسبب فراغ بطاريات الكاميرات، وعدم وجود مصدر طاقة بديل في المكان، كل ذلك يجعلنا نعمل مقيدين من جوانب عدة خلال العمل، فضلا عن خطر الصدفة، فقد نكون ضحايا لقصف إسرائيلي قريب من مكان التصوير".

إعلان

لطالما أسهمت الأفلام الوثائقية الفلسطينية في رصد جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتقديمها للعالم من أجل التوثيق وفضح الممارسات العدوانية ضد المدنيين.

كما حملت مسيرة الفن الفلسطيني خلال الحرب، هدفية اجتماعية، ومحاكاة للنازحين، خلال رحلة التصوير. يحدثنا مهنا: "نواجه خلال التصوير أشخاصا يمانعون إدخال خيامهم في الكادر، أو وجوههم، بحجج مختلفة، أهما الخصوصية أو منع استغلالهم لأغراض تسويقية أو تمويلية".

يكمل: "نستخدم مثل هذه الأفلام القصيرة، من أجل تغيير قناعات الناس، وسلوكياتهم العدائية تجاه الكاميرا والفن تحديدا، ونعمل على محاورتهم حول قيمة تلك الأعمال في نشر سردية قضيتنا العادلة".

مهنا: لا حصر للقصص التي نراها يوميا بين خيام النازحين، وفي جميعها ألم كبير (لقطة من الفيلم) رسالة

من جانب آخر، تكمن رسالة الفنان الفلسطيني في نقل قصص الناس، ولربما كان كافيا أن تكون كما هي؛ شديدة التأثير بواقعيتها وحزن تفاصيلها.

قد يدخل على السيناريو لحظات ومشاهد فانتازية، بهدف تعميق الحبكة الدرامية، أو زيادة رؤية القصة، تلك التي يتم التقاطها من بين مئات آلاف القصص للنازحين خلال الحرب.

يخبرنا مهنا "لا حصر للقصص التي نراها يوميا بين خيام النازحين، وفي جميعها ألم كبير".

ويضيف "بحثت عن القصة التي تعزز رواية الشعب الفلسطيني في مواجهة الرواية الإسرائيلية، وتبرز التطهير العرقي الممارس بحق الفلسطينيين".

تبقى السينما الفلسطينية غنية بأدوات الصمود والمقاومة في وجه الاحتلال، وصوتا حرا يعالج الأحداث المتزاحمة في طريق النضال الفلسطيني، اجتماعيا وسياسيا.

لذا يكون من الضروري أن تستمر هذه العجلة الفنية في الدوران، من أجل ترسيخ مفاهيم الرواية الفلسطينية فنيا، من خلال عرض الشاشة الفلسطينية في جميع المحافل الإقليمية والعالمية.

مقالات مشابهة

  • الفيلم الفلسطيني خطوات.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحايا الحروب
  • ‏هآرتس: الجيش الإسرائيلي يستعد للبقاء في لبنان أكثر من 60 يومًا كما هو متفق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار
  • كارلوس غصن.. هل يقدر على إنقاذ ستيلانتيس ؟
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تعرف على مكانته في الإسلام
  • نتيجة كلية الشرطة.. تطوير منظومة التدريب لتخريج ضابط عصرى
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • أمين البحوث الإسلامية: التشخيص النفسي والعقلي للملحدين أساس التصدي للأفكار الهدَّامة
  • كيفية تمجيد الله والثناء عليه .. علي جمعة يوضح