تثبيت موظفي "ساهم".. العدالة والاستقرار
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
سلطان بن محمد القاسمي
شهدت السنوات الأخيرة تحولًا جذريًّا في هياكل العمل وظروفه؛ حيث أصبحت العقود المؤقتة والنظام التعاقدي أكثر انتشارًا من أي وقت مضى. وفي هذا السياق، تبرز قضية موظفي "ساهم" كواحدة من القضايا الملحة التي تتطلب الاهتمام الجاد والنقاش المفتوح. هؤلاء الموظفون الذين بذلوا قصارى جهدهم وقدموا الكثير من العطاء لدفع عجلة التنمية في بلدهم، يطالبون اليوم بتثبيتهم في وظائفهم بعد انتهاء عقودهم المُؤقتة.
إن تثبيت الموظفين ليس مجرد إجراء إداري، بل هو حق أصيل لكل من أثبت جدارته واجتهاده في عمله. حيث إنهم عملوا بلا كلل، كانوا ركيزة أساسية في تحقيق الأهداف التنموية للمؤسسة. لذلك؛ فإن تثبيتهم يعني منحهم الاستقرار الذي يحتاجونه لضمان مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، ويعد اعترافًا بجهودهم وتقديرًا لمساهماتهم.
وعلى الرغم من أن العقود المؤقتة قد توفِّر مرونة للمؤسسات، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة للموظفين؛ حيث إنَّ فقدان الاستقرار الوظيفي يخلق حالة من القلق المستمر بشأن المستقبل المهني؛ مما يؤثر على الحياة الشخصية والاجتماعية، ويُصبح من الصعب التخطيط لمستقبل طويل الأمد، سواء كان ذلك في شراء منزل، أو تعليم الأبناء، أو حتى التخطيط للتقاعد. كما إن غياب الاستقرار الوظيفي أيضًا يحرم الموظف من الشعور بالأمان، وهو حق أساسي لكل إنسان.
ولكم أن تتخيلوا أنَّ موظفًا يعمل لمدة سنتين بكل جهد وتفانٍ، غير ضامن لمكانه في المؤسسة. كيف سيكون شعوره؟ إنه شعور دائم بالقلق وعدم الأمان، حيث تتلاشى الثقة في المستقبل. هذا الموظف، رغم تفانيه في أداء مهامه وإسهامه الكبير في تحقيق الأهداف، يعيش في حالة من الترقب المُستمر، غير قادر على التخطيط لمستقبله أو مستقبل عائلته. الشعور بعدم الاستقرار هذا يُمكن أن يؤدي إلى تراجع في معنوياته وإنتاجيته، مما ينعكس سلبًا على أدائه المهني.
لقد قدَّم موظفو "ساهم" الكثير خلال فترة عملهم، وأظهروا تفانيًا واجتهادًا في أداء مهامهم، مما أسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف المؤسسية؛ لذلك فإنَّ تثبيتهم ليس فقط اعترافًا بجهودهم، بل هو تقدير لمساهماتهم. دون هذا التقدير، قد يشعر الموظفون بأن جهودهم لا تلقى الاعتراف المستحق؛ مما يؤدي إلى تراجع في معنوياتهم وإنتاجيتهم.
لذلك؛ فإنَّ الاستقرار الوظيفي له تأثيرات إيجابية واسعة النطاق على المستوى الاجتماعي والنفسي. حيث إنَّ الموظف المستقر يكون أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع مجتمعه، وبناء علاقات صحية ومستدامة. وعلى الصعيد النفسي، يقلل الاستقرار من مستويات التوتر والقلق، مما يُسهم في تحسين الصحة العامة للموظف، وهذا ينعكس بدوره على الأداء المهني؛ حيث يصبح أكثر إنتاجية وتركيزًا.
إن تحقيق مطالب موظفي "ساهم" يتطلب تعاونًا مشتركًا بين جميع الأطراف المعنية. ويجب على المسؤولين في المؤسسات والهيئات الحكومية أن يدركوا أهمية هذه القضية، وأن يعملوا معًا لضمان تحقيق العدالة لهؤلاء الموظفين، وأن الحلول يجب أن تكون شاملة ومستدامة، بحيث تضمن استقرار الموظفين وفي الوقت نفسه تساهم في تحقيق الأهداف المؤسسية والتنموية.
وفي الختام.. إنَّ تثبيت موظفي "ساهم" ليس مجرد إجراء إداري، بل هو قرار إنساني يعكس احترامنا وتقديرنا لجهودهم وتفانيهم. إنه خطوة نحو تحقيق العدالة والاستقرار، وهو حق أساسي لكل موظف. دعونا نتكاتف لتحقيق هذا الهدف النبيل وضمان مستقبل مشرق لهؤلاء الموظفين ولمجتمعنا ككل. نسأل الله أن يوفق موظفي "ساهم" في تحقيق مطالبهم العادلة، وأن يمنحهم الاستقرار والراحة النفسية التي يستحقونها، ونسأله أن يعين كل من يسعى بجد وإخلاص في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لنفسه ولأسرته، وأن ييسر الأمور لكل باحث عن عمل، ويرزقهم الوظائف التي تلبي طموحاتهم وتحقق لهم الأمان والاستقرار. إنه سميع مجيب الدعاء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإمارات وإيطاليا.. رؤى مشتركة للازدهار والاستقرار
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةتجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الإيطالية، أهداف مشتركة، من بينها تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي، والازدهار والاستقرار، والقيم التقليدية للسلام والتسامح والأخوة البشرية، والتعايش المشترك، والحوار والانفتاح.
وترسّخ «زيارة دولة»، التي يبدأها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الجمهورية الإيطالية، اليوم، دفعة مهمة لعلاقات الصداقة والتعاون بين البلدين في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها المجالان السياسي والاقتصادي، كما تعكس الحرص المتبادل من البلدين على تطوير علاقات التعاون، وتطلعهما إلى مزيد من الشراكات الثنائية التي تلبي طموحات قيادتَي البلدين، للاستفادة من الفرص والمقومات المتاحة لتعميق الروابط الاستراتيجية وتوسيعها.
ويبحث سموه، خلال الزيارة مع فخامة سيرجيو ماتاريلا، رئيس الجمهورية الإيطالية، ومعالي جورجا ميلوني، رئيسة الوزراء، مختلف جوانب التعاون، خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة المتجدّدة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المجالات الثقافية، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع دولة الإمارات وإيطاليا.
وتقوم العلاقات بين دولة الإمارات والجمهورية الإيطالية، على أُسس متينة من الرؤى والمصالح المشتركة، ما يجعلها قادرة دائماً على التطور والنمو، وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1971، وافتتحت إيطاليا سفارتها في أبوظبي في عام 1979، فيما افتتحت الإمارات سفارتها في العاصمة الإيطالية روما في عام 1981، ويجسّد افتتاح المقر الجديد لسفارة الدولة في روما بتاريخ 14 يوليو 2017، حرص الإمارات على تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة مع إيطاليا، وتطويرها والمضي بها قدماً بما يخدم مصالح شعبي البلدين.
نموذج تنموي
استطاعت دولة الإمارات، في ظل قيادتها الرشيدة، أن تبني نموذجاً تنموياً مميزاً يحظى بالإشادة والتقدير من قبل دول العالم، ويدفع هذه الدول إلى العمل من أجل تعزيز الروابط الاقتصادية معها، وهذا ما تؤكده إيطاليا بوضوح، من خلال إشادة قيادتها المستمرة بالإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو رئيس الدولة، والتي جعلتها تتصدَّر مكانة متميزة ومرموقة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تعد الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لإيطاليا بين الدول العربية.
شراكة استراتيجية
في الرابع من مارس 2023، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإيطالية، الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومعالي جورجا ميلوني، رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية، في قصر الشاطئ. كما أعلن الجانبان، خلال الاجتماع، «مشروع إعلان نوايا» بشأن تعزيز التعاون، في إطار مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ «كوب 28»، والعمل المناخي، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشروعات الانتقال في قطاع الطاقة، ومبادرات الاستدامة بين «أدنوك» ومجموعة إيني الإيطالية للطاقة.
وارتكازاً على العلاقة القوية والودية والممتدة التي تربط بين البلدين، ومع الأخذ في الاعتبار الأهداف المشتركة والمصالح المتبادلة لكلتا الحكومتين، أكد البلدان، في بيان مشترك، الالتزام بتعزيز العلاقات الثنائية، على أساس الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل، لتحقيق المنفعة والازدهار للشعبين، وإعمالاً لجميع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيطاليا، وإدراكاً للتقدم المحرز حالياً في مجال التعاون متعدد الأبعاد والجوانب، اتفق الجانبان على تعزيز الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين، تجسيداً لعزمهما المشترك والقوي للتعاون على جميع المستويات.
آفاق التعاون
تركّز الإمارات وإيطاليا جهودهما المشتركة نحو توسيع وتعميق آفاق التعاون في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك، ومن بينها التعاون السياسي والدبلوماسي والدولي والاقتصادي والتجاري، بالإضافة إلى التعاون في مجال الاستثمار المباشر والشراكات بين القطاعات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتنمية المستدامة، والأمن الغذائي والمائي، والتعاون في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والدفاع والتغير المناخي، والطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، وأمن وانتقال الطاقة والتعليم والثقافة والتبادلات الشعبية والرياضة، وغيرها من المجالات الحيوية.
تعزيز أمن الطاقة
في الخامس عشر من يناير الماضي، شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بحضور جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، وإيدي راما، رئيس وزراء جمهورية ألبانيا، توقيع دولة الإمارات وإيطاليا وألبانيا، اتفاقية شراكة إطارية ثلاثية للتعاون في مشاريع الطاقة النظيفة، وذلك ضمن فعاليات «أسبوع أبوظبي للاستدامة».
ومثّل هذا التعاون خطوة مهمة نحو تعزيز أمن الطاقة، ودفع عجلة التنمية المستدامة، وتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة في منطقة البحر المتوسط، كما يعزّز خلق شراكات استراتيجية في القطاعات والمجالات ذات الأولوية، بما في ذلك الطاقة المتجددة، ونقل الطاقة والبنية التحتية ذات الصلة.