جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-01@20:33:05 GMT

الشغف.. مفتاح الإبداع والنجاح

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

الشغف.. مفتاح الإبداع والنجاح

 

 

أسماء بنت سليمان الشحية

من الرائع أن نكافئ أنفسنا على الإنجازات، وأن نبدع في سبيل الرضا عن ذواتنا؛ حيث إننا نبحث دائماً عن الشغف ليكون الشرارة التي تلهمنا، تدفعنا، وتحلق بنا إلى آفاق واسعة، حيث نستطيع اكتشاف الطريق الذي يقودنا للتعلم والإتقان، ونتقن أسلوباً أروع نستكمل به مسيرتنا في الحياة.

إنَّ الشغف هو الدافع الذي يجعلنا نبحث عن الإبداع في كل جانب من جوانب حياتنا، فهو نعمة تبعث فينا الهمة، وتشغل مولدات الطاقة الداخلية لدينا لتعمل بجهد واجتهاد.

نحن نسعى دائماً للتميز والتفرد في كل ما نقوم به، لكننا قد نجد أن جهودنا لا تصل إلى بصيص الأمل المرجو في التفرد إذا لم نتمكن من إيجاد مفاتيح تشغيل طاقاتنا القصوى. يعجبني الشغف الذي أراه في زملائي في العمل، حتى لو اختلفت الأهداف التي يسعون لتحقيقها. ذات يوم شدني كثيراً اجتهاد زميلة لي في العمل، التي كانت شغوفة بتعلم لغة الإشارة، وهي لغة تمنيت إتقانها لما لها من دور كبير في فهم متطلبات مراجعي من فئة الصم والبكم.

حاولت تعلم الأحرف والأرقام واستطعت حفظها، ثم تدرجت لحفظ بعض الكلمات والأماكن. ومع ذلك، ما زلت في بداية الطريق لتعلمها. وفي هذه اللغة، هناك تكنيك خاص، حيث إنَّ أي خطأ يمكن أن يغير المعنى تماماً. هذه الزميلة لم تنتظر الموارد من العمل لتسعفها في تعلم اللغة، بل كان شغفها هو المحفز الأول لها. كانت تبتكر طرقاً لتعلمها، تتعلم ما تستطيع ثم تطبقه مع المراجعين، فيصححون لها ويعلمونها كلمات جديدة تضيفها إلى قاموسها الشخصي.

رأيتها تتحاور معهم عبر الفيديو لإنهاء معاملاتهم، تزورهم بعد ساعات الدوام لتتعلم وتتقن. كل يوم كانت تخطو خطوة نحو الإتقان والاحترافية. أعجبني إصرارها وحبها لتعلم هذه اللغة. حواراتها معهم أصبحت أكثر سهولة وسلاسة، وبوقت قياسي أصبحت اللغة جزءاً من مهاراتها الأساسية. كان حرصها غير المتناهي على التعلم، واصرارها الشديد، هما العاملين الرئيسيين في تحقيقها لهذا النجاح.

تلك الزميلة كانت مثالاً يحتذى به في الاجتهاد والشغف. لم تكن تلقي جهداً لتعلم شيء جديد. كانت تشاركنا بكل ما تتعلمه، وتحرص على تعليمنا إياه. فقط الشخص المدرك لأهمية ما بين يديه هو من سيشعر بقيمة هذا العلم والمعرفة. كان شغفها وإصرارها هما الدافعان الأساسيان لنجاحها في تعلم لغة الإشارة بهذه السرعة والكفاءة.

نحن جميعاً نحتاج إلى أن نبحث عن الشغف في حياتنا، سواء كان ذلك في العمل، أو في الأنشطة اليومية، أو في العلاقات الشخصية. الشغف هو ما يحول الجهد العادي إلى إبداع استثنائي. إنه القوة التي تجعلنا نتعلم، نتطور، ونسعى لتحقيق الأهداف بغض النظر عن العقبات التي قد تواجهنا.

عندما نجد شغفنا، نبدأ في رؤية الأمور بشكل مختلف. نرى الفرص بدلاً من التحديات، ونرى الإمكانات بدلاً من العوائق. الشغف يفتح لنا أبواباً جديدة، ويمنحنا القدرة على الإبداع والابتكار. إنه يعطينا القوة لنواصل السعي نحو أهدافنا، حتى عندما تكون الطريق صعبة.

وفي نهاية الأمر.. الشغف ليس مجرد دافع، بل هو نمط حياة. هو ما يجعلنا نستيقظ كل صباح بشغف لتحقيق شيء جديد. هو ما يجعلنا نستمر في العمل بجد، حتى عندما نشعر بالتعب أو الإحباط. هو ما يجعلنا نرى الجمال في كل ما نقوم به، ويدفعنا لنكون أفضل نسخة من أنفسنا.

فلنحرص جميعاً على اكتشاف شغفنا، ولنسعى دائماً لتغذيته وتنميته. لنكن مثل تلك الزميلة التي لم تترك عائقاً يقف في طريق شغفها، بل جعلت منه دافعاً لتعلم المزيد. دعونا نكون شغوفين بما نقوم به، ولنجعل من شغفنا وقوداً يدفعنا نحو تحقيق أهدافنا وأحلامنا. الشغف هو مفتاح النجاح، فلنبحث عنه ولنتمسك به، لأنه هو ما سيجعل حياتنا مليئة بالإبداع والإنجازات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

باحث ألماني: تعلّمت العربية لأنني أردت الهروب من ضيق الأفق في أوروبا

استعرض فايدنر الذي حل ضيفا على برنامج "المقابلة" رحلته الاستثنائية التي قادته من مقاعد الدراسة الثانوية في ألمانيا إلى جامعة دمشق، ومن ثم إلى رحاب الأدب العربي الحديث، ليصبح لاحقا أحد أبرز المستشرقين الألمان الجدد، المهتمين بقضايا الحوار بين الثقافات ونقد الإسلاموفوبيا.

يقول فايدنر إن اختياره للعربية جاء في سياق بحثه عن لغات عالمية مهمة، بعد أن أتقن الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، مضيفا "عندما أردت أن أسافر، كانت العربية ستكون مفيدة جدا"، وبدأ تعلّم العربية في سن السادسة عشرة في مدرسة مسائية، ليجدها صعبة وممتعة في آن، لكنه لم يكتفِ بذلك.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4لغة الكتاب العربي.. مناقشات أكاديمية حول اللسان والفلسفة والمنطقlist 2 of 4المفكر التونسي الطاهر لبيب: سيقول العرب يوما أُكلنا يوم أُكلت غزّةlist 3 of 4اللغة وتقبّل المجتمع أبرز التحديات التي تواجهها المرأة العربية بألمانياlist 4 of 4أنت في محنة عندما تحيا فلسطينيا في ألمانيا!end of list

بعد سنتين من الدراسة الأولية، قرر فايدنر الانتقال إلى مستوى أعمق في دراسة اللغة والثقافة، فاختار الفلسفة والأدب المقارن، لكنه أدرك أن دراسة العربية ستمنحه تميزا، فانكب على ترجمة الشعر العربي الحديث، لشعراء مثل أدونيس ومحمود درويش ونزار قباني وبدر شاكر السياب.

لم يتردد فايدنر في الذهاب إلى المنطقة "الأصعب"، كما وصفها، مؤكدا أن "التحديات" كانت جزءا من جاذبية هذا المشروع، وبعد ذلك، توجه إلى سوريا لدراسة العربية في معهد تعليم اللغة للأجانب بدمشق، والمعهد الفرنسي للدراسات الشرقية، ليغوص في أعماق اللغة وثقافتها.

إعلان

يصف فايدنر اللغة العربية بأنها "مفيدة جدا وجميلة جدا، لكن لها صعوبات خاصة"، مشيرا إلى الأحرف غير المألوفة، وانتشار اللهجات المحلية، لكنه اختار الفصحى لأنها "تشمل كل شيء ويفهمها كل العرب"، مع إلمامه ببعض اللهجات الشامية والمصرية.

ويلفت فايدنر إلى أن الاهتمام بالعربية في ألمانيا ازداد بشكل ملحوظ، فبعد أن كان عدد الطلاب في صفوف العربية الجامعية قليلا في التسعينيات، أصبح اليوم يصل إلى 50 طالبا أو أكثر، لأسباب سياسية وثقافية.

التحوّل إلى السياسة

تحول اهتمام فايدنر من الأدب إلى السياسة جاء على خلفية التوترات المتصاعدة بين الغرب والعالم الإسلامي، ليصدر كتبا ومؤلفات تناقش جدلية الشرق والغرب، ونقد مفهوم الغرب، والتحذير من الإسلاموفوبيا، وقضايا الهجرة.

في كتابه "ثورة العقل"، يرصد فايدنر التحولات العميقة في العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر، وصولا إلى الربيع العربي عام 2011، محللا التحديات والفرص التي تواجه العالم الإسلامي في هذا العصر المضطرب.

يتطرق فايدنر إلى مفهوم الاستشراق، معترفا بالحمولة السلبية التي ارتبطت به تاريخيا، من استغلال المعرفة للسيطرة على الشعوب، لكنه يؤكد على الجانب الإيجابي المتمثل في "الاهتمام بالآخر والثقافات الأخرى"، مع التركيز على أهمية المعرفة الخالية من أغراض السيطرة والتجسس.

ويؤكد فايدنر أن الاستشراق الألماني تميز عن نظيره في الدول الاستعمارية، حيث لم يحظَ بدعم حكومي مباشر، ولم يكن المستشرقون الألمان موظفين استعماريين، بل كانوا باحثين وأكاديميين يسعون إلى فهم الآخر بعُمق وموضوعية.

ويتذكر فايدنر رحلته إلى المغرب عام 1985، والتي يعتبرها "بداية عشقه للعربية واهتمامه بالثقافة العربية"، حيث اكتشف تاريخ المغرب الأندلسي، والبعد الروحي الصوفي، وجماليات اللغة العربية، وتأثيرها العميق على ثقافات أخرى.

إعلان

في المغرب، اكتشف فايدنر أيضا ابن عربي، الذي أصبح محور اهتمامه وترجماته، معتبرا إياه "قامة فلسفية عميقة وجميلة وخيالية"، وقد ترجم ديوان "ترجمان الأشواق" لابن عربي إلى الألمانية، في مسعى لنقل "المشاعر" و"القوة العاطفية" و"الطاقة الشعرية" في الترجمة.

الترجمة الحقيقية

يؤكد فايدنر أن الترجمة الحقيقية هي "فن وإبداع"، وليست مجرد ترجمة حرفية آلية، مشيرا إلى أن الاستشراق في ألمانيا بدأ بالاهتمام بالتوراة والإنجيل، ثم تطور إلى اكتشاف قيمة اللغة العربية والثقافة العربية بشكل مستقل.

ويشير إلى أن شعراء ألمان كبار، مثل غوته، اهتموا بالأدب العربي وقدموه للجمهور الألماني، وديوان "الديوان الشرقي الغربي" لغوته يشهد على هذا الاهتمام، لكنه يرى أن الأدب العربي لا يزال لا يحظى بالمكانة التي يستحقها في الغرب بشكل كامل.

ويوضح فايدنر أن بداياته في الترجمة كانت مدفوعة باكتشافه قلة الترجمات العربية إلى الألمانية، خاصة في مجال الشعر، معتبرا أن حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، مع وجود كتاب واحد فقط مترجم له بالألمانية، كان "عيبا" في حق الثقافة الألمانية.

عمل فايدنر على تغيير هذا الوضع، فنشر ترجمات في مجلات صغيرة، وتعاون مع شعراء عرب في المنفى، وأسس مجلة "فكر وفن" التي نشرت باللغات العربية والألمانية والفارسية والإنجليزية، لتكون جسرا بين الثقافات.

وفي مقارنة بين الثقافة العربية والفارسية في ألمانيا، يرى فايدنر أن الأدب الفارسي كان أكثر شهرة سابقا، لكن الوضع تغير، معتبرا أن تفضيل الأدب الفارسي أحيانا كان نابعا من "أحكام مسبقة" ونوع من "العنصرية" تجاه الثقافات السامية.

يتطرق فايدنر إلى "العقدة الصهيونية" وتأثيرها على علاقة ألمانيا بالعالم العربي، مشيرا إلى "ظاهرة غريبة" تتمثل في معاداة السامية التي تقترب من الإسلاموفوبيا، معتبرا أن جذور الرفض التاريخي لليهود والعرب في أوروبا متشابهة.

إعلان عنصرية الأوروبيين

ويرى فايدنر أن الحضارة الأوروبية، رغم انفتاحها المعلن، لا تزال تعاني من "كراهية الآخر" و"الانغلاق والتخوف"، وهو ما يظهر في رفض بعض الأوروبيين للاندماج الحقيقي مع المهاجرين العرب والمسلمين.

ينتقد فايدنر الرؤية التي تطلب "الاندماج الكامل" للمهاجرين بمعنى التخلي عن هويتهم السابقة، معتبرا إياها "فكرة عنصرية" مبنية على "فهم خاطئ للإسلام والإنسان العربي"، مؤكدا أن القِيم الأساسية للإنسان العربي والمسلم قريبة جدا من القيم الأوروبية.

ويشدد فايدنر على أن "المشكلة في فهم الإسلام"، وارتباطه في أذهان الكثيرين بـ"الإرهاب"، وهو ما يغذيه الإعلام و"عدم المعرفة"، داعيا إلى تجاوز هذه الأحكام المسبقة من خلال الترجمة والاحتكاك الثقافي والسفر إلى العالم العربي.

ويرى فايدنر أن النموذج الفرنسي والنمساوي ربما يسيطر حاليا على نظرة أوروبا للآخر، لكنه يؤكد أن أوروبا منقسمة، وأن الرؤية "النيوليبرالية" هي المهيمنة، مع ضعف الديمقراطية وتأثير "الأحكام المسبقة" على خيارات الناخبين.

وفي نصيحة للأوروبيين، يدعو فايدنر إلى "دراسة التاريخ الإسلامي" ومقارنته بالتاريخ الأوروبي، لاكتشاف "العلاقات الكثيرة" والتقارب بين الثقافتين، وللعرب والمسلمين في أوروبا، وينصح بـ"محاولة جعل الأوروبيين يفهمون العرب" واكتشاف ثقافتهم وتاريخهم بأنفسهم.

ويرفض فايدنر مقولة "المسلم الطيب هو الذي يترك إسلامه"، معتبرا إياها "مركزية في العقلية والنظرة الأوروبية"، وينتقد تصريح ماكرون بأن "الإسلام في أزمة"، مؤكدا أن "الأزمة الأوروبية ربما أكبر من الأزمة الإسلامية".

وعن الربيع العربي، يرى فايدنر أن "التطور مؤسف جدا"، لكنه يحمل "بذرة لمستقبل أحسن ومختلف"، فتشرد العرب أدى إلى "نشاط" كبير للفنانين والأدباء والصحفيين العرب في أوروبا والعالم، مع شعور متزايد بالمسؤولية تجاه العالم العربي والإسلامي.

إعلان 31/3/2025

مقالات مشابهة

  • جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 الشعبة الأدبية للنظامين القديم والحديث
  • رابط التقديم الإلكتروني فى وظائف المدارس الألمانية.. المؤهلات المطلوبة
  • كيف يجعلنا السعي وراء السعادة أكثر بؤسا؟
  • وزارة مبروكة: دعمنا الإبداع بإصدار كتاب عن الطيّارة والكاتبة عائشة الأصفر في 58 صفحة
  • محمود عزب عن قلبي ومفتاحه: ردود أفعال الجمهور كانت خارج التوقعات
  • باحث ألماني: تعلّمت العربية لأنني أردت الهروب من ضيق الأفق في أوروبا
  • السعدني: أكتر حاجة كانت مفرحاني دعاء الناس لأبويا و اقتران اسمي باسمه
  • بعد عام من الاعتقال.. الإفراج عن الشيخ مفتاح البيجو
  • ستيفاني وليامز: اللامركزية قد تكون مفتاح حل الأزمة السياسية في ليبيا
  • «التربية» تعتمد مواعيد اختبارات رخصة المعلم