جريدة الرؤية العمانية:
2024-08-10@06:01:50 GMT

هل يحتاج المجتمع إلى التفاهات؟

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

هل يحتاج المجتمع إلى التفاهات؟

 

 

سلطان بن ناصر القاسمي

في الآونة الأخيرة، تزايدتْ الأصوات والنقاشات حول محتوى بعض النشطاء الاجتماعيين في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً مع بداية موسم خريف صلالة. فهل يحتاج المجتمع فعلاً إلى التفاهات؟ وهل يُمكن أن يؤثر هذا المحتوى على الصورة العامة لموسم سياحي هام مثل خريف صلالة؟

ومع قدوم خريف صلالة، بدأ بعض النشطاء الاجتماعيين بالترويج للموسم بطرق لا تليق بالمحتوى الترويجي الحقيقي.

وكأن الخريف في محافظة ظفار لم يكن معروفاً من قبل، وكأن هذا العام هو العام الأول الذي يشهد فيه الناس جمال خريف صلالة. متجاهلين بذلك أن الخريف في ظفار معروف منذ زمن بعيد، وهناك جهود حثيثة من قبل اللجان المختلفة للارتقاء بمناشط الخريف والترويج له بشكل فعّال.

ولكن، يبدو أن هناك من النشطاء من يبحث عن محتوى لجذب الانتباه والاستفادة الشخصية، بأي وسيلة كانت، من هذا الموسم الجميل. وفي الوقت نفسه، هناك من يقدم محتوى هادفا ويسهم بصدق في تنشيط الحركة السياحية، بفضل عفويته وإبداعه. هذا التناقض في المحتوى يجعلنا نتساءل عن المعايير التي يجب أن تتبع في الترويج السياحي.

للأسف، نجد أن البعض يستغل موسم الخريف لنشر محتوى تافه لا يضيف أي قيمة فعلية. فنرى مثلاً من ينشر فيديوهات يدّعي فيها عدم بدء الخريف ليثير جدلاً غير مُبرر، ويأتي آخر ليرد عليه بتأكيد وجود الخريف، فينشأ تراشق بلا طائل. هذا الأسلوب لا يليق لا بهم ولا بمحتواهم. والأسوأ من ذلك هو المحتوى الذي يستهزئ بعقول المشاهدين، مثل فيديوهات تظهر مع قطيع الأبقار بدعوى الترويج للموسم. وفي المقابل، نجد من ينتقد هذا المحتوى بشكل لاذع، ولا يدرك أن هناك من يعمل بجدية على رعاية هذه الحيوانات وتقديم الخدمات المتعلقة بها. وبدلاً من النقد غير البناء، يجب أن نفهم المحتوى بعمق قبل التعليق عليه، ولا عيب في البحث عن المعلومة الصحيحة وسؤال أهل الخبرة.

حيث ينبغي أن نقرأ بتمعن، أو نستمع بفهم قبل أن نصدر أحكاماً. كما يجب أن نقيم ما نقرأه أو نسمعه، ونعطي أنفسنا فرصة للتفكير قبل الرد، لنبتعد عن الحوار المغلق والخصام غير المثمر. وللأسف، وعلى عكس ذلك، نجد أن بعض النشطاء يستغلون هذه الانتقادات ليقدموا محتوى جديداً مبنياً على النزاع، مما يساهم في انتشار المحتوى السلبي الذي لا يضيف أي قيمة حقيقية للجمهور أو للسياحة.

وهناك مقولة تخطر في بالي تجسد ما أريد توضيحه وهي : "ما بين سوء الفهم وسوء التصرف وسوء الظن، تلاشت أعظم وأعمق العلاقات، وظلم أنقى الأشخاص. لذلك فكر وتريث وأعطِ أخاك، صديقك، الرائعين في حياتك عذرًا، فقد تخسرهم فجأة".

نعم، هناك نشطاء عمانيون وغير عمانيين يقدمون محتوى هادفاً يفيد موسم الخريف، ويضيفون لمسة جديدة على المواسم السابقة. لهؤلاء نقدم كل التحية والتقدير على جهودهم. فهم يستغلون زياراتهم للمواقع المختلفة لإظهار جمالها بطريقة تسهم في إعجاب السياح المحليين والدوليين.

ورسالتي إلى الجهات المعنية بموسم الخريف في محافظة ظفار: ينبغي وضع ضوابط قانونية للنشطاء، وتنظيم ما يقدمونه من محتوى. حيث من الممكن أن يسهم هؤلاء النشطاء في الترويج للموسم بشكل أفضل إذا ما تم توجيههم بخطط وبرامج مدروسة بدلاً من العمل العشوائي. كما يمكننا الاستفادة من تجارب نشطاء الدول الأخرى الذين يروجون للسياحة في بلدانهم بشكل راقٍ، مما يساهم في إثراء السياحة.

ومن ناحية أخرى، من المهم أن نذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصة مهمة للترويج السياحي. يمكن للنشطاء أن يستغلوا هذه المنصات بشكل إيجابي من خلال تقديم محتوى هادف ومفيد. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه المنصات وسيلة لنشر الثقافة والمعرفة حول مناطق الجذب السياحي، وتقديم معلومات قيمة للسياح المحتملين.

كذلك ينبغي للنشطاء الاجتماعيين التفكير بعمق في المحتوى الذي يقدمونه وكيف يمكن أن يعكس هذا المحتوى صورة إيجابية عن المنطقة التي يروجون لها. كما يمكنهم استغلال منصاتهم للتعريف بتقاليد وثقافات المجتمع المحلي، وتعزيز الفهم والتقدير بين الزوار والمقيمين. وبذلك، يمكن أن يسهموا في بناء جسور من التفاهم والاحترام المتبادل.

ولنقف عند نقطة مهمة أخرى، وهي كيف يمكن للنشطاء الاجتماعيين أن يسهموا في التنمية السياحية بشكل مستدام؟ حيث من الممكن أن يتعاونوا مع الجهات الحكومية والخاصة لتنظيم رحلات سياحية وبرامج ترفيهية تُعزز من تجربة الزائر. كذلك يمكن أن يكون هناك ورش عمل وندوات تثقيفية حول تاريخ وثقافة المنطقة، مما يثري معرفة الزوار ويعزز من قيمتها السياحية.

يجب أن نقدر أيضاً الجهود المبذولة من قبل المجتمعات المحلية في استقبال الزوار والترحيب بهم. ويمكن للنشطاء أن يبرزوا هذه الجهود ويشجعوا على التفاعل الإيجابي بين السكان المحليين والسياح. هذا التفاعل يمكن أن يكون عنصراً مهماً في تعزيز تجربة الزائر وإثراء معرفته بالثقافة المحلية.

وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعمل النشطاء على تسليط الضوء على القضايا البيئية والثقافية التي قد تؤثر على الموسم السياحي. يمكنهم تقديم محتوى يرفع الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة المحلية والعادات والتقاليد الثقافية. ومن خلال هذا النوع من المحتوى، يمكن للنشطاء أن يسهموا في تعزيز الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تجعل من خريف صلالة وجهة سياحية فريدة.

وفي الختام، كل التحية والتقدير للجهات الحكومية والخاصة التي تعمل بجد لتطوير موسم الخريف في محافظة ظفار. هذه الجهود تثمر في تجديد الفعاليات والمواقع السياحية. كما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر للنشطاء الذين يسهمون بفعالية في إظهار الموسم بشكل يليق بنا كمواطنين وسياح.

وكذلك، أود أن أؤكد أن الترويج السياحي ليس مجرد تسويق لموسم معين، بل هو عملية مستمرة تتطلب تعاون الجميع. يجب علينا أن نكون جميعاً سفراء لمناطقنا السياحية، وأن نقدم أفضل ما لدينا لإظهار جمالها وسحرها. وبهذا الشكل، يمكن أن نضمن استمرارية النجاح لمواسمنا السياحية وتعزيز مكانتنا كوجهة سياحية مميزة.

ومع التعاون والتفاني في تقديم محتوى راقٍ وهادف، يمكننا جميعاً أن نسهم في إبراز جمال موسم الخريف في ظفار بشكل يعكس غنى ثقافتنا وتقاليدنا، ويجذب السياح من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجمال هذه المنطقة الفريدة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جاغطاي أوزدمير: العالم يحتاج إلى نظام عالمي جديد

أنقرة (زمان التركية) – أكد نائب رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية جاغطاي أوزدمير الحاجة إلى “نظام عالمي مؤسس من جديد”.

وذكر في تصريحات لوكالة “الأناضول” حول كتابه الجديد باللغة الإنجليزية “النسر بين الصعود والنزول: قراءة تقييمية للنظام الليبرالي العالمي”، أن الكتاب يحمل منظورا يركز على دور السياسة الخارجية الأمريكية في النظام العالمي الليبرالي والنقاشات حول مستقبل هذا النظام.

وأشار إلى أن نهاية الحرب الباردة كان لها تأثير كبير على النظام العالمي وعززت مكانة النظام العالمي الليبرالي باعتباره “النموذج المهيمن”.

وقال: “أنشئ النظام العالمي الليبرالي بعد الحرب الباردة ويتمركز حول أطروحة فوكوياما (نهاية التاريخ) وهو محور من محاور النقاش حول النظام الدولي الذي يُعتقد أنه لن ينهار أبدا”.

ولفت إلى أن النظام العالمي الليبرالي يُنظر إليه على أنه معادل للهيمنة الأمريكية.

وتابع قائلا: “تظهر التحولات التي شهدتها فترة ما بعد الحرب الباردة أن الهيمنة الأمريكية ليست مستدامة في الواقع، وبهذا المعنى لم توسع نفسها بشكل كامل في النظام الدولي حيث أن التطورات الإقليمية والعالمية تكشف ظهور وجهات نظر مختلفة في النظام العالمي، ونكشف ذلك في الكتاب عبر أدلة متنوعة”.

وأشار إلى أنه يناقش في كتابه بالتفصيل الأزمات الإقليمية التي عاشتها الهيمنة الأمريكية والأزمات العالمية التي عاشها النظام العالمي الليبرالي وجوهر ما نتج عن الأزمات.

وأردف بالقول: “صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتحديات السياسة الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد النظام العالمي الليبرالي، وفقدان كيانات عالمية مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لتأثيرها، وظهور روسيا والصين كجهات فاعلة مهيمنة على الساحة الدولية، وحقيقة أن كل هذه الأمور تغير النظام الدولي مرة أخرى، يخلق الحاجة إلى نظام دولي مؤسس من جديد”.

ومضى قائلا: “في هذا الكتاب اجتهدت لأتناول القضايا الأساسية مثل مقولة الرئيس رجب طيب أردوغان بأن العالم أكبر من خمسة وضرورة وجود محور جديد في النظام الدولي وحاجة الأمم المتحدة للإصلاح”.​​​​​​​

وأكد أوزدمير أن تركيا “تعد جهة فاعلة مهمة من خلال الأساليب الاستباقية التي طرحتها في السياسة الخارجية”، مشيرا إلى أن القوى العالمية والإقليمية تغيرت وظهرت جهات فاعلة جديدة في النظام العالمي الجديد.

وبين أن تركيا “تلعب دور الحكم والراعي وأحيانا دور الوسيط” في الصراعات بمنطقتها ومعظم الصراعات الدولية.

وقال: “في هذا السياق نسعى للتأكيد في الكتاب على ضرورة قراءة المحاور التي أظهرتها دبلوماسية تركيا متعددة الرؤى تزامنا مع تحول النظام العالمي الدولي، لماذا؟ لأن النظام العالمي الليبرالي لا يتشكل من الهيمنة الأمريكية فقط”.

Tags: تركيانائب رئيس دائرة الاتصالنظام عالمي جديد

مقالات مشابهة

  • مكتب الإعلام الحكومي بغزة: نطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف الإبادة
  • «الفجيرة الاجتماعية الثقافية» تناقش صنّاع المحتوى
  • هيومن رايتس ووتش تنتقد حجب تركيا لإنستغرام
  • جاغطاي أوزدمير: العالم يحتاج إلى نظام عالمي جديد
  • عضو بـ«النواب»: التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني يصب في مصلحة المواطن
  • الكتابة في زمن الحرب (35): عن النوستالجيا
  • ماذا يخفي ضيق التنفس غير العادي؟
  • مبعوث صيني: الأزمة الأوكرانية معقدة وبعض الدول تعمل على تأجيجها
  • كيف تسبب حزب المحافظين الخاسر في عنف اليمين المتطرف ببريطانيا؟
  • منصة "فيو" تطلق باقة "جفت بوكس" بالتعاون مع "عمانتل"