هل يحتاج المجتمع إلى التفاهات؟
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
سلطان بن ناصر القاسمي
في الآونة الأخيرة، تزايدتْ الأصوات والنقاشات حول محتوى بعض النشطاء الاجتماعيين في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً مع بداية موسم خريف صلالة. فهل يحتاج المجتمع فعلاً إلى التفاهات؟ وهل يُمكن أن يؤثر هذا المحتوى على الصورة العامة لموسم سياحي هام مثل خريف صلالة؟
ومع قدوم خريف صلالة، بدأ بعض النشطاء الاجتماعيين بالترويج للموسم بطرق لا تليق بالمحتوى الترويجي الحقيقي.
ولكن، يبدو أن هناك من النشطاء من يبحث عن محتوى لجذب الانتباه والاستفادة الشخصية، بأي وسيلة كانت، من هذا الموسم الجميل. وفي الوقت نفسه، هناك من يقدم محتوى هادفا ويسهم بصدق في تنشيط الحركة السياحية، بفضل عفويته وإبداعه. هذا التناقض في المحتوى يجعلنا نتساءل عن المعايير التي يجب أن تتبع في الترويج السياحي.
للأسف، نجد أن البعض يستغل موسم الخريف لنشر محتوى تافه لا يضيف أي قيمة فعلية. فنرى مثلاً من ينشر فيديوهات يدّعي فيها عدم بدء الخريف ليثير جدلاً غير مُبرر، ويأتي آخر ليرد عليه بتأكيد وجود الخريف، فينشأ تراشق بلا طائل. هذا الأسلوب لا يليق لا بهم ولا بمحتواهم. والأسوأ من ذلك هو المحتوى الذي يستهزئ بعقول المشاهدين، مثل فيديوهات تظهر مع قطيع الأبقار بدعوى الترويج للموسم. وفي المقابل، نجد من ينتقد هذا المحتوى بشكل لاذع، ولا يدرك أن هناك من يعمل بجدية على رعاية هذه الحيوانات وتقديم الخدمات المتعلقة بها. وبدلاً من النقد غير البناء، يجب أن نفهم المحتوى بعمق قبل التعليق عليه، ولا عيب في البحث عن المعلومة الصحيحة وسؤال أهل الخبرة.
حيث ينبغي أن نقرأ بتمعن، أو نستمع بفهم قبل أن نصدر أحكاماً. كما يجب أن نقيم ما نقرأه أو نسمعه، ونعطي أنفسنا فرصة للتفكير قبل الرد، لنبتعد عن الحوار المغلق والخصام غير المثمر. وللأسف، وعلى عكس ذلك، نجد أن بعض النشطاء يستغلون هذه الانتقادات ليقدموا محتوى جديداً مبنياً على النزاع، مما يساهم في انتشار المحتوى السلبي الذي لا يضيف أي قيمة حقيقية للجمهور أو للسياحة.
وهناك مقولة تخطر في بالي تجسد ما أريد توضيحه وهي : "ما بين سوء الفهم وسوء التصرف وسوء الظن، تلاشت أعظم وأعمق العلاقات، وظلم أنقى الأشخاص. لذلك فكر وتريث وأعطِ أخاك، صديقك، الرائعين في حياتك عذرًا، فقد تخسرهم فجأة".
نعم، هناك نشطاء عمانيون وغير عمانيين يقدمون محتوى هادفاً يفيد موسم الخريف، ويضيفون لمسة جديدة على المواسم السابقة. لهؤلاء نقدم كل التحية والتقدير على جهودهم. فهم يستغلون زياراتهم للمواقع المختلفة لإظهار جمالها بطريقة تسهم في إعجاب السياح المحليين والدوليين.
ورسالتي إلى الجهات المعنية بموسم الخريف في محافظة ظفار: ينبغي وضع ضوابط قانونية للنشطاء، وتنظيم ما يقدمونه من محتوى. حيث من الممكن أن يسهم هؤلاء النشطاء في الترويج للموسم بشكل أفضل إذا ما تم توجيههم بخطط وبرامج مدروسة بدلاً من العمل العشوائي. كما يمكننا الاستفادة من تجارب نشطاء الدول الأخرى الذين يروجون للسياحة في بلدانهم بشكل راقٍ، مما يساهم في إثراء السياحة.
ومن ناحية أخرى، من المهم أن نذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصة مهمة للترويج السياحي. يمكن للنشطاء أن يستغلوا هذه المنصات بشكل إيجابي من خلال تقديم محتوى هادف ومفيد. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه المنصات وسيلة لنشر الثقافة والمعرفة حول مناطق الجذب السياحي، وتقديم معلومات قيمة للسياح المحتملين.
كذلك ينبغي للنشطاء الاجتماعيين التفكير بعمق في المحتوى الذي يقدمونه وكيف يمكن أن يعكس هذا المحتوى صورة إيجابية عن المنطقة التي يروجون لها. كما يمكنهم استغلال منصاتهم للتعريف بتقاليد وثقافات المجتمع المحلي، وتعزيز الفهم والتقدير بين الزوار والمقيمين. وبذلك، يمكن أن يسهموا في بناء جسور من التفاهم والاحترام المتبادل.
ولنقف عند نقطة مهمة أخرى، وهي كيف يمكن للنشطاء الاجتماعيين أن يسهموا في التنمية السياحية بشكل مستدام؟ حيث من الممكن أن يتعاونوا مع الجهات الحكومية والخاصة لتنظيم رحلات سياحية وبرامج ترفيهية تُعزز من تجربة الزائر. كذلك يمكن أن يكون هناك ورش عمل وندوات تثقيفية حول تاريخ وثقافة المنطقة، مما يثري معرفة الزوار ويعزز من قيمتها السياحية.
يجب أن نقدر أيضاً الجهود المبذولة من قبل المجتمعات المحلية في استقبال الزوار والترحيب بهم. ويمكن للنشطاء أن يبرزوا هذه الجهود ويشجعوا على التفاعل الإيجابي بين السكان المحليين والسياح. هذا التفاعل يمكن أن يكون عنصراً مهماً في تعزيز تجربة الزائر وإثراء معرفته بالثقافة المحلية.
وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعمل النشطاء على تسليط الضوء على القضايا البيئية والثقافية التي قد تؤثر على الموسم السياحي. يمكنهم تقديم محتوى يرفع الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة المحلية والعادات والتقاليد الثقافية. ومن خلال هذا النوع من المحتوى، يمكن للنشطاء أن يسهموا في تعزيز الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تجعل من خريف صلالة وجهة سياحية فريدة.
وفي الختام، كل التحية والتقدير للجهات الحكومية والخاصة التي تعمل بجد لتطوير موسم الخريف في محافظة ظفار. هذه الجهود تثمر في تجديد الفعاليات والمواقع السياحية. كما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر للنشطاء الذين يسهمون بفعالية في إظهار الموسم بشكل يليق بنا كمواطنين وسياح.
وكذلك، أود أن أؤكد أن الترويج السياحي ليس مجرد تسويق لموسم معين، بل هو عملية مستمرة تتطلب تعاون الجميع. يجب علينا أن نكون جميعاً سفراء لمناطقنا السياحية، وأن نقدم أفضل ما لدينا لإظهار جمالها وسحرها. وبهذا الشكل، يمكن أن نضمن استمرارية النجاح لمواسمنا السياحية وتعزيز مكانتنا كوجهة سياحية مميزة.
ومع التعاون والتفاني في تقديم محتوى راقٍ وهادف، يمكننا جميعاً أن نسهم في إبراز جمال موسم الخريف في ظفار بشكل يعكس غنى ثقافتنا وتقاليدنا، ويجذب السياح من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجمال هذه المنطقة الفريدة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
كشفت الأمم المتحدة، أن الاقتصاد السوري بحاجة لـ55 عاما للعودة إلى المستوى الذي كان عليه في 2010 قبل اندلاع النزاع، إذا ما واصل النمو بالوتيرة الحالية، مناشدة الأسرة الدولية الاستثمار بقوة في هذا البلد لتسريع عجلة النمو.
وقال أخيم شتاينر، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقرير إنه « بالإضافة إلى مساعدات إنسانية فورية، يتطلب تعافي سوريا استثمارات طويلة الأجل للتنمية، من أجل بناء استقرار اقتصادي واجتماعي لشعبها ».
وشدد المسؤول الأممي خصوصا على أهمية « استعادة الانتاجية من أجل خلق وظائف والحد من الفقر، وتنشيط الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنى الأساسية للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة ».
وفي إطار سلسلة دراسات أجراها لتقييم الأوضاع في سوريا بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الخميس، ثلاثة سيناريوهات للمستقبل الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.
وبحسب معدل النمو الحالي (حوالي 1,3% سنويا بين عامي 2018 و2024)، فإن « الاقتصاد السوري لن يعود قبل عام 2080 إلى الناتج المحلي الإجمالي الذي كان عليه قبل الحرب ».
وسلطت هذه التوقعات « الصارخة » الضوء على الحاجة الملحة لتسريع عجلة النمو في سوريا.
وما يزيد من الضرورة الملحة لإيجاد حلول سريعة للوضع الراهن، هو أنه بعد 14 عاما من النزاع، يعاني 9 من كل 10 سوريين من الفقر، وربع السكان هم اليوم عاطلون عن العمل، والناتج المحلي الإجمالي السوري هو اليوم أقل من نصف ما كان عليه في 2011، وفقا للتقرير.
وتراجع مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع ومستويي التعليم والمعيشة إلى أقل مما كان عليه في 1990 (أول مرة تم قياسه فيها)، مما يعني أن الحرب محت أكثر من ثلاثين عاما من التنمية.
وفي هذا السياق، نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى وتيرة النمو اللازمة لعودة الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، وكذلك إلى الوتيرة اللازمة لبلوغه المستوى الذي كان يمكن للبلاد أن تبلغه لو لم تندلع فيها الحرب.
وفي السيناريو الأكثر « واقعية » والذي يتلخص في العودة إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 فقط، فإن الأمر يتطلب نموا سنويا بنسبة 7,6% لمدة عشر سنوات، أي ستة أضعاف المعدل الحالي، أو نموا سنويا بنسبة 5% لمدة 15 عاما، أو بنسبة 3,7% لمدة عشرين عاما، وفقا لهذه التوقعات.
أما في السيناريو الطموح، أي بلوغ الناتج المحلي الإجمالي المستوى الذي كان يفترض أن يصل إليه لو لم تندلع الحرب، فيتطلب الأمر معدل نمو بنسبة 21.6% سنويا لمدة 10 سنوات، أو 13.9% لمدة 15 عاما، أو 10.3% لمدة 20 عاما.
وقال عبد الله الدردري، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية، إنه لا يمكن سوى لـ »استراتيجية شاملة » تتضمن خصوصا إصلاح الحكم وإعادة بناء البنى التحتية في البلاد أن تتيح لسوريا « استعادة السيطرة على مستقبلها » و »تقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية ».
كلمات دلالية الاقتصاد الامم المتحدة التنمية الحرب تقرير سوريا