د. محمد بن عوض المشيخي *

قبل عدة أسابيع، تواصل معي أحد القامات الإعلامية المعروفة على الساحة الوطنية؛ والذي يُعد ويُقدم العديد من البرامج الجماهيرية في واحدة من أهم الإذاعات في السلطنة، حول إمكانية الحضور لأستديو البرنامج الذي يُبث وقت الذروة عند خروج الموظفين من أعمالهم بعد الظهر؛ وذلك للإجابة عن سؤال محوري في منتهى الأهمية، والذي يتضمَّن -أي السؤال- كيف أصبحت غزة قضية الشرفاء والنخب من طلبة العلم وأساتذتهم في مختلف الجامعات، وأعضاء البرلمانات والكتاب والأدباء من أمريكا غربًا إلى نيوزلندا شرقاً؟! مما أدى إلى انتصار قضية فلسطين ووصولها إلى مختلف الشعوب في هذا العالم مترامي الأطراف، ثم مناداة أكثر من 145 دولة في المنظمة الدولية بقيام الدولة الفلسطينية التي عاصمتها القدس الشريف؛ والأهم من ذلك كله الثورات الطلابية المناصرة لغزة وفلسطين، والتي لم ترَ الجامعات الغربية مثيلا لها من قبل؛ خاصة في جامعات النخب التي كانت من قبل قلاعًا للدعاية الصهيونية العالمية والمُعادية للإسلام والعرب، وداعما بالمال وصناعة السلاح بالشراكة مع إسرائيل؛ مثل: هارفارد، وجورج تاون، وكولومبيا، والسربون، وأكسفورد، وكامبريدج، والتي غدت تُرفع فيها هذه الأيام أعلام فلسطين وصور أشلاء أطفال غزة صباح مساء حتى هذه اللحظة.

لا شك أنَّ التدفق المعلوماتي واسع النطاق عبر شاشات التليفزيون إلى شعوب العالم قاطبة؛ من أرض المعركة وبشكل مباشر وبتغطية منقطعة النظير لم تشهدها الحروب السابقة من قبل، وذلك بجهود جبارة وتضحية بالكوادر الإعلامية الذين يتم استهدافهم يوميا من جيش الاحتلال الإسرائيلي لإخفاء الإبادة الجماعية للأبرياء، قد غيَّر الكثير في وعي الجماهير وكشف المستور للعالم؛ إذْ نجحت القنوات القطرية والتركية في كشف الحقائق التي كانت في السابق غائبة؛ بل كانت ضحية للدعاية المغرضة للقنوات الغربية التي ترى بعين واحدة مثل شبكة "سي.إن.إن" وغيرها من المنصات الدعائية المضللة في الدول الكبرى في الشمال، والتي يحلو لها نعت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب؛ فقد كان هناك ثمن باهظ لتجنيد جيوش من الصحفيين والمصورين في شبكة الجزيرة بقنواتها العربية والإنجليزية، وكذلك قناة "TRT" التركية؛ حيت استشهد عشرات من أطقم الإعلامية في ميادين القتال في هذه القنوات وخاصة قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية التي نجحت في كسب قلوب وعقول الناس عبر الكرة الأرضية.

وعلى الرغم من تعتيم شبكات الإعلام الدولية على المعلومات وانحيازها لإسرائيل منذ عقود طويلة، وكذلك قيام بعض منصات التواصل الاجتماعي وقنوات نقل المعلومات وعلى وجه الخصوص منصات (اليوتيوب وإكس والفيس بوك) بحجب وحذف الكثير من مقاطع الفيديو والمشاهد المرئية والنصوص الإخبارية التي تُسطَّر من الصحفيين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينقلون الحقائق المتمثلة في الجرائم والإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة. وفي الحقيقة، لم تعد القنوات الفضائية التي كانت تغطيتها مباشرة بالصوت والصورة وحيدة في هذه الملحمة، بل كان الطوفان المعلوماتي المصاحب بالمشاهد والصور من الكتاب والمصورين لبطولات غزة من رواد التواصل الاجتماعي اليد الطولى في خروج الناس في العواصم الغربية في مظاهرات مليونية بشكل أسبوعي لمناصرة الشعب الفلسطيني، ومطالبة بوقف مذابح الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين؛ فمقصُّ الرقيب في الإعلام الجديد فشل في مصادرة معظم المعلومات الدامغة، ووصلت إلى الرأي العام العالمي، وأصابت بمقتل الحكومة الإسرائيلية العنصرية التي صنفت جنبًا إلى جنب مع "داعش" في القائمة السوداء لقتل الأطفال؛ وأصبح رئيس الحكومة ووزير الدفاع؛ ضمن قائمة المطلوبين للعدالة الدولية.

وبالفعل، وقف العالم من أقصاه إلى أقصاه تحية وإجلالا وتقديرا للمجاهدين الذين قادوا بنجاح معركة طوفان الأقصى، التي تهدف بالدرجة الأولى لدحر المعتدين الصهاينة، كما أنها الطريقة الوحيدة نحو تحرير الأرض ونيل الاستقلال: مثلها مثل ما حصل في مختلف الثورات التي انتصرت على المستعمرين في الجزائر وفيتنام واليمن وليبيا...وغيرهم من الشعوب التي حققت أهدافها بالنضال والكفاح المسلح؛ لقد انتفض الجميع مع غزة المنكوبة والمقاومة الفلسطينية الباسلة التي تدافع عن شرف الأمة منذ اكثر من تسعة اشهر؛ فالايمان الراسخ بعدالة القضية جعل أبناء فلسطين يصمدون ثم ينتصرون على الغزاة والمرتزقة والحثالات الذين اجتمعوا من مختلف دول العالم لاحتلال الأرض المقدسة التي بارك الله فيها ومن حولها، وجعلها أرض الرباط والجهاد للمسلمين إلى قيام الساعة.

وفي الختام.. لقد كان لعُمان -حكومة وشعبًا- بصمة واضحة ودور محوري في الوقوف مع الشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول لـ"طوفان الأقصى" المبارك، فكل عماني يدرك أن مناصرة غزة فرض وليس واجبا فقط، وقد تجلى ذلك في الموقف السياسي الشجاع والصلب لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم الذي لم يسبقه أي زعيم عربي لذلك؛ فقد كانت السلطنة أول دولة تدعو لمحاكمة قادة إسرائيل على جرائمهم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة، كما أنَّ وسائل الإعلام العمانية -الحكومية منها والخاصة- جنَّدت أقلامَ كتابها للتعبير عن معاناة غزة والتعاضد مع الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، كما خصَّصت الإذاعات معظم برامجها للحديث عن ملحمة الصمود في أرض الرباط فلسطين؛ والأهم من ذلك كله منابر المساجد التي أنطقها الحق في مناصرة الجهاد المقدس في فلسطين.

* أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المدير العام للأمن يزور السعودية

قام المدير العام للأمن الوطني الجزائري، علي بداوي، بزيارة عمل إلى المملكة العربية السعودية، الأحد الفارط، وذلك رأس وفد رفيع المستوى يضم كبار المسؤولين من المديرية العامة للأمن الوطني.

وشهدت الزيارة اجتماعات مثمرة مع الفريق محمد بن عبد الله البسامي، مدير الأمن العام بالمملكة العربية السعودية. حيث تم بحث سبل تطوير آليات التعاون الشرطي بين البلدين.

وجرى النقاش في حضور سفير الجزائر لدى المملكة وعدد من المسؤولين الأمنيين من الجانبين.

وتمحورت المحادثات حول تعزيز التنسيق الأمني ومشاركة الخبرات في مختلف المجالات الشرطية بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

وتخللت الزيارة جولات ميدانية لعدد من المنشآت الشرطية المتقدمة في المملكة.

فقد زار الوفد الجزائري قسم التقنية والذكاء الاصطناعي الذي يضم أحدث التقنيات الذكية المستخدمة في تسيير حركة المرور وضبط المخالفات.

كما زار الوفد مقر الإدارة العامة للأدلة الجنائية، حيث اطلع على مختلف الأقسام والتجهيزات الحديثة المُستخدمة في التحقيقات الجنائية. إلى جانب عروض وشروحات قدمها المسؤولون السعوديون حول العمليات التقنية والإجرائية.

واختُتمت الزيارة بزيارة المركز الوطني للعمليات الأمنية الموحدة (911)، الذي يعد أحد أبرز المنشآت الأمنية في المملكة.

وقد تعرف الوفد الجزائري على دور المركز في استقبال البلاغات وتنسيق العمليات بين مختلف القطاعات الأمنية. مما يعزز سرعة الاستجابة الأمنية ودقة التنسيق.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا رفيع المستوى من مجلس العلماء الإندونيسي
  • هذه الدول التي لديها أطول وأقصر ساعات عمل في العام 2024 (إنفوغراف)
  • كرمة وراوية تشعلان الرأي العام.. من الجاني الحقيقي؟
  • المدير العام للأمن يزور السعودية
  • قتلى وعشرات الجرحى إثر حريق ضخم بأحد الفنادق في تركيا .. فيديو
  • لماذا اختير الماء للعماد؟
  • قائد الثورة..تطوير صاروخ فلسطين كانت مزعجة جدا للعدو الإسرائيلي
  • مجلس الأمن يعقد مناقشة مفتوحة حول فلسطين وأوضاع الشرق الأوسط
  • تامر حسني: جوي أوورد بالسعودية حدث فوق العالمي (فيديو)
  • أبو عبيدة: معركة طوفان الأقصى أشعلت شرارة تحرير فلسطين