لماذا غزة أيقونة الرأي العام العالمي؟!
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي *
قبل عدة أسابيع، تواصل معي أحد القامات الإعلامية المعروفة على الساحة الوطنية؛ والذي يُعد ويُقدم العديد من البرامج الجماهيرية في واحدة من أهم الإذاعات في السلطنة، حول إمكانية الحضور لأستديو البرنامج الذي يُبث وقت الذروة عند خروج الموظفين من أعمالهم بعد الظهر؛ وذلك للإجابة عن سؤال محوري في منتهى الأهمية، والذي يتضمَّن -أي السؤال- كيف أصبحت غزة قضية الشرفاء والنخب من طلبة العلم وأساتذتهم في مختلف الجامعات، وأعضاء البرلمانات والكتاب والأدباء من أمريكا غربًا إلى نيوزلندا شرقاً؟! مما أدى إلى انتصار قضية فلسطين ووصولها إلى مختلف الشعوب في هذا العالم مترامي الأطراف، ثم مناداة أكثر من 145 دولة في المنظمة الدولية بقيام الدولة الفلسطينية التي عاصمتها القدس الشريف؛ والأهم من ذلك كله الثورات الطلابية المناصرة لغزة وفلسطين، والتي لم ترَ الجامعات الغربية مثيلا لها من قبل؛ خاصة في جامعات النخب التي كانت من قبل قلاعًا للدعاية الصهيونية العالمية والمُعادية للإسلام والعرب، وداعما بالمال وصناعة السلاح بالشراكة مع إسرائيل؛ مثل: هارفارد، وجورج تاون، وكولومبيا، والسربون، وأكسفورد، وكامبريدج، والتي غدت تُرفع فيها هذه الأيام أعلام فلسطين وصور أشلاء أطفال غزة صباح مساء حتى هذه اللحظة.
لا شك أنَّ التدفق المعلوماتي واسع النطاق عبر شاشات التليفزيون إلى شعوب العالم قاطبة؛ من أرض المعركة وبشكل مباشر وبتغطية منقطعة النظير لم تشهدها الحروب السابقة من قبل، وذلك بجهود جبارة وتضحية بالكوادر الإعلامية الذين يتم استهدافهم يوميا من جيش الاحتلال الإسرائيلي لإخفاء الإبادة الجماعية للأبرياء، قد غيَّر الكثير في وعي الجماهير وكشف المستور للعالم؛ إذْ نجحت القنوات القطرية والتركية في كشف الحقائق التي كانت في السابق غائبة؛ بل كانت ضحية للدعاية المغرضة للقنوات الغربية التي ترى بعين واحدة مثل شبكة "سي.إن.إن" وغيرها من المنصات الدعائية المضللة في الدول الكبرى في الشمال، والتي يحلو لها نعت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب؛ فقد كان هناك ثمن باهظ لتجنيد جيوش من الصحفيين والمصورين في شبكة الجزيرة بقنواتها العربية والإنجليزية، وكذلك قناة "TRT" التركية؛ حيت استشهد عشرات من أطقم الإعلامية في ميادين القتال في هذه القنوات وخاصة قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية التي نجحت في كسب قلوب وعقول الناس عبر الكرة الأرضية.
وعلى الرغم من تعتيم شبكات الإعلام الدولية على المعلومات وانحيازها لإسرائيل منذ عقود طويلة، وكذلك قيام بعض منصات التواصل الاجتماعي وقنوات نقل المعلومات وعلى وجه الخصوص منصات (اليوتيوب وإكس والفيس بوك) بحجب وحذف الكثير من مقاطع الفيديو والمشاهد المرئية والنصوص الإخبارية التي تُسطَّر من الصحفيين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينقلون الحقائق المتمثلة في الجرائم والإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة. وفي الحقيقة، لم تعد القنوات الفضائية التي كانت تغطيتها مباشرة بالصوت والصورة وحيدة في هذه الملحمة، بل كان الطوفان المعلوماتي المصاحب بالمشاهد والصور من الكتاب والمصورين لبطولات غزة من رواد التواصل الاجتماعي اليد الطولى في خروج الناس في العواصم الغربية في مظاهرات مليونية بشكل أسبوعي لمناصرة الشعب الفلسطيني، ومطالبة بوقف مذابح الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين؛ فمقصُّ الرقيب في الإعلام الجديد فشل في مصادرة معظم المعلومات الدامغة، ووصلت إلى الرأي العام العالمي، وأصابت بمقتل الحكومة الإسرائيلية العنصرية التي صنفت جنبًا إلى جنب مع "داعش" في القائمة السوداء لقتل الأطفال؛ وأصبح رئيس الحكومة ووزير الدفاع؛ ضمن قائمة المطلوبين للعدالة الدولية.
وبالفعل، وقف العالم من أقصاه إلى أقصاه تحية وإجلالا وتقديرا للمجاهدين الذين قادوا بنجاح معركة طوفان الأقصى، التي تهدف بالدرجة الأولى لدحر المعتدين الصهاينة، كما أنها الطريقة الوحيدة نحو تحرير الأرض ونيل الاستقلال: مثلها مثل ما حصل في مختلف الثورات التي انتصرت على المستعمرين في الجزائر وفيتنام واليمن وليبيا...وغيرهم من الشعوب التي حققت أهدافها بالنضال والكفاح المسلح؛ لقد انتفض الجميع مع غزة المنكوبة والمقاومة الفلسطينية الباسلة التي تدافع عن شرف الأمة منذ اكثر من تسعة اشهر؛ فالايمان الراسخ بعدالة القضية جعل أبناء فلسطين يصمدون ثم ينتصرون على الغزاة والمرتزقة والحثالات الذين اجتمعوا من مختلف دول العالم لاحتلال الأرض المقدسة التي بارك الله فيها ومن حولها، وجعلها أرض الرباط والجهاد للمسلمين إلى قيام الساعة.
وفي الختام.. لقد كان لعُمان -حكومة وشعبًا- بصمة واضحة ودور محوري في الوقوف مع الشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول لـ"طوفان الأقصى" المبارك، فكل عماني يدرك أن مناصرة غزة فرض وليس واجبا فقط، وقد تجلى ذلك في الموقف السياسي الشجاع والصلب لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم الذي لم يسبقه أي زعيم عربي لذلك؛ فقد كانت السلطنة أول دولة تدعو لمحاكمة قادة إسرائيل على جرائمهم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة، كما أنَّ وسائل الإعلام العمانية -الحكومية منها والخاصة- جنَّدت أقلامَ كتابها للتعبير عن معاناة غزة والتعاضد مع الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، كما خصَّصت الإذاعات معظم برامجها للحديث عن ملحمة الصمود في أرض الرباط فلسطين؛ والأهم من ذلك كله منابر المساجد التي أنطقها الحق في مناصرة الجهاد المقدس في فلسطين.
* أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للعبة الأمتع في العالم.. من مبتكر الكلمات المتقاطعة؟
يحتفي العالم اليوم بذكرى ابتكار لعبة الكلمات المتقاطعة، التي تعد من أقدم وأشهر الألعاب الذهنية التي تعتمد على الألغاز، إذ ظهرت لأول مرة عام 1913 من خلال إحدى الجرائد البريطانية وحظت من وقتها باهتمام الكثيرين، وانتشرت عبر المجلات والجرائد في جميع انحاء العالم ثم عبر الهواتف المحمولة.
قصة ابتكار الكلمات المتقاطعةيرجع ابتكار لعبة الكلمات المتقاطعة إلى الصحفي آرثر وين، وهو صحفي أمريكي كان يعمل لدى صحيفة نيويورك ورلد في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1913 طلب رؤساء وين منه أن يبتكر خدمة جديدة تضيف المتعة والإثارة لدى القراء وتساعد على زيادة نسبة مبيعات الصحيفة بطريقة ذكية، فعاد بذاكرته إلى مرحلة الطفولة عندما كان يلعب باستخدام الحروف واقتبس منها فكرة الكلمات المتقاطعة، وفق ما ذكره موقع TIME Magazine.
دخلت لعبة الكلمات المتقاطعة لأول مرة إلى صحيفة نيويورك ورلد في 21 ديسمبر 1913، وقد نالت إعجاب قطاع كبير من الجمهور لما تضيفه من تسلية ومتعة، حتى أصبحت مادة أساسية لدى الجرائد والمجلات في مختلف أنحاء العالم، وتم ترجمتها بمختلف اللغات، ومع التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم انتقلت إلى الهواتف المحمولة ومازال القراء حريصون على لعبها بنفس الشغف.
إثراء المعلومات العامةتتكون الكلمات المتقاطعة من مربعات سوداء وبيضاء عدة على شكل جدول يحوي أعمدة وصفوفًا من المربعات الفارغة، ويتم لعبها عن طريق ملء المربعات البيضاء لتشكيل الكلمات أو العبارات عن طريق حل القرائن التي تؤدي إلى إجابات بينما تستخدم المربعات السوداء لفصل الكلمات أو العبارات، وهي تساعد على زيادة القوة الفكرية والذهنية، وإثراء المعلومات العامة وتسلية القراء.