جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-22@02:45:52 GMT

هندسة الإنسان

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

هندسة الإنسان

 

 

الطليعة الشحرية

الإنسـان هو مُحـرِّك عمليـة التنميـة وقائـدها، وهـو الـذي يطـور مسـتوى اسـتخدام المـوارد الماديـة. ولتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يجب التركيز على تكـوين رأس مـال بشـري، فهو حجـر الأسـاس في كـل تنميـة أو تطـور لكونـه المسـيطر علـى رأس المـال المـادي الـذي يشـكل العنصر الثاني من عناصر التنمية.

ويعتبر الاستثمار في رأس المال البشري من مقومات تحقيق تنميـة بشـرية مسـتديمة، والـذي يشـكل بحـق ثـروة الأمـم. وقد تكون عمليـة بنـاء رأس المـال البشـري عمليـة طويلـة وشـاقة، وتحتـاج إلى الأمـوال الطائلـة الـتي تفـوق قـدرة القطـاع العام وتحتاج إلى رسم السياسات ووضع الخطط وسن القوانين والتشريعات التي تطلق الإبداع عند جميع الشركاء وتضمن التوزيع العادل لمكاسب التنمية وتضمن الشفافية والمسؤولية. إنها حلقة متصلة وتحتاج إلى مراجعة دورية، لسهولة تأثر نتائجها بكثير من العوامل السلوكية التي لا يُمكن السيطرة عليها كما هو الحال في بناء رأس المال العيني.

إنَّ سن القوانين والتشريعات التي تؤثر على حياة آلاف البشر تقع ضمن نطاق هندسة النظم الاجتماعية؛ فلا يُمكن إقرار قانون من مجلس الدولة أو الشورى دون احتساب وتقدير تلك التأثيرات والتداعيات التي قد تمس المجتمع والرأس المال البشري. بمعنى إذا الإنسان هو محرك التنمية الأول باعتباره رأس المال البشري المتحرك والمؤثر في تطور التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتسن قوانين لها تأثير سلبي على حياته، فلن تفرز سوى سلوكيات مجتمعية سامة. 

فعند إدارة رأس المال البشري من الواجب دراسة الهندسة الاجتماعية والإلمام بكيفية هندسة النظم المجتمعية.. وهندسة النظم الاجتماعية هو تخصص في العلوم الاجتماعية يدرس الجهود المبذولة للتأثير على الموقف الشعبي والسلوك الاجتماعي على نطاق واسع.

 

هندسة المجتمع والنظم الاجتماعية

المهندس الاجتماعي هو من يُحاول التأثير على المواقف الشعبية والسلوك الاجتماعي، وإدارة الموارد على نطاق واسع. وقبل الإسلام كان العرب في تناحر دائم لأتفه الأسباب تحكمهم العصبية القبلية والنعرات. ثم جاء الإسلام وأطفأ تلك النار وألَّف بين المتناحرين على أساس الدين والإيمان. وتعود اليوم النعرات للواجهة من خلال برامج تنافس مواهب شعرية فقدت تقييم الكلمة والوزن واعتمد فيها على تقييم العصبية القبلية، وحركة هندسة المجتمع الكامنة تلقائيًّا تكشف عن وجود ما يجب إصلاحه في النظم الاجتماعية.

ولفهم أهمية هندسة المجتمع والنظم، فلنقس عليه مسابقة "شاعر الهبوت" وهي فكرة رائدة تُحافظ على المورث، إلا أنها أظهرت تناقضاً، فقد وصلت مبالغ التصويت إلى أرقام فلكية، وفي المقابل يقبع شخص ما في السجن لتحصيل مبلغ دين ألف ريال. ماذا لو ربط ريع مثل تلك المسابقات بمبادرة فك كربة أو علاج. وبغض النظر عن الريع والربط، فقد أفرزت المسابقة سلوكاً مجتمعيًّا كامنًا يتوجب إعادة النظر ومحاولة استقراء للهندسة الاجتماعية لرأس المال البشري والنظم الاجتماعية.

فهندسة النظم الاجتماعية عبارة عن تطبيق منهج علمي من أجل دراسة الاهتمام الاجتماعي. حيث يستخدم المهندسون الاجتماعيون الأساليب العلمية لتحليل وفهم النظم الاجتماعية، وذلك للتوصل إلى قرارات مناسبة كعلماء، وليس كسياسيين. حيث يسمى نظير هندسة النظم الاجتماعية في المجال السياسي بالهندسة السياسية.

 

صناعة القرار وتطوير الرأس مال البشري

عند تشريع قرار وقانون أو تغييريهما، يتوجَّب علينا فهم التأثير المباشر أو الآثار المترتبة على المدى البعيد، فصناعة القرار تؤثر على سلامة وبقاء الملايين من الناس والمجتمع بالتالي. وكما عبر عن الفكرة عالم الاجتماع الألماني "فرديناند تونيس" في دراسته "المشاكل الحالية للبنية الاجتماعية"، والفكرة تقوم على ضرورة تغير الأساليب وتستند إلى الاستنتاجات والقرارات والتقنيات الأكثر تطورًا، وتشمل بيانات إحصائية موثوقة يمكن تطبيقها على النظام الاجتماعي وبعبارة أخرى.. وهندسة النظم الاجتماعية هي نظام علمي يستند إلى البيانات يستخدم لوضع تصميم مستدام وذلك لتحقيق الإدارة الذكية للموارد. ومثال ذلك ما يتم تداوله عن ضريبة الدخل للأفراد، وعلى الرغم من الحديث المطول عن الموضوع والتفصيلات والشروحات للقانون وأهميته، إلا أنه يُقابل بامتعاض على المستوى المجتمعي لا لشيء إلا لاقترانه بكلمة ضريبة.. فماذا لو اقترن بكلمة أخرى وهي زكاة.

 

هندسة الإنسان

يُستخدم علم هندسة النظم الاجتماعية لقياس الجهود المبذولة وللتأثير على مواقف وسلوكيات اجتماعية معينة، وتستخدم الحكومات أو وسائل الإعلام الغربية هذا العلم في إنتاج خصائص مرغوبة للمجتمع تستهدف بناء اجتماعياً جديداً، وهي سلاح ذو حدين يعتمد على آلية التوجيه. وبدلا من ترك المسألة عامة وفضفاضة، ألا يتوجب علينا استخدام المنهج العلمي الذي يتناسب معنا ووفق رؤيتنا ووضع الخطط الاقتصادية والسياسيات النقدية والمالية لإيجاد مجتمع واعٍ يواكب صناع القرار في رؤيته. من السهل صنع قرار والأسهل تطبيقه، ولكن لا توجد آلية للتنبؤ النظري بتداعيات أي قرار وتشريع على المجتمعات، لا سيما وأنَّ هذه المجتمعات تحركها عوامل أخرى كامنة، وهذا بالتالي يخلق شرخًا بين التشريع والمخرجات ويُقلل من كفاءة إدارة رأس المال البشري، والذي يشكل العمود الأساسي لرأس المال المادي وتنميته.. ولتحقيق ثورة تنموية يتوجب نقل الإنسان ورفع إداركه ووعيه بالتعليم.

ويعتمدُ رأس المال البشري على المخزون من المعرفة والمهارة، والخبرة، والقدرة على الاختراع وهي أشياء يمكن اكتسابها في جميع مراحل الحياة التي تمتد من الطفولة المبكرة وحتى الشيخوخة. وتختلف مقدرة الإنسان على اكتساب المعرفة من مرحلة لأخرى من سنين عمره، وتتأثر بالوضع الصحي والنفسي والبيئة التي يعيش فيها.

ومن خلال التعليم، يُمكن إدارة رأس المال البشري، ووسائل التعليم اليوم مُتاحة تعليم رسمي وغير رسمي أو من خلال وسائل الإعلام أو من خلال شبكات الإنترنت والمعلومات. يتشابه رأس المال البشري مع رأس المال العيني من ناحية الزيادة أو النقص عبر الزمن. فقد يشهد مخزون زيادة في المعرفة ونموًّا موجبًا أو سالبًا، وبوجود من يتملك القدرة على الهندسة الاجتماعية ونظم المجتمع  قد نصل إلى الاستفادة الكاملة والمطلوبة من الرأس مال البشري والعيني.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة السويس يشهد حفل تخريج الدفعة الثانية بكلية الطب البشري

شهد اليوم أ.د.أشرف حنيجـل رئيس جامعة السويس حفل تخريج الدفعة الثانية من طلاب كلية الطب بالجامعة بحضور نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات أ.د.دعاء محمد سيد عميد كلية الطب، بحضور د.محمد فريد حمدي أمين عام النقابة العامة للأطباء، د.خالد أمين_أمين عام مساعد النقابة العامة، د.أحمد عبد الفتاح_ أمين عام نقابة أطباء السويس، د.تامر البوهى نقيب اطباء السويس، و الوكلاء وأعضاء هيئة التدريس وأولياء أمور الخريجين.

ووسط أجواء من السعادة والفرحة بدأت فعاليات الاحتفال بعزف السلام الوطني ثم تلاوة خاشعة لآيات بينات من القرآن الكريم، ثم كلمة ممثلي الخريجين الذين أعربوا عن سعادتهم لوصول إلى هذه اللحظات، باعثين بأرق عبارات الشكر والتقدير لأسرة الكلية والجامعة على ما بذل من جهد طوال السنوات السابقة.

أعقب ذلك كلمة أ.د.دعاء محمد سيد عميد كلية الطب التي وجهت التحية لرئيس الجامعة وكافة المسئولين بالجامعة على حرصهم حضور الحفل، وما ثبذل من جهد من قبل الجامعة لتوفير كافة الإمكانيات لطلاب الكلية.

وأشارت عميد الكلية إلى أن كليه طب السويس تتميز بمنهجها التعليمي المبتكر، وبتشجيعها للبحوث العلمية وبرعايتها للإبداعات الفردية وخدمة المجتمع ومن هذا المنطلق تهدف الكلية الى اعداد خريج ذى كفاءة عالية، قادر على ممارسة مهنة الطب وتقديم الرعاية الصحية متوافق مع المعايير المهنية العالمية ومتحلي بأخلاقيات وشرف المهنة ومتطلع بأحدث التقنيات.

واختتمت كلمتها بتوجيه التهنئة للخريجين بمناسبة الوصول لهذا اليوم، ولذويهم على ما قدموا من دعم لأبنائهم طوال مسيرتهم التعليمة، مؤكدةً على أن الفرحة اليوم تخص أولياء الأمور أكثر من الطلاب وإن كان الطلاب هم أصحاب هذا الحفل.

ثم تم عرض فيلم وثائقي عن الكلية، أعقبه تلاوة القَسَمْ، ثم ألقى أ.د.رئيس الجامعة كلمة رحب فيها بالحضور من ضيوف الجامعة وأولياء الأمور، مهنئنا الدفعة الجديدة من أطباء المستقبل أن في هذا اليوم الذي يُمثل بداية مرحلة جديدة ومميزة في حياتهم العملية وهم على مشارف تقديم العطاء والرسالة السامية في مجال الطب.

وأكد أ.د.أشرف حنيجل رئيس جامعة السويس على أنه كان لزامًا علينا طوال السنوات السابقة أن نوفر لأبناء الجامعة أفضل الإمكانات والفرص لتأهيهم أكاديميًا ليتمكنوا من أداء مهمتهم على أكمل وجه، ذلك التأهيل الذي يأتي في إطار دعم الدولة المصرية بقيادة فخامة السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، الذي يؤكد دومًا في مختلف المناسبات على أهمية تأهيل أبنائنا من الشباب، وإعداد جيل من الخريجين في مختلف التخصصات قادر على المنافسة بقوة في سوق العمل.

وأشار رئيس الجامعة الى أن الطبيب يعد أحد أهم عناصر حماية المجتمع، لذا فقد كان توفير كافة الإمكانيات المادية والبشرية لتأهيل الخريجين، هدف لم تدخر الجامعة لتحقيقه أي جهد، ولقد كان لخطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عظيم الأثر على توفير هذه الإمكانيات مهما كانت التحديات، لضمان جيل من الشباب المؤهل لرفع راية الوطن في شتى المجالات.

ثم وجه رئيس الجامعة حديثه لأبناء والامهات الذين بذلوا جهدًا ومالاً بلا حساب لأجل أن يروا أبناءهم في هذه اللحظة المميزة، موجها كل تقدير واحترام لهم.

كما وجه التحية للسادة أعضاء هيئة التدريس بالكلية الذين لم يبخلوا على الطلاب اطلاقًا بعلمٍ أو بوقتٍ أو جهدٍ كي يضيفوا لحصيلتهم المعرفية معلومة جديدة لكم، من المؤكد انها ستكون لكم نفعًا وعلمًا.

وأشار رئيس الجامعة الى أن الله تعالى قد وهب الهريجين نعمة عظيمة، إذ علمهم علاج وتطبيب خلقه، لذا فإن الحرص على تقديم ما تعلموا، لابد أن ينبع من إيمان عميق بقدسية مهنتهم العظيمة.

وأشار "حنيجل" فيما تقوم به الدولة المصرية من إجراءات وجهود، وحرص على مساندة الأشقاء الفلسطينين في مختلف المجالات وتقديم الرعاية الطبية العاجلة لهم، لهو أكبر دليل وقدوة على هذه القيم الانسانية النبيلة.

ووجه رئيس جامعة السويس الدعوة إلى الجميع كي يكونوا جزءً من هذه المنظومة الانسانية، حيث تحرص بلادنا على دعم الأشقاء الفلسطينيين وتقديم الرعاية الطبية العاجلة لهم.

وأكد حنيجل مجددا على ثقتنا المطلقة ودعمنا الكامل لكافة الإجراءات والتدابير التي تقوم بها دولتنا المصرية بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الملف، حفاظًا على على الحقوق التاريخية، وتمسكًا بالثوابت التي تؤمن بها مصر.

وفي ختام كلمته وجه رئيس الجامعة حديثه للخريجين قائلاً "اسمحوا لي أن اتحدث معكم بعقل الأستاذ الذي يحرص على تطوير قدرات طلابه وخريجيه، وبقلب الأب الذي يضع مصلحة أبنائه نصب عينه.. .

أقول لكم.. ان قاطرة العلم تسير بسرعة هائلة ولا تتوقف اطلاقًا، فمن لحق بها فقد فاز بعلم ينتفع به..

لذا فإنني أدعوكم إلى مواصلة العمل والاجتهاد والأخذ بأسباب زيادة الحصيلة العلمية لكم"

وأشار حنيجل إلى أن جامعة السويس تفتح أذرعها لأبنائنا دومًا لاستكمال دراستهم العليا، تعزيزًا لتفوقكم وتميزكم الذي عهدناه أبنائه الخريجين.

عقب ذلك تم تكريم الخريجين والتقاط الصور التذكارية واختتم الحفل وسط أجواء من البهجة والتفاؤل.

مقالات مشابهة

  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»
  • «المشاط»: تطوير العنصر البشري وتنمية المهارات ضرورة لمواكبة المتغيرات
  • الاسدي يكشف ابرز المبادرات التي نفذتها الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية
  • «هندسة بنها الأهلية» تناقش مشروعات الطلاب لمادتي الاستاتيكا والديناميكا
  • «استشاري هندسة الشارقة» يناقـش تطـوير وتعـزيز دور الكليــة
  • رئيس جامعة السويس يشهد حفل تخريج الدفعة الثانية بكلية الطب البشري
  • الرصيفة .. إتلاف أطنان دجاج غير صالح للاستهلاك البشري (صور)
  • تفاصيل اجتماع اللجنة التحضيرية لمسابقة رالي جامعة حلوان
  • الطب الدقيق و الجينوم البشري: مسار جديد في علاج الأمراض
  • ابتكار كاميرا تحاكي الدماغ البشري