عين ليبيا:
2025-04-11@02:15:46 GMT

أية مصالحة…؟!!!

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

وضع العنوان في صيغة تساؤل (مقروناً بعلامات تعجب) له من الدلالات والمغازي التي تستدعي الوقوف عندها مما ينبغي توضيحها، ولو بشيء من الإيجاز، في هذه المقالة*، وذلك في محاولة لإستجلاء جانب من عتمة الإدراك وظلمة التضليل …. كيف؟!.

إثر ثورة/انتفاضة فبراير 2011، ومهما حصل من تباين حول المسميات والأسباب والدوافع، اقترنت المصالحة الوطنية بالعدالة الانتقالية، سواءً من خلال التشريعات أو ضمن الحوارات والأدبيات ذات الصلة، ولدواعي عديدة ومتنوعة، ولكن، وبعد فترة وجيزة من الوئام ومحاولات بناء السلام/الدولة، برزت خلافات مرتبطة بتنازع مصالح ضيقة بين تيارات سياسية وجهوية ومناطقية وفئوية من أجل السلطة والنفوذ ونهب المال العام؛ مما تمخضت عنها صراعات مسلحة عبر أدرع مسلحة مارقة أدت إلى زهق للأرواح وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، والشواهد كُثر، بعد هذا العبث، ولتفادي الملاحقات القضائية والإفلات من العقاب – رغم أن مثل هكذا جرائم لا تسقط بالتقادم – وقعت تغييرات متعمدة وغرضية في تناول الموضوع محل الطرح، وذلك من قبل متصدري المشهد السياسي المتردي والفواعل المسلحة المنخرطة والمتورطة ،بشكل مباشر أو غير مباشر، في إرتكاب الأفعال الإجرامية.

في هذا السياق، لعل أبرز ما وقع، ويقع حتى اللحظة، هو العمل الماكر لتمييع فكرة الربط بين المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، بل والتركيز على عنصر المصالحة دون وضع أية إعتبار للشق المتعلق بالعدالة، وذلك بسب عدم اقتصار تطبيق العدالة على مجرمي النظام السابق فقط، والخشية من أنها أصبحت تطال كل من اقترف جرائم في حق الشعب الليبي، قبل وبعد فبراير دون استثناء.

ولتعزيز ذلك، قامت سلطات الأمر الواقع، وبمعية فواعل أجنبية متدخلة في الشأن الليبي، بشرعنة هذا الخبث عبر تضمين “المصالحة” في نصوص الإتفاقات المشبوهة المبرمة بينها (الصخيرات وجنيف وغيرها)، مع  إتاحة الفرص لرموز النظام السابق للعودة الآمنة والمجزية بالتعويضات وتبرئة الذمم وتقاسم السلطة والغنيمة، والعمل على إطلاق رصاصة الرحمة على مبدأ العدالة.

في تقديرنا، والزمن كفيل بكشف الحقيقة وإحقاق الحق، فإن فكرة المصالحة المطروحة ذاتها لا تخلو من لبس وكيدية، رغم تأسيس “مجلس أعلى” لها، يبدو أنه ولد ميتاً، في هذا الصدد، أرى أن حالة التأزم والقبح البشعة في ليبيا في حاجة إلى مصالحة بين سلطات الأمر الواقع الجاثمة مصائرنا منذ أمد، وليس بين مكونات الشعب الليبي، وما تدافع الليبيين وتعاضدهم أوقات المحن، كما حدث عند حصول كارثة درنة، إلا مثال صارخ على ذلك.

*لمزيد التفاصيل حول الموضوع، أنظر ورقتنا التحليلية:

د. أحمد علي الأطرش، “العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في ليبيا: جدلية الأولويات“، الموقع الإلكتروني لمركز الجزيرة للدراسات، 6 اكتوبر 2021، https://studies.aljazeera.net/ar/article/5149

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

سلطات الأمر الواقع السودانية ضد الإمارات العربية المتحدة: نفاق مؤسسة إبادة جماعية

نصرالدين عبدالباري

‏في الخامس من مارس 2025، تقدمت سلطات الأمر الواقع السودانية بطلب ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وذلك من خلال تقديم دعم عسكري ومالي مستمر لقوات الدعم السريع. ويزعم السودان—الذي تمثله بحكم الأمر الواقع القوات المسلحة السودانية أو مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية بصورة غير شرعية—أن هذا الدعم ساهم في حملة إبادة جماعية ضد إثنية المساليت في غرب دارفور.

‏ورغم أن هذه القضية تمثل سابقة بارزة في اللجوء إلى الآليات القانونية الدولية، إلا أنها مليئة بالتناقضات القانونية والسياسية والأخلاقية. فالإضافة إلى العوائق المتعلقة بالاختصاص، والتي يصعب تجاوزها، تكشف هذه القضية عن محاولة ساخرة بامتياز من قبل القوات المسلحة السودانية لتلميع صورتها من خلال التظاهر بأنها تدافع عن حقوق الإنسان. إن المؤسسة ذاتها التي أشرفت على سبعة عقود من القتل الجماعي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والإرهاب الذي ترعاه الدولة، تسعى اليوم إلى إعادة تقديم نفسها كحامية للقانون الدولي—وهو تحول فج ومغرض سياسياً.

‏قضية مليئة بالتناقضات

‏إن لجوء سلطات الأمر الواقع السودانية إلى محكمة العدل الدولية يحمل في طياته أهمية رمزية، حيث يشير ظاهرياً إلى رغبة في تسوية النزاعات عبر الوسائل القانونية الدولية بدلاً من استخدام القوة—بغض النظر عن عن القدرات العسكرية. لكن هوية الجهة التي رفعت القضية—نظام عسكري غير شرعي تهيمن عليه القوات المسلحة السودانية—تجعلها منعدمة القيمة من الناحية الأخلاقية. من الصعب تصور مثال أكثر فجاجة للنفاق: مؤسسة ارتكبت الإبادة الجماعية تلو الأخرى تتحدث الآن باسم ضحايا الإبادة.

‏هذه هي نفس القوات المسلحة السودانية التي ارتكبت أو ساهمت في ارتكاب فظائع جماعية في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. وهي ذات المؤسسة والدولة التي كانت ترفض آليات حقوق الإنسان الدولية بوصفها منحازة ومسيّسة، لكنها اليوم تلجأ إلى نفس النظام القانوني الدولي، الذي طالما ازدرته وانتهكته. إن التناقض صارخ والدوافع السياسية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.

‏الأساس القانوني: غير مسبوق لكنه ضعيف

‏تستند الدعوى، التي رفعتها سلطات الأمر الواقع السودانية، إلى اتهام الإمارات بتقديم دعم مادي ومعنوي لحملة إبادة جماعية تزعم السلطات أن قوات الدعم السريع نفذتها ضد شعب المساليت. وتشمل الاتهامات تزويد القوات بالأسلحة والذخائر والطائرات المسيّرة وتحويلات مالية عبر وسطاء، وذلك رغم ظهور تقارير موثوقة توثق ارتكاب فظائع، وفقاً لزعم هذه السلطات. وتدعي سلطات الأمر الواقع السودانية أن هذا الدعم يشكل خرقاً لالتزامات الإمارات بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، لا سيما التزامها بعدم المساعدة أو التواطؤ في ارتكاب جريمة الإبادة.

‏ولتعزيز موقفها، قدمت سلطات الأمر الواقع السودانية طائفة من الأدلة، بما في ذلك تقارير لمنظمات حقوق إنسان دولية توثق فظائع تزعم أن قوات الدعم السريع قد ارتكبتها، وصور أقمار صناعية تظهر تكتيكات الأرض المحروقة وتدمير القرى في دارفور، وشهادات شهود عيان تصف عمليات قتل جماعي وعنفاً ذا دوافع إثنية.

‏وطلبت سلطات الأمر الواقع السودانية كذلك إصدار تدابير مؤقتة، تحث المحكمة على مطالبة الإمارات بوقف كل أشكال الدعم المزعوم لقوات الدعم السريع، وحماية المدنيين—خاصة المساليت—والحفاظ على الأدلة المتعلقة بالجرائم المزعومة.

‏الجدار القضائي: تحفظ المادة التاسعة

‏إن العقبة القانونية الأساسية التي تواجه الدعوى السودانية تتمثل في اختصاص محكمة العدل الدولية—أو بالأحرى غياب هذا الاختصاص. إذ تمنح المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية المحكمة اختصاصاً بالنظر في النزاعات المتعلقة بتفسير الاتفاقية أو تطبيقها أو تنفيذها، لكن هذه المادة خاضعة للتحفظات.

‏وعند انضمامها إلى الاتفاقية، أبدت الإمارات تحفظاً يستثني اختصاص المحكمة بموجب المادة التاسعة. وهذا التحفظ حاسم. فقد أقرت المحكمة مراراً وتكراراً بصحة مثل هذه التحفظات واعتبرتها ملزمة، كما في قضايا مثل شرعية استخدام القوة (يوغوسلافيا ضد إسبانيا وآخرين) والكونغو الديمقراطية ضد رواندا.

‏وتقر سلطات الأمر الواقع السودانية في طلبها بوجود هذا التحفظ، لكنها تفشل في تقديم أساس قانوني مقنع لتجاوزه. فلا يوجد اتفاق خاص بين الطرفين، ولا توجد مادة في اتفاقية أخرى تمنح المحكمة الاختصاص، ولم يُستند إلى أي أساس قانوني بديل. هذا الغياب في حد ذاته دلالة على أن القضية لم تُصمم لتحقيق نصر قضائي، بل لتحقيق مكاسب سياسية.

الوسومنصر الدين عبد الباري

مقالات مشابهة

  • وزارة العدل: مصافحة الوزير الويس أحد قضاة محكمة الإرهاب لا تحمل أي ‏دلالة على التسامح أو المصالحة مع أي من الأشخاص الذين ‏ارتكبوا انتهاكات ‏بحق الشعب السوري ‏
  • سلطات الأمر الواقع السودانية ضد الإمارات العربية المتحدة: نفاق مؤسسة إبادة جماعية
  • ظهرت عليهم آثار التعذيب.. سلطات الاحتلال تفرج عن 80 معتقلًا من غزة
  • من غزّة إلى عمّان.. الطفل مصعب يخوض رحلة علاج من جراح حرب نفسية وجسدية
  • الاحتلال يُفرج عن الأسير أحمد مناصرة بعد نحو 10 سنوات من الأسر
  • مؤتمر بواشنطن | غازيني: لا انقسامات ثابتة في ليبيا… والكيخيا يؤكد بأن الفيدرالية في ليبيا لم تعد مجدية
  • رابطة العلماء تواصل حملة "تمنيع" السجناء ضد التطرف العنيف في سياق "مصالحة"
  • لوموند: مجلس مصالحة يحاول حل النزاعات الموروثة من الحرب بسوريا
  • مراسل سانا: بدء فعالية قرعة الحج السوري للحجاج المسجلين لأداء فريضة الحج لموسم 1446هـ _2025 م، وذلك في المكتبة الوطنية بدمشق بحضور وزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير شكري
  • جنوب السودان: القرار الأمريكي لأننا رفضنا استقبال مُرحّل من جنسية أخرى