الإعاقة والتصميم الهندسي العمراني الجامع
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
وأنا أخط هذا المقال حول الوصول الشامل وقراءة ما توصلت إليه الهندسة المعمارية في المجال أبى ذهني إلَّا أن يسبَح بي في بحر الذكريات البعيدة ليُعيدَ لي مواقف رجل عظيم أعطى الكثير لقضية الإعاقة في سلطنة عُمان والخليج والدول العربية بل أيضًا دوليًّا، إنَّه مختار بن محمد الرواحي «رحمه الله» أو من كنت أناديه «أبو المعوقين» هاتفني يوم إجازة أسبوعية وأخبرني أن أحضر معه زيارة ميدانية لشارع الخوض التجاري من ولاية السيب كان قد رتَّبها مع رئيس بلدية مسقط شخصيًّا ليُطلعه على عدم توافر ممرَّات ومواقف خاصَّة في مواقف الشارع وكانت زيارة موفقة إذ انتهت بإصدار توجيهات وأنجز الهدف.
مرَّت تهيئة البيئة الهندسية المعمارية للأشخاص ذوي الإعاقة بالعديد من المراحل فلقد تأثرت بعد الحرب العالمية الثانية بالمنهج الطبي Medical Model of Disability والذي يقوم أساسًا على أنَّ الإعاقة هي خلل في عضو من أعضاء جسم الإنسان ومسبب أساسي في عدم قدرة الشخص ذي الإعاقة في الوصول إلى الخدمات والمرافق العامة وكما تلاحظون فإنَّ التقيد بالمنهج الطبي أسهم في تطوير التهيئة العمرانية لصالح إخواننا من ذوي الإعاقة الحركية أمَّا بديله المنهج الاجتماعي للإعاقة Social Model of Disability سعى إلى توسيع دائرة المستفيدين من ذوي الإعاقات الأخرى كالسمعية والبصرية ممَّا أدَّى إلى ابتكار مفاهيم هندسية معمارية جديدة بمسمَّى « التصميم الجامع Inclusive Design» والذي يهدف إلى خلق بيئة خالية من العوائق لجميع المستخدمين على اختلاف قدراتهم الجسدية وفئاتهم العمرية. أمام تعدُّد المسميات لهذا المنهج المعماري الجديد، اختارت الولايات المتحدة الأميركية رسميًّا مُسمَّى «التصميم العالمي Universal Design» سنة 2008م وذهبت المملكة المتحدة وبعض الدول الأوروبية وكندا إلى اعتماد «Inclusive Design التصميم الجامع» سنة 2012م وحتى لا نطيل في عالم المصطلحات والمفردات الفنية نعرض عليكم المبدأ الأول «استخدام عادل يخص الجميع Equitable Use” يعني ابتكار تصميم مفيد يسهل تسويقه لكلِّ المستخدمين مع اختلاف فئاتهم العمرية وقدراتهم الجسدية والفكرية وأحجامهم وطولهم والمبدأ الثاني «مرونة في الاستخدام Flexibility in Use» يفيد ابتكار تصميم يستوعب مجموعة واسعة من المستخدمين أمَّا الثالث «سهولة الاستخدام Simple and Intuitive Use» فيكون التصميم سهل الاستخدام من دون معرفة مسبقة بكيفية استخدامه من قبل جميع المستخدمين بغضِّ النظر عن مستوى تعليمهم أو قدراتهم العقلية. والمبدأ الرابع «معلومات ملموسة Perceptible Information» فيحتوي التصميم على معلومات ملموسة يمكن فهمها وحسها بغضِّ النظر عن قدرات المستخدم البصرية خامسًا «التسامح والحد من الخطأ Tolerance of Error» يكون التصميم آمنًا يرتكز على غياب أي حادث أو إصابة عرضية للمستخدم والمبدأ السادس «مجهود بدني قليل Low Physical Effort» التصميم يكون مريحًا يتطلب القليل من الجهد البدني ولا يعرض المستخدم لبذل جهد يتعبه. وأخيرًا «حجم ومساحات لكل المستخدمين Size and Spaces for approach and Use» التصميم يكون ذا حجم ومساحة يمكن اليه واستخدامه من قبل العديد من المستخدمين بغضِّ النظر عن حجم بنيانهم وقدراتهم الحركية. بعد هذا التفسير المختصر ما ينفعنا هو الخوض فيما يستوجب أن يكون عليه التخطيط للوصول الشامل في السلطنة ومن خبرتنا المتواضعة لا بُدَّ من الأخذ بما توصلت له المملكة المتحدة وكندا من بحوث علمية متخصصة في مفهوم» التصميم الجامع Inclusive Design» لأنه يهدف الى ترويج مفهوم المساواة والمشاركة الاجتماعية وانخراط جميع المستخدمين بغض النظر عن قدراتهم الجسدية وفئاتهم العمرية، للتمتع ببيئة هندسية وخدمات ومنتجات تسمح للجميع باستخدامها بكل حرية وثقة واستقلالية. بكل تفاءل نرى كمختصين مستقبلًا قريبًا ستشهد فيه مدن السلطنة صفرًا من الحواجز عبر تطبيق ما يقبع المختصون فيها بالاشتراك مع الجهات الحكومية ومكونات المجتمع المدني ذات العلاقة لإعداد «الدليل الوطني للمعايير والمواصفات الهندسية العمرانية الدامجة ووسائل النقل للأشخاص ذوي الإعاقة» وستكون مدينة السُّلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ أحسن نموذج بحول الله.
زوهير بن الحبيب بن عياد بن يحيى ✱
✱ خبير شؤون الإعاقة
benyahiazouhaier@yahoo.fr
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: النظر عن
إقرأ أيضاً:
ندوة بالأزهر توضح دور الأمهات في دعم الأطفال ذوي الهمم
عقد الجامع الأزهر الندوة الأسبوعية بعنوان"دور الأمهات في تدريب وتأهيل الأطفال ذوي الهمم"وذلك بحضور كل من الدكتورة نشوة نصر استشاري دراسات الطفولة الطبية بمركز معوقات الطفولة جامعة الأزهر، والدكتورة أسماء الرفاعي دكتوراه في التوحد بمركز معوقات الطفولة، وأدارت الحوار الدكتورة سناء السيد، الباحثة بالجامع الأزهر، وقامت الدكتورة منى عاشور، الواعظة بالأزهر الشريف وعضو المنظمة العربية لمترجمي لغة الإشارة بترجمة الندوة بلغة الإشارة.
واستهلت نشوة نصر، اللقاء بالحديث عن الدور التحويلي للأمهات والتكنولوجيا في دعم الأطفال وذوي الهمم، حيث دعت إلى تمكين القدرات عن طريق الوقاية، وأوضحت كيف تؤثر التكنولوجيا والتفاعلات الرقمية على مهارات التواصل اللغوي للأطفال، وتأثير التعرض المفرط للشاشات على النمو المعرفي والعاطفي للطفل.
وأضافت، أن دقائق معدودة من التحفيز الإلكتروني قد تؤخر إفراز الميلاتونين لعدة ساعات، وتُخلّ بتوازن الساعة البيولوجية التي تؤدي إلى اختلال التوازن الهرموني والتهاب الدماغ، كما أن الأطفال من ذوي الهمم يتطلب دعمهم استراتيجيات مخصصة تناسب احتياجاتهم الفردية"
كما قدمت نصائح عملية لتنظيم هذا التفاعل، وأكدت على أن قصص النجاح تبقى مصدر إلهام لتوظيف التكنولوجيا بشكل متوازن وإيجابي.
وفي ذات السياق أوضحت أسماء الرفاعي، أن الأم تلعب دورًا حيويًا في تعزيز ثقة الطفل بنفسه من خلال تقديم الدعم العاطفي، وحثت الأمهات على توفير بيئة آمنة ومشجعة تعزز من استكشاف الطفل لقدراته، مما يسهم في بناء ثقته بنفسه.
كما تحدثت عن التحديات التي تواجه الأمهات في تأهيل ذوي الهمم، ومنها: نقص الدعم الاجتماعي، والشعور بالعزلة بسبب عدم تفهم المجتمع لاحتياجات أطفالهن، وبينت دور المجتمع في دعم الأمهات وأطفالهن من خلال حملات توعية، وتوفير الموارد اللازمة، وتشجيع المشاركة الفعالة وغير ذلك.
من جانبها بينت سناء السيد، أن التربية مسؤولية مشتركة بين الأب والأم معًا، ودور الأم مهم في التربية خاصة خلال السنوات الأولى؛ لأنها أكثر ملازَمة للأطفال من الأب. ولا يقتصر دور الأم على تنظيف البيت وإعداد الطعام، بل هي مربية الأجيال، وصانعة الرجال، والمدرسة الأولى في تنمية الأخلاق، لكن نتيجةً لانشغال بعض الآباء والأمهات وعدم معرفتهم بالتربية السليمة، أصبحنا نرى أطفالًا وشبابًا يعانون من إعاقات وأمراض نفسية وعصبية؛ نتيجة جهل تربويِّ يرى التربية مقصورة على الجانب المادي، والاجتهاد الشخصي، دون رجوع إلى أهل الاختصاص، ومعرفة ما يطرأ على الأبناء من تغيُّرات تصاحب مراحل نموهم.