علامات سرية.. كيف تقاتل حماس في غزة؟
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
تعتمد حماس على أسلوب حرب العصابات، وغالبا ما يتنكر مسلحوها في زي مدني ويختبئون دخل الأحياء السكنية ويخزنون أسلحتهم في شبكة طويلة من الأنفاق وفي المنازل والمساجد وتحت الأرائك وحتى في غرف نوم الأطفال، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" السبت.
ويشير تحليل أجرته الصحيفة لمقاطع فيديو نشرتها حماس ومقابلات مع ثلاثة من أعضاء حماس وعشرات الجنود الإسرائيليين، الذين تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث علنا، إلى أن استراتيجية حماس تعتمد على مجموعة من العوامل وهي كالتالي:
استخدام مسلحي الحركة لمئات الكيلومترات من الأنفاق، التي فاجأ حجمها القادة الإسرائيليين، للتنقل في أنحاء غزة دون أن يلاحظهم الجنود الإسرائيليون.
استخدام منازل المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المرافق الطبية ومكاتب الأمم المتحدة والمساجد، لإخفاء حركة المسلحين ومداخل الأنفاق والأفخاخ المتفجرة ومخازن الذخيرة.
نصب كمائن للجنود الإسرائيليين بواسطة مجموعات صغيرة من المسلحين الذين يرتدون ملابس مدنية، بالإضافة إلى استخدام المدنيين، بما في ذلك الأطفال، للقيام بدور الحراسة.
ترك علامات سرية خارج المنازل، مثل غطاء أحمر معلق من النافذة أو كتابات على الجدران، للإشارة لباقي مسلحي الحركة بوجود ألغام أو مداخل أنفاق أو مخابئ للأسلحة في الداخل.
إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، حتى على حساب المزيد من القتلى والدمار في صفوف المدنيين، من أجل توريط إسرائيل في معركة استنزاف تؤدي بالنهاية لزيادة الانتقادات الدولية ضدها.
تشير الصحيفة إلى قرار حماس بمواصلة القتال أثبت أنه كارثي بالنسبة للفلسطينيين في غزة.
وتضيف أنه مع رفض حماس الاستسلام، مضت إسرائيل قدما في حملتها العسكرية التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 2 في المئة من سكان غزة قبل الحرب، وفقا للسلطات في غزة، وكذلك شردت ما يقرب من 80 في المئة من سكانها وألحقت أضرارا بمعظم المباني، وفقا للأمم المتحدة.
بالمقابل، قتل نحو 350 جنديا إسرائيليا في غزة منذ بداية الحرب، وفقا للإحصاءات العسكرية، وهو عدد أقل بكثير مما توقعه المسؤولون الإسرائيليون مع بداية الحرب في أكتوبر الماضي.
تُظهر العشرات من مقاطع الفيديو الدعائية لحماس، التي نشرتها الجماعة على قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، مجموعات صغيرة من المسلحين، غالبا ما يرتدون بناطيل الجينز والسراويل الرياضية والصنادل الأحذية الرياضية وهم يخرجون من الأنفاق لالتقاط صور للدبابات وناقلات الجنود الإسرائيلية القريبة.
بعدها يندفعون سيرا على الأقدام نحو الدبابات لزرع الألغام أو إطلاق قذائف صاروخية من المباني السكنية وإطلاق النار على الجنود ببنادق قنص.
وتنقل الصحيفة عن "ضابط" في حماس القول إن الحركة كانت تستعد لهذه اللحظة منذ عام 2021 على الأقل، عندما بدأت في زيادة إنتاج المتفجرات والصواريخ المضادة للدبابات، استعدادا لحرب برية، وتوقفت عن صنع العديد من الصواريخ بعيدة المدى.
كما قامت بتوسيع شبكة واسعة من الأنفاق، وخلقت نقاط دخول في المنازل في جميع أنحاء غزة تسمح للمسلحين بالدخول والخروج دون أن يتم رؤيتهم من الجو.
وجرى كذلك تجهيز الأنفاق بشبكة هاتف أرضي يصعب على إسرائيل مراقبتها، وتسمح للمسلحين بالاتصال حتى أثناء انقطاع شبكات الهاتف المحمول في غزة، والتي تسيطر عليها إسرائيل، وفقا لما أكده هذا "الضابط" ومسؤولون إسرائيليون وصلاح الدين العواودة وهو عضو السابق في الحركة ومقاتل سابق في جناحها العسكري يعمل الآن محللا مقيما في إسطنبول.
وأكد "الضابط" التابع لحماس أنه مع بداية الحرب، كان لدى حماس ما يكفي من المتفجرات بالإضافة إلى ما يكفي من الخضروات المعلبة والتمور ومياه الشرب التي يمكن أن تكفي مسلحيها لمدة 10 أشهر على الأقل.
اتسعت شبكة الأنفاق إلى حد أنها مرت تحت مجمع كبير للأمم المتحدة وأكبر مستشفى في غزة، فضلا عن الطرق الرئيسية وعدد لا يحصى من المنازل والمباني الحكومية، وفقا للصحيفة.
وبعد تسعة أشهر من بدء الحرب، يقول كبار المسؤولين الإسرائيليين إنهم لم يدمروا إلا جزءا صغيرا من شبكة الأنفاق تلك، وأن وجودها كان سببا في عرقلة قدرة إسرائيل على تدمير حماس.
ويشير "الضابط" إلى أن قوات الكوماندوز التابعة لحماس تم تدريبها أيضا على البقاء في حالة تأهب وتركيز أثناء نقص الغذاء والماء.
ويبين أنه قبل الحرب، كان يٌطلب من المسلحين في بعض الأحيان قضاء أيام في تناول حفنة من التمر فقط والجلوس لعدة ساعات دون تحرك، حتى عندما كان مدربوهم يرشون الماء على وجوههم لتشتيت انتباههم.
ويتابع هذا "الضابط" أنه مع بدء إخلاء مساحات شاسعة من غزة في أكتوبر، بدأ مسلحو حماس بتفخيخ مئات المنازل التي توقعوا أن تحاول القوات الإسرائيلية دخولها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: من الأنفاق فی غزة
إقرأ أيضاً:
جدعون ليفي: وفي نهاية المطاف حماس هي الباقية
قال الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي إن ما فشلت إسرائيل في تحقيقه بالقوة الأشد "همجية" في تاريخها لن يتحقق بقوة أكثر بطشا.
وكتب في مقال له بصحيفة هآرتس أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ستظل باقية في نهاية المطاف بعد حرب سُفِكت فيها الدماء، وقُتل فيها مئات الجنود الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان قطاع غزة، ودمار هائل بحجم ما حلَّ بمدينة درسدن، عاصمة ولاية ساكسونيا الألمانية، خلال الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبيران دوليان: أوقفوا الحرب المقبلة بين إثيوبيا وإريتريا قبل اشتعالهاlist 2 of 2عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائيةend of listوأضاف أن على إسرائيل أن تعترف بأنه لن يبق في قطاع غزة سوى حركة حماس، وعليها أن تستخلص من هذه الحقيقة الدروس والعبر.
واللافت للنظر أن جدعون ليفي كرر اسم حماس في مقاله 24 مرة، ليؤكد ما ذهب إليه من أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية رغم أنها تضررت من الناحية العسكرية بشكل كبير، إلا أنها ستتعافى.
ومن الناحية السياسية والأيديولوجية، يقر بأن حماس ازدادت قوة خلال الحرب، بعد أن بعثت الروح مجددا في القضية الفلسطينية التي اعتقدت إسرائيل والعالم أن النسيان طواها.
والشاهد في الأمر أن إسرائيل -برأي الكاتب- لا تستطيع تغيير حقيقة أن حماس باقية، فهي لا تملك القدرة على تعيين كيان حاكم آخر في غزة، وليس ذلك لأن وجود كيان من هذا القبيل مشكوك فيه فحسب ولكن أيضا، وبالدرجة الأولى، لأن هناك حدودا لجبروتها، أي دولة الاحتلال.
إعلانولهذا السبب، فإن ليفي يعتقد أن الحديث عن "اليوم التالي" مضلل؛ "فليس هناك يوم بعد حماس، ومن المحتمل ألا يكون هناك يوم بعد حماس في أي وقت قريب".
وعزا ذلك إلى أن حماس هي الجهة الوحيدة الحاكمة في قطاع غزة، على الأقل في ظل الظروف الراهنة التي تكاد تكون غير قابلة للتغيير، ومن ثم، فإن "اليوم التالي" سيشمل حركة المقاومة الإسلامية، وعلى الإسرائيليين أن يعتادوا على ذلك.
استئناف الحرب خطوة عديمة الجدوى، فهي ستقتل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان غزة، وفي النهاية ستبقى حماس
والاستنتاج الأول الذي خلص إليه المقال أن استئناف الحرب خطوة عديمة الجدوى، فهي ستقتل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان غزة، وفي النهاية ستبقى حماس.
وبدلا من خوض حرب أخرى "لاجتثاث حماس من السلطة إلى آخر هذا الكلام الفارغ، علينا أن نعوّد أنفسنا على وجودها"، حسب تعبير ليفي الذي يضيف أن ذلك يستوجب من إسرائيل أن تتحدث مع الحركة.
وقال أيضا: "لو أن إسرائيل أوفت بوعودها كما فعلت حماس، لكنا الآن في المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار".
من المستحيل تعيين زعيم في قطاع غزة ولا حتى محمد دحلان، من دون موافقة حماس، والسلطة الفلسطينية تحتضر ببطء في الضفة الغربية ولن تعود إلى الحياة فجأة في غزة.
وتابع أنه لو كان لدى إسرائيل رجل دولة يتمتع بالرؤية والشجاعة -وهي فكرة ربما ميؤوس منها، حسب قوله- لحاول التحدث مع حماس بشكل مباشر وعلني وعلى مرأى من الجميع في غزة أو في القدس.
ومع أن الكاتب يرى أن من الأفضل لو كان في غزة حكومة مختلفة، إلا أنه يقر أن هذا الخيار ليس في متناول اليد في المستقبل القريب.
ووفقا له، فمن المستحيل تعيين زعيم في قطاع غزة ولا حتى محمد دحلان، من دون موافقة حماس. وفي اعتقاد ليفي أن السلطة الفلسطينية، التي قال إنها تحتضر ببطء في الضفة الغربية، لن تعود إلى الحياة فجأة في غزة.