ماذا وراء قرار إنشاء لجنة تصفية الأصول في مصر؟.. مخاوف واسعة
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
من بين مهام الحكومة المصرية الجديدة، التي أثارت جدلا واسعا ومخاوف كبيرة في الأوساط السياسية والاقتصادية، إنشاء لجنة تصفية الأصول بهدف تحقيق عائدات سنوية للخزينة العامة للدولة.
تستهدف الحكومة تحقيق 20 إلى25 مليار جنيه سنويًّا ( الدولار يعادل 48 جنيها) للخزينة العامة للدولة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة (1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) لخفض دين أجهزة الموازنة، بحسب وثيقة خطة الحكومة الجديدة خلال الـثلاث سنوات المقبلة.
تعهدات دولية وصفقة "رأس الحكمة"
خلال الأشهر القليلة الماضية، حصلت مصر على تعهدات تمويل دولية بلغت قيمتها حوالي 57 مليار دولار في أعقاب صفقة "رأس الحكمة" التي تم الإعلان عنها قبل ثلاثة أشهر، والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز الموارد المالية للدولة.
في مطلع الشهر الجاري، أعلنت دول الاتحاد الأوروبي عن تعهدات استثمارية لحكومة مصر بقيمة 70 مليار يورو بعد توقيع 29 اتفاقية ومذكرات تفاهم خلال مؤتمر الاستثمار الأوروبي المصري مع شركاء أوروبيين وغير أوروبيين.
دوافع القرار
على الرغم من هذه التدفقات المالية الضخمة، أثار قرار إنشاء لجنة تصفية الأصول تساؤلات حول دوافع هذه الخطوة وتساؤلات بشأن طبيعة الأصول، هل هي غير ضرورية أو لا تدر عوائد مالية كبيرة، أم إن القرار يعكس عدم ثقة في جدوى هذه الاستثمارات أو التعهدات التمويلية؟
وتحتاج الحكومة إلى تقديم تفسيرات واضحة حول دواعي هذا القرار وأهدافه بعيدة المدى، خاصة في ظل وجود استثمارات وتمويلات ضخمة تم الإعلان عنها مؤخرًا، وبالتالي تتزايد التساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد المصري بشكل عام، وكيفية ضمان الشفافية في تنفيذها.
مخاوف وتساؤلات حول إنشاء اللجنة
يعارض البعض بيع الأصول الرابحة، مثل الشركات العامة، خوفًا من فقدان الدولة إيراداتها المستقبلية.
وتثار تساؤلات حول شفافية وسلامة عمليات بيع الأصول، خاصةً مع وجود مخاوف من فساد أو سوء إدارة.
إضافة إلى أن البعض يخشى من أن يؤثر بيع الأصول على حقوق المواطنين، مثل الوصول إلى الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
ردود الفعل
عبّر العديد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين عن آرائهم حول هذا القرار عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام المختلفة.
وفي انتقاد شديد الحدة للقرار، أعلن السياسي المصري المعارض، يحيى حسين عبد الهادي، براءته من عمليات بيع الأصول.
وقال في منشور له في صفحته على "فيسبوك": " أَمَا وقد خَلَعَت السُلْطةُ وريقةَ التوت التي كانت تُداري بها تَفريطَها في أصول الدولة تحت مُسَّمَياتٍ كاذبةٍ مخادعةٍ، وأعلنَتْها صريحةً أخيراً أنها بصدد تصفية الأصول .. يُصبح من العَبَثِ مخاطبة البائع الفاقد للأهلية والمصداقية .. ولكن يجبُ إعلامُ وإعلانُ كل من اشترى أو يفكر في أن يشترى أَيَّاً من هذه الأصول أننا بُرَءاءُ من هذه السُلطةِ وكُلِّ بيوعاتها".
نبيع لحمنا الحي، وكنا في غنى عن ذلك، ولو لم ندر ظهرنا للعلم والرشد. pic.twitter.com/L2TesFX5To
— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) July 11, 2024هل مصر بحاجة إلى بيع الأصول؟
حول دلالة هذا القرار يقول الخبير الاقتصادي والمحلل المالي بواشنطن، شريف عثمان: "هذا معناه جدية في بيع ما تبقى من أصول الدولة، وهذا يؤكد أن هذه المرحلة ليست مرتبطة بالاحتياج الفعلي للأموال لأنه دخل مصر أكثر من 57 مليار دولار أغلبها دخل بالفعل، والاحتياطي النقدي في زيادة وهناك تراجع في حجم الدين الخارجي ما يعني أننا إزاء مرحلة جديدة من تصفية القطاع العام ومحاولة اجتذاب أكبر قدر من السيولة لخطط ربما لا تكون لها علاقة بالاحتياج الفعلي للدولة."
وأضاف لـ"عربي21": "هذا يأخذنا للسؤال الثاني حول مستقبل بيع هذه الأصول، نظريا يفترض أنها تذهب لخزينة الدولة ولكن في الواقع هذا لا ينعكس على مستوى معيشة المصريين وأجورهم التي تتراجع بالفعل بسبب انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع الأسعار، ورأينا تقارير دولية ترصد انخفاض متوسط الفرد في مصر مقارنة مع أغلب دول العالم".
وإذا ما كان هناك شق سياسي مرتبط بالقرار، أوضح عثمان: "هي محاولة استغلال الحالة الإيجابية من تدفقات مليارات الدولارات بعد صفقة رأس الحكمة، وفي شقها السياسي هو دفع مصر للعب دور ما في مرحلة بعد حرب غزة، ومحاولة إرضائها ماديا وهذا واضح من الصفقة الأخيرة مع صندوق النقد الدولي والتمويلات الدولية وصفقات الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر الاستثمار الأوروبي في القاهرة مؤخرا".
وحذر الخبير الاقتصادي من أن "عمليات بيع أصول الدولة تفتقر إلى أي ضوابط أو رقابة حقيقية، حيث يتم تمرير جميع القرارات المتعلقة بهذه الصفقات دون اعتراض يذكر، باستثناء بعض الآراء الصادرة عن النشطاء السياسيين والخبراء الاقتصاديين".
وتابع: "يثير هذا الوضع تساؤلات حول دور البرلمان الرقابي في مساءلة الحكومة عن هذه الصفقات، وكذلك دور الجهات الرقابية الأخرى. للأسف، لا يبدو أن هذه الجهات تُمارس دورًا فعالًا في هذا الصدد، ناهيك عن التساؤلات حول كفاءة وولاء الوزراء المسؤولين عن هذه الصفقات".
"مرحلة ما بعد الإغراق في الديون"
أرجع الخبير الاقتصادي والمصرفي ورئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، الدكتور علاء السيد، استمرار نهج الدولة المصرية في بيع الأصول إلى "أنها المرحلة التالية من إغراق مصر في الديون وتعريضها للإفلاس نتيجة خطط وسياسات وقرارات الحكومة المصرية الخاطئة".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "التفريط في أصول الدولة، وهي أصول للمواطنين، لا تزال عشوائية ولا تقدم أي حلول للأزمة الاقتصادية، ولا تواجه المشاكل المستعصية مثل ارتفاع معدلات الفقر والتضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة وعدم تمكين القطاع الخاص وشباب رجال الأعمال ورواد الأعمال، ولذلك تسعى للمزيد من القروض بلا أي خطط لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي وإصلاح ما أفسدته بأيديها طوال السنوات الماضية".
ورأى السيد أن "المشكلة في عمليات البيع أنها تتم دون رقابة حقيقية من الشعب (البرلمان) والهيئات الرقابية، ودون رادع ولا حسيب ولا عقل ولا حكمة ولا اهتمام بمصالح الشعب وحل المشاكل المستعصية في حياته اليومية، والمزيد من الضبابية لمستقبل مصر واقتصادها والمزيد من تهميش دورها في المجتمع الدولي والحد من قدرتها عن حل الأزمات الإقليمية".
كانت الحكومة المصرية، أعلنت في شباط/ فبراير 2023 إدراج 32 شركة في برنامج الطروحات بهدف تخارج الدولة من حصص مملوكة لها في شركات وبنوك لصالح مستثمرين أجانب ومحليين بهدف جذب موارد نقد أجنبي.
منذ إطلاق برنامج الطروحات في آذار/ مارس 2023 تخارجت الحكومة المصرية من أصول مملوكة للدولة بنحو 5.6 مليار دولار. وتستهدف بنهاية العام الحالي عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات، بحسب بيان سابق لوزارة المالية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية الأصول القروض مصر قروض عجز أصول المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة المصریة ملیار دولار أصول الدولة بیع الأصول
إقرأ أيضاً:
مصر مرت بالأصعب .. ماذا قال الرئيس السيسي لـ سيدات ورجال الصحافة والإعلام
-الرئيس السيسي :
- نؤكد على قوة وجاهزية أجهزة الدولة وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة
-تماسك المصريين ووحدتهم هو العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة المصرية
-مصر مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي
-حريصون على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان
-هناك بعض السلبيات نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعدد من سيدات ورجال الصحافة والإعلام ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات.
تناول الرئيس السيسي تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل.
وأشار المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إلى أن اللقاء تناول كذلك التطورات في كل من سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي قد فتح المجال للحوار، ورداً على الاستفسارات، أكد سيادته قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية على مواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية، مشدداً على أن تماسك المصريين ووحدتهم هو العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة المصرية، موضحاً أن مصر مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية، وإننا نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري، ومشيراً إلى حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة.
شوط كبير على طريق الإصلاحوأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيس السيسي قد أكد خلال اللقاء أيضاً على أن الدولة المصرية قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات، وما زالت هناك بعض السلبيات نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصية أمام أي معتدي.