الشاعر ناجي علوش.. رائد المثقفين الثوريين من أجل القضية والهوية الفلسطينية
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
أعترف أنني تأخرت كثيراً في الكتابة عن المناضل والكاتب والناقد والمفكر والمنظر الثوري والنقابي والسياسي والمثقف العضوي والشاعر الفلسطيني ناجي علوش. وكنتُ كلما كتبتُ عن أحد الشعراء المتميزين الموسومين بصفة المثقف العضوي ألوم نفسي لأنني لم أكتب عن علوش بعد، ويحضر اسمه تلقائياً.
فقد كتبتُ عن أكثر من شاعر أو مثقف كانوا يشاركون في محاور القتال، كالشاعر خالد أبو خالد الذي كان ينزل إلى محاور بيروت ممتشقاً سلاحه متجعّباً ذخيرته، ويناقشون في المتراس قضاياهم الثقافية.
هذا الواجب الذي سبقه عشرات الكتب والمحاضرات والانتخابات والشعارات، وهو صاحب شعار "بالدم نكتب لفلسطين"، الذي كرّسه شعاراً لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين حين ترأسه وقاده إلى مفاهيم الثقافة العضوية الرائدة والمؤثرة..
ترجمته
ولد ناجي علوش عام 1935 في بيرزيت. درس الابتدائية في مدارس بلدته، وحدثت النكبة في أثنائها ورأى آثارها في وجوه اللاجئين ومخيماتهم. تابع دراسته حتى حصل عام 1955 على شهادة (المَتْرِك) من الكلية الأهلية الثانوية في رام الله. وعمل بعد تخرجه معلماً في الأردن لمدة عام واحد فقط.
تبنى ناجي الفكر اليساري مع أخيه جميل علوش منذ سنوات مراهقتهما. وانضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، وبقي اشتراكياً من دون الحزب حتى وفاته. تزوج من سميرة عسل شقيقة المناضل والمفكر منير شفيق.
انتقل إلى الكويت عام 1956، وعمل في مستودعات الأدوية التابعة لوزارة الصحة، وفي صحيفة "أضواء المدينة" الكويتية حتى عام 1964. غادر حزب البعث بسبب الصراعات الداخلية، رغم أنه أصبح الأمين القطري للحزب في الكويت. غادر الكويت إلى بيروت وعمل خلال السنوات 1964- 1969 في إدارة مجلة دار الطليعة في بيروت.
يذكر منير شفيق في مذكراته أن ناجي درس في جامعة بيروت العربية، وكان يتم تدريس إحدى المواد من أحد كتبه، وأنه درسه على يد أحد أساتذة الجامعة وقدّم امتحاناً بالمادة من الكتاب نفسه.
في تلك الفترة، انتُخب علوش رئيساً لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين. ونظراً لالتزاماته الثورية والثقافية، غادر بيروت إلى عمان عام 1969، لكنه رجع بعد عامين بسبب أحداث أيلول الأسود، وعاد إلى بيروت التي بقي فيها حتى عام 1980، تمسك بالثوابت الفلسطينية وقاد التيار اليساري الجذري في فتح، ثم تركها بعد خلافات مع التيار التسووي فيها. واصطدم في تلك الفترة معهم لدرجة أنه ذكر في مقابلة أجرتها معه مجلة العودة، أنه اختُطف مرةً إلى مبنى القضاء الثوري وحُكم بالإعدام، وأُلقي في زنزانة انفرادية رأى على جدرانها آثار الدماء والرصاص، وفسّر ذلك بأنها بقايا إعدامات نُفّذت بعدد من المعارضين السياسيين في أيامها.
غادر علوش إلى بغداد (1980 ـ 1981)، ثم انتقل إلى دمشق لعدة سنوات، وعاد بعدها إلى الأردن دون أن يتخلى عن نشاطه الأدبي والسياسي.
كان علوش ثورياً ملتزماً، يحاسب نفسه ويلزمها بآداب العمل الثوري الذي يعتقده، فكان لا يشرب الخمر ولا يدخن ولا يسمع الموسيقى ولا يشاهد الأفلام أو المسلسلات أو المباريات الرياضية، ويملأ وقته في الكتابة والبحث والتأليف والعمل الثوري.
تعرض قبل ذلك لعدة محاولات اغتيال وأمضى حياته متنقلاً من دولة إلى أخرى. أصيب بجلطة دماغية بعد عودته من الحدود الأردنية- السورية يوم 25/11/1997 أصابته بالشلل النصفي بقية حياته (15 سنة). وقد توفي في عمان يوم الأحد في 29 تموز (يوليو) 2012، عن عمر 77 عاماً.
تسلم ناجي علوش عدة مواقع سياسية وثقافية، فكان عضو مجلس أمناء المجلس القومي للثقافة العربية منذ 1985. وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، والأمين العام لحركة التحرير الشعبية العربية، والأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين (1972 ـ 1977)، (1977ـ 1980). وأعيد انتخابه عام 1997. وعضو مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية منذ 1974 وحتى وفاته. ومدير دار الطليعة للطباعة والنشر، ومدير تحرير مجلة "دراسات عربية" (1965-1972).
إنتاجه الأدبي
كتب ناجي علوش الشعر العمودي حتى عام 1957 ثم بدأ فيما بعد كتابة الشعر الحر. أصدر عدداً من المجموعات الشعرية مثل "هدية صغيرة" (1967) و"النوافذ التي تفتحها القنابل" (1972)، وقد طبعت هذه المجموعات في مجلد واحد تحت عنوان "المجموعة الشعرية الكاملة" عام 1979. نشر فيما بعد مجموعة شعرية أخرى بعنوان "الزهر والناي" (1991).
من بين مؤلفاته الأخرى:
الثورة والجماهير (1962). المقاومة العربية في فلسطين (1967). الماركسية والمسألة اليهودية (1969). الثورة الفلسطينية أبعادها وقضاياها (1970). مناقشات حول الثورة الفلسطينية (1970). نحو ثورة فلسطينية جديدة (1972). الحركة القومية العربية (1975). حول الحرب الأهلية في لبنان (1976). التجربة الفيتنامية: دروسها السياسية والعسكرية (1978). الوطن العربي: الجغرافية الطبيعية والبشرية (1980). المشروع القومي من الدفاع إلى الهجوم (1991).وغيرها من الكتب الفكرية والسياسية التي بلغت نحو أربعين كتاباً.
من أشعاره
رثاء ناجي العلي:
هو النسر طار
(إلى ناجي العلي المسافر بريشةٍ أحدّ من السيف)
هو النسر طارَ
لا ريشُه خشِيَ الريحَ
أو ظفرهُ خشِيَ العاصفة
ومِنْ مُدنِ الرملِ سارَ
إلى مُدنِ الثلجِ
في صدرِهِ ندبةٌ نازفة
وفي قلبهِ كلُ حزنِ الوطن
وفي مقلتيه
مرايا شجَن…
هوَ النسرُ طارَ
وقالَ لكلِ رفاق المُخيّم
وكل المحبين في المدن الخائفة
أنا حنظلة
سأزرع في الثلج جرحي
وأرسم بالريشة الراعفة
على الثلجِ كلَ تضاريس هجرتنا
وكلَ خبايا الرحيل
وكل عروق الدوالي
وكل جذوع النخيل…
وكل حجار البيوتِ التي هُدّمتْ،
والبيوتِ التي صمدتْ رغم أنف الدخيل…
أنا حنظلة
سيبقى المخيم ذاكرتي
وتبقى المنارة في شطّ حيفا الدليل…
هُوَ النسر طار
لأنَ ديارَ العروبةِ أوسعُ من طلعةِ
الشمس…
شامخةٌ بالجبالِ
وممتدةٌ بالمتاهات ومفتوحةٌ بالصحارى
تنامُ المحيطاتُ دون رباها
وتأوى إلى رملها صبواتُ البحارِ
ولكنّ حزب الخفافيش فيها
يضيق بنسرٍ يطير جريحاً
ويشمخ بالريشة الراعفة
هو النسر طارْ..
وصاح بكلِ رفاق الرحيل
هلمّ فموعدنا قمةٌ
في جبال الجليل…
أنا حنظلة…
أغادركم
لأفتح بوابة المستحيل…
*شاعر وكاتب فلسطيني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير الفلسطيني شاعر فلسطين مسيرة شاعر هوية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
نميرة نجم توضح تفاصيل جلسات الاستماع أمام المحكمة بشأن القضية الفلسطينية
تحدثت السفيرة نميرة نجم، عضو الفريق القانوني الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، عن تفاصيل جلسات الاستماع أمام المحكمة بشأن القضية الفلسطينية، حيث تتصدر قضية نفاذ المساعدات الإنسانية المشهد، وسط الجدل الدائر حول القانون الإسرائيلي الذي يفرض قيودًا على وصول وكالة "الأونروا" إلى المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكدت ، خلال حديثها ببرنامج "الحياة اليوم" المذاع على قناة "الحياة" أن الجلسات استهلتها الأمم المتحدة ووكالة الأونروا، تلتها مداخلة الجانب الفلسطيني، قبل أن تأتي المداخلة المصرية لتشكل نقطة تحول بارزة في النقاش القانوني.
وأشارت إلى أن المداخلات شددت على التزامات إسرائيل القانونية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة فيما يتعلق بتسهيل وصول المساعدات.
وأكدت أن المداخلة المصرية أبرزت ضرورة التزام إسرائيل بصفتها دولة احتلال بتأمين المعابر، وعدم استخدام سياسة التجويع كأداة حرب، مشددة في الوقت ذاته على موقف مصر الثابت في دعم القانون الدولي ورفض تهجير الفلسطينيين.
كما سلطت المداخلة المصرية الضوء على استحالة الحياة الطبيعية للفلسطينيين في أراضيهم، وهو أمر يتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية، مؤكدة أن الالتزامات الدولية تفرض على إسرائيل، بصفتها عضوًا في الأمم المتحدة، ضمان حقوق المدنيين، خاصة في ظل الوساطة الثلاثية المصرية القطرية الأمريكية.