من بين مهام الحكومة المصرية الجديدة، التي أثارت جدلا واسعا ومخاوف كبيرة في الأوساط السياسية والاقتصادية، إنشاء لجنة تصفية الأصول بهدف تحقيق عائدات سنوية للخزينة العامة للدولة.

تستهدف الحكومة تحقيق 20 إلى25 مليار جنيه سنويًّا ( الدولار يعادل 48 جنيها) للخزينة العامة للدولة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة (1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) لخفض دين أجهزة الموازنة، بحسب وثيقة خطة الحكومة الجديدة خلال الـ3 سنوات المقبلة.



تعهدات دولية وصفقة "رأس الحكمة"
خلال الشهور القليلة الماضية، حصلت مصر على تعهدات تمويل دولية بلغت قيمتها حوالي 57 مليار دولار في أعقاب صفقة "رأس الحكمة" التي تم الإعلان عنها قبل ثلاثة أشهر، والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز الموارد المالية للدولة.


في مطلع الشهر الجاري، أعلنت دول الاتحاد الأوروبي عن تعهدات استثمارية لحكومة مصر بقيمة 70 مليار يورو بعد توقيع 29 اتفاقية ومذكرات تفاهم خلال مؤتمر الاستثمار الأوروبي المصري مع شركاء أوروبيين وغير أوروبيين.

دوافع القرار
على الرغم من هذه التدفقات المالية الضخمة، أثار قرار إنشاء لجنة تصفية الأصول تساؤلات حول دوافع هذه الخطوة وتساؤلات بشأن طبيعة الأصول هل هي غير ضرورية أو لا تدر عوائد مالية كبيرة، أم أن القرار يعكس عدم ثقة في جدوى هذه الاستثمارات أو التعهدات التمويلية.

وتحتاج الحكومة أن تقديم تفسيرات واضحة حول دواعي هذا القرار وأهدافه بعيدة المدى، خاصة في ظل وجود استثمارات وتمويلات ضخمة تم الإعلان عنها مؤخرًا، وبالتالي تتزايد التساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد المصري بشكل عام، وكيفية ضمان الشفافية في تنفيذها.

مخاوف وتساؤلات حول إنشاء اللجنة
يعارض البعض بيع الأصول الرابحة، مثل الشركات العامة، خوفًا من فقدان الدولة إيراداتها المستقبلية.

كما تثار تساؤلات حول شفافية وسلامة عمليات بيع الأصول، خاصةً مع وجود مخاوف من فساد أو سوء إدارة.

إضافة إلى أن البعض يخشى من أن يؤثر بيع الأصول على حقوق المواطنين، مثل الوصول إلى الخدمات الأساسية والبنية التحتية.

ردود الفعل
عبّر العديد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين عن آرائهم حول هذا القرار عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام المختلفة.

وفي انتقاد شديد الحدة للقرار، أعلن السياسي المصري المعارض، يحيى حسين عبد الهادي، براءته من عمليات بيع الأصول.

وقال في منشور له على صفحته "فيسبوك": " أَمَا وقد خَلَعَت السُلْطةُ وريقةَ التوت التي كانت تُداري بها تَفريطَها في أصول الدولة تحت مُسَّمَياتٍ كاذبةٍ مخادعةٍ، وأعلنَتْها صريحةً أخيراً أنها بصدد تصفية الأصول .. يُصبح من العَبَثِ مخاطبة البائع الفاقد للأهلية والمصداقية .. ولكن يجبُ إعلامُ وإعلانُ كل من اشترى أو يفكر في أن يشترى أَيَّاً من هذه الأصول أننا بُرَءاءُ من هذه السُلطةِ وكُلِّ بيوعاتها".

نبيع لحمنا الحي، وكنا في غنى عن ذلك، ولو لم ندر ظهرنا للعلم والرشد. pic.twitter.com/L2TesFX5To

— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) July 11, 2024


هل مصر بحاجة إلى بيع الأصول؟
حول دلالة هذا القرار يقول الخبير الاقتصادي والمحلل المالي بواشنطن، شريف عثمان: "هذا معناه جدية في بيع ما تبقى من أصول الدولة، وهذا يؤكد أن هذه المرحلة ليست مرتبطة بالاحتياج الفعلي للأموال لأنه دخل مصر أكثر من 57 مليار دولار أغلبها دخل بالفعل، والاحتياطي النقدي في زيادة وهناك تراجع في حجم الدين الخارجي ما يعني أننا إزاء مرحلة جديدة من تصفية القطاع العام ومحاولة اجتذاب أكبر قدر من السيولة لخطط ربما لا تكون لها علاقة بالاحتياج الفعلي للدولة."

وأضاف لـ"عربي21": "هذا يأخذنا للسؤال الثاني حول مستقبل بيع هذه الأصول، نظريا يفترض أنها تذهب لخزينة الدولة ولكن في الواقع هذا لا ينعكس على مستوى معيشة المصريين وأجورهم التي تتراجع بالفعل بسبب انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع الأسعار، ورأينا تقارير دولية ترصد انخفاض متوسط الفرد في مصر مقارنة مع أغلب دول العالم".

وإذا ما كان هناك شق سياسي مرتبط بالقرار، أوضح عثمان: "هي محاولة استغلال الحالة الإيجابية من تدفقات مليارات الدولارات بعد صفقة رأس الحكمة، وفي شقها السياسي هو دفع مصر للعب دور ما في مرحلة بعد حرب غزة، ومحاولة إرضائها ماديا وهذا واضح من الصفقة الأخيرة مع صندوق النقد الدولي والتمويلات الدولية وصفقات الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر الاستثمار الأوروبي في القاهرة مؤخرا".

وحذر الخبير الاقتصادي من أن "عمليات بيع أصول الدولة تفتقر إلى أي ضوابط أو رقابة حقيقية، حيث يتم تمرير جميع القرارات المتعلقة بهذه الصفقات دون اعتراض يذكر، باستثناء بعض الآراء الصادرة عن النشطاء السياسيين والخبراء الاقتصاديين".

وتابع: "يثير هذا الوضع تساؤلات حول دور البرلمان الرقابي في مساءلة الحكومة عن هذه الصفقات، وكذلك دور الجهات الرقابية الأخرى. للأسف، لا يبدو أن هذه الجهات تُمارس دورًا فعالًا في هذا الصدد، ناهيك عن التساؤلات حول كفاءة وولاء الوزراء المسؤولين عن هذه الصفقات".

"مرحلة ما بعد الإغراق في الديون"
أرجع الخبير الاقتصادي والمصرفي ورئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، الدكتور علاء السيد، استمرار نهج الدولة المصرية في بيع الأصول إلى "أنها المرحلة التالية من إغراق مصر في الديون وتعريضها للإفلاس نتيجة خطط وسياسات وقرارات الحكومة المصرية الخاطئة".

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "التفريط في أصول الدولة، وهي أصول للمواطنين، لا تزال عشوائية ولا تقدم أي حلول للأزمة الاقتصادية، ولا تواجه المشاكل المستعصية مثل ارتفاع معدلات الفقر والتضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة وعدم تمكين القطاع الخاص وشباب رجال الأعمال ورواد الأعمال، ولذلك تسعى للمزيد من القروض بلا أي خطط لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي وإصلاح ما أفسدته بأيديها طوال السنوات الماضية".


ورأى السيد أن "المشكلة في عمليات البيع أنها تتم دون رقابة حقيقية من الشعب (البرلمان) والهيئات الرقابية، ودون رادع ولا حسيب ولا عقل ولا حكمة ولا اهتمام بمصالح الشعب وحل المشاكل المستعصية في حياته اليومية، والمزيد من الضبابية لمستقبل مصر واقتصادها والمزيد من تهميش دورها في المجتمع الدولي والحد من قدرتها عن حل الأزمات الإقليمية".

كانت الحكومة المصرية، أعلنت في شباط/ فبراير 2023 إدراج 32 شركة في برنامج الطروحات بهدف تخارج الدولة من حصص مملوكة لها في شركات وبنوك لصالح مستثمرين أجانب ومحليين بهدف جذب موارد نقد أجنبي.

منذ إطلاق برنامج الطروحات في آذار/ مارس 2023 تخارجت الحكومة المصرية  من أصول مملوكة للدولة بنحو 5.6 مليار دولار. وتستهدف بنهاية العام الحالي عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات، بحسب بيان سابق لوزارة المالية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية الأصول القروض مصر قروض عجز أصول المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة المصریة ملیار دولار أصول الدولة بیع الأصول

إقرأ أيضاً:

السيسي يكلف الحكومة بدعم المصانع المتعثرة في مصر

القاهرة (زمان التركية)ــ وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدراسة المشاكل والتحديات التي تواجه المصانع المتعثرة، وإيجاد حلول غير تقليدية تساعد وتدعم تشغيل هذه المصانع والحفاظ على الاستثمارات المبذولة بها وحماية حقوق العاملين.

جاء ذلك خلال اجتماع عقد يوم الأربعاء، بحضور رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء المعنيين لمتابعة تنفيذ استراتيجية الصناعة الوطنية.

وفق جريدة الأهرام، ناقش المشاركون أهم التحديات والعقبات التي أثرت سلباً على الصناعة المصرية منذ فترة طويلة وسبل معالجتها وحلها.

وتهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تم إقرارها عام 2023 إلى النهوض بالصناعة المصرية، وتعظيم استخدام كافة الإمكانات الصناعية المتاحة في مصر، وإطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

وتستهدف تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي ودولي متطور، وزيادة حجم وقيمة الصادرات السلعية، وتعزيز الاقتصاد الوطني لرفع مستويات المعيشة.

وبحسب الرئاسة المصرية، أكد السيسي خلال الاجتماع أن القطاع الصناعي يمثل أولوية قصوى، مشيرا إلى أن التغيرات الدولية والإقليمية رغم التحديات الكبيرة إلا أنها توفر أيضا فرصا لبناء قاعدة صناعية صلبة في مصر.

ووجه الحكومة والمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية بمواصلة جهودها المكثفة لتوطين الصناعات الواعدة في مصر ونقل التكنولوجيا وإشراك القطاع الخاص لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المصرية في الأسواق المحلية والخارجية.

كما أكد السيسي على أهمية تدريب ورفع مهارات العمالة المصرية، فضلاً عن تحديث الخريطة الاستثمارية الصناعية المصرية لجذب المزيد من الاستثمارات الصناعية إلى مختلف القطاعات.

وبحسب مسح أجري في عدة مناطق صناعية، فإن نحو 13 ألف مصنع توقف عن الإنتاج تماما، بخلاف المصانع التي تعاني بسبب ارتفاع تكاليف المياه والكهرباء.

وأعلنت الحكومة مؤخرا أنها تركز على إعادة فتح المصانع المغلقة والمتعثرة وإنشاء مصانع جديدة لتطوير الصناعة في مصر ودعم الاقتصاد الوطني.

كما وجهت الهيئة العامة للتنمية الصناعية بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدار تعديل تشريعي لتقنين وضع المصانع المقامة على الأراضي الزراعية العاملة والحاصلة على تراخيص تشغيل سابقة.

وقال رئيس الوزراء مدبولي في تصريحات سابقة في مايو/أيار الماضي، إن دعم الدولة لتوطين الصناعات يأتي ضمن جهودها لتلبية الاحتياجات المحلية وخفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات إلى أكثر من 146 مليار دولار بحلول عام 2030.

وفي عام 2023، بلغت صادرات مصر غير النفطية 35.631 مليار دولار، في حين بلغت الواردات نحو 66 مليار دولار.

 

Tags: السيسيالصناعة في مصرالمصانع المتعثرة

مقالات مشابهة

  • كينيا تخطط لإجلاء مواطنيها من لبنان خوفاً من تصاعد الحرب مع إسرائيل
  • بنغلاديش.. هروب حسينة وتساؤلات عن الجيش والمستقبل
  • تفاصيل توصيات لجنة دراسة برنامج الحكومة بشأن تحفيز الاستثمار
  • مقرر لجنة أولويات الاستثمار: على الحكومة الاهتمام بشؤون المستثمرين وحل مشكلاتهم
  • أبرزها إنشاء جامعة جديدة.. الحكومة توافق على 16 قرارا مهما
  • الحكومة توافق على إنشاء جامعة المجد الخاصة في الدقهلية
  • الحكومة تضيف كلية طب الأسنان إلى جامعة سوهاج
  • السيسي يكلف الحكومة بدعم المصانع المتعثرة في مصر
  • باستثمارات نصف مليار دولار.. شركة صينية تبحث إنشاء مجمع متكامل للغزل في مصر
  • مطلب إنشاء لجنة تقصي حقائق في المرفأ.. وابو سليمان يؤكد: لا يزال متاحاً