على أنغام فجرٍ جديد، تُشرق شمس الإسكندرية حاملةً معها حكايةً استثنائية تُجسد أسمى معاني الإنسانية والرحمة حكاية شقيقتان أطلقوا مبادرة لإطعام حيوانات الشارع و المعروفتان بـ «بتوع الكلاب»، اللتان نسجا من خيوط العطاء قصةً تُلامس القلوب و تُلهب المشاعر مع كل خيطٍ من ضوء الشمس، تبدأ رحلتهم حاملتين أكياس الطعام والماء، وقلوبهما عامرةٌ بالعطف والحنان خطواتهما تتبعها كوكبةٌ من الكلاب والقطط، تُشاركها رحلة الأمل اليومية رحلةٌ لا تقتصر على شارعٍ أو حيٍّ واحد، بل تشمل أرجاء الإسكندرية، حاملةً رسالةً سامية تُنادي بحقوق الحيوان ورعايته.

تقول ندي قاسم طالبة بكلية لغات شرقية قسم عبري مؤسسة المبادرة في تصريح لموقع "الأسبوع"، أن رحلتها بدأت مع إطعام الحيوانات منذ حوالي أربع سنوات، عندما صادفت كلبين في حالة يرثى لها، فاتخذت قرارًا بتقديم المساعدة لهما ومع مرور الوقت، توسعت مهمتها لتشمل المزيد من الحيوانات، لتنضم إليها شقيقتها نهى، لتُصبحا معًا رمزًا للرحمة في شوارع الإسكندرية حيث يبدأ يومهما مع شروق الشمس، محملتين بأكياس الطعام والماء، ومرتديتين القفازات ونفس الملابس يوميًا وقد تذكرت انها ذاته مرة أنقذت كلبًا تعرض للضرب من قبل بعض الأطفال، حيث أجرت له عملية جراحية فورية لإنقاذ حياته.

واضافت أنهم واجه انتقاداتٍ من بعض الأشخاص الذين لم يُقدّروا حجم العطاء الذي تقدمه. إلا أن إيمانهما الراسخ بضرورة مساعدة هذه الكائنات، وعزمهما على تغيير واقعها، كانا دافعًا لهما للاستمرار في طريقهما دون كللٍ أو ملل مؤكده أن رحمة الله وسعت كل شيء، وأن الإحسان لا يقتصر على البشر فقط، بل يشمل الحيوانات أيضًا. فالحيوانات مخلوقات حية تستحق العيش بكرامة، وتقديم الرعاية لها يُعد واجبًا أخلاقيًا لا يمكن التغاضي عنه.

واكدت أنهم ولم تكتفِوا بتقديم الطعام والماء للحيوانات، بل قاموا بتوفير ملاجئ آمنة للجراوي، وتعقيم الإناث للحد من تزايد أعدادها خطواتٌ عملية تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الحيوانات الضالة، وتُساهم في تخفيف معاناتها.

ودعت جميع المواطنين في المشاركة في رحلة العطاء هذه، و أنّ كلّ فردٍ منّا يستطيع أن يُحدث فرقًا في حياة الحيوانات الضالة فالتبرّع للملاجئ، وتقديم الطعام والماء للحيوانات في الشوارع، والتطوّع في رعايتها، كلّها خطواتٌ تُساهمُ في بناءِ عالمٍ أكثر رحمةً وإنسانية.

من جانبها، أشارت نهي قاسم خريجة كلية اداب انجلش أنها عندما وجدت شقيتها تطعم الحيوانات في الشارع قررت أن تلحق بها بتلك المبادرة التي وجدت نفسها تقوم بعمل انساني في حماية الحيوانات كالكلاب و القطط التي لم يجدوا أي رحمه من البشرية، مشيرة إلى أنها تواجه أحيانًا اعتراضات من الناس الذين يرفضون وجود الكلاب في الشوارع. تتعامل نهى مع هذه الاعتراضات بالحوار، موضحة أن الحيوانات خُلقت لحكمة وأن الإزعاج لا يقتصر على نباح الكلاب فقط.

وأكدت نهى أن هناك العديد من المواطنين الذين عرضوا المساعدة، وأن الردود تختلف من شخص لآخر. تستمر هي وشقيقتها في مهمتهما، حيث قامتا بتوفير ملاجئ للجراوي وتعقيم الإناث للحد من تزايد أعدادها وأختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية التنوع في أعمال الخير، مشيرة إلى أن الإحسان لا يقتصر على البشر فقط، بل يشمل الحيوانات أيضًا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية شوارع الإسكندرية

إقرأ أيضاً:

كل الذين أحبهم رحلوا

بقلم : هادي جلو مرعي ..

ينظر الى السماء، وقد لاحظ إنه كان غافلا عن أمر ما. كان يقوم بهذا طوال السنوات التي مرت، ولكنه لم يلتفت، غير أن السبب في ذلك يعود لتغيرات حصلت في حياته مهمة، فقد تعود ومنذ أن تجاوز الخمسين أن يتذكر العديد من أصدقائه الذين يتساقطون واحدا تلو الآخر، وعاد ليتذكر إن النظر الى السماء يعني فيما يعني أن هناك فكرة تراوده عن الرحيل، أو اليأس، أو التمني، أو إنه يريد تكرار صورة أسراب من الطيور المهاجرة التي تمر من فوق رأسه الى بلد بعيد هربا من الشتاء، أو بحثا عن ملجأ في مكان قصي من الأرض، وماكان يشغله إن كل ذلك هو منظر تلك الطيور حين يسقط منها واحد، فلاتلتفت إليه حين يتهاوى الى الأرض، بينما تواصل هي رحلتها. فالرسالة المهمة من الرب هي، إن عليكم أن تواصلوا مسيرة الحياة، والذين يتساقطون عليكم بمواراتهم الثرى، وقوموا بمهمتهم بدلا منهم، فقد إنتهت مدتهم في الحياة، وعليكم أن تكملوا المدة شئتم، أم أبيتم. يتساءل في سره عن الجدوى من بقائه في الحياة، ولكنه ينسى أن ذلك أمر خارج عن الإرادة، فماهو آت آت وإن طالت المدة، والشاعر يقول:

كل إبن أنثى وإن طالت سلامته
لابد يوما على آلة حدباء محمول

تسيطر عليه نوبات من الكآبة، وهو ليس بجائع، ولايفتقد الى المال، ولا الى السكن، ولديه فرص عدة للحصول على المزيد من المكاسب، والصداقات.. مشكلته أنه يفكر، ويقرأ ويفهم حركة الحياة، ويدرك إن لكل شيء نهاية، ولكن على العكس مماهو مطلوب منه. فبدلا من أن يعترف بضرورة الإستمرار في الحياة كما هي طالما أنه يدرك النهاية، يتحول الى شخص مهزوم، منكسر، ومحطم، ولايلتفت الى عبارات من يصفهم بالسذج الذين يقولون له دائما: ياأخي عش حياتك، وإنس كل ماحولك فأنت لن تستطيع تغيير العالم، وعليك أن تنشغل بنفسك، وماتستحق في الحياة من عيش وترف، ثم دع الخلق للخالق، وللأمور مدبر، وهو من يقوم بتصريفها، فلاتنشغل بما هو ليس من شأنك. كل وإشرب، ومارس الحياة بتفاصيلها، وتأنق، ودع ماسوى ذلك، وأما الحزن فهو طاريء، لاتدعه يحكم عليك بالسجن المؤبد في زنازينه المظلمة. برغم ذلك مايزال يعيش الحزن، ويبدو أنه سيغادر الحياة وهو حزين. هادي جلومرعي

مقالات مشابهة

  • بنك مسقط يساهم في الإفراج عن 346 حالة إنسانية ضمن مبادرة "فك كربة"
  • كل الذين أحبهم رحلوا
  • لولو وتدوير تتعاونان لإطلاق مبادرة إعادة تدوير مخلفات الطعام في المملكة العربية السعودية
  • صحة الإسكندرية: مبادرة لاكتشاف أمراض العيون لدى أطفال المدارس
  • الإمارات تنفذ مبادرة إنسانية لدعم قطاع التعليم في غزة
  • الكلاب الضالة تجهز على عشرات من رؤوس الماشية بتونفيت
  • من "سيدة قطط غزة" إلى أطباء الضفة: أبطال يتحدون العقبات لإنقاذ الحيوانات في فلسطين
  • حكم تسمية الكلاب بأسماء الإنسان .. على جمعة يجيب
  • علي جمعة: الإمام مالك أفتى بطهارة الكلاب وإمكانية تربيتها في المنازل
  • لماذا يجب أن تبدأ إفطارك بالتمر والماء؟