جريدة زمان التركية:
2024-08-09@10:10:53 GMT

صناعة التحريض

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

بقلم: ماهر المهدي

القاهرة (زمان التركية)ــ بعض الصناعات – على ما يبدو – تنمو على جدران العالم وتتسلق الأرواح والمباني فى هدوء وتصميم وعزم مدبر، بل وتتخذ من لون ما يحيط بها من بيئة لونا لها فلا يكاد يلمحها إلا القليلون، بينما يشتغل الكثيرون بإطفاء الحرائق التي اشتعلت دون سبب واضح للعيان.

وقد رأينا ورأى الجميع حدثًا غريبًا وجريمة واضحة فى بلد صديق أوروبي حديث ومحافظ أيضًا ضد مجتمع من المهاجرين الأجانب المسلمين المنتمين إلى دولة عربية صديقة أيضًا وربما تكون ذات ظروف خاصة فى الوقت الراهن.

فقد رأينا أهل منطقة ما في ذلك البلد الأوروبى يخرجون على المقيمين في موجة غضب واضح وفي اهتياج تطور إلى الاعتداء الجسماني على الناس -بدون تمييز- اعتداءات جسيمة باللفظ واليد والأسلحة البيضاء.

كما اعتدى الغاضبون المهتاجون على ممتلكات المقيمين الضيوف العرب وحرقوا ودمروا تلك الممتلكات وهم يرددون شعارات وصفت بأنها قومية. طالبت شعارات الغاضبين المعتدين بخروج المقيمين الأجانب من البلد الأوروبى والعودة إلى حيث قدموا فورًا وفي الحال. وفوجئ المقيمون المظلمون بهذا الاعتداء الموسع الغريب المضمون الخطير المنحى، وراحوا يحاولون حماية أنفسهم وتجنب الاستجابة للمشاعر السلبية حتى لا تسوء الأمور وتقع عليهم مسؤولية هذه الواقعة الشريرة.

وسارعت السلطات الأوروبية -دون تقصير- تلملم المعتدين من أبنائها بأيدي قوات الأمن النشطة، بينما تبث رسائل الطمأنينة لكلا الشعبين وتدعو الى توخى الحكمة والتزام الهدوء واحترام القوانين وروح الصداقة والمودة التي تقوم عليها العلاقة بين الشعبين وبين البلدين الأوروبى والعربي .

لم تكن الواقعة -بهذا الحجم- صدفة على ما يبدو ، فالناس لا تنهض من فورها ومن سلمها ومن سكونها إلى الأسلحة وإلى الاعتداء الجماعي على الأفراد والجماعات المنتمية من المقيمين الأجانب دون سبب قوي راسخ وواضح. وما أعلن من سبب لهذه الانتفاضة الغاضبة هو مضايقة شاب عربي لفتاة ما في إحدى المقاهي. وروج المحرضون الواقعة على أساس من كون تلك الفتاة أوروبية، وقدموا الواقعة فى صورة اعتداء على المجتمع وعلى الشرف فى بلد متدين محافظ، وهو الأمر الذى أشعل نار الغضب ودفع الغاضبين إلى الشوارع وإلى الاعتداء على المقيمين البراء وعلى ممتلكاتهم كما تقدم الذكر. والواقع أن المتابع لمضمون واقعة الاعتداء الجماعي على المقيمين وعلى ممتلكاتهم بهذا الشكل لا يمكن أن يغفل أبدًا عامل التحريض والإثارة العدائية المتعمدة السابقة والمستمرة من قبل جهات ذات مصلحة أو مصالح فى إشعال النيران فى البلاد وتحقيق الوقيعة بين شعب ذلك البلد الأوروبى الصديق والشعب العربى الصديق.

أما عن جهة التحريض وجنسيتها أو جنسية القائمين عليها وأهدافها، فهذا أمر قد تبحث فيه جهات التحقيق المختصة سواء كانت جهة التحريض وطنية أو أجنبية. وما يعنينا هنا هو فعل التحريض نفسه، لعظم هذا الفعل وخطره الواضح على أمن المجتمعات وعلى استقرار الدول وعلى الجهود المبذولة لدعم الترابط الاجتماعي واحترام الوافدين والمقيمين في البلاد واحترام القوانين والممتلكات العامة والخاصة في كل الأحوال.

كما يهتم المقال بواقعة التحريض أيضًا، لكون التحريض سلاحًا فعالًا وغير مرىء أيضًا ويمكن استخدامه على أيدي البعض من الفاعلين دون ظهور المحرضين من قريب أو بعيد، الأمر الذى يجعل التحريض سلاحًا ماضيًا قليل التكلفة وواسع الأثر، ويمكن ارتكابها من داخل ومن خارج البلاد. وتنظر الدول المختلفة فى اعتبار جريمة التحريض جريمة مستقلة يسأل عنها المحرض -حتى لو تراجع عنها- ويعاقب عليها المحرض بنفس عقوبة المرتكب للجريمة التي حرض الغير عليها. ولا تقع جريمة التحريض إلا إذا كان التحريض مباشرًا.

ويعامل المحرض معاملة الجاني المرتكب للفعل المجرم (جريمة التحريض على العنف بين حرية الرأي وخطاب الكراهية – د. ياسر محمد اللمعى – دراسة تحليلية – كلية الحقوق بجامعة طنطا).

Tags: التحريض

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: التحريض

إقرأ أيضاً:

«رآها مع عشيقها».. «النقض» تنقذ متهم من حبل المشنقة بعد قتله زوجته

أسدلت محكمة النقض الستار في جريمة قتل كان حكم الإعدام الصادر من محكمة الجنايات «أول درجة» هو جزاء وفاقا لجرم ارتكبه، لتخفف محكمة النقض حكم الإعدام للسجن المؤبد بعد دراسة أوراق القضية وتفنيدها وإيداع المحكمة لحيثيات حكمها الصادر لتنقذ رقبة المتهم من حبل المشنقة.

كانت قد أسندت النيابة العامة إلى المتهم "م.ا.م" بأنه بدائرة قسم القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية قتل عمدا المجنى عليها "ا.و" زوجته عرفيا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وما أن ظفر بها حتى قام بشل حركتها وخنقها مستخدما أداة قطعة من القماش محدثا إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.

كما أحرز أداة قطعة من القماش مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية والحرفية وإحالته للنيابة العامة إلى محكمة الجنايات لتقضى المحكمة بإجماع آراء أعضائها بالإعدام شنقا وبعد صدور ذلك الحكم تقدم المتهم بالطعن بالنقض على هذا الحكم، كما تقدمت النيابة العامة بطلب إقرار الحكم الصادر بإعدامه لينتهي المطاف بالسجن المؤبد بمنطوق حكم تضمن بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلا وعرض النيابة العامة للقضية، وفى الموضوع باستبدال عقوبة المؤبد بعقوبة الإعدام المقضي بها.

وأكدت حيثيات محكمة النقض في الحكم الصادر بأسباب طعن المتهم على حكم الجنايات أن الواقعة لا تعدو أن تكون جناية قتل عمد مجردة من أى ظرف مشدد كون أن المتهم كان في حالة ثورة نفسية عارمة وحالة هياج شديد حال مشاهدته المجنى عليها وهى تمارس الجنس مع عشيقها قبل الواقعة بثلاثة أيام وخضوعها بالقول لآخر بذات يوم الواقعة فبيت النية وعقد العزم على التخلص منها فى حالة هياج شديد.

وأضافت المحكمة أن واقعة الدعوى مفادها أن المتهم قد تعرف على المجنى عليها وتزوجها عرفيا وعقب زواجها تعرفت على أحد الأشخاص وأقامت معه علاقة وعند علم المتهم بذلك سامحها ورغم ذلك أقامت علاقة أخرى مع شخص آخر والذى شاهده المتهم أثناء معاشرته جنسيا لها أكثر من مرة مما أغضبه وبتاريخ الواقعة كان عشيقها متواجدا بشقته وانتظره المتهم حتى خلوده للنوم بغرفته بذات الشقة فذهب الى غرفة المجنى عليها وانقض عليها وقام بلف غطاء رأسها حول رقبتها ثلاث لفات وجثم فوقها وقام بخنقها بذلك الغطاء قاصدا من ذلك قتلها حتى أيقن أن روحها فاضت الى بارئها وعقب ذلك قام بأخذ عقد الزواج العرفي المبرم بينهما واستولى على دبلة زواجهما وتوجه إلى غرفة عشيقها واستولى على أوراقه وهاتفه المحمول وأغلق دونهما باب الشقة لنفى صلته بها وفر هاربا ثم أخطر شرطة النجدة بالواقعة من هاتف العشيق.

وأوضحت الحيثيات بأن التحريات توصلت الى ارتكاب المتهم للواقعة وبضبطه اعترف بها وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة، وانتهت محكمة النقض لحيثيات حكمها ان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل يستقاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلا من هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في هدوء وأن يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطه تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال لا أن تكون الجريمة وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمع بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره فالجاني الذى يقارف القتل مدفوعا بعامل الغضب والانفعال يعد مرتكبا لجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار مما يتعين قبول الطعن شكلا وفى الموضوع باستبدال حكم الإعدام بالسجن المؤبد.

اقرأ أيضاًبحوزتهم مخدرات بقيمة 2.1 مليون جنيه.. سقوط 3 من أباطرة الكيف بالبحيرة

ضبط سيدة متهمة بإدارة كيان تعليمي بدون ترخيص بالإسكندرية

مقالات مشابهة

  • إخماد حريق داخل محل تنجيد فى أبو النمرس دون إصابات
  • «رآها مع عشيقها».. «النقض» تنقذ متهم من حبل المشنقة بعد قتله زوجته
  • إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الحوامدية دون إصابات
  • إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة نصر دون إصابات
  • جريمة بدأت باعتقاد.. حبس المتهم بقتل شاب في مدينة نصر
  • ملفوف ببطانية.. العثور على جثة مجهولة شرق الرديسية بأسوان
  • "دفنه بالصحراء".. تطورات جريمة قتل موظف على يد مديره بمدينة نصر
  • إخماد حريق داخل منزل فى كرداسة دون إصابات
  • «عذّب مراته ورماها من الشباك».. كواليس جريمة «عش الزوجية» في كرداسة
  • جريمة على دائري الأوسطي.. تفاصيل مقتل سائق أوسيم على يد صديقه وخطيبته