وصل الفائض التجاري للصين إلى مستوى غير مسبوق في يونيو/حزيران الماضي مع ارتفاع الصادرات وانخفاض الواردات، مما أدى إلى تفاقم التوترات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وذكرت وكالة بلومبيرغ أن هذا التطور يأتي في وقت أصبحت فيه الديناميكيات الاقتصادية العالمية محفوفة بالفعل بالتحديات، مما يثير المخاوف بشأن الحروب التجارية المحتملة واستدامة النمو الاقتصادي في الصين.

ارتفاع الصادرات وانخفاض الواردات

وفي شهر يونيو/حزيران الماضي ارتفعت صادرات الصين إلى 308 مليارات دولار، مسجلا أعلى مستوى له منذ ما يقرب من عامين واستمرارا لخطة النمو التي دامت 3 أشهر، وفقا لبلومبيرغ.

وفي الوقت نفسه، انخفضت الواردات إلى 209 مليارات دولار، مما يعني تحقيق فائض تجاري قياسي قدره 99 مليار دولار للفترة المذكورة.

وقد أثار هذا الخلل الكبير قلق شركاء الصين التجاريين، في ظل ردود فعل مستمرة مثل زيادة التعريفات الجمركية على الواردات الصينية، بما في ذلك السيارات الكهربائية.

وأشار زيوي تشانغ، الرئيس وكبير الاقتصاديين في شركة "بنبوينت أسيت مانجمنت" في حديث مع بلومبيرغ إلى القضايا الأساسية، قائلا "يعكس الفائض الوضع الاقتصادي في الصين، مع ضعف الطلب المحلي والقدرة الإنتاجية القوية التي تعتمد على الصادرات".

وأضاف تشانغ "تشكل استدامة الصادرات القوية خطرا كبيرا على الاقتصاد الصيني في النصف الثاني من العام. الاقتصاد في الولايات المتحدة يضعف، والصراعات التجارية تزداد تفاقما".

بروس بانغ: جزء من الزيادة في الصادرات يرجع إلى طلبات الشركات المصنعة التي يتم تحميلها مسبقا لتجنب الرسوم الجمركية الوشيكة

ردود فعل دولية وصراعات محتملة

وقد أدى تزايد الخلل في الميزان التجاري إلى تصاعد التوترات، وخاصة بين الاتحاد الأوروبي والصين.

وفي هذا الأسبوع، اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات جديدة تستهدف الواردات الصينية، مما دفع بكين إلى إطلاق تحقيق انتقامي في الممارسات التجارية للاتحاد الأوروبي، وفقا للوكالة.

وأثار هذا التصعيد المتبادل مخاوف من حرب تجارية وشيكة يمكن أن تعطل الأسواق العالمية.

وعلق بروس بانغ، كبير الاقتصاديين في شركة "جونز لانج لاسال" على الوضع، قائلا "يمكن أن يوفر الفائض القياسي أيضا بعض الوقود لأولئك الذين يسارعون إلى إصدار الأحكام على القدرة التصنيعية الفائضة في الصين والإغراق المتصور لتعزيز التجارة".

وأضاف أن جزءًا من الزيادة في الصادرات يرجع إلى طلبات الشركات المصنعة التي يتم تحميلها مسبقا لتجنب الرسوم الجمركية الوشيكة.

تداعيات وتوقعات

ولا يزال المشهد الاقتصادي في الصين معقدا -وفقا لبلومبيرغ-، وفي حين كانت أرقام الصادرات القوية بمثابة نقطة مضيئة، إلا أن ضعف الطلب المحلي لا يزال يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد.

وذكرت وزارة التجارة أن الاستثمار الأجنبي المباشر المستخدم حديثا في النصف الأول من العام كان الأدنى منذ عام 2020، حيث أضافت الشركات الأجنبية 499 مليار يوان فقط (69 مليار دولار) إلى عملياتها في الصين.

التوقعات بحدوث تحول كبير في السياسة من جانب الرئيس الصيني لا تزال منخفضة (رويترز)

وذكر تشو إريك تشو من بلومبيرغ إيكونوميكس "من المرجح أن يستمر الطلب الخارجي القوي والتأثيرات الأساسية المواتية في دعم الشحنات في الربع الثالث من عام 2024. ومع ذلك، فإن هذا لن يضع التعافي على أساس سليم. ويظهر الانخفاض غير المتوقع في واردات يونيو/حزيران أن الطلب المحلي لا يزال ضعيفا. ولتحقيق هدف النمو الرسمي بنسبة 5%، ستكون هناك حاجة إلى تحفيز أسرع وأكثر جرأة".

لا يقين في المستقبل

ومن المتوقع أن يُظهر إصدار البيانات القادمة يوم الاثنين نموا ضعيفا في الربع الثاني، مما يزيد الضغط على القادة الصينيين لتعزيز الثقة في اجتماع السياسة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن التوقعات بحدوث تحول كبير في السياسة من جانب الرئيس شي جين بينغ لا تزال منخفضة، بحسب بلومبيرغ.

وسجلت الفوائض التجارية للصين مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أعلى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2023 على التوالي.

وانخفضت الواردات من الشركاء الرئيسيين مثل اليابان والولايات المتحدة وكندا ورابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي وأستراليا والبرازيل وروسيا، مما يسلط الضوء على التحديات الأوسع التي تواجه العلاقات التجارية الصينية.

وفي أبريل/نيسان الماضي، توقعت منظمة التجارة العالمية زيادة بنسبة 2.6% في تجارة السلع العالمية لهذا العام، وهو تحسن طفيف عن انكماش عام 2023 ولكنه لا يزال أقل من التوقعات السابقة، وفقا للمصدر ذاته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الصین لا یزال

إقرأ أيضاً:

فرنسا وإندونيسيا تُعززان التعاون الأمني في المحيط الهادئ وسط تصاعد التوترات مع الصين

وقال رئيس أركان البحرية الإندونيسية، الأدميرال محمد علي، المشروع سيتناول مجموعة واسعة من التحديات الأمنية البحرية، بما في ذلك القرصنة، الإرهاب، والأنشطة غير القانونية الأخرى

اعلان

اتفق كبار المسؤولين الدبلوماسيين من فرنسا وإندونيسيا على إطلاق مشروع أمن بحري جديد يهدف إلى تعزيز "السلام والسلامة" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وسط تصاعد التحديات الأمنية البحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية.

وجاء هذا الاتفاق خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى جاكرتا، المحطة الثانية ضمن جولة آسيوية تستغرق أربعة أيام.

وتأتي الزيارة في ظل استمرار التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، مما يعكس أهمية تعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة.

وخلال تصريح أدلى به للصحافيين يوم الأربعاء، أكد الوزير الفرنسي أن مشروع أمن الموانئ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يحظى بأهمية خاصة بالنسبة له، مشددًا على دعم بلاده الكامل لهذه المبادرة.

Relatedفرنسا تراجع قانون أتّال: الحزم يُطال الأهالي والقُصّرشاهد: تدريبات مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية واندونيسيا بالذخيرة الحيةفقدان طائرة بوينغ على متنها 62 شخصا في اندونيسيا وترجيحات بسقوطها في البحر وتحطمها

ومع ذلك، لم يقدم هو أو نظيره الإندونيسي سوجيونو تفاصيل محددة حول مضمون المشروع أو خطوات تنفيذه.

وفي ذات السياق، أشار رئيس أركان البحرية الإندونيسية الأدميرال محمد علي، خلال مناقشة سابقة حول المشروع ضمن مؤتمر أوتاوا للأمن والدفاع في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أن المشروع سيتناول مجموعة واسعة من التحديات الأمنية البحرية، بما في ذلك القرصنة، الإرهاب، والأنشطة غير القانونية الأخرى.

ومن المتوقع أن يعتمد المشروع على تعاون متعدد الأطراف يشمل العديد من الدول في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتعزيز الأمن والاستقرار البحريين.

وزير الخارجية الإندونيسي سوجيونو يصافح وزير خارجية فرانسيس جان نوفيكل بيريت خلال اجتماعهما في جاكرتا ، 26 مارس 2025AP Photo

وأكد سوجيونو، الذي يُعرف باسم واحد مثل العديد من الإندونيسيين، أن "التعاون البحري يشكل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلام والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

بدوره، أشار بارو إلى أن المشروع سيقدم دعمًا مخصصًا لإندونيسيا كأكبر دولة أرخبيلية في العالم، التي تضم أكثر من 17000 جزيرة، مع التركيز على تعزيز الاستدامة والأمن في ميناءي جاكرتا وسورابايا.

وقع الدبلوماسيان اتفاقية المشروع في مقر رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بالعاصمة الإندونيسية، وأوضحا أنهما بحثا أيضًا تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتطوير التعاون المشترك.

شهدت السنوات الأخيرة توسعًا ملحوظًا في التعاون العسكري بين فرنسا وإندونيسيا. وفي يوليو الماضي، توقفت طائرات القوات الجوية الفرنسية في جاكرتا خلال زيارة إلى جنوب شرق آسيا، بهدف التأكيد على التزام فرنسا بالأمن الإقليمي.

في العام الماضي، أبرمت إندونيسيا صفقة لشراء 42 طائرة مقاتلة من طراز "داسو رافال"، ومن المقرر تسليم أولى الطائرات بموجب العقد في عام 2026.

طائرة مقاتلة داسو رافال وطائرة داسو ميراج 2000 في قاعدة لوكسويل سان سوفور الجوية في فرنسا ، 18 مارس 2025AP Photo

وأعلنت إندونيسيا أيضًا عن خطط لشراء غواصتين فرنسيتين من طراز "سكوربين إيفولفولد"، بالإضافة إلى 13 نظام رادار اعتراض أرضي من شركة "تاليس".

ومن المقرر تركيب خمسة من أنظمة الرادار في العاصمة المستقبلية للبلاد، نوسانتارا، الواقعة في جزيرة بورنيو، وذلك كجزء من الجهود لتعزيز البنية التحتية الدفاعية في المنطقة.

ويُتوقع أن تسهم زيارة وزير الخارجية الفرنسي في تمهيد الطريق لعقد لقاء بين الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي من المزمع أن يزور إندونيسيا في مايو/أيار المقبل.

اعلان

وتجدر الإشارة إلى أن بارو يتواجد حاليًا في إندونيسيا بعد اختتام زيارة إلى سنغافورة، ومن المقرر أن يتوجه يومي الخميس والجمعة إلى مدينة شنغهاي الصينية في إطار جولته الآسيوية.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من ميادين الحرب في أوكرانيا إلى ملاذ آمن.. خمسة أسود تجد "وطنها الأبدي" في بريطانيا رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: لا أحد يريد التطبيع مع إسرائيل في لبنان والمسألة مرفوضة من الجميع سوريا: سكان بلدة كويا يطالبون بتدخل دولي فوري لحمايتهم من الهجمات الاسرائيلية المتكررة المحيط الهادىءإندونيسياالصينالاتحاد الأوروبيفرنساأمناعلاناخترنا لكيعرض الآنNext البرهان من القصر الرئاسي: الخرطوم حرة الآن يعرض الآنNext غزة على شفا كارثة إنسانية.. جوع ونزوح وانهيار صحي وشهادات على حجم المأساة يعرض الآنNext اتفاق دفاعي بين كرواتيا وألبانيا وكوسوفو... أي تأثير إقليمي؟ يعرض الآنNext باريس تحتضن الخميس قمة مصيرية لدعم أوكرانيا.. ماذا نعرف عن "تحالف الراغبين"؟ يعرض الآنNext هدنة برعاية أمريكية.. اتفاق بين موسكو وكييف بشأن أمن الطاقة والملاحة البحرية اعلانالاكثر قراءة هل يؤيد البريطانيون إنشاء جيش أوروبي يضم المملكة المتحدة؟ رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: لا أحد يريد التطبيع مع إسرائيل في لبنان والمسألة مرفوضة من الجميع نتنياهو يهدد بالسيطرة على أراض في غزة وحماس تحذر: استعادة الرهائن بالقوة ستنتهي بعودتهم في توابيت مقتل مراسلة القناة الروسية الأولى بانفجار لغم أرضي بالقرب من الحدود الأوكرانية ما هي الدوامة الغريبة المتوهجة في ليل أوروبا الحالِك؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلدونالد ترامبروسياحروبأوكرانيااليمنالصراع الإسرائيلي الفلسطيني رجب طيب إردوغانحركة حماسسورياقصفقوات الدعم السريع - السودانالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • الذهب في قلب الأزمة.. كيف يؤثر على العجز التجاري الأميركي؟
  • العجز التجاري للمغرب يرتفع إلى 50,74 مليار درهم مع نهاية فبراير 2025
  • العجز التجاري يتفاقم بـ22 بالمائة منذ مطلع هذا العام
  • تركيا.. عجز التجارة الخارجية يرتفع 14.8٪؜ خلال فبراير
  • ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة %10.7 في يناير2025
  • ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة %10.7 في يناير 2025 
  • متأثرا بتصاعد التوترات التجارية.. ارتفاع كبير في الذهب العالمي إلي 3050 دولارًا
  • أول زيارة للمفوض التجاري الأوروبي إلى الصين: تطلعات اقتصادية ومقاربات استراتيجية
  • رغم التوترات الجيوسياسية عالميًا... الاتحاد الأوروبي يحظى بأعلى نسبة تأييد من المواطنين
  • فرنسا وإندونيسيا تُعززان التعاون الأمني في المحيط الهادئ وسط تصاعد التوترات مع الصين