عربي21:
2025-02-05@17:37:01 GMT

تركيا والتطبيع مع نظام الأسد.. إلى الواجهة من جديد

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

في الأسبوع الأخير من شهر يونيو الماضي، أطلق الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عدداً من التصريحات المتعلّقة بتطبيع العلاقة مع نظام الأسد في سوريا، مشيراً إلى أنّه لا يوجد ما يمنع من إقامة علاقات بين أنقرة ودمشق، ومذكّراً بانعقاد لقاءات عائلية مع الأسد سابقاً قبل الثورة السورية. وفي هذا السياق، لفت الرئيس التركي إلى أنّه لا يستبعد تجدد مثل هذه اللقاءات في المستقبل وأنّ تركيا لا تريد التدخّل في الشأن الداخلي السوري.



وقبل أيام، أعلن الرئيس التركي أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا في أي وقت، وقال أردوغان للصحفيين وهو على متن طائرة قادمة من برلين، سنوجه دعوتنا للأسد، مشيراً الى أنّ بلاده تريد إعادة العلاقات التركية ـ السورية إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في الماضي، أي قبل الثورة السورية. وألحق الرئيس التركي هذه التصريحات بأخرى جديدة قال فيها إنّه أصدر تعليمات لوزير خارجيته هاكان فيدان للقاء مع نظام الأسد لبحث العلاقات المقطوعة بين الدولتين. ونقلت وكالة الأناضول خبراً مفاده أنّ الرئيس التركي وجّه دعوة لبشار الأسد لزيارة تركيا أو لبحث لقاء ثنائي في دولة ثالثة.

وقد أثارت هذه التصريحات زوبعة من التعليقات والتحليلات حول الخلفية والأهداف والتوقيت. ومع أنّه لا يوجد مؤشرات بارزة حول دوافع الجانب التركي لإطلاق مثل هذه التصريحات في مثل هذا الوقت، فإنّ عدداً من التقارير كانت قد تحدّثت عن تجدّد وساطة روسية وأخرى عراقية للجمع بين الطرفين وردم الفجوة القائمة بينهما، تجنّباً لإمكانية حدوث تصعيد مؤخراً. وبغض النظر عمّا يجري خلف الكواليس فيما يتعلق بمثل هذه الجهود، فإنّ السؤال الأساسي يتعلّق بمدى إمكانية حصول مثل هذا التطبيع وبأي ثمن وتحت أي شروط أو مسمّيات.

من الناحية النظرية، فإنّ التطبيع ممكن إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التحوّلات الإقليمية والدولية التي سمحت للأسد ليس فقط بالبقاء وإنما وبتطبيع وجوده علاوةً على الوضوع التركي الداخلي شديد الحساسية والتعقيد بخصوص موضوعين أساسيّين هما اللاجئين السوريين والاقتصاد.  لكن من الناحية العملية، فإنّ التطبيع يحتاج إلى أرضية مشتركة فضلاً عن تحقّق بعض المطالب التي لا يمكن تجاوزها.

لاشك أنّ الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا والسيء جداً في مناطق نظام الأسد قد يمهّد الطريق لأرضية مشتركة في الملف الاقتصادي بشكل يسمح للطرفين من الاستفادة من خطوات محدودة لتحسين وضعهما الاقتصادي والمالي. لكنّ الاقتصاد ليس العنصر الأساسي في المشكلة القائمة بين تركيا والنظام السروي منذ أكثر من عقد من الزمن، وهناك عدّةّ مشاكل أو ملفّات أساسية يقتضي الحديث عن أي تطبيع حلّها.

لاشك أنّ الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا والسيء جداً في مناطق نظام الأسد قد يمهّد الطريق لأرضية مشتركة في الملف الاقتصادي بشكل يسمح للطرفين من الاستفادة من خطوات محدودة لتحسين وضعهما الاقتصادي والمالي. لكنّ الاقتصاد ليس العنصر الأساسي في المشكلة القائمة بين تركيا والنظام السروي منذ أكثر من عقد من الزمن، وهناك عدّةّ مشاكل أو ملفّات أساسية يقتضي الحديث عن أي تطبيع حلّها.من هذه المشاكل، مشكلة حماية الحدود الجنوبية لتركيا من الجماعات الإرهابية التي تتّخذ من شمال سوريا منطلقاً لأعمالها كحزب العمال الكردستاني، وإيقاف جهود إنشاء دولية لهذه الجماعات على حدود تركيا. لو إفترضنا جدلاً أنّ النظام السوري تعهدّ بحل هذا الموضوع في أي تفاهم قادم، فانّه لا يمتلك ما يكفي من قوات عسكرية لنشرها. وفضلاً عن ذلك، فانّ القوات الأمريكية لا تزال موجودة. هناك من يفترض أنّ التفاهم هو تمهيد لإنسحاب امريكي محتمل عقب فوز ممكن لترامب في الانتخابات الأمريكية القادمة، لكن مثل هذا الانسحاب لا يحل مشكلة عدم وجود قوات كافية لدى نظام الأسد، ومن المستبعد ان تقوم روسيا بهذا الدور، على الأقل خلال فترة إنخراطها في الحرب مع أوكرانيا.

المشكلة الأخرى التي لا تقل أهمّية عن الأولى هي مشكلة اللاجئين. خلال السنوات القليلة الماضية، تحوّل موضوع اللاجئين السوريين في تركيا الى مادة دسمة للجدل، والى ورقة سياسية لتهشيم الحكومة والإطاحة بها، ثم إنتقل العبث بهذا الموضوع الى المستوى الاجتماعي حيث بدأ يفرز سموماً تؤثر على الوضع ا لسياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني. الحديث عن تطبيع محتمل يتطلب حل مشكلة اللاجئين. نظام الأسد لن يقبل بإعادة اللاجئين وإعطاء ضمانات لهم، لكن إذا ما إفترضنا جدلاً أنّه فعل ذلك، كيف سيتم إعادة أكثر من 6 مليون لاجئ سوري؟ وأين هي البينية التحتيّة القادرة على إستيعابهم؟ ومن سيقدم لهم الخدمات من ماء وكهرباء وطعام؟ ومن أي سيأتي النظام السوري بالمال اللازم لذلك؟

مثل هذا التساؤل يفترض وجود تفاهم دولي يؤمّن المال اللازم لاسيما من الأوروبيين لبناء البنية التحتية المطلوبة لاستيعاب اللاجئين مقابل تنازلات أو ضمانات يقدمها نظام الأسد. حتى هذه اللحظة، لا شيء في الأفق يوحي -ولو من الناحية الشكلية- بوجود مثل هذا التفاهم. وفي غياب معادلة المال والبنية التحتية والخدمات، فانّ الحديث عن حل لمشكلة اللاجئين يبدو غير ممكن، هذا إذا ما إفترضنا أنّهم قرروا العودة طوعاً وبدون ضمانات دولية بعدم تعرّض نظام الأسد لهم.

وهناك مشكلة وجود النظام السياسي نفسه، وعدم رغبته في التعديل أو الإصلاح، وغياب توافق دولي على خلعه أو التطبيع معه، ممّا يشل الوضع ويمنع حقيقةً من حل كل المشاكل الأخرى. لذلك، الحديث عن تطبيع بدون التفكير بهذه المشاكل يعني انّع لن يكون هناك تطبيع حقيقي في نهاية المطاف. ولو إفترضنا جدلاً أنّ ظروفاً قاهرة دفعت الطرفين الى التطبيع، فانّ السؤال حول مدى قدرة مثل هذا التطبيع على حل المشاكل التي أثرناها أعلاه تبقى قائمة في ظل الظروف الإقليمية والدولية القائمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا علاقات تركيا سوريا تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الترکی نظام الأسد الحدیث عن مثل هذا

إقرأ أيضاً:

صحفي اقتصادي يكشف ''جذر المشكلة'' في أزمة أسعار الصرف باليمن ويستشهد بسوريا بعد الأسد كيف تعافت عملتها سريعًا؟

تشهد العملة اليمنية، تسجيل أسوأ قيمة لها على الإطلاق، في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية خلال الأيام الماضية، بعد أن قفز سعر صرف الدولار الواحد الى اكثر من 2230 ريالاً، مع استمرار انهيار قيمتها بشكل متسارع غير مسبوق، واتساع فارق الصرف بين عدن وصنعاء، دون حلول أو تحرك فعال من قبل الحكومة بالعاصمة عدن.

 تقرير حديث للأمم المتحدة قال إن العملة اليمنية فقدت خلال العام الماضي 26% من قيمتها وتراجعت أمام الدولار الأمريكي بنحو 71%، في السنوات الخمس الاخيرة.

الصحفي الإقتصادي وفيق صالح يرى أن جذر المشكلة في تفاقم أزمة سعر الصرف، وعدم استقرار العملة، يكمن في غياب المعالجات الحكومية لسد العجز في المالية العامة للدولة، وعدم ضبط نظام النقد المعمول به خلال الوقت الراهن 

وقال موضحًا: ''أي أن السياسات المالية الحكومية التي كان من المفترض أن تكون رأس حربة لمواجهة الإختلالات والتغلب على التحديات، ما تزال معطلة وليس هناك أي رؤية أو استراتيجية على ما يبدو للحكومة لتفعيلها حالياً والعمل وفق أسس علمية سليمة وسياسات رشيدة''. 

وأضاف: ''على الجانب الآخر ، فإن السياسات المتبعة والمعتمدة لإدارة نظام النقد وأنشطة سوق الصرف من قبل السلطات النقدية، ما تزال تسير بشكل أحادي، تفتقر للتناسق والتناغم مع السياسات الحكومية، التي تمنحها فاعلية الأثر والتأثير على الواقع''.

وأكد وفيق صالح أن الإنقسام المصرفي الحاصل يساعد المضاربين والسوق السوداء على الاستفادة من النظام النقدي المتبع في إدارة النشاط المصرفي، ويمكنهم من التلاعب بقيمة العملة الوطنية بشكل مستمر.

الصحفي وفيق صالح المتخصص في الشأن الإقتصادي اعطى مثالا لتحسن العملة في سوريا بعد سقوط الأسد قائلا:'' في غضون أقل من شهرين تحسنت قيمة العملة بنسبة تجاوزت ٥٠٪ دون ودائع مالية أو قروض أو طلب مساعدات دولية'' 

واشار الى ارتفاع سعر الليرة في سوريا إلى ٧٥٠٠ للدولار الواحد بعد أن كان سعر الدولار الأمريكي قبل سقوط نظام بشار يتجاوز ١٦ ألف ليرة.

وتابع: ''بالإرادة الحقيقية والرغبة في تغيير الأوضاع إلى الأفضل مع امتلاك القرار، والعمل بأدوات سليمة، يمكن أن تتغلب أي حكومة على العديد من التحديات التي تواجهها''.

مقالات مشابهة

  • صحفي اقتصادي يكشف ''جذر المشكلة'' في أزمة أسعار الصرف باليمن ويستشهد بسوريا بعد الأسد كيف تعافت عملتها سريعًا؟
  • وزير الداخلية السوري السابق محمد الشعار يسلّم نفسه للسلطات
  • وزير الداخلية الأسبق في نظام الأسد يسلم نفسه إلى السلطات.. هذا ما نعرفه عنه
  • “الدموية في نظام بشار الأسد: قراءة في ضوء علم النفس السياسي”
  • في مقابلة مع تلفزيون سوريا.. الشرع يكشف تفاصيل معركة إسقاط نظام الأسد
  • سيطرت عليها بعد سقوط الأسد.. إسرائيل تنسحب من مواقع حيوية عسكرية في سوريا
  • رئيس الجمهورية: اقترحت على الأسد قبل سقوطه أن تتوسط الجزائر بين نظامه والمعارضة
  • المرصد السوري لحقوق الإنسان: 171 جريمة قـــ.تل منذ سقوط نظام الأسد
  • إسرائيل تنسحب من مواقع سورية سيطرت عليها بعد سقوط الأسد
  • إسرائيل تنسحب من مواقع في سوريا سيطرت عليها بعد سقوط الأسد