عربي21:
2024-08-09@05:48:52 GMT

تركيا والتطبيع مع نظام الأسد.. إلى الواجهة من جديد

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

في الأسبوع الأخير من شهر يونيو الماضي، أطلق الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عدداً من التصريحات المتعلّقة بتطبيع العلاقة مع نظام الأسد في سوريا، مشيراً إلى أنّه لا يوجد ما يمنع من إقامة علاقات بين أنقرة ودمشق، ومذكّراً بانعقاد لقاءات عائلية مع الأسد سابقاً قبل الثورة السورية. وفي هذا السياق، لفت الرئيس التركي إلى أنّه لا يستبعد تجدد مثل هذه اللقاءات في المستقبل وأنّ تركيا لا تريد التدخّل في الشأن الداخلي السوري.



وقبل أيام، أعلن الرئيس التركي أنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا في أي وقت، وقال أردوغان للصحفيين وهو على متن طائرة قادمة من برلين، سنوجه دعوتنا للأسد، مشيراً الى أنّ بلاده تريد إعادة العلاقات التركية ـ السورية إلى نفس المستوى الذي كانت عليه في الماضي، أي قبل الثورة السورية. وألحق الرئيس التركي هذه التصريحات بأخرى جديدة قال فيها إنّه أصدر تعليمات لوزير خارجيته هاكان فيدان للقاء مع نظام الأسد لبحث العلاقات المقطوعة بين الدولتين. ونقلت وكالة الأناضول خبراً مفاده أنّ الرئيس التركي وجّه دعوة لبشار الأسد لزيارة تركيا أو لبحث لقاء ثنائي في دولة ثالثة.

وقد أثارت هذه التصريحات زوبعة من التعليقات والتحليلات حول الخلفية والأهداف والتوقيت. ومع أنّه لا يوجد مؤشرات بارزة حول دوافع الجانب التركي لإطلاق مثل هذه التصريحات في مثل هذا الوقت، فإنّ عدداً من التقارير كانت قد تحدّثت عن تجدّد وساطة روسية وأخرى عراقية للجمع بين الطرفين وردم الفجوة القائمة بينهما، تجنّباً لإمكانية حدوث تصعيد مؤخراً. وبغض النظر عمّا يجري خلف الكواليس فيما يتعلق بمثل هذه الجهود، فإنّ السؤال الأساسي يتعلّق بمدى إمكانية حصول مثل هذا التطبيع وبأي ثمن وتحت أي شروط أو مسمّيات.

من الناحية النظرية، فإنّ التطبيع ممكن إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التحوّلات الإقليمية والدولية التي سمحت للأسد ليس فقط بالبقاء وإنما وبتطبيع وجوده علاوةً على الوضوع التركي الداخلي شديد الحساسية والتعقيد بخصوص موضوعين أساسيّين هما اللاجئين السوريين والاقتصاد.  لكن من الناحية العملية، فإنّ التطبيع يحتاج إلى أرضية مشتركة فضلاً عن تحقّق بعض المطالب التي لا يمكن تجاوزها.

لاشك أنّ الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا والسيء جداً في مناطق نظام الأسد قد يمهّد الطريق لأرضية مشتركة في الملف الاقتصادي بشكل يسمح للطرفين من الاستفادة من خطوات محدودة لتحسين وضعهما الاقتصادي والمالي. لكنّ الاقتصاد ليس العنصر الأساسي في المشكلة القائمة بين تركيا والنظام السروي منذ أكثر من عقد من الزمن، وهناك عدّةّ مشاكل أو ملفّات أساسية يقتضي الحديث عن أي تطبيع حلّها.

لاشك أنّ الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا والسيء جداً في مناطق نظام الأسد قد يمهّد الطريق لأرضية مشتركة في الملف الاقتصادي بشكل يسمح للطرفين من الاستفادة من خطوات محدودة لتحسين وضعهما الاقتصادي والمالي. لكنّ الاقتصاد ليس العنصر الأساسي في المشكلة القائمة بين تركيا والنظام السروي منذ أكثر من عقد من الزمن، وهناك عدّةّ مشاكل أو ملفّات أساسية يقتضي الحديث عن أي تطبيع حلّها.من هذه المشاكل، مشكلة حماية الحدود الجنوبية لتركيا من الجماعات الإرهابية التي تتّخذ من شمال سوريا منطلقاً لأعمالها كحزب العمال الكردستاني، وإيقاف جهود إنشاء دولية لهذه الجماعات على حدود تركيا. لو إفترضنا جدلاً أنّ النظام السوري تعهدّ بحل هذا الموضوع في أي تفاهم قادم، فانّه لا يمتلك ما يكفي من قوات عسكرية لنشرها. وفضلاً عن ذلك، فانّ القوات الأمريكية لا تزال موجودة. هناك من يفترض أنّ التفاهم هو تمهيد لإنسحاب امريكي محتمل عقب فوز ممكن لترامب في الانتخابات الأمريكية القادمة، لكن مثل هذا الانسحاب لا يحل مشكلة عدم وجود قوات كافية لدى نظام الأسد، ومن المستبعد ان تقوم روسيا بهذا الدور، على الأقل خلال فترة إنخراطها في الحرب مع أوكرانيا.

المشكلة الأخرى التي لا تقل أهمّية عن الأولى هي مشكلة اللاجئين. خلال السنوات القليلة الماضية، تحوّل موضوع اللاجئين السوريين في تركيا الى مادة دسمة للجدل، والى ورقة سياسية لتهشيم الحكومة والإطاحة بها، ثم إنتقل العبث بهذا الموضوع الى المستوى الاجتماعي حيث بدأ يفرز سموماً تؤثر على الوضع ا لسياسي والإقتصادي والإجتماعي والأمني. الحديث عن تطبيع محتمل يتطلب حل مشكلة اللاجئين. نظام الأسد لن يقبل بإعادة اللاجئين وإعطاء ضمانات لهم، لكن إذا ما إفترضنا جدلاً أنّه فعل ذلك، كيف سيتم إعادة أكثر من 6 مليون لاجئ سوري؟ وأين هي البينية التحتيّة القادرة على إستيعابهم؟ ومن سيقدم لهم الخدمات من ماء وكهرباء وطعام؟ ومن أي سيأتي النظام السوري بالمال اللازم لذلك؟

مثل هذا التساؤل يفترض وجود تفاهم دولي يؤمّن المال اللازم لاسيما من الأوروبيين لبناء البنية التحتية المطلوبة لاستيعاب اللاجئين مقابل تنازلات أو ضمانات يقدمها نظام الأسد. حتى هذه اللحظة، لا شيء في الأفق يوحي -ولو من الناحية الشكلية- بوجود مثل هذا التفاهم. وفي غياب معادلة المال والبنية التحتية والخدمات، فانّ الحديث عن حل لمشكلة اللاجئين يبدو غير ممكن، هذا إذا ما إفترضنا أنّهم قرروا العودة طوعاً وبدون ضمانات دولية بعدم تعرّض نظام الأسد لهم.

وهناك مشكلة وجود النظام السياسي نفسه، وعدم رغبته في التعديل أو الإصلاح، وغياب توافق دولي على خلعه أو التطبيع معه، ممّا يشل الوضع ويمنع حقيقةً من حل كل المشاكل الأخرى. لذلك، الحديث عن تطبيع بدون التفكير بهذه المشاكل يعني انّع لن يكون هناك تطبيع حقيقي في نهاية المطاف. ولو إفترضنا جدلاً أنّ ظروفاً قاهرة دفعت الطرفين الى التطبيع، فانّ السؤال حول مدى قدرة مثل هذا التطبيع على حل المشاكل التي أثرناها أعلاه تبقى قائمة في ظل الظروف الإقليمية والدولية القائمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا علاقات تركيا سوريا تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الترکی نظام الأسد الحدیث عن مثل هذا

إقرأ أيضاً:

إنستغرام يدخل على خط المشادات المشتعلة بين تركيا والاحتلال.. ما القصة؟

جدد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، هجومه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب مواقفه المناهضة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واصفا الأخير بـ"الديكتاتور" بسبب حجب الوصول إلى منصة "إنستغرام" في تركيا.

وقال وزير خارجية الاحتلال، "بالأمس هاجم الدكتاتور المعادي للسامية الولايات المتحدة والدول الغربية وقال إنهم تم أسرهم من قبل الصهاينة في إسرائيل"، حسب تعبيره.

وأضاف مخاطبا الرئيس التركي في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا) باللغة التركية، "أردوغان، إذا تم أسر أي شخص، فهم مواطنو الجمهورية التركية الخاضعة لدكتاتوريتك"، على حد قوله.


وكان الرئيس التركي هاجم الدول الغربية في كلمة له، الاثنين، بسبب دعمه الكامل للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي، والذي تسبب في تصاعد التوترات في المنطقة وسط مخاوف من حرب إقليمية.

وقال أردوغان إن "الغرب، خاصة الولايات المتحدة، باتوا للأسف أسرى لإسرائيل وحفنة من الصهاينة المتعصبين".

ويأتي رد وزير خارجية الاحتلال في سياق تصاعد التوترات بين تركيا و"إسرائيل"، واستمرار المشادات بين أنقرة "وتل أبيب"، على وقع تكرار كاتس للهجوم على الرئيس التركي بسبب مواقفه الداعمة لفلسطين.

وفي تدوينته ذاته، تطرق كاتس إلى حجب تركيا الوصول إلى منصة "إنستغرام" منذ يوم الجمعة الماضي، وقال مخاطبا أردوغان "أنت تقيد وصول 57 مليون مستخدم تركي على منصة إنستغرام، لكن يمكنك الوصول إليها من الحساب الخاص بك".

كما قام الوزير الإسرائيلي بالإشارة في تدوينته إلى حسابات الفرع الشبابي لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، بالإضافة إلى حسابي رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة المعارض منصور يواش.

تجدر الإشارة إلى أن تركيا حظرت "إنستغرام" المملوكة لشركة "ميتا" بعد "تجاهل إنستغرام التحذيرات الرسمية بشأن عدد محدود من الجرائم التي يمكن تطبيق بعض تدابير الحماية عليها"، حسب تصريحات وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورا أوغلو.

والاثنين، عقد أورا أوغلو لقاء مع ممثلي منصة "إنستغرام" من أجل مناقشة مطالب الحكومة التركية بعد حجبها الوصول إلى التطبيق الشهير، إلا أن المحادثات لم تفض إلى قرار رفع الحظر.


وفي أول تعليق له على حجب المنصة الشهيرة، قال أردوغان إن "منصات التواصل الاجتماعي تتجاهل بشكل متعمد الامتثال للقواعد في تركيا، بينما تبدي الاهتمام لها بأمريكا وأوروبا".

كما انتقد أردوغان، مواقع التواصل الاجتماعي بسبب القيود المفروضة على المحتوى المتعلق بفلسطين، وقال "نواجه فاشية رقمية لا تتسامح حتى مع صور الشهداء الفلسطينيين، وتحظرها على الفور، وتسوق ذلك على أنها حرية".

ولم يتحدث أردوغان عن موعد محدد لرفع الحظر، إلا أنه أوضح أن "القضية ستحل تلقائيا حال الاستجابة لمطالب تركيا المحقة واحترام حساسياتها"، حسب تعبيره.

مقالات مشابهة

  • تلويح بالحظر.. هل يأتي الدور على تيك توك بعد إنستغرام في تركيا؟
  • السفير الأمريكي يغادر تركيا بعد إغلاق أردوغان الأبواب في وجهه
  • حماس ترحب بانضمام تركيا لقضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • تركيا تستعد لبناء «القبة الفولاذية» المضادة للصواريخ
  • البرلمان التركي: إسرائيل ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين منذ 70 عامًا
  • أردوغان: تركيا ستنضم لقضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • حزب الوطن التركي: نظام كييف لن يصمد حتى نهاية العام المقبل
  • إنستغرام يدخل على خط المشادات المشتعلة بين تركيا والاحتلال.. ما القصة؟
  • أردوغان: سنعمل كل بوسعنا من أجل وقف همجية إسرائيل في غزة
  • أزمات متتالية: إلى أين تسير العلاقات التركية الإسرائيلية؟