ضحايا الاغتصاب.. جرح مفتوح في حرب السودان
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
مريم قصة من بين مئات وثّقت من قبل جهات حقوقية وجمعيات مدنية ترصد انتهاكات قوات الدعم السريع في المناطق التي سيطرت عليها منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023.
لتغيير: وكالات
ترتب مريم (اسم مستعار) بسرعة حجابها وكأنها تستعجل البوح بما لديها، ترتب أغراضها دون أن تفكر في ترتيب أفكارها، لأن المشاهد متلاحقة وماثلة أمامها منذ ذلك اليوم الأسود.
مريم التي لم تتجاوز 17 عاما سردت لـ (الجزيرة نت) تفاصيل تعرضها للاغتصاب في مرات متكررة من قبل قوات الدعم السريع بإحدى مناطق ولاية الجزيرة، وسط السودان.
وقالت إن مقاتلي قوات الدعم وبعد سيطرتهم على المنطقة كانوا يقودون ضحاياهم من الشوارع ليتناوبوا على اغتصابهن على وقع التهديد بالعنف والسلاح.
مريم قصة من بين مئات وثّقت من قبل جهات حقوقية وجمعيات مدنية ترصد انتهاكات قوات الدعم السريع في المناطق التي سيطرت عليها منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023.
من بين تلك القصص حالة خديجة (اسم مستعار) التي لجأت لإخفاء ابنتها المراهقة في خزانة الملابس طمعا في أن تغيب عن أنظار قوات الدعم التي كانت تقتحم منازل المنطقة.
ولكن السيدة الأربعينية لم تكن تدرك أنها ستكون هي الضحية حين وقعت فريسة للمسلحين الذين اغتصبوها على مسمع من ابنتها التي لم تتحمل ما جرى وتم اكتشافها مغمى عليها بعد مغادرة المسلحين.
أما سلوى (اسم مستعار) فترى أنها محظوظة، لأنها لم تتعرض سوى للاغتصاب مرة واحدة، ذلك أن من اختطفوها من حافلة كانت تركبها باتجاه بيتها كانوا يخططون للتناوب على الاعتداء عليها، لكنهم تفاجؤوا بإطلاق نار تبين لاحقا أنه تسبب في قتل شابين حاولا الاعتراض على تصرفات المسلحين وإنقاذ سلمى التي كانت رفقة سيدتين أخريين.
يقول المحامي محمد الزين إنه وثّق قصص خديجة وسلوى وعشرات أخريات خلال رحلاته بين مخيمات النازحين ضمن عمله في إعداد ملف لمتابعة أطراف من بينها قوات الدعم السريع أمام المحكمة الجنائية الدولية.
أرقام تقريبيةيؤكد الزين عدم وجود رقم دقيق لعدد ضحايا عمليات الاغتصاب، بسبب نقص الإمكانيات والعدد الكبير من النازحين، إضافة إلى رفض غالبية الضحايا الحديث بسبب القيود المجتمعية والخوف من “العار”.
ووفق محمد الأمين ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، تتعرض حوالي 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
المحامي محمد الزين يعمل على إعداد ملف لمتابعة أطراف من بينها قوات الدعم السريع أمام المحكمة الجنائية الدولية (الجزيرة)
بدورها، أكدت حملة معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي أنها وثقت منذ أواخر العام الماضي 423 حالة اغتصاب، من بينها 159 حالة -أي نحو 37%- كان ضحاياها أطفالا.
وأشارت الحملة، التي يشرف عليها متطوعون وتسعى لمنع استخدام الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح في حروب السودان، إلى أن تلك الأرقام منخفضة جدا مقارنة بالأرقام المتوقعة، بسبب “صعوبة الوصول إلى الخدمات وطلب المساعدة، بالإضافة إلى غياب المؤسسات القانونية وآليات الإبلاغ، وطبيعة الصمت والوصمة المجتمعية في حالات الاغتصاب والعنف الجنسي في تاريخ الحروب السودانية”.
ويؤكد مصدر أمني تحدث لـ (لجزيرة نت) أن ضحايا عمليات الاغتصاب يتعرضن لابتزاز من قبل مسلحي الدعم السريع بعد تصوير الاعتداء عليهن.
ولا يستهدف الابتزاز فقط الحصول على أموال مقابل عدم نشر المقاطع المصورة، ولكن امتد الأمر إلى استخدام الضحايا كمصدر للمعلومات عن تحركات الجيش ومواقعه داخل المدن تحت تهديد نشر التسجيلات في حال عدم التعاون.
وبخصوص كيفية التعامل مع الضحايا، أكد المتحدث أن الجهات الأمنية ولدى تلقيها بلاغات تعمل على أخذ إفادات الضحايا قبل توجيههم إلى الجهات المختصة للحصول على الرعاية الصحية والدعم النفسي.
دعم نفسي وطبيوترى حملة معا ضد الاغتصاب والعنف الجنسي أن الدعم الطبي والنفسي المطلوب يشمل الرعاية الصحية العاجلة للضحايا لعلاج الأذى الجسدي، وتقديم العلاج الوقائي ضد الأمراض المنقولة جنسيا، كما تحتاج الأمهات الحوامل إلى رعاية طبية متكاملة تشمل التغذية والمكملات الغذائية.
فيما يشمل الدعم النفسي تقديم العلاج النفسي المكثف للتعامل مع الصدمة الناتجة عن الاغتصاب، وتوفير مجموعات دعم للضحايا لمساعدتهم في التعامل مع التجربة الصادمة.
وتواجه ضحايا الاغتصاب تحديا كبيرا للعودة إلى الحياة الطبيعية، إذ تؤكد جهات مختلفة رصد الكثير من الآثار النفسية التي قد تتضاعف في حال عدم التعامل معها بشكل مناسب.
وقال محمد الأمين ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان إن بعض النساء وصلن إلى مرحلة من اليأس دفعتهن إلى محاولة الانتحار، وتحدث عن جهود من الصندوق وشركائه لمساعدة الضحايا سواء عن طريق توفير أماكن إيواء آمنة وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي أو إتاحة أنشطة مدرة للدخل ليتمكن من إعالة أطفالهن.
وفي حال التعافي واستكمال مراحل العلاج سواء في جانبه الصحي أو النفسي، تجد الضحية نفسها أمام تحدي القبول المجتمعي، وخاصة إن تسبب الاغتصاب في حالة حمل، وهو ما تواجهه مريم حاليا.
ووفقا لوالدة مريم، فإنها تخفي إلى غاية الآن نبأ حمل ابنتها الذي دخل شهره الثالث عن زوجها، ولا تعلم كيف ستبلغه بهذا الخبر ولا تدرك كيف ستكون ردة فعله.
وتقول المرأة الثلاثينية إنها أبلغت قائد قوات الدعم في المنطقة بعد تعرض ابنتها للاغتصاب، ولكنه هددها بالتعرض لاعتداءات أخرى في حال الإصرار على الحديث والاحتجاج.
أم مريم تتمنى أن تحظى ابنتها بفرصة لاستعادة حياتها الطبيعية بعد تلك التجربة المريرة التي ضاعفت من محنة الأسرة التي تعاني شظف العيش، كما لا تتوقف عن الدعاء بأن تنتهي الحرب قريبا لتجنب مصير مشابه قد تتعرض له المزيد من النساء في السودان.
الوسومآثار الحرب في السودان انتهاكات الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان انتهاكات الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع ولاية الجزيرة الاغتصاب والعنف الجنسی قوات الدعم السریع فی السودان فی حال من بین من قبل
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض
قالت مصادر محلية للجزيرة إن الجيش السوداني قصف -فجر اليوم- بالمدفعية الثقيلة مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم ومنطقة شرق النيل، وشمال مدينة الأبيّض، في أعقاب احتدام الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي وسط العاصمة.
وأفاد الجيش السوداني في بيان، بأن قوات المهام الخاصة والعمل الخاص بسلاح المدرعات التابع للجيش دمر عددا من مواقع قوات الدعم السريع بمحاور: شارع الصحافة زلط، ومحطة الغالي، ومستشفى الجودة، ومدرسة الخرطوم النموذجية جنوبي العاصمة.
وذكر الجيش السوداني، أن قواته قتلت خلال العملية عددا من "مليشيا الدعم السريع" واستولت على أسلحة، وذلك قبل أن يتحدث الجيش -في بيان لاحق- أنه تقدم على المحاور بمنطقة شرق النيل شرقي العاصمة الخرطوم، واستولى على منظومة تشويش كاملة بالمنطقة.
كما قال مصدر محلي مطلع للجزيرة إن الطيران الحربي وسلاح المدفعية التابعين للجيش السوداني قصفا -فجر اليوم السبت- مواقع لقوات الدعم السريع جنوب وغربي مدينة بارا الواقعة شمال مدينة الأبيض بنحو 60 كيلومترا.
وأضاف المصدر أن الطيران الحربي استهدف أيضا قوات من الدعم السريع غربي مدينة الأبيض كانت قد "تشتت" أمس عقب القصف الجوي على قافلة إمداد بشري للدعم السريع في منطقة أم كريدم متجهة نحو مدينة بارا.
إعلانوكانت قوات الدعم السريع قالت -أمس- في بيان إنها "سحقت" قوات الجيش السوداني التي حاولت السيطرة على مدينة بارا.
وتعتبر مدينة بارا منطقة حيوية في الطريق الثاني الرابط بين ولايات دارفور غربا والعاصمة الخرطوم ومنها لميناء بورت سودان شرقا.
في هذه الأثناء، قال إعلام الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إن ما سماها المليشيا استهدفت بالمسيّرات والمدافع عددا من المواقع بالمدينة، من بينها حيي أبوجَربون وباب الحارة "دون وقوع خسائر".
وأوضح إعلام الجيش أن قيام قوات الدعم السريع بقصف الفاشر يأتي بعد أن "منيت بخسائر" يوم أمس بمناطق ودَعه ودارالسلام جنوبي وغربي الفاشر، حسب البيان.
كما أضاف أن الجيش أوقع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الدعم السريع القادمة من مدينتي نِيالا بولاية جنوب دارفور، والضِعين بولاية شرق دارفور القادمة "بغرض الهجوم على الفاشر".
وتسيطر قوات الدعم السريع على 4 ولايات في إقليم دارفور (غرب) من أصل 5 ولايات، في حين تخوض اشتباكات ضارية مع الجيش في مدينة الفاشر، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات الإقليم.
ويأتي ذلك بعد يوم من حديث مصدر عسكري سوداني أن اشتباكات تدور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي، وسط الخرطوم والتي تتجدد منذ أيام.
وقال المصدر للجزيرة، إن الجيش استعاد السيطرة على أجزاء واسعة من ضاحية "حلة كوكو"، بشرق النيل شرقي الخرطوم.
وحسب المصدر، فقد هاجم الجيش حلة كوكو من محاور عدة، من بينها محور كافوري ومحور سلاح الإشارة، في حين تداول ناشطون عبر فيسبوك، الخميس، مشاهد لانتشار جنود الجيش السوداني في منطقة "حلة كوكو".
عودة النازحينوأمس الأول، قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس، إن عدد العائدين من اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم بلغ نحو مليوني مواطن حتى نهاية فبراير/شباط المنصرم، وفق ما أوردته وكالة أنباء السودان.
إعلانوأوضح السفير السوداني أن تلك العودة جاءت بعد استعادة الجيش السوداني والقوات المساندة له لولايتي الجزيرة وسنار ومعظم مناطق ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، مشيرا إلى توقعاتهم ارتفاع عدد العائدين إلى 5 ملايين مواطن في نهاية شهر يونيو/حزيران المقبل.
ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.