قبلة الحياة التي قدمتها دون مقابل تنسيقية تقدم للكتلة الديمقراطية
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
بقلم / عمر الحويج
نعم نصفق مبتهجين ، لنداء وقف الحرب ، ولكن بيدنا الواحدة ، لأننا نحمل في يدنا الأخرى ، كثير من المهلكات المدمرات ، ليس بالدانات ولا القذائف الهابطات على البشر عشوائياً من علِِ ، ولكن بما هو مساو له في القوة والمقدار نعرف التنازلات التي قُدمت ، ليخرج البيان الختامي ، لمؤتمر القاهرة لوقف الحرب ، متوافقاً مع رغبات وقف الحرب من الجميع ، ورغبات المخابرات الأجنبية خاصة المصرية ، رغم الخذلان المتوقع ، من قِبل الحركات المشلحة " شين وليس سين" ولكن سيتضح لاحقاً أنه الثمن القاتل ، لمسار ثورة ديسمبر ، بوابتنا المفتوحة علي مصراعيها ، للدخول إلى ساحات النهضة والتقدم وإلى مجالات التنمية والنماء والإنتماء وإلى باحات العصر الحديث .
نعم نصفق مبتهجين ، لكل من تجري على لسانه وفمه وقلمه شعار لا للحرب ، نعم نعرف أن في هذا المؤتمر القاهري ، لا يوجد غير تقدم وحدها صادقة ، في رفع شعار "لا للحرب" وللآخرين ما هي إلا بمثابة "شغل" سياسة ، وأنتهاز فرص وتآمر على الشعار ، ومكاسب آنية لبعض مرتزقة المواقف والتكتيكات السياسية ، وإن كنا أيضاً لا نعفي تنسيقية تقدم من الأغراض الخاصة التي تعيق لديها التقدم لتنفيذ هذا الشعار للمصلحة العامة ، من خلف ظهر المؤتمر ، حتى وإن قلنا لها نحن معك في كل خطوة توقف الحرب ، كما في مقالنا السابق المعنون (وقف الحرب والقرار الإنتحاري) حتى لو كانت خصماً على مسار الثورة ، القادرة على استدراك فعل كل معيق لمسيرتها ، والتي تتبناها ظاهراً ، وتضعها باطناً على رف الإهمال وتمارس فيها تقتيلاً وتمزيقاً ، وهي ترتكب الخطيئة تلو الأخرى .
فقد ساقتها خطيئتها الأولى التي أوصلتنا لإنقلاب 25 أكتور المشؤوم ، ثم إنفجار آخر من ذات بطن الخطيئة ، شكلته حرب 15 إبريل العبثية ، ولو بغير قصد هذه المرة إنما بالنتيجة الحتمية للخطيئة الثالثة ، وأيضاً بغير نية الإشتراك المباشر ، في اشعال الحرب .
فهي قد قادت صراع الثورة في الإتجاه الخطأ " مع ملاحظة أنني لا فرق عندي كثيراً بين مركزية الحرية والتغيير السابقة وبين تنسيقية تقدم اللاحقة ، فهذه خرجت من رحم تلك ، كخروج الجنجوكوز من رحم الإسلاموكوز" نرجع ونقول ، مجازاً ان قحت ، ولنسمها بالإسم الذي الصقته بها الثورة المضادة ، حين هانت في نظرهم ، زمان اللبن على عسل ، وحين تماهت مع اللجنة الأمنية ، وسلمتها طائعة مختارة ، راضية متراضية ومتوافقة ، زمام أمر حكومة الثورة ، التي تسلمتها من يد الثوار ممهورة بدمائهم الغالية والعزيزة . يوم حصرت الصراع السياسي في البلاد بينها والكتلة الديمقراطية ، وكأن لا ثورة ولا يحزنون ، تلك الكتلة اللاديمقرطية ، التي يقود رسنها ويحرك لجامها ، ويغذي سنامها ، الحركة الإسلاموية ، وكان الغرض التحالفي المبطن من جهة هذه الكتلة ، أيام الضبابية في مسيرة الثورة ، التي فرضتها مركزية الحرية والتغيير ، ومنظورها الملتبس لفهم معنى الديمقراطية ، التي نشدتها الثورة ، حين كان طلبها في فهمها النهائي ، لا يتعدى فهم ديمقراطية "سَجّك مَكّج" القديمة ، لإعادة السودان القديم ، الذي ينتهى فيها الفيلم ، باعادة الدورة الشريرة " الحمد لله أنها لم تكن الشهرية"!! ، ثورة يعقبها إنقلاب يعقبها معاناة الصفر الماضي والصفر الآتي ( عنوان مقال لي عام 94م عن الإنقلابات نشرته جريدة الخرطوم المهاجرة ) إلا أن الخطورة أعقبتها هذه المرة حرب ضروس شرسة وعبثية ، عبثيتها لأنواع المشعلين لها بألوانهم المختلفة ، من "الفلنقايات" من أي جهات أتت ، فالكل تنطبق عليه التسمية . كما أسماها أصحابها ، هكذا أدخلنا فيها من جانبنا في إشعالها مركزية الحرية والتغيير ، حتى لو كانت مجرد كمبارس ، خارج اللعبة .
وهاهي تنسيقية تقدم تعيد اللعبة من بدايتها لخطاياها المتكررة ، بإعطائها قبلة الحياة للكتلة الديمقراطية من جديد ، وتسليمها يداً بيد ، ختم شرعية وجودها في المشهد ، ولم تتركها معزولة ، عزلة "يني" أو سكرته المشهورة !! . ولا هي تركتها تهلك بيدها لا بيد عمرو ، ولا هي تركتها تاكل من خشاش الأرض بجهدها ، فلم تتركها وحدها تكابد فرض وجودها ، فحرية الوجود للجميع ونؤمن عل ذلك ونبصم عليه بالعشرة في شرعتنا ، لكل من يكسِبه منطقه وحجته وصدقيته ، وبذل جهده وعرقه ودمه إن إحتاج ، لإثبات ذلك الوجود . وتقدم تعرف قبل مؤتمرها القاهري ، أن هذه الحرب اللعينة قد جرى تحت جسر دمائها ما يكفي وأكثر من الدماء الذكية ، أولها كشفت للجميع ، اين تقف الكتلة الديمقراطية هذه ، فهي مع الحرب ومع عودة النظام البائد ، ومع عودة النهب والسلب ، الواضح والآخر المتغطى الما فاضح ، وأول كشفها وفضيحتها من كل شاكلة ولون ، تلك التسريبات الممهورة بعايدات الذهب والفضة ، الموظفة للمصالح الذاتية ، ولضرب ثورة ديسمبر بما يتيسر في جهد إجهاضها وفي مقتل .
فلتسعد تقدم ، بعودة ديجانجو : اردول الأول حتي الثاني عشر كما اللويسات الفرنسبة ، ليقودوا مع تقدم الصراع السياسي بعيداً عن ثورة دبسمبر المجيدة والجيل الراكب رأس ، والخوف عليكم منه ياهؤلاء وهؤلاء ، فسوف يُرّكب هذه المرة رؤوساً متعددة ، باترة وحاسمة ، للوصول بثورته لبر الإنتصار ، أبى من أبى وأستنكر من إستنكر ، واستهان من إستهان بثورات الجماهير ، وياويلكم منها حين ذاك الحين .. !! .
***
كبسولة [1]
البرهان : في عطبرة للمواطن أدفع لتساهم في جاهزية قوات شعبك المسلحة .
البرهان : في عطبرة للمواطن أرفع سلاحك وحارب عن قوات شعبك المسلحة .
[ عجبي .. !! ]
***
كبسولة [2]
ندى القلعة : تبكي جريمتها حين إنصرفت مع صرفه لتغنى معه
نعم للحرب بديلاً مخترقاً لسمو رسالات الفن في الحب والسلام .
ندى القلعة : تبكي جريمتها حين إنصرفت مع صرفة لتغني معه
نعم للحرب والقتل المباح بمطر الحصو كسباً للإنحاء باستسلام .
[ عجبي..!! ]
***
omeralhiwaig441@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تنسیقیة تقدم
إقرأ أيضاً:
البرفيسور عبد اللطيف البوني: من ضياء إلى دقلو
بدأتُ الكتابة الصحفية في مايو 1985، أي في أجواء ثورة أبريل، تلك الثورة التي جاءت لإزالة حكم نميري. وقد شاركتُ فيها من موقعي كمواطن عادي يتظاهر، ويضرب عن العمل، ويرشق بالطوب إذا اقتضى الأمر.
ولكن، لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، لما شاركتُ فيها، إذ أرى الآن أن هذه الثورات هي التي أهلكت السودان، منذ الثورة المهدية وحتى يومنا هذا.
بالطبع، هذا لا يعني أنني ضد التغيير وضرورة إزالة أي وضع سيئ، لكنني أرى أن طريق الإصلاح هو الأنسب للتغيير، لأن الثورة كلفتها عالية.
يمكنني أن أُصنّف نفسي إصلاحيًا، ولستُ ثوريًا، وهذه قناعة ذاتية لا تقلل من احترامي للذين يرون أن “طريق الثورة هُدى الأحرار”، كما غنّى محمد الأمين لهاشم صديق، رحمهما الله، فقد عطّرا حياتنا بإبداع لا أجمل منه.
استمررتُ في الكتابة الصحفية، الراتبة وشبه الراتبة، في عهد سوار الذهب/الجزولي الانتقالي، ثم سنوات الصادق المهدي الحزبية، وطوال عشريات الإنقاذ الثلاث، وعهد البرهان، ثم مرحلة البرهان/حميدتي/حمدوك.
وتوقفتُ عن الكتابة تمامًا في مارس 2021، أي في عهد البرهان/حميدتي/حمدوك، ثم أصبح التوقّف إجباريًا بعد أن كان اختياريًا، وذلك بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023.
بعد التوقف، عدتُ إلى الحواشة التي ورثتُها عن الوالد، فأصبحتُ مزارعًا محترفًا، بعد أن كنتُ أتعامل معها مجبرًا في الطفولة، وهاويًا بعد التخرّج، ثم مراقبًا بعد وفاة الوالد في 2013، رحمه الله رحمة واسعة.
أما عودتي الأخيرة للحواشة، فقد كانت مختلفة؛ إذ أدمنتها وأحببتها كما أحبها الوالد، والأهم أنني طوّرت اهتمامي الأكاديمي والإعلامي بمشروع الجزيرة، فالتجربة العملية علّمتني ما لم أكن أعلم.
في تلك الأيام “الحواشية”، زارني في القرية الصديق العزيز ضياء الدين بلال، الذي كان قادمًا من قطر في أول إجازة له. ولضياء الدين حاسّة صحفية متقدة، وقدرة عالية على تحويل كل ما تقع عليه حواسه إلى عمل إعلامي متقن.
فلا شك أنه لاحظ هيئة المنزل المتغيرة، حيث كانت جولات المحاصيل المختلفة، المرفوعة في اللساتك والمغطاة بالمشمع، تحتل صدر الحوش، والكارو عند الباب، وحاجات تانية “حامياني”.
أخرج ضياء جواله الذكي، وثبّت كاميرته، وأوقفني أمام المحاصيل، وسألني سؤالًا مباشرًا: إلى ماذا وصلتَ في تجربتك الجديدة؟
رغم أنه فاجأني، أجبته بما جاد به الذهن، وبثّ ضياء ذلك الفيديو في صفحته الواسعة الانتشار، فأقام ذلك الفيديو الدنيا، بعد أن ظننتُ أنني أصبحت خارج ذاكرة الناس.
بذل ضياء جهدًا مقدّرًا لإقناعي، وإقناع الأستاذ عمار فتحي شيلا، مدير قناة النيل الأزرق، بعودة برنامج “سبت أخضر” الذي كنتُ أقدّمه، لكن “الدعامة” كانوا أسرع!
لقد قلتُ لضياء إنني توصلتُ إلى وعيٍ بالمشروع، لو قرأتُ مجلدات، لما وصلتُ إليه. ومن تجربتي الخاصة، أرى أنه يمكن مضاعفة العائد من المشروع، في ظل أوضاعه الحالية، شريطة أن يُغيّر المزارع فهمه وعلاقته بالحواشة.
وقلتُ: مثلما اختفى المفتش أو كاد، يجب أن يختفي “مندوب المزارعين”، فكلاهما أقعد بالمشروع. وهذا لا يعني الاستغناء عن الزراعيين، بل إن المشروع بحاجة إلى عشرات الآلاف من الزراعيين، إن لم نقل مئات الآلاف، بمعدل خبير زراعي – وليس مفتش – لكل ألف فدان. وساعتها، ستكون نسبة الدخول إلى كليات الزراعة أعلى من كليات الطب.
قمتُ بتخطيط ذهني لتقديم ما توصلتُ إليه، وناقشتُ بعض المزارعين والمهتمين فيما وصلتُ إليه، وقررتُ إقامة جلسة تفاكرية لبعض الذين أثق في معرفتهم، لتقويم أو تصحيح أو حتى رفض الرؤية التي توصلتُ إليها.
وبينما كنتُ في تلك الحالة من “اللملمة الذهنية”، اندلعت الحرب الحالية، فحدث ما حدث، وأصبحنا في أنفسنا المجروحة، وقريتنا المنكوبة، ووطننا الكبير المغدور…
ألم أقل لكم إن هذه الحرب، بإصرارها غير المرئي، لا تُعدّ ولا تُحصى؟
البرفيسور عبد اللطيف البوني
إنضم لقناة النيلين على واتساب