هل انضمّ مقاتلون عرب إلى حزب الله؟
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
ما زال الحديث عن انضمام مقاتلين عرب إلى "حزب الله" خلال معركته الحالية ضد إسرائيل بارزاً بشدة في أوساط عديدة، وذلك رغم نفي "أمين عام الحزب" السيد حسن نصرالله هذا الأمر، مؤكداً أنه لا حاجة لـ"حزب الله" لأي مقاتلين سواء من اليمن أو العراق ودول أخرى.
ومؤخراً، تسعى جهات عديدة إلى الترويج مجدداً لرسائل تفيد بأن هناك مقاتلين من "الحشد الشعبي" العراقي دخلوا لبنان للعمل إلى جانب "حزب الله" على جبهة جنوب لبنان.
مع ذلك، فإن هناك مخاوف شديدة لدى أطراف سياسية مختلفة من دخول مسلحين إلى لبنان تحت راية مساندة "حزب الله"، الأمر الذي يعني "استباحة الأراضي اللبنانية" لجهاتٍ غريبة، وبالتالي حصول خرقٍ عسكري غير مسبوق.
ماذا يقول الخبراء؟
على صعيد الملف المطروح، يقولُ الخبير الاستراتيجي والعسكري هشام جابر لـ"لبنان24" إنّ "أمين عام حزب الله كان واضحاً حينما قال إن الحزب لا يحتاجُ إلى مقاتلين عبر فصائل مقاتلة موجودة في المنطقة سواء من العراق أو اليمن"، مشيراً إلى أن "الحرب الواسعة لن تحصل ولا أحد يريدها"، وأردف: "ما من أحدٍ من الأطراف الدولية الفاعلة سيقبل بهذه الحرب خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية".
وأكمل: "حزب الله ليس بحاجة لعديد بشري، وحينما يقول الإسرائيليون إنهم قتلوا 400 عنصر وفي والوقت نفسه يقولون إن لدى الحزب 40 ألف مقاتل، عندها فإن إسرائيل لم تقضِ بذلك إلا على 1% من قوة الحزب البشرية، وهو أمرٌ لا يُذكر".
من جهته، يقول الخبير الإستراتيجي عمر معربوني لـ"لبنان24" إنّ "نصرالله كان واضحاً بتأكيده أن الحزب يمتلك ما يكفي من قدرات بشرية وحتى هجومية لمواجهة إسرائيل"، مشيراً إلى أنه في حال اندلاع حرب شاملة، فإن الفصائل التي يمكن أن تأتي من العراق واليمن، قادرة على دخول الجبهة اللبنانية والتأثير فيها".
وأضاف: "مسألة انخراط هذه الفصائل ضمن حرب لبنان مرتبطٌ بمسألة واحدة وهي عجز حزب الله عن تنفيذ عملية دفاعية بمواجهة الجيش الإسرائيلي، لكن هذا الأمر مستبعدٌ تماماً".
وأكمل: "أعتقدُ أن أي عمل مستقبلي لهذه الفصائل سيكونُ مُرتبطاً أكثر بالجولان السوري المحتل أكثر بكثير من الجبهة اللبنانية، وبالتالي سيكون نطاق عملها هناك خصوصاً أنها تمتلك عديداً بشرياً كبيراً ولها تأثير على الحالتين الدفاعية والهجومية".
سرايا المقاومة تدخل الخط
وأمس، كان لافتاً إعلان سرايا المقاومة اللبنانية في بيانٍ رسميّ مشاركتها في إشتباكات جنوب لبنان، إذ أكدت مهاجمة مواقع إسرائيلية عند الحدود.
مصادر متابعة رأت أنَّ المغزى من مشاركة "السرايا"، يتمثل برسالة مزدوجة الى إسرائيل عنوانها أن العمليات مستمرة وسط احتضان شعبي لـ"المقاومة" التي تعمل على خط الجنوب باستمرار منذ 8 تشرين الأول الماضي.
وبحسب المصادر، فإن مشاركة "السرايا" تحملُ في طياتها عنواناً "وطنياً"، خصوصاً أن هذا التنظيم يمثل إطاراً عسكرياً غير حزبي ومتنوع الإنتماءات الطائفية، في حين أنه موجود في مختلف البيئات والمناطق.
وشددت المصادر على أنّ "حزب الله" ليسَ بحاجة الى مقاتلين وقد سبق أن أعلن أنه لديها ما يكفي من العناصر الجاهزة لخوض القتال حتى في حال اندلاع حرب شاملة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
قاسم أكثر تشدّداً في الموقف من الأميركيين وخصوم الداخل
كتبت ميسم وزق في" الاخبار": الصدمة الكبيرة لم تمنع حزب الله من التصرف على قاعدة أن لدى العدو فكرة واسعة عن كل المراكز والهيكليات، فباشر بتنفيذ خطة جديدة لتموضع القيادات. في هذه الأثناء، بادرت الوحدات العسكرية في الجنوب احتياطاً إلى التخلّي عن كمية كبيرة من التقنيات الموجودة في حوزتها. وقبل استشهاده (الذي أعلنه حزب الله رسمياً في ٢٣ تشرين الأول)، نقل رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين الحزب إلى مكان آخر، حيث عمل على:
-إخلاء كامل المقرات المعلنة وإلغاء جزء من الأماكن البديلة التي كانت مقرّرة في خطة الحرب السابقة.
- وقف العمل بشبكة الاتصالات الخاصة بالحزب بعدَ أن تبيّن وجود خرق إسرائيلي فيها.
لكنّ الفريق الأمني لم يتنبّه إلى أن المقر الذي توجّه إليه السيد صفي الدين نفسه، كان مشخّصاً أيضاً لدى العدو. فكان القرار بالتخلي عن كل خطة الأماكن السابقة. ورغم الضربات القاسية، بادر الحزب إلى عملية هدفها الأولي لملمة الفوضى والتأقلم مع الوضع الجديد، آخذاً في الاعتبار أن العدوان الجوي المعادي على الجسمين المدني والعسكري أصاب جانباً من مقدرات الحزب إلى جانب القيادات الأمنية والعسكرية.
خلال أيام فقط، عاد التواصل بين القيادات الأساسية ومسؤولي الوحدات العسكرية الذين وضعوا خططاً سريعة لإدارة الميدان ربطاً بالوقائع الجديدة. وبعد ١٥ يوماً، تمّ عملياً تشكيل لجنة تقود العمليات العسكرية، بالتزامن مع عودة التواصل بين القيادات العليا، خصوصاً أعضاء الشورى الذين اتخذوا قراراً بتعيين أمين عام في أقرب وقت، علماً أن الشيخ نعيم قاسم كان بدأ بتولي المسؤولية انطلاقاً من موقعه، إلى جانب قيادة جماعية تدير الشقين السياسي والعسكري، قبل أن يصار إلى خلق آلية لتفعيل الجهاز التنفيذي الذي يدير بعض الملفات، تحديداً قضية النازحين.
في ٢٨ تشرين الأول، أعلنَ حزب الله رسمياً انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً له. وعلى الفور، بدأ مناهضو الحزب، بطلب من الأميركيين وبعض العرب، حملة سياسية تركّز على فكرة أن الحزب كقوة وكوحدة تنظيمية مرتبط عضوياً بشخص السيد نصرالله وأن لا بديل عنه. وتولّى الاميركيون، بواسطة جماعاتهم من اللبنانيين والعرب، اعتبار انتخاب قاسم خيار الضرورة، وأنه لن يتمكن من ملء فراغ السيد. وهو كلام تثبّت على شكل «تعليمة» عمّمتها السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون على صبيانها من الساسة والإعلاميين بالقول لهم إن «العد العكسي لانتهاء حزب الله بدأ ويجب التحضير لفترة ما بعده»، طالبة التركيز على ثلاثة أفكار:
أولاً: إن حزب الله لم تعد لديه قيادة سياسية أو عسكرية.
ثانياً: إن الإيرانيين هم من يتولون قيادة الحزب سياسياً وعسكرياً وتنظيمياً.
ثالثاً: إن حزب الله دخل حالة من الشلل والانهيار على صعيد البنية التنظيمية.
من يعرف حزب الله جيداً، يدرك أن أهم ما أعاده الحزب، هو آلية التحكم والسيطرة. لكنّ هذه الالية أخذت شكلاً أكثر متانة، انطلاقاً من كون الضربات التي تلقّاها الحزب، دفعته إلى مستوى جديد فيه الكثير من الحزم والتشدد والصرامة وملاحقة الأخطاء. كما بدأ الجميع يلمس وجود عقلية جديدة على صعيد صناعة القرارات، وبما يمنع الاجتهادات.
لكنّ اللافت في الحديث عن شخصية الشيخ قاسم أنه مجهول الكثير من الجوانب. ومن يعرفه عن قرب، يعرف من أن تجربته الدينية تعود إلى سنوات طويلة سابقة على قيام حزب الله، وهو كان واحداً من البيئة القريبة من الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وهذا الأمر له تأثير على مقارباته. وهو لا يُصنف على الإطلاق في خانة «المحافظين» دينياً. لكن ما لا يعرفه كثيرون عن الشيخ قاسم، وعلى عكس ما حاول الجهلة إشاعته، استناداً إلى إملاءات أو رغبات، فإن تحولاً كبيراً طرأ على الفكر السياسي للرجل، بعد انضمامه إلى الفريق المؤسس لحزب الله، وإعلان ولائه للخط الذي قاده الإمام الخميني، علماً أن الجانب الآخر من شخصيته، يتمثّل في دوره الإداري، وهو الذي كان يتولى مهام تنفيذية تتطلب مهارة إدارية، إلى جانب ما تفرضه من آليات عمل في حزب جهادي. وفي حين يجري الحديث عن أنه شخصية مرنة أو ضعيفة، فما لا يعرفه كثُر أنه من الشخصيات الأكثر تشدداً داخل الحزب، من الناحيتين التنظيمية والإدارية، استناداً إلى خبرة ٤٠ عاماً في العمل الإداري الذي أشرف عليه، خصوصاً في مجال الموازنات والإنفاق. إضافة إلى أنه من أكثر المسؤولين معرفة بأحوال الدولة ومؤسساتها، من المجلس النيابي إلى الحكومة إلى المشاريع المدنية. وهو امتلك خبرة كبيرة في بواطن القوى السياسية كافة.
وما لا يعرفه كثيرون أيضاً عن الشيخ قاسم، نظراً إلى كون القرار كان يتمثّل في ما تقرره الشورى وما يعبّر عنه الأمين العام الراحل، هو أن قاسم على الصعيد الشخصي، كما على صعيد رأيه داخل الهيئات القيادية، من الأكثر تشدداً حيال طريقة التعامل مع القوى الخارجية الداعمة لإسرائيل، خصوصاً الأميركيين والأوروبيين. كما أنه من أكثر قيادات حزب الله تشدداً تجاه القوى الداخلية المعروفة بخصومتها للمقاومة. وهو ليس من الفريق القابل للمساومة حول الكثير من الأمور، ويشعر اليوم بأن مسؤوليته كبيرة جداً في حماية الحزب، ويعرف أنه الآن متفرغ لملف الحرب والمواجهة، لكن عينه على الداخل مرتبطة بأصل موقفه من التدخلات الخارجية واستسهال بعض القوى للتفاعل مع هذه التدخلات.
وعلى من يقرأ الحزب بشكل خاطئ أن يتنبّه إلى أن حزب الله، بعد الضربات التي تلقّاها والتحديات التي فُرضت عليه، سيعيد بناء نفسه ويضع برامج كما كان عليه في فترة الثمانينيّات. ولن يكون حزب الله على المستوى نفسه من التساهل، وهو يقدّر عالياً جداً سلوك اللبنانيين الإيجابي الذي ظهر في التعامل مع ملف النزوح، لكنّ الحزب بقيادة الشيخ قاسم، يميز بين سلوك الناس، وسلوك القوى والشخصيات التي انتقلت من مرحلة الرهان على العدو الإسرائيلي إلى مرحلة إبداء الاستعداد للتعاون مع المشروع الأميركي، والتي تضع نفسها في قلب حملة سياسية وإعلامية تُلاقي إسرائيل في منتصف الطريق.