الأسبوع:
2025-02-01@06:41:08 GMT

هل بدأ تقسيم السودان؟

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

هل بدأ تقسيم السودان؟

بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على وسط دارفور، وبث فيديوهات لقادة الدعم من داخل مدينة زالنجي عاصمة الولاية، وعلى الرغم من إنكار الجيش لسيطرة المتمردين على الولاية، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد أن الكلمة الغالبة في مناطق دارفور المختلفة هي لقوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي"، والمتحالفين معها من القبائل العربية الأخرى، حيث أعلن عدد كبير من زعماء الإدارات الأهلية داخل ولاية وسط دارفور تأييدهم للدعم السريع، وتضمن الإعلان أبرز وأهم هؤلاء القادة ومنهم ممثلون عن قبيلة الرزيقات والفلاتة، علاوة على قبيلة السلامات، فيما لم يوقع عليه الدمنقاوي سيسي فضل سيسي، وهو أعلى سلطة أهلية في المنطقة ويتبع لقبيلة الفور إحدى أكبر قبائل المنطقة.

ومن أبرز الموقعين على بيان التأييد محمود صوصل أمير الرزيقات المهرية وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الوطني، تولى في عهد البشير منصب معتمد محلية “ام دخن” في الحدود مع دولة أفريقيا الوسطى وتلاحقه اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد قبيلة الفور في مناطق “مكجر وبندسي ودليج” بولاية وسط دارفور.

ودعا القادة الأهليون أبناءهم في القوات المسلحة ومن أسموهم بشرفاء الجيش السوداني للانسحاب الفوري مما يطلقون عليه "جيش البرهان"، وحثوا الحركات المسلحة على مناصرة الدعم السريع.

ويلاحظ المراقبون أن قوات الدعم تتحرك بحرية مطلقة داخل ولايات دارفور، وترتكب جرائم حرب، وجرائم إبادة جماعية دون أن يتحرك ما يسمى بالمجتمع الدولي ضد هذه القوات التي أبادت أكثر من أربعة آلاف مواطن من أبناء قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور، كما أفرغت العاصمة الجنينة من سكانها وهجرتهم وشردتهم إلى داخل الحدود التشادية، ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي عمليات المطاردة التي قامت بها عناصر الدعم السريع إلى داخل الأراضي التشادية وقتل عدد كبير من رجال وشباب المساليت الذين حاولوا الهروب والاحتماء بالقوات والأراضي التشادية ولكنهم قتلوا تحت أعين الجميع.

وبالحديث عن سيطرة الدعم السريع على ولاية وسط دارفور وغرب دارفور، يصبح "حميدتي" الآن الأقوى في غرب السودان، حيث تشكل الولايتان المساحة الكبرى في الإقليم كما أن قواته لا زالت تحتشد بالقرب من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وهو ما يعني قرب دخولها، وتشريد سكانها أيضًا. وكان ضمن سيناريوهات الحرب التي أشعلها التمرد في 15 أبريل الماضي ضد الجيش السوداني هو انتقال الحرب إلى إقليم دارفور بغرب السودان عندما يطبق الجيش سيطرته على العاصمة الخرطوم، حيث تعود قوات الدعم السريع إلى حاضنتها من القبائل العربية في ولايات دارفور المختلفة وإلى المناطق الحدودية التي تجلب إليها القبائل العربية من مختلف دول الجوار.

ويرى المراقبون أن الإعلانات المتتالية لقوات الدعم في السيطرة على مدن وولايات في دارفور، يؤكد أن هذه القوات تتلقى دعما عسكريا ولوجيستيا بالتدريب والعمل الاستخباري لتقسيم البلاد، وخلق جيش آخر، ودولة ثانية في دارفور بقيادة الدعم السريع والقبائل العربية، بعد تطهير تلك الولايات من القبائل الإفريقية، وطردهم إلى خارج السودان، أو إلى داخل المدن التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، وهو ما يعني بداية صراع أهلي وقبلي طويل وممتد، قد لا ينتهي خلال السنوات القادمة، كما أنه يؤسس لفكرة تقسيم السودان، وقطع غرب السودان كله ليكون التقسيم الثاني بعد انفصال الجنوب. كما أن تحركات الدعم السريع تسير بسرعة متوازية مع تحركات عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي خالف ونقض تعهداته بالهدنة مع الحكومة، واستغل انشغال الجيش بالحرب في الخرطوم لتنقض قواته على عدد من مدن ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما يعني أن تحركًا أيضًا بدعم إقليمي ودولي يقوده "الحلو" لفصل المناطق الجنوبية خاصة ولايتيْ جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتشكيل دويلة ثالثة في السودان.

مخطط تقسيم السودان بدا واضحا ويتحقق بشكل سريع على الأرض، وسط مطامع إقليمية متمثلة في إثيوبيا التي تسعى إلى استعادة إقليم الفشقة الكبرى، والذي يضم قرابة مليونيْ فدان من أجود أراضي السودان، إضافة إلى تحالف غير معلن ما بين الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ودولة جنوب السودان، لاستعادة كل المناطق التي تزعم دولة الجنوب أنها تتبع لها، وهي ما أطلق عليها بمناطق النزاع الحدودي. كما أن دولة دارفور الجديدة هي الفكرة الأسطورية القديمة التي تداعب خيال القبائل العربية في دول غرب إفريقيا مثل النيجر وتشاد والكاميرون وإفريقا الوسطى، وهي القبائل التي تسعى إلى تشكيل دولة خالصة للقبائل العربية القديمة التي دخلت تلك البلاد مع بدايات الفتح الإسلامي.

ومن المتناقضات التي نجح الاستعمار الجديد في خلقها، هذا العداء الكبير بين تلك القبائل، ومثيلتها من القبائل العربية التي تعيش في وسط السودان، وشماله، وهو استبدال لحالة العداء التي كانت قائمة بين المكون العربي في دارفور والمناطق الحدودية، والمكون الإفريقي إلى العداء مع المكون العربي في داخل ووسط السودان.

ويرى المراقبون أن خلق هذه العداءات بين عرب وعرب، وعرب وأفارقة، ووسط السودان وجنوبه، ووسط السودان وغربه، إضافة إلى بعض الإرهاصات التي ظهرت في الشرق، يؤكد أن تقسيم البلاد إلى خمس دويلات أمر واقع في الغرب والشرق والوسط والجنوب والشمال، حيث تزعم أيضًا بعض قبائل النوبة في أقصى شمال السودان أن لها خصوصيتها الثقافية والجغرافية التي تسمح لها بتشكيل دويلة خاصة بها.

ووفقا للتوجهات الأمريكية والأوروبية التي تسير نحو تفتيت الدول الكبرى إلى دويلات صغيرة، وهو المخطط الذي حاولت تنفيذه في العراق، فإن السودان الهش، الذي لم ينجح في تشكيل رؤية وطنية موحدة حول دولة مركزية واحدة، قد سمح لصناع القرار في العواصم الغربية بتحقيق طموحاتهم نحو تفتيت هذا البلد الكبير، الذي بدأ مبكرًا باقتطاع الجنوب منه في العام 2011، وهو الآن يبدأ التقسيم الفعلي بقوة السلاح، وبتشكيل ميليشيات تعمل على حراسة مصالح تلك الدول، وتنفذ إرادتها مقابل منحها دويلات صغيرة وهمية لا تصلح أبدًا لتشكيل دولة منفردة، ولكنها تصلح أن تكون أداة دائمة بيد قوى الاستعمار الجديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السودان حميدتي قوات الدعم السريع وسط دارفور القبائل العربیة الدعم السریع وسط السودان وسط دارفور من القبائل کما أن

إقرأ أيضاً:

الجزائر تجدد دعوتها في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في السودان

عصو البعثة الدائمة للجزائر بالأمم المتحدة، لفت إلى أن الوضع في دارفور تمت إحالته للمحكمة الجنائية الدولية منذ عشرين عاما بقرار مجلس الأمن، والتي أصدرت بالمقابل 40 تقريرا حتى الآن حول القضية

التغيير: وكالات

جدد عضو البعثة الدائمة للجزائر لدى الأمم المتحدة توفيق العيد كودري، الدعوة إلى الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار في السودان الذي لا يزال يشهد حربا ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأكد كوديري خلال جلسة لمجلس الأمن ترأستها الجزائر حول السودان وجنوب السودان، أن “تحقيق العدالة والمساءلة يظل متغيرا أساسيا لضمان نهج شامل لحل النزاع في السودان”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الوضع في دارفور تمت إحالته للمحكمة الجنائية الدولية منذ عشرين عاما بقرار مجلس الأمن، والتي أصدرت بالمقابل 40 تقريرا حتى الآن حول القضية.

في هذا الصدد، ركز عضو البعثة الدائمة للجزائر على جملة من النقاط المتعلقة بضرورة ضمان التكامل بين العدالة الانتقالية والمسائلة وجهود السلام في السودان، خاصة في دارفور.

ودعا كوديري بهذا الخصوص إلى وجوب بذل كل الجهود لتنشيط و تعزيز الهياكل القضائية الوطنية بهدف دعم الملكية الوطنية في هذه العملية.

كما رحب في تصريحه، خلال جلسة لمجلس الأمن باعتماد الحكومة السودانية للخطة الوطنية لحماية المدنيين في السودان المرتكزة على مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان.

وشدد عضو البعثة الجزائرية الدائمة، على أهمية دراسة الأطر المتاحة لإقامة عدالة انتقالية شاملة بقيادة سودانية.

في السياق ذاته، قال كوديري ‘ن الاتحاد الإفريقي يمثل إطارا هاما للعمل على إيجاد الآليات المناسبة لمعالجة الوضع في السودان.

وأدانت الجزائر خلال جلسة مجلس الأمن، على لسان عضو البعثة الدائمة كويدري، التدخلات الأجنبية “علنا وبشكل حازم”، معتبرة أن الحل الدائم للصراع لن يكون في متناول المجتمع الدولي في ظل التدخلات الأجنبية الصارخة في السودان.

تصاعد الصراع

ذكر كويدري في سياق مداخلته، أن عدم امتثال قوات الدعم السريع لقرار مجلس الأمن من خلال استمرار حصارها لمدينة الفاشر بإقليم دارفور يمثل مصدر قلق للغاية.

وقامت قوات الدعم السريع، يوم الجمعة الماضي، بقصف مسير استهدف آخر المستشفيات حيز الخدمة في الفاشر مما أسفر عن وفاة أكثر من 70 مدنيا.

وأضاف المتحدث ذاته، أن إقليم دارفور والسودان على نطاق أوسع يشهدان مستوى غير مسبوق من التصعيد في عدة مناطق مع تزايد خطر اتساع رقعة الصراع، لتشمل الدول المجاورة.

كما شجّع عضو البعثة الدائمة للجزائر الأطراف المعنية على زيادة تيسير وصول المساعدات الإنسانية وضمان استدامتها، مع تأكيد ضمان حماية المدنيين وإعلاء لغة الحوار.

يشار إلى أن النزاع قائم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أفريل 2023، وتسبب في أزمة إنسانية حادة شملت نزوح أزيد من 12 مليون شخص.

ومنذ شهر مايو الماضي عرفت الفاشر التي تعد أكبر مدن إقليم دارفور مواجهات واشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع.

الوسومالجزائر حرب الجيش والدعم السريع مجلس الأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • سودان تربيون: الدعم السريع تنقل عتادًا ثقيلًا من ليبيا إلى دارفور
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • «7» قتلى في قصف على مخيم أبوشوك بدارفور غرب السودان
  • قتلى وجرحى إثر قصف للدعم السريع بالفاشر
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الرئاسي وسط انسحابات مستمرة لقوات الدعـ ـم السريع
  • الجزائر تجدد دعوتها في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في السودان
  • آلاف النازحين الجدد شمال دارفور خوفا من «الدعم السريع»
  • الهجرة الدولية: 3960 أسرة نزحت من الفاشر جراء هجمات “الدعم السريع”