الأسبوع:
2025-04-27@00:50:20 GMT

هل بدأ تقسيم السودان؟

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

هل بدأ تقسيم السودان؟

بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على وسط دارفور، وبث فيديوهات لقادة الدعم من داخل مدينة زالنجي عاصمة الولاية، وعلى الرغم من إنكار الجيش لسيطرة المتمردين على الولاية، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد أن الكلمة الغالبة في مناطق دارفور المختلفة هي لقوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي"، والمتحالفين معها من القبائل العربية الأخرى، حيث أعلن عدد كبير من زعماء الإدارات الأهلية داخل ولاية وسط دارفور تأييدهم للدعم السريع، وتضمن الإعلان أبرز وأهم هؤلاء القادة ومنهم ممثلون عن قبيلة الرزيقات والفلاتة، علاوة على قبيلة السلامات، فيما لم يوقع عليه الدمنقاوي سيسي فضل سيسي، وهو أعلى سلطة أهلية في المنطقة ويتبع لقبيلة الفور إحدى أكبر قبائل المنطقة.

ومن أبرز الموقعين على بيان التأييد محمود صوصل أمير الرزيقات المهرية وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الوطني، تولى في عهد البشير منصب معتمد محلية “ام دخن” في الحدود مع دولة أفريقيا الوسطى وتلاحقه اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد قبيلة الفور في مناطق “مكجر وبندسي ودليج” بولاية وسط دارفور.

ودعا القادة الأهليون أبناءهم في القوات المسلحة ومن أسموهم بشرفاء الجيش السوداني للانسحاب الفوري مما يطلقون عليه "جيش البرهان"، وحثوا الحركات المسلحة على مناصرة الدعم السريع.

ويلاحظ المراقبون أن قوات الدعم تتحرك بحرية مطلقة داخل ولايات دارفور، وترتكب جرائم حرب، وجرائم إبادة جماعية دون أن يتحرك ما يسمى بالمجتمع الدولي ضد هذه القوات التي أبادت أكثر من أربعة آلاف مواطن من أبناء قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور، كما أفرغت العاصمة الجنينة من سكانها وهجرتهم وشردتهم إلى داخل الحدود التشادية، ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي عمليات المطاردة التي قامت بها عناصر الدعم السريع إلى داخل الأراضي التشادية وقتل عدد كبير من رجال وشباب المساليت الذين حاولوا الهروب والاحتماء بالقوات والأراضي التشادية ولكنهم قتلوا تحت أعين الجميع.

وبالحديث عن سيطرة الدعم السريع على ولاية وسط دارفور وغرب دارفور، يصبح "حميدتي" الآن الأقوى في غرب السودان، حيث تشكل الولايتان المساحة الكبرى في الإقليم كما أن قواته لا زالت تحتشد بالقرب من الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وهو ما يعني قرب دخولها، وتشريد سكانها أيضًا. وكان ضمن سيناريوهات الحرب التي أشعلها التمرد في 15 أبريل الماضي ضد الجيش السوداني هو انتقال الحرب إلى إقليم دارفور بغرب السودان عندما يطبق الجيش سيطرته على العاصمة الخرطوم، حيث تعود قوات الدعم السريع إلى حاضنتها من القبائل العربية في ولايات دارفور المختلفة وإلى المناطق الحدودية التي تجلب إليها القبائل العربية من مختلف دول الجوار.

ويرى المراقبون أن الإعلانات المتتالية لقوات الدعم في السيطرة على مدن وولايات في دارفور، يؤكد أن هذه القوات تتلقى دعما عسكريا ولوجيستيا بالتدريب والعمل الاستخباري لتقسيم البلاد، وخلق جيش آخر، ودولة ثانية في دارفور بقيادة الدعم السريع والقبائل العربية، بعد تطهير تلك الولايات من القبائل الإفريقية، وطردهم إلى خارج السودان، أو إلى داخل المدن التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، وهو ما يعني بداية صراع أهلي وقبلي طويل وممتد، قد لا ينتهي خلال السنوات القادمة، كما أنه يؤسس لفكرة تقسيم السودان، وقطع غرب السودان كله ليكون التقسيم الثاني بعد انفصال الجنوب. كما أن تحركات الدعم السريع تسير بسرعة متوازية مع تحركات عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي خالف ونقض تعهداته بالهدنة مع الحكومة، واستغل انشغال الجيش بالحرب في الخرطوم لتنقض قواته على عدد من مدن ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما يعني أن تحركًا أيضًا بدعم إقليمي ودولي يقوده "الحلو" لفصل المناطق الجنوبية خاصة ولايتيْ جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتشكيل دويلة ثالثة في السودان.

مخطط تقسيم السودان بدا واضحا ويتحقق بشكل سريع على الأرض، وسط مطامع إقليمية متمثلة في إثيوبيا التي تسعى إلى استعادة إقليم الفشقة الكبرى، والذي يضم قرابة مليونيْ فدان من أجود أراضي السودان، إضافة إلى تحالف غير معلن ما بين الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ودولة جنوب السودان، لاستعادة كل المناطق التي تزعم دولة الجنوب أنها تتبع لها، وهي ما أطلق عليها بمناطق النزاع الحدودي. كما أن دولة دارفور الجديدة هي الفكرة الأسطورية القديمة التي تداعب خيال القبائل العربية في دول غرب إفريقيا مثل النيجر وتشاد والكاميرون وإفريقا الوسطى، وهي القبائل التي تسعى إلى تشكيل دولة خالصة للقبائل العربية القديمة التي دخلت تلك البلاد مع بدايات الفتح الإسلامي.

ومن المتناقضات التي نجح الاستعمار الجديد في خلقها، هذا العداء الكبير بين تلك القبائل، ومثيلتها من القبائل العربية التي تعيش في وسط السودان، وشماله، وهو استبدال لحالة العداء التي كانت قائمة بين المكون العربي في دارفور والمناطق الحدودية، والمكون الإفريقي إلى العداء مع المكون العربي في داخل ووسط السودان.

ويرى المراقبون أن خلق هذه العداءات بين عرب وعرب، وعرب وأفارقة، ووسط السودان وجنوبه، ووسط السودان وغربه، إضافة إلى بعض الإرهاصات التي ظهرت في الشرق، يؤكد أن تقسيم البلاد إلى خمس دويلات أمر واقع في الغرب والشرق والوسط والجنوب والشمال، حيث تزعم أيضًا بعض قبائل النوبة في أقصى شمال السودان أن لها خصوصيتها الثقافية والجغرافية التي تسمح لها بتشكيل دويلة خاصة بها.

ووفقا للتوجهات الأمريكية والأوروبية التي تسير نحو تفتيت الدول الكبرى إلى دويلات صغيرة، وهو المخطط الذي حاولت تنفيذه في العراق، فإن السودان الهش، الذي لم ينجح في تشكيل رؤية وطنية موحدة حول دولة مركزية واحدة، قد سمح لصناع القرار في العواصم الغربية بتحقيق طموحاتهم نحو تفتيت هذا البلد الكبير، الذي بدأ مبكرًا باقتطاع الجنوب منه في العام 2011، وهو الآن يبدأ التقسيم الفعلي بقوة السلاح، وبتشكيل ميليشيات تعمل على حراسة مصالح تلك الدول، وتنفذ إرادتها مقابل منحها دويلات صغيرة وهمية لا تصلح أبدًا لتشكيل دولة منفردة، ولكنها تصلح أن تكون أداة دائمة بيد قوى الاستعمار الجديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السودان حميدتي قوات الدعم السريع وسط دارفور القبائل العربیة الدعم السریع وسط السودان وسط دارفور من القبائل کما أن

إقرأ أيضاً:

نزوح جماعي في الفاشر.. والبرهان يتلقى رسالة من غوتيريش (شاهد)

تتواصل معاناة المدنيين في مخيمات مدينة الفاشلة وأجزاء من ولاية شمال دارفور، بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه قوات الدعم السريع.

وصباح الخميس، أعلنت مصادر طبية مقتل 11 مدني وإصابة 35 في قصف الدعم السريع لمخيم أبو شوك وأحياء في الفاشر.

بدورها، قالت الأمم المتحدة إن سكان الفاشر وطويلة وأجزاء أخرى من ولاية شمال دارفور يواجهون "وضعا مروعا" بسبب النزوح الجماعي وسقوط ضحايا من المدنيين وتزايد الاحتياجات الإنسانية، حيث سعى العديد من المدنيين إلى إيجاد الأمن والمأوى بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.

وأفاد شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني على الأرض أن مئات الآلاف من سكان المخيم فروا إلى مواقع أخرى.

وفي مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، ذكّر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن بعض سكان المخيم كانوا يعيشون فيه منذ بداية الصراع في دارفور عام 2003، وأنه تم تأكيد ظروف المجاعة هناك مؤخرا.

وقال: "إن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة حيث الاحتياجات مرتفعة بالفعل يخلق ضغطا حرجا على الخدمات الصحية والبنية التحتية للمياه وأنظمة الغذاء المحلية في جميع أنحاء شمال دارفور".

تطلق منظمة مناصرة ضحايا دارفور نداء إنساني عاجل بشان الوضع الإنساني والصحي للنازحين الذين فروا من مخيمي زمزم وأبو شوك إلى محلية طويلة بولاية شمال دارفور الفاشر هذا الفيدو يوثق حال الاطفال وهم يواجهون نقصاً في الغذاء والماء. pic.twitter.com/gM7V68WBTr — Darfur Victims Support (@DVSorg) April 24, 2025
القدرة على الاستجابة
وقال دوجاريك إن المنظمة وشركاءها الإنسانيين يوسعون نطاق عملياتهم لتلبية الاحتياجات المتزايدة في مناطق متعددة من الولاية، إلا أن حجم النزوح، إلى جانب انعدام الأمن والقيود اللوجستية المتزايدة التي أعاقت وصول المساعدات الإنسانية، "يُثقل كاهل القدرة على الاستجابة بشدة".

وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى العمل على تنسيق مهمة عبر الحدود من تشاد إلى دارفور في الأيام المقبلة، ستحمل مساعدات لما يصل إلى 40 ألف شخص. بالإضافة إلى ذلك، تدير المنظمات غير الحكومية المحلية في الفاشر عيادات صحية متنقلة وعيادات تغذية، وقد أطلقت مشروعا لنقل المياه بالشاحنات، يوفر 20 مترا مكعبا من المياه يوميا لعشرة آلاف شخص.

ودعا دوجاريك جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان المرور الآمن للمدنيين، وتسهيل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.


لعمامرة يكثف المساعي
وفي سياق متصل، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، إلى بورتسودان، حيث التقى بالجنرال عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الآخرين. 

وتأتي هذه الزيارة في إطار تكثيف مشاوراته وتواصله مع الأطراف وجميع الجهات المعنية
لاستكشاف سُبل تعزيز حماية المدنيين وأي جهد لتهدئة الصراع.

وقال دوجاريك إن المبعوث الشخصي سيؤكد من جديد خلال زياراته دعوة الأمم المتحدة إلى حوار عاجل وحقيقي بين أطراف الصراع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية.

وجدد المتحدث دعوات الأمم المتحدة إلى عملية سياسية شاملة لمنع مزيد من التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة السودان إلى مسار السلام والاستقرار.

وأضاف: "نحث الأطراف على اغتنام فرصة زيارة السيد لعمامرة إلى البلاد والمنطقة للالتزام بالانخراط في طريق شامل للمضي قدما وتعزيز حماية المدنيين، بما في ذلك من خلال محادثات غير مباشرة محتملة".
جابر للعمامرة: ما يحدث في الفاشر لتجويع مواطنيه والترويج لمجاعة في السودان فرية لتمرير اجندات خاصة

اكد عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق مهندس إبراهيم جابر خلال لقائه بمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان، السفير رمطان لعمامرة، عدم وجود مجاعة في السودان. pic.twitter.com/2DjqpA8f4R — SUDAN News Agency (SUNA) ???????? (@SUNA_AGENCY) April 24, 2025
وفي السياق، تسلّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، مساء الأربعاء، رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تتعلق بدور المنظمة الدولية في دعم جهود إحلال السلام بالسودان.

جاء ذلك خلال لقاء عقده البرهان، بمدينة بورتسودان (شرق)، مع المبعوث   رمطان لعمامرة، بحضور وكيل وزارة الخارجية السودانية إدريس إسماعيل، وفق بيان صادر عن مجلس السيادة.

وقال إسماعيل، في تصريح صحفي، إن "لعمامرة، نقل لرئيس مجلس السيادة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تتعلق بدور المنظمة الدولية بشأن السودان سلما وحربا"، حسب البيان.

ومنذ نيسان/ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وجدد البرهان، خلال اللقاء، الإعراب عن "ثقة السودان في الدور الكبير الذي تضطلع به الأمم المتحدة تجاه قضايا السودان"، وفق البيان.

وأكد "دعم هذا الدور من أجل تحقيق السلام والأمن، مع استعداد السودان لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين".

وتسارعت انتصارات الجيش في ولاية الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.

وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 ولايات من أصل 5 بإقليم دارفور (غرب).

مقالات مشابهة

  • تصاعد حدة معارك السودان.. قتلى بهجمات «الدعم السريع» على نهر النيل
  • الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها
  • السودان .. قطع الكهرباء عن ولايتي نهر النيل و البحر الأحمر
  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر  
  • نزوح جماعي في الفاشر.. والبرهان يتلقى رسالة من غوتيريش (شاهد)
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)