قمة الناتو.. كيف خرجت أوكرانيا كفائز أكبر من قمة واشنطن؟
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
واشنطن– نجحت قمة واشنطن في إظهار وحدة أكبر بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وبعثت -في الوقت ذاته- رسائل حادة وجادة إلى روسيا والصين.
ورغم سيطرة قضية قدرات الرئيس جو بايدن الذهنية على همسات المشاركين، كان النقاش حول القضايا التقليدية العالقة والتحديات أمام دول الحلف هو الشاغل الأكبر للعديد من الدول التي تدرك أنه يجب التعامل مع نتائج الانتخابات الأميركية مهما كانت.
وعلى مدار 3 أيام، احتشد ممثلو أكبر تحالف عسكري عالمي -والمكون من 32 بلدا- للاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيسه. ورغم أنها ليست عضوا بالحلف، سرقت أوكرانيا الأضواء.
وخلال أيام القمة، ألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطابا واحدا على الأقل يوميا، والتقى نظيره الأميركي، وكرر مطالبه بضرورة استمرار الحلف في دعم وتسليح بلاده.
ووافق الناتو على صياغة، في إعلانه النهائي، تعلن أن دخول أوكرانيا عضوية الحلف "لا رجعة فيها" لكنه لم يحدد إطارا زمنيا لذلك.
غير أنه وفي الوقت ذاته، تقول خبيرة الشؤون الأوروبية بالمجلس الأطلسي للأبحاث راشيل ريزو "بالنسبة لمنظمة قائمة على الإجماع، لا تزال هناك أسئلة رئيسية حول المدة والمتطلبات، وماذا سيحدث من الآن وحتى نيل أوكرانيا عضويتها، والتي قد تكون بعد عقود من الزمان".
كما أعلن الناتو عزمه تقديم 43 مليار دولار إضافية من المساعدات العسكرية العام المقبل، وأشار إلى بدء نقل طائرات مقاتلة من طراز "إف-16" (F-16) إلى أوكرانيا، إضافة لإرسال العشرات من أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك 4 أنظمة صواريخ "باتريوت".
غير أن البيان الختامي غاب عنه أي إعلان حول استعداد واشنطن لتخفيف القيود المفروضة على كيفية استخدام الأوكرانيين للأسلحة التي توفرها لهم. ويبدو أن البعض محبط لأن أوكرانيا لا تستطيع أن تضرب في عمق روسيا.
وعلى الرغم من أن كييف لم تحصل على كل ما تريده لا سيما عضوية الحلف، عبّر الرئيس الأوكراني عن سعادته بما حصلت عليه بلاده. وقال مستشاره "نحن راضون عن نتيجة قمة واشنطن. لغة الوثيقة قوية حقا. خطا التحالف خطوات حقيقية إلى الأمام.. المحطة التالية هي أن تتلقى أوكرانيا الدعوة للعضوية".
المخاوف من روسيا والصين
تدفع الحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا إلى تذكير أوروبا بأهمية حلف "الناتو" ويدفع ذلك بدوره لجعل تعزيز الدفاعات الشرقية للحلف أولوية قصوى، وهو ما تشدد عليه واشنطن.
ويهدف الحلف إلى مضاعفة نشر قوات الناتو في المنطقة، والتي يبلغ عددها حاليا حوالي 40 ألف جندي، وتحديث البنية التحتية للدول الأعضاء بما في ذلك خطوط السكك الحديدية والطرق الحيوية، وضمان قدرات الاستجابة السريعة، والاستعداد للرد على أي عدوان روسي مستقبلي.
وكان من اللافت اتخاذ الولايات المتحدة وألمانيا خطوة أخرى اعتبرتها روسيا تصعيدية، إذ اتفقتا على وضع المزيد من الصواريخ بعيدة المدى وصواريخ اعتراضية من طراز "توماهوك" وغيرها، بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، قيد التطوير، بدءا من عام 2026.
وفي بيان القمة النهائي، أدان أعضاء "الناتو" السياسة الصينية تجاه حرب أوكرانيا، واتهموا بكين بتمكين موسكو من الاستمرار في الحرب عن طريق المعاملات التجارية الضخمة، التي تشمل معدات وتكنولوجيا ومواد يمكن استخدامها لدعم الجهد العسكري الروسي.
وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في تقرير إن الصين "باعت إلى روسيا ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من أشباه الموصلات والرقائق ومعدات الملاحة وقطع غيار الطائرات المقاتلة ومكونات أخرى".
لكن مراقبين يعتقدون أن بيان "الناتو" لا يزال مهما بالنظر إلى أن الحلفاء الأوروبيين كانوا مترددين في المخاطرة بالعلاقات التجارية مع بكين، وبطيئين في قبول التهديد الذي تشكله طموحات القيادة الصينية.
ويؤكد البيان أيضا أن التهديدات الحالية عالمية وأن ما يحدث في أوروبا لا يمكن عزله عن منطقة المحيطين الهندي والأطلسي، التي شددت القمة على أنها ذات أهمية متزايدة للأمن الدولي.
وسائل غير تقليدية
تضمن نقاش قمة واشنطن تركيز كبيرا على ساحات التسليح غير العسكري في صورتها التقليدية. وشارك في النقاش الكثير من خبراء قطاعات التكنولوجيا المختلفة لخدمة هدف دمج التقنيات المتطورة مثل المركبات غير المأهولة والذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض، في البنية الدفاعية لحلف "الناتو".
ومن المعضلات في هذا الصدد ما يتعلق بالإطار الأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والبحث عن معايير مناسبة حول حوكمته.
من ناحيتها، اعتبرت الخبيرة السياسية في مؤسسة "راند" آن ماري دايلي أن "إحدى الفرص الرئيسية الضائعة هي غياب أميركا اللاتينية في القسم الذي يحدد خطة عمل جديدة للجوار الجنوبي لحلف الناتو، خاصة وأن الصين وروسيا تقومان بحملات تضليل نشطة وحملات استثمارية خبيثة في أميركا الجنوبية".
ولكن -تقول دايلي- على عكس أفريقيا والشرق الأوسط، لا تزال أميركا اللاتينية مستقرة نسبيا، ولديها إمكانات تعاون اقتصادي وسياسي كبيرة مع حلفاء "الناتو".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قمة واشنطن
إقرأ أيضاً:
خلف الكواليس.. كيف تخلى ترامب عن أوكرانيا لتحقيق هدف أكبر؟
بعد 5 أسابيع من ولايته الثانية، أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه على تفكيك التحالفات التقليدية للولايات المتحدة والعودة إلى سياسة القوة العظمى المجردة. لكن التساؤل الأكبر كان: إلى أي مدى يمكن أن يضحي بأوكرانيا في سبيل رؤيته؟.
الإجابة جاءت في المواجهة المذهلة التي جرت علناً في المكتب البيضاوي. فقد وبّخ ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، محذراً إياه بأنه "لا يملك الأوراق الرابحة" في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بينما هاجمه نائب الرئيس جي. دي. فانس، واصفاً إياه بأنه "غير محترم" و"غير ممتن". بدا واضحاً أن الشراكة بين واشنطن وكييف قد انهارت، وفقاً لتقرير تحليلي لصحيفة "نيويورك تايمز".تطبيع العلاقات مع روسيا؟ السؤال المطروح الآن: هل يمكن إصلاح هذه العلاقة؟ وما مصير الصفقة الخاصة بالموارد المعدنية الأوكرانية التي كانت محور زيارة زيلينسكي؟ لكن الحقيقة الأكبر التي كشفتها هذه المواجهة أن ترامب يرى أوكرانيا عقبة أمام مشروعه الأوسع.
وفقاً لمسؤول أوروبي بارز، فإن الهدف الحقيقي لترامب هو تطبيع العلاقات مع روسيا، حتى لو تطلب ذلك إعادة كتابة تاريخ الغزو الروسي غير القانوني، أو التغاضي عن جرائم الحرب، أو التخلي عن أي ضمانات أمنية لأوكرانيا. تحوّل في الموقف الأمريكي قبل الزيارة الكارثية، أشار وزير الخارجية ماركو روبيو إلى ضرورة تجاوز الحرب الأوكرانية، والعمل على إقامة "علاقة ثلاثية" بين الولايات المتحدة وروسيا والصين. في مقابلة مع "بريتبارت نيوز"، أكد روبيو أن "هذه دول قوية تمتلك ترسانات نووية، ويمكنها فرض نفوذها عالمياً"، متجنباً أي إشارة إلى أن روسيا هي المعتدية.
An important visit to the United States. In Washington, I met with a bipartisan delegation from the U.S. Senate.
Our discussions focused on the continued military assistance for Ukraine, relevant legislative initiatives, my meeting with President Trump, efforts to achieve a just… pic.twitter.com/KJcosUpygc
Trump admitted the real reason he got mad at Zelensky. It is because he was saying "negative things" about Putin.
This triggered Trump because Trump is trying to conduct trade negotiations with Russia right now and does not want to offend Putin.
Trump does not want peace.… pic.twitter.com/C0OrbK3YXP
في مؤتمر ميونيخ للأمن، تجاهل فانس تماماً فكرة تقديم ضمانات أمنية لكييف، ولم يطالب روسيا بدفع ثمن غزوها. بدلاً من ذلك، أبدى انفتاحاً تجاه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا. ومع ذلك، لم يدرك زيلينسكي حجم التغيير في الموقف الأمريكي، فدخل في مواجهة مباشرة مع ترامب، محذراً إياه من أن المحيطات لن تحمي أمريكا إلى الأبد. لكن ترامب رد بغضب، قائلاً له إنه سيكون محظوظاً إن حصل على مجرد وقف لإطلاق النار.
ارتدادات عالميةخرج زيلينسكي من البيت الأبيض غاضباً، دون أن يتناول غداءه، ودون أن يوقّع صفقة المعادن، وذلك وسط ضبابية تحيط بمستقبل أوكرانيا في مواجهة روسيا.
في أوروبا، سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحلفاء أوكرانيا الشرقيون، مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا، إلى إعلان دعمهم لكييف. لكن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين شككوا في إمكانية إصلاح الضرر.
على الجانب الآخر، احتفلت موسكو بالموقف الأمريكي الجديد. ووجّه ديمتري ميدفيديف شكره لترامب "لقوله الحقيقة"، وحثه على تعليق ما تبقى من المساعدات لأوكرانيا.
أما ماركو روبيو، الذي كان سابقاً أحد أبرز داعمي زيلينسكي، فبادر إلى تهنئة ترامب، مشيداً به على "إعطاء الأولوية لأمريكا".
The Oval Office meeting today between Trump and Zelensky “reeked of a planned attack,” @radiofreetom writes.
“The Ukrainian leader did his best to stand up to the bullying, but Trump and Vance were playing to the cameras and the MAGA gallery at home.” https://t.co/i8URdOhRZ3 pic.twitter.com/PgM4rZUrEW
وتقول الصحيفة إنه من السهل ترديد شعار "أمريكا أولاً"، لكن من الصعب بناء نظام عالمي جديد. لقد استغرق تشكيل النظام الحالي عقوداً، ورغم عيوبه، نجح في تجنب الحروب الكبرى وتعزيز الاعتماد الاقتصادي المتبادل.
حتى الآن، لم يحدد ترامب بوضوح رؤيته البديلة، باستثناء الاعتماد على القوة الاقتصادية والعسكرية لعقد الصفقات. لكن التاريخ يثبت أن هذه المقاربة وحدها لا تكفي، خاصة عند التعامل مع قادة مثل بوتين وشي جين بينغ، الذين ينظرون إلى الديمقراطيات باعتبارها ضعيفة الإرادة.
لكن يبدو أن ترامب مقتنع بأن العالم سينصاع لإرادته، كما ظهر جلياً في استعراض القوة داخل المكتب البيضاوي يوم الجمعة الماضي.