بعد عامين من حرب أوكرانيا.. كيف تتعامل الدول الأوروبية مع أزمة الغاز؟
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
سلطت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، الضوء على أبرز النقاط المتعلقة بتحدي الغاز الذي يواجه أوروبا بعد أكثر من سنتين من الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن "يتضاعف استهلاك الكهرباء من قبل مراكز البيانات على مستوى العالم بحلول سنة 2026".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أوروبا تواجه في الوقت نفسه الحاجة إلى استيراد الغاز لمواصلة العمل وإنتاج الكهرباء، مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يتوافق مع أهدافها المناخية.
وأوضحت الصحيفة، أن محكمة المدققين الأوروبية تناولت هذه القضية المهمة. وقد مرّ تقريرها، الذي نُشر في خضم الاضطرابات السياسية الفرنسية، مرور الكرام. ويتمثّل السؤال الأول في: هل تم ضمان أمن الغاز في القارة بعد مرور أكثر من سنتين على اندلاع الحرب في أوكرانيا؟.
عموما، يمثل الغاز الروسي 45 بالمئة من واردات الغاز إلى أوروبا. وانخفضت حصة روسيا إلى 10 بالمئة في سنة 2023. كما شهد الغاز الطبيعي المسال زيادة في حصته في واردات الغاز من 22 إلى 34 بالمئة ما بين2021 و2023.
وفي مواجهة ارتفاع الأسعار، بدأت الدول الأوروبية دعم سعر الغاز الطبيعي المسال بما يصل إلى 390 مليار يورو فقط لسنة 2022 من أجل التخفيف من ارتفاع الأسعار للأسر والشركات.
غياب الشفافية بشأن عقود الغاز
أشارت الصحيفة إلى أن الدول الـ27، اتخذت ثلاثة إجراءات للتعامل مع الأزمة: خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 بالمئة، وتعبئة المخزونات إلى 90 بالمئة، وشراء الغاز معا عبر منصة على الإنترنت (AggregateEU) لخفض الأسعار.
استعرضت المحكمة هذه التدابير الثلاثة. وكانت الملاحظة الأولى أنه تم تجاوز هدف التخفيض (-18 بالمئة)، لكن المقررين يتساءلون: هل هذا نتيجة لسياسة استباقية للتوفير أم نتيجة لشتاء أكثر اعتدالا؟ يبدو أن ملء المخزونات بنسبة 90 بالمئة يعتبر خبرا كاذبا، حيث تم الوصول إلى هذا المستوى بالفعل في السنوات التي سبقت الأزمة.
وتلفت الصحيفة، إلى أن المقررين يشككون في مساهمة منصة "AggregateEU" التي أطلقتها المفوضية الأوروبية. وإذا اعتمدنا على الأرقام المقدّمة، فقد قدّمت 180 جهة طلبات شراء جماعي للغاز بإجمالي 54 مليار متر مكعب. ولكن المفوضية الأوروبية لا تملك القدرة على الوصول إلى العقود الخاصة، لذا لا يمكننا معرفة ما إذا كانت أسعار الغاز قد انخفضت فعليا عبر هذه المنصة. وبالتالي، ينبغي فرض الالتزام بالشفافية في المستقبل.
ضعف التضامن الأوروبي
ماذا سيحدث إذا وقع عطل كبير جديد؟، في مواجهة أزمة الغاز يجب على الدول الـ27 أن تتضامن فيما بينها. كان من المفترض توقيع اتفاقيات التضامن الثنائية بين الدول الأعضاء للتصدي لأي نقص في الإمدادات. وهذا الحل الأخير، المنصوص عليه في لائحة سنة 2017 (في عهد جان كلود يونكر)، هدفه دعم الأسر والخدمات الاجتماعية الأساسية. ما هو الوضع الآن؟ في سنة 2018، لم يحدث شيء، ولم يتم إبرام أي من الاتفاقيات الأربعين التي تعتبر ضرورية، وفقا للتقرير.
تظل الدول الأعضاء سلبية، إن لم تكن غير مبالية، مع تدفق الغاز الروسي بغزارة عبر نورد ستريم. في المقابل، تشعر المفوضية بالإحباط وقررت في أيار/مايو 2020 بدء 25 إجراء قانوني. فهل غيرت الأزمة الأوكرانية الوضع؟ يبدو التغيير بطيئا جدا لأنه في كانون الثاني/يناير 2024، بعد سنتين مين من اندلاع الحرب في أوكرانيا، تم إبرام ثماني اتفاقيات فقط، حسب التقرير.
مخاطر أزمة غاز جديدة
أشارت الصحيفة، إلى أن إرادة الدول لمساعدة بعضها البعض ليست واضحة. وقد تبنت المفوضية إجراء مؤقتا للتضامن بشكل افتراضي مع التنفيذ في سنة 2023. وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، أجرت اختبارات محاكاة على 11 دولة عضو في حالة التوقف الكامل للغاز الروسي. وتكشف الاختبارات عن صعوبات مستمرة، لا سيما فيما يتعلق بالتعويض العادل عن الغاز المورد.
في المقابل، لم تعد المفوضية تتوقع أي شيء من الاتفاقيات الثنائية، وترى أن هذه الآلية المؤقتة، والمقتصرة على سنة 2023، يجب أن تصبح دائمة. وفي الحقيقة، فإن خطر تفكك الكتلة الأوروبية، في حال حدوث أزمة جديدة، كبير لأن 6 من الدول الـ 11 خططت "لوقف إمدادات الغاز إلى دولة مجاورة كرد محتمل في حالة الطوارئ"، وفقا للتقرير.
حسب الصحيفة، فإن السؤال الأخير المطروح: هل الاتحاد الأوروبي قادرٌ على التقاط الكربون عندما يستخدم الغاز لتحقيق أهدافه المناخية؟ نحن نتحدث عن تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CUSC)، وهي عبارة عن منشآت أو عمليات مصمّمة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون المنبعث من المصادر الصناعية أو مصادر الطاقة قبل وصوله إلى الغلاف الجوي. وهناك العديد من التقنيات لتحقيق ذلك، مثل الامتصاص الكيميائي، أو فصل الغازات بالفلاتر الغشائية أو التقطير المبرد.
تأخير كبير في اعتماد تقنية التقاط الكربون
سيواصل الاتحاد الأوروبي استخدام الغاز بعد سنة 2030، خاصة في الصناعات الثقيلة وإنتاج الكهرباء. ولكن إذا أراد تحقيق أهداف الحياد الكربوني في الوقت نفسه بحلول سنة 2050، فيتعين عليه بالتأكيد العمل على تطوير تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CUSC). ومع ذلك، لاحظت محكمة المدققين الأوروبية، للأسف، أن الاتحاد الأوروبي لديه أربعة مشاريع تجارية قيد التشغيل فقط (واحد في بلجيكا، وآخر في المجر، واثنان في هولندا) قادرة على التقاط 1.5 مليون طن فقط سنويا.
ولفتت الصحيفة إلى أن ذلك يعتبر بمثابة قطرة في محيط بالنسبة للهدف الأوروبي البالغ 450 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول سنة 2050. ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من زيادة القدرات بحوالي 11 ضعف القدرة الحالية لمدة سبعة وعشرين سنة (16.6 مليون طنا إضافيا سنويا)... وهذا يدل على أن التحدي هائل!.
وفي هذه الحالة، إما أن يخفّض الاتحاد الأوروبي استهلاكه من الغاز لتحقيق أهدافه المناخية، على الرغم من أن المصادر الأخرى للطاقة الخضراء لن تكون جاهزة لتحل محل الغاز الأمر الذي يهدد إمدادات الطاقة في أوروبا، أو أن يضحي بأهدافه المناخية بسبب عدم كفاية التقاط الكربون وبالتالي الحفاظ على نشاطه الاقتصادي، حسب التقرير.
إذن، يبدو الاختيار واضحا تماما. سوف يفضل الأوروبيون دائما وفرة الطاقة، وسيحافظ، على الأقل ظاهريا، على نمط حياة سكانه بدلا من الغوص في الانكماش للحفاظ على اقتصاد نظيف من الغاز حتى لو كان ذلك يعني تحمل العواقب الاقتصادية للأضرار المناخية (العواصف والجفاف والحرائق الضخمة والفيضانات وتراجع الخط الساحلي وما إلى ذلك). ولا يمكن لماريو دراغي أن يتجاهل هذا المأزق الأوروبي في التقرير الذي سينشره في نهاية الشهر الجاري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الغاز أوروبا روسيا روسيا أوروبا الغاز اوكرانيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی التقاط الکربون إلى أن
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: ليس لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا قرار بشأن نشر قوات في أوكرانيا
صرح زعيم نظام كييف فلاديمير زيلينسكي بأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا لم يتخذوا بعد قرارا بشأن مسألة نشر أفراد عسكريين غربيين في أوكرانيا.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي في الاتحاد الأوروبي ردا على سؤال حول الضمانات الأمنية لكييف وما إذا كانت ستشمل نشر قوات غربية في أوكرانيا: "لا أستطيع في الواقع مناقشة هذا الأمر علانية الآن.. لا توجد قرارات بشأن هذه القضية. هناك بعض الرغبة، كما أشعر، والإرادة السياسية.. لا أستطيع مشاركتكم التفاصيل حتى يتم اتخاذ قرار، قرار واحد من حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوروبا وبريطانيا، هذا أمر مهم للغاية ونعتمد عليهم".
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة "رويترز" نقلا عن مسؤول أوروبي لم تذكر اسمه، أنه لا يوجد إجماع في الاتحاد الأوروبي على إرسال قوات أجنبية إلى أوكرانيا بعد انتهاء الصراع، وبالتالي فإن إمكانية إنشاء تحالف من 5 إلى 8 دول بشأن هذه القضية أمر مستبعد.
وبحسب الوكالة، يمكن تشكيل العمود الفقري لهذه القوات من دول أوروبية كبيرة، على سبيل المثال فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وبريطانيا، وسيتطلب هذا نحو 100 ألف عسكري.
وذكرت صحيفة "موند" نقلا عن مصادر أن فرنسا وبريطانيا استأنفتا المناقشات حول احتمال إرسال أفراد عسكريين غربيين إلى أوكرانيا. وبحسب تقارير إعلامية، فإن باريس ولندن لا تستبعدان إمكانية قيادة ائتلاف في أوكرانيا.
وكان المكتب الصحفي لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية قد ذكر في وقت سابق أن الغرب سينشر ما يسمى بوحدة حفظ السلام المكونة من نحو 100 ألف شخص في البلاد لاستعادة القدرة القتالية لأوكرانيا.
ويعتقد جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية أن هذا سيصبح احتلالا فعليا لأوكرانيا. من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن نشر قوات لحفظ السلام لا يمكن تحقيقه إلا بموافقة الأطراف في صراع معين