المغرب يعيش كابوسًا مظلمًا .. تقارير تدق ناقوس خطر كارثة الاستقرار المائي
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
"القرار الذي لا يدرس كافة التفاصيل سيؤدي إلى كارثة مهما كان بريقه" .. ربما تمثل تلك الجملة حال الحكومة المغربية، واستراتيجية المغرب الخضراء التي كان لها بريق الذهب خلال السنوات الماضية مع الأرقام البراقة للصادرات الزراعية خلال السنوات الماضية، ولكن يبدو أن القرار غفل إلى بُعد الاستقرار المائي داخل المملكة، خصوصا مع حث الحكومة على بعض الزراعات التي تتطلب الماء بكثرة كالافوكادو والبطيخ وتصديرها، أي تصدير الأطنان من الماء نحو الخارج، وكانت النتيجة كارثية كما جاء في تقارير رسمية للدولة، وشبح الجفاف الذي أصبح يلوح في الأفق.
وما زاد من آثار عدم التقدير الجيد في قرارات الحكومة، تغيرات المناخ والتأثيرات الكارثية لتلك الظاهرة، وهو ما زاد من تسريع الخطر المائي داخل المغرب، وكيف يمكن أن تؤدي التهاون مع تلك التغيرات إلى إبادة وطن بالكامل، خصوصا مع بدء انتشار سرطان التصحر، واحتمالية زيادة كبيرة لتلك الظاهرة مع شبح الجفاف المتوقع زيادته في الأعوام المقبلة.
تقرير حكومي كارثي .. الزراعة التصديرية تستهلك 80%
وفي تقرير حكومي كارثي، سجل “تقرير الاستقرار المائي”، في نسخته العاشرة عن عام 2022، أن المغرب على غرار بلدان عديدة في القارة الإفريقية صار هشا جدا وسريع التأثر في السنوات الأخيرة أمام زيادة تناقص المياه، ولفت التقرير الرسمي، الصادر عن ثلاث مؤسسات مائية وطنية، إلى أن منحى الإجهاد المائي بالمغرب يكتسي بعداً حرجاً للغاية، بشكل لا يقل أهمية عن مسار التنمية الذي اتبعته المملكة في العقود الأخيرة، المعتمد إلى حد كبير على الصناعة والزراعة؛ وهما قطاعان يستهلكان المياه، عموما، بشكل كبير.
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة هسبريس المغربية، واستنادا إلى بيانات منظمة الأغذية والزراعة الأممية، والبنك الدولي، أورد التقرير أن أنشطة الفلاحة وحدها تمتص أكثر من 80 في المائة من استهلاك المياه على المستوى الوطني، وهذه الحالة تتفاقم، حسب التقرير، بسبب عدم انتظام هطول الأمطار، وتفاوت توزيع الموارد المائية على الأراضي الوطنية، والاستغلال المفرط للمياه الجوفية، وتذبذب احتياطيات مخزون مياه السدود؛ فضلا عن نسبة التمدن القوية ونمو ديموجرافي مازال ديناميا”.
رهانات تغيرات المناخ تفاقم الأزمة
ورغم كونه يتطرق بالأساس إلى التطورات الاقتصادية الشاملة على الصعيدين الدولي والوطني، والمخاطر المرتبطة بها، وكذا آثارها المحتملة أو الثابتة على استقرار النظام المالي بالمغرب، إلا أن “رهانات وتحديات تغيرات المناخ” الراهنة وتقييم “مخاطرها المالية الشمولية” لم تغِب عن مضامين التقرير السنوي العاشر الصادر حديثاً عن بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.
ففي الفصل الثالث من التقرير سالف الذكر أفرَد فقرة خاصة للموضوع تحت عنوان “الإجهاد المائي: المخاطر والتفكير في التدابير الاحترازية الكُلّية”، والذي تم فيه تفنيد المؤشرات السلبية لتغيرات المناخ، ومستقبل مظلم داخل المغرب، وذلك بعد أن أصبحت أحد أكثر الدول في أفريقيا والعالم من تغيرات المناخ.
شح المياه.. “ضريبة تنموية ثقيلة”
الوثيقة ذاتها رصدت أن “للجفاف وندرة المياه تأثيرا دالّاً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المغرب”، متعددة أبرز آثارها في “انكماش في الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي”، موردة: “نظرا للتدهور الهيكلي في الموارد المائية قد يجد الاقتصاد المغربي صعوبة أكبر مما كان عليه في الماضي في الانتعاش بعد موجات الجفاف واستيعاب الخسائر في الإنتاج الزراعي”.
“تدهور سوق العمل بالقرى” نتيجة أخرى كارثية يرصدها المصدر ذاته، مؤكدا أن “الظروف المعيشية (الدخل والغذاء) في المناطق الريفية المغربية ترتبط ارتباطا وثيقا بديناميات النشاط الزراعي”، ومحذرا من أنه “في ظل هذه الظروف يُتوقع أن تؤدي حالات الجفاف المتكررة والإجهاد الهيكلي للمياه إلى اختلالات كبيرة جدا في المجالات القروية بالمغرب في العقود القادمة”.
ذهب مع الريح .. بريق الصادرات الزراعية على مهب الريح
النتيجة الثالثة الناجمة عن تحولات المناخ وضرورة التحرك للاحتراز منها “انخفاض الصادرات الزراعية”؛ وهو ما نبه إليه التقرير الرسمي، ملاحظاً أن “زيادة الضغط على إمدادات المياه يمكن أن يعرض للخطر سير التجارة المستقبلية في المنتجات الزراعية للمغرب”، واستشهد في هذا الصدد بنتائج المحاكاة التي أجراها البنك الدولي، التي أكدت أن “انخفاض إمدادات المياه بنسبة 25 في المائة المرتبط بتأثيرات تغير المناخ يمكن أن يتسبب في انخفاض صافي الصادرات بنحو 24.7 في المائة من الصادرات الزراعية و3.5 في المائة من إجمالي صادرات السلع”.
وخلص التقرير إلى أن “المعايير والتقييمات الدولية للتدابير الاحترازية الكلية بخصوص تغيرات المناخ تكشف أن الإشراف والاحتراز الكلي على المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ لا يزال في مهده وبداياته”.
92% من المغرب مهدد بالتصحر
وزاد من المخاوف من آثار الشح المائي داخل المغرب انتشار سرطان التصحر داخل المملكة، وهو ما كشفه تصريحات عبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات بدولة المغرب، حيث قال إن حوالي 92 في المائة من المجال المغربي صار مهددا بظاهرة التصحر، تبعا للمناخ الجاف وشبه الجاف الذي يتميز به البلد، وهي التصريحات التي أدلى بها هومي على هامش لقاء نظمته الوكالة الوطنية المغربية للمياه والغابات حول “المرأة وأرضها وحقوقها”، والتي أعادت مخاوف النشطاء البيئيين إلى الواجهة، وفتحت مجددا ملفا، لم يغلق أصلا، حول ظاهرة التغيرات المناخية الحادة التي يعرفها المغرب، وكذلك تداعياتها على النظام البيئي المغربي عموما.
عبد الرحيم هومي، مدير الوكالة الوطنية للمياه والغابات، قال إن “المناطق الجنوبية الصحراوية بالمملكة تعد أكثر تأثرا بالتصحر، لتواجدها في مناطق قاحلة تتميز بضعف الغطاء النباتي والرعي الجائر والاستغلال العشوائي للأصناف الغابوية السائدة بالمنطقة، كالسنط الصحراوي والأركان”، ووفقا لما قاله هومي، في تصريح لهسبريس، فإن دراسة أُنجزت بينت أن المنطقة تقع تحت تأثير ثلاثة أودية ضخمة، كالواد الأول للرمال، الذي يبلغ طوله 150 كيلومترا وينطلق من فم أكوتير بالنعيلة حتى واد الساقية الحمراء، وعرضه 20 كيلومترا، ومنبعه هو الشاطئ، ويهدد الطريق الرئيسية وبحيرة اخنيفيس.
واديان بطول 340 كيلو متر
وأبرز المسؤول ذاته أن “الواد الثاني للرمال طوله 40 كيلومترا، ينطلق من الشاطئ حتى سبخة الطاح، وعرضه 48 كيلومترا، ويهدد الطريق الرئيسية وخط الشبكة الكهربائية”، بينما “الواد الثالث للرمال طوله 300 كيلومتر، ينطلق من طرفاية حتى شرق بوجدور، بعرض يناهز 16 كيلومترا، منبعه الشاطئ ويهدد كلا من طرفاية، العيون، ميناء العيون، البنية التحتية والتجهيزات الأساسية، الطرق والمحيطات المسقية”.
ويرى المسئول المغربي أن على الوكالة الوطنية للمياه والغابات وضع وتنفيذ مخطط متكامل الأبعاد، يقوم على مبدأ المقاربة التشاركية في بلورة المشاريع والبرامج المجالية، ويأخذ بعين الاعتبار رأي ومتطلبات الساكنة المعنية لإنجاح واستمرارية كل مشروع.
مدينة طرفاية اكتسحتها الرمال
وقدم المسؤول المغربي عينه المثال بمدينة طرفاية للحديث عن هذه المقاربة التشاركية المتبعة، موردا أن كل مداخل المدينة كانت تعرف انقطاعا في حركة المرور بسبب تراكم تلال رملية، مما كان يستدعي تدخل كاسحات الرمل، بدون انقطاع، لفك العزلة عن المدينة، لكن بفضل الشراكة مع عمالة الإقليم والمجلس البلدي ووكالة الجنوب ووكالة الحوض المائي للساقية الحمراء، تم حل إشكالية ترمل هذه المقاطع بصفة شبه نهائية، وأضحى محيط طرفاية نموذجا يحتذى به على الصعيد الوطني لمحاربة زحف الرمال.
وللحد من التصحر في المناطق الجنوبية، ذكر مدير الوكالة الوطنية للمياه والغابات أن الأخيرة قامت بتدخلات عدة، كصيانة محيطات التشجير، وبناء سدود الترسيب، وتجديد السنط الصحراوي، وشق وصيانة المسالك الغابوية، وإحداث نقط الماء، وغرس نبات الصبار، وإحداث محميات طبيعية، وأضاف هومي أنه “لمكافحة زحف الرمال ووقاية المنشآت السوسيو-اقتصادية والواحات وقنوات الري من خطورة الترمل، عملت الوكالة على تثبيت الكثبان الرملية بأصناف مقاومة للجفاف، مع إنجاز برامج للتشجير بشراكة مع الجماعات الترابية مكنت من توسيع المساحات والأحزمة الخضراء بالمدن الجنوبية للمملكة”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الوطنیة للمیاه والغابات الوکالة الوطنیة فی المائة من
إقرأ أيضاً:
يشتبه في وفاته جنائيا.. مفاجأة في التقرير الطبي لوفاة الملحن محمد رحيم
تباشر جهات التحقيق المختصة، اليوم السبت، التحقيق في وفاة الملحن محمد رحيم، وجارٍِ مناظرة الجثة لاستخراج تصاريح الدفن.
التقرير الطبيوكشف التقرير الطبي للملحن محمد رحيم، وجود زرقة شديدة بالوجه، وخروج دم من الأنف، كما لفت إلى وجود خربشة بكف اليد اليمنى، مع وجود جرح بزاوية الفم اليسرى، وآثار كدمات بالساق اليسرى.
يشتبه في وفاته جنائياوكان مصدر كشف عن أن النيابة تعاين جثة الملحن محمد رحيم عقب وجود جروح وكدمات متفرقة بجسده، ويمكن أن يشتبه في وفاته جنائيًا
وفاة الملحن محمد رحيم
تحقق الأجهزة الأمنية في ظروف وفاة الملحن محمد رحيم، بعد أن أظهرت الفحوصات الأولية وجود جروح وكدمات على جثته، ما أثار الشكوك حول وفاته في ظروف جنائية.
وأبلغ شقيقه السلطات بعد اكتشافه الإصابات، ما دفعها للانتقال إلى مكان الواقعة وبدء التحقيقات.
توفي رحيم، الذي يبلغ من العمر 45 عامًا، في الساعات الأولى من صباح السبت 23 نوفمبر 2024، بعد صراع مع عدد من الأمراض الصحية التي عانى منها مؤخرًا، بما في ذلك أزمة قلبية استدعت خضوعه لعملية قسطرة. رحيل رحيم ترك فراغًا كبيرًا في الساحة الفنية، حيث كان من أبرز الملحنين في مصر.