قد تبدو حياة رائد الفضاء وكأنها مهنة ساحرة، لكنها تتطلب الكثير من العمل الجاد والتضحيات. يتعين عليهم قضاء أسابيع أو حتى أشهر بعيدًا عن الأرض وأحبائهم واحتضان الجاذبية الدافئ. عليهم أن يتحملوا سيلًا لا نهاية له من نكات "تانغ". وفي بعض الأحيان يضطرون إلى شرب مياه الصرف الصحي المعاد تدويرها.

نقول "أحياناً" لأنه لا يتم إعادة تدوير كل قطرة من بول رواد الفضاء إلى مياه مستساغة.

يتم ببساطة التخلص من البول الذي يطردونه في بدلاتهم الفضائية أو التخلص منه عند عودتهم إلى المركبة الفضائية. يمكن لبدلة فضائية جديدة صممها علماء في كلية طب وايل كورنيل وجامعة كورنيل مستوحاة من روايات فرانك هربرت "الكثبان" أن تجعل عمليات السير في الفضاء أطول وأقل إثارة للاشمئزاز من خلال إعادة تدوير البول المطرود في حقيبة ظهر خاصة للترشيح. نشرت فرق البحث والتصميم من كلتا المدرستين ورقة بحثية عن النتائج التي توصلوا إليها في المجلة العلمية فرونتيرز.

يُشار إلى هذه البدلات باسم "البدلات الساكنة" في عالم Dune ويمكنها التقاط الرطوبة لإعادة تدويرها إلى مياه صالحة للشرب أثناء قيام الجنود برحلات طويلة ومعارك عبر عالم Arrakis الصحراوي القاحل. إن البدلات الثابتة المقترحة في الحياة الواقعية تفعل نفس الشيء تقريبًا. تحتوي البدلات الثابتة الجديدة على "قسطرة خارجية قائمة على الفراغ تؤدي إلى وحدة تناضح عكسي أمامي مشتركة" يحملها رواد الفضاء على ظهورهم، كما تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة وعضوة فريق البحث صوفيا إيتلين في بيان صحفي.


تم تصميم البدلات مع وضع المهام الفضائية المستقبلية لناسا في الاعتبار، بما في ذلك مهمتي Artemis II وArtemis III اللتين ستدوران حول القمر وتهبطان على قطبه الجنوبي في العامين المقبلين. وافقت وكالة ناسا وشركة اكسيوم سبيس بالفعل على تصميم بدلة فضائية لمهماتها القمرية، ولكن يبدو أنه يمكن إضافة نظام الترشيح الجديد هذا إليهما. يمكن أيضًا استخدام البدلات الثابتة في مهمة الفضاء المأهولة إلى المريخ في أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.

لن تروي البدلات الثابتة عطش رواد الفضاء أثناء السير في الفضاء فحسب، بل ستجعلهم أيضًا أكثر نظافة. إن تصميم بدلة الفضاء التقليدية لوكالة ناسا والذي تم تداوله منذ السبعينيات يأتي فقط مع بوليمر فائق الامتصاص لالتقاط بول رواد الفضاء. وهذا يعني إلى حد كبير أن كل رائد فضاء ذهب في رحلة إلى الفضاء أو إلى القمر قد تبول في سرواله الفضائي.


وقد أدى نظام النفايات القديم هذا أيضًا إلى مشاكل صحية وطبية لرواد الفضاء مثل التهابات المسالك البولية (UTIs) ومشاكل الجهاز الهضمي. لهذا السبب لم يسبق لك أن رأيت بول أتريدس يعاني من التهاب الرتج.

لم تعتمد وكالة ناسا رسميًا تصميم بدلة الفضاء الجديد لكل من كلية طب وايل كورنيل وجامعة كورنيل في أي من مهامها الفضائية القادمة. نتخيل أننا سنحث وكالة ناسا على تسريع الأمر إذا كنا في محطة الفضاء الدولية واضطررنا إلى تحمل رحلة طويلة في الفضاء بعد شرب الكثير من تانج.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رواد الفضاء

إقرأ أيضاً:

لا تتجاوز نسبتها الـ 10%: ملاجئ لبنان منذ السبعينيات.. هل لا تزال صالحة؟

تعيش المنطقة حالة ترقب لمعرفة كيف سترد ايران وحزب الله على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في قلب طهران، والقيادي في "الحزب" فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية الأسبوع الماضي.
 
ويتخوف اللبنانيون من تصاعد حدة التوتر واتساع رقعة الحرب لتصبح شاملة ويستعيدون في ذاكرتهم مشاهد "حرب تموز 2006 "التي استمرت 34 يوماً.
 
وعلى وقع الانتظار الثقيل لما ستؤول إليه التطورات في الأيام المُقبلة، تستعد إسرائيل للحرب من خلال فتح الملاجئ التي كلفتها ملايين الدولارات في عدد من المدن تحسبا لأيام قتال صعبة، في حين ان اللبنانيين لا يعلمون ماذا يفعلون وأين يختبئون في حال تمدد الضربات الاسرائيلية لتطال مناطق عدة، فلماذا لم يتجهز لبنان للحروب علما انه في قلب الصراعات حيث لا يكاد يمر عقد من دون حدوث اضطرابات؟ وهل الأبنية فيه يُمكنها تحمل ضغط القصف وخرق جدار الصوت؟
 
في هذا الإطار، تقول رئيسة "الهيئة اللبنانية للعقارات" المحامية أنديرا الزهيري لـ "لبنان 24" انه "لا يُخفى على أحد ان هناك ما بين 16 إلى 18 ألف مبنى على كافة الاراضي اللبنانية مُهددين بالسقوط وهنا نتحدث قبل الاخذ بعين الاعتبار كارثة مرفأ بيروت في 4 آب 2020 والزلزال المدمر الذي ضرب عام 2023 تركيا وسوريا وألقى بتداعياته على منطقة الشمال والحرب الدائرة حاليا في الجنوب".
 
ولفتت إلى ان "الابنية الآيلة للسقوط هي في محافظة بيروت بنسبة مرتفعة ثم تليها منطقة الشمال وطرابلس مع الإشارة إلى ان كل الابنية المشيّدة قبل عام 2005 غير خاضعة لمراسيم ومعايير السلامة العامة".
 
وتابعت الزهيري: "بحسب المختصين فإن عمر الاسمنت الافتراضي للأبنية القديمة هو 50 سنة وهذه الأبنية تحديدا عاصرت الحروب الدامية لفترات طويلة وتمّ إهمال معظمها وغابت عنها الصيانة الدورية والترميم والتدعيم بسبب قوانين ايجارات استثنائية قديمة وبسبب عامل الزمن والتغيير المناخي الذي ساهم أيضا في تردي وضعها وتصدعها واحداث تشققات في الاعمدة والاسقف".
 
ولفتت إلى ان "وقوع هزة خفيفة او جدار للصوت قد يؤدي الى انهيار جزئي للأبنية من الداخل كالأسقف ومن الخارج كحائط الشرفات او الداعم، وهذا ما حصل مؤخرا مع جدار الصوت القوي الذي هز منطقة بيروت وضواحيها يوم الإثنين وأدى إلى سقوط سقف منزل في منطقة بئر حسن"، مضيفة: "لذا نحن نطالب ونصر على إجراء مسح للأبنية في نطاق كل بلدية لاجراء اللازم ومن أجل الحفاظ على سلامة المواطن والسلامة العامة ولاسيما بوجود أبنية ومساكن مُتلاصقة ومؤسسات تربوية ورسمية متصدعة".
 
ملاجئ لبنان منذ السبعينات
أما لماذا لم يتم إنشاء ملاجئ في الأبنية منذ السبعينيات في لبنان، فتجيب الزهيري: "هذا السؤال يُطرح على المعنيين الذين اوهمونا سابقا بأننا سوف نلحظ تطورا عمرانيا متماسكا ذا جودة عالية ومطابقا لمعايير السلامة العامة الدولية ناهيك على تحصين البنية التحتية بمواد عالية الجودة ولكن للأسف عملنا على تطوير فن العمارة واعتماد خرسانة ذات مواصفات عالية الا ان هذا الأمر لا يكفي اذ اننا في بلد مثل لبنان مرّت عليه تجارب وحروب طويلة ويتعرّض في كل فترة لاعتداء سافر يضرب البشر والحجر".  
 
وأشارت إلى انه "بحسب تصريحات المعنيين فان عدد الملاجئ لا تتجاوز نسبتها الـ 10 بالمئة ولا تتوافر فيها المعايير المطلوبة كما لا يمكنها ان تتحمل الاسلحة المتطورة والثقيلة والمدمرة بما فيها الصواريخ الفراغية، والأبنية القديمة لا يتوافر في معظمها ملاجئ وهي لا تتجاوز الـ 4 طوابق وهيكليتها تقريبا غير قابلة للصمود بسبب عدة عوامل ذكرناها سابقا، اما بخصوص الابنية الجديدة فقد لجأ المتعهدون الى انشاء المواقف والمستودعات وتم إلغاء الملجأ من رخص البناء".
 
ملاجئ ذكية
تُطالب الزهيري بضرورة إنشاء ملاجئ ذكية، وتقول: "نحن نعيش في ظل عصر رقمي ذكي وأصبحت معظم أعمالنا مرتبطة بهذا العالم وأنا تطرقت لفكرة انشاء ملاجئ ذكية من حيث آلية البناء والتطوير بما يحمي الى حد كبير المدنيين الذين يعجزون عن النزوح او الانتقال الى مناطق بعيدة عن الخطر على الرغم من وجهة نظر البعض الذين يعارضون فكرة الملاجئ باعتبارها مقابر جماعية في ظل الأسلحة الفراغية المدمرة".
 
وأضافت الزهيري: "ولكن ما من عائق يمنع من ان يتم تخصيص هذه الملاجئ وتزوديها بممرات آمنة وان يكون لها عدة مداخل وان تكون مجهزة بنظام تكييف معقم للهواء من الجراثيم والرطوبة بالإضافة الى ايصالها عبر تقنية انذار بمراكز الامن والإطفاء والهواتف الذكية عند اكتشافها لاي خطر محدق وان يتم تزويدها بقناة لضخ المياه على ان يتم تخزينها في خزانات ضخمة من الخرسانة المسلحة تحت الأرض، اضافة إلى وجود عيادة طبية مصغرة تحتوي على إسعافات أولية".
 
وتابعت: "اعلم ان ما اقوله قد يعتبره البعض حلما وقد يستهزأ منه البعض الآخر ولكن دورنا ان نحلم بوطن أفضل وتأمين أكبر قدر ممكن من الحماية للمواطنين واعتقد ان يوما ما فاي حلم يحمل تنمية مُستدامة قد يتحوّل إلى حقيقة وهذا دورنا في التوجيه ونشر ثقافة الأمن والسلامة العامة ومن هنا تحدثت عن الملاجئ الذكية سواء لناحية إرساء الطمأنينة لدى اللبنانيين أو لتعزيز فكرة البقاء والصمود لديهم".  
 
أما أين يختبئ اللبنانيون في ظل عدم وجود أماكن آمنة؟ فتقول الزهيري: "مرت حروب كثيرة على لبنان وآخرها حرب تموز 2006 حيث نزح المواطنون داخليا نحو المناطق البعيدة او الجبلية ولجأوا للإقامة في البيوت والمدارس، لكن للأسف اليوم نحن في وضع مختلف حيث ليس بقدرة جميع اللبنانيين مغادرة البلاد بحكم ان اموالهم محجوزة في المصارف اضافة الى اكتظاظ المباني لجهة وجود النازحين السوريين كما ان معظم المدارس التي قد يلجأون اليها لم تعد حتى صالحة للايواء بسبب غياب الصيانة واي خرق لجدار الصوت سوف يُفاقم المشكلة وقد يؤدي الى وقوع ضحايا لا سمح الله، لذا نأمل بعدم وقوع الحرب ومن حقنا كشعب ان نعيش في بلدنا بكرامة لأننا شعب يستحق الحياة".
 
ماذا نعرف عن ملاجئ إسرائيل؟
منذ الإعلان عن دولة إسرائيل عام 1948، شعرت بالتهديد والخوف على مواطنيها، وكان الحل بالنسبة لها بناء الملاجئ العامة والخاصة في كل الأنحاء.
 
ووضع قانون الدفاع المدني عام 1951 الذي يشترط أن تكون المنازل والمباني السكنية والمنشآت الصناعية مزودة بملاجئ ضدّ القنابل والصواريخ لحماية السكان في حال الحرب.
 
وفي عام 1993 تم سن قانون جديد يجبر أيّ مطور عقاري على إنشاء غرفة محصنة تُعرف باسم "مماد" توجد داخل كل شقة سكنية.
 
وفي إسرائيل هناك نوعان آخران من الملاجئ إلى جانب المماد، هما: المماك أي الملاجئ الجماعية التي تُبنى أسفل مبانٍ خاصة، والميكلات أو الملاجئ الجماعية العامة في الشوارع.
 
غالبية هذه الملاجئ تخضع لمعايير بناء خاصة، حيث يجب أن تصمّم الجدران من مادة الخرسانة المسلحة والأبواب من الحديد أما النوافذ فيجب أن تكون مغطاة بالفولاذ وأن تكون هناك مقابس لشحن الهواتف وتشغيل التلفاز.
 
في الختام ومع قرع طبول الحرب يبقى الأمل في ان يتجنب لبنان خطر الأوضاع المتفجرة في المنطقة وأن يخرج بأقل خسائر مُمكنة.

المصدر: لبنان 24

مقالات مشابهة

  • علماء يحذرون من قاتل خفي يهدد الأقمار الاصطناعية في الفضاء
  • تنسيق كلية الملاحة وتكنولوجيا الفضاء جامعة بني سويف.. علمي علوم ورياضة
  • علماء يحذرون من قاتل خفي يهدد العاملين في الفضاء الخارجي
  • لا تتجاوز نسبتها الـ 10%: ملاجئ لبنان منذ السبعينيات.. هل لا تزال صالحة؟
  • «ناسا»: اكتشاف هياكل غريبة تحلق في الغلاف الجوي العلوي للأرض
  • أمانة بغداد تطلق حملات للحد من التجاوز على شبكة المياه
  • خطوات تساعدك في تصميم ديكور بالذكاء الاصطناعي.. ما هي؟
  • ناسا: العثور على أثر للحياة على قمرين في المجموعة الشمسية ممكن
  • بعد توقف أسبوعين.. "سيجنوس" تعاود الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية
  • البشري في أحضان ماسبيرو على قناة الفضائية المصرية