إلقاء اللوم على اللوبي الإسرائيلي حجة مضللة
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
توالت أخبار اللوبي المؤيد لإسرائيل بشكل متزايد في الصحف في الأسابيع القليلة الماضية، في سياق الانتخابات الجارية في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وتعددت المقالات الإخبارية حول الإسهامات المالية الضخمة التي ضخها اللوبي البريطاني المؤيد لإسرائيل للمرشحين في الانتخابات الأخيرة، أو عن التدخل الوزاري الإسرائيلي في الانتخابات الفرنسية الأخيرة، أو هزيمة عضو الكونغرس الأمريكي جمال بومان نتيجة دعم خصمه الأمريكي من قبل لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية المعروفة بأيباك، وهي الجماعة الأكثر تأثيرا في اللوبي الأمريكي المؤيد لإسرائيل، هذا بالإضافة إلى التغطية الإعلامية للدور الذي لعبه اللوبي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر في إسكات منتقدي إسرائيل والإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة.
كما كان النفوذ الهائل للوبي في تحديد نتائج الانتخابات في الدول الغربية، ونفوذه في الجامعات، والصحافة، والمؤسسات الثقافية والتعليمية، موضوعا لعدد لا بأس به من الكتب والمقالات كانت قد صدرت على مدار نصف القرن الماضي على الأقل. ولعل أول ما نشر في هذا الشأن كانت المقالة التي نشرها جورج بول، وكيل وزارة الخارجية في إدارتي جون كينيدي وليندون جونسون، في مجلة فورين أفيرز المرموقة في الأوساط الرسمية الأمريكية في عام 1977، وإن كانت المقالة لم تتضمن أكثر من انتقادات ناعمة للقوى المؤيدة لإسرائيل. وقد نشر بول وابنه في وقت لاحق معالجة كاملة للمسألة في كتاب.
وتشمل الكتب الأخرى التي نُشرت في العقد التالي كتاب بول فيندلي الصادر عام 1985 وعنوانه "يجرؤون على التحدث علنا: أشخاص ومؤسسات تواجه اللوبي الإسرائيلي". وكان فيندلي عضوا سابقا من الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي، وقد هُزمت حملة إعادة انتخابه على يد اللوبي المؤيد لإسرائيل في عام 1982 بعد أن خدم 11 دورة في الكونغرس. وكان رئيس سابق لأيباك قد وصف فيندلي بأنه "عدو خطير لإسرائيل"، مما ساهم في هزيمته. وهنالك كتاب آخر ألفه إدوارد تيفنان عام 1987 بعنوان "اللوبي: القوة السياسية اليهودية والسياسة الخارجية الأمريكية" والذي تناول الموضوع ذاته بالتفصيل.
ادعاء أولئك الذين يصرون على أن اللوبي المؤيد لإسرائيل يسيطر على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ يسعى إلى إقناعنا بأنه لا ينبغي أن تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن كل سياساتها الإمبريالية في العالم العربي والشرق الأوسط بشكل عام منذ الحرب العالمية الثانية، بل بأن الولايات المتحدة بريئة من جرائمها وأن إسرائيل واللوبي التابع لها هما من دفعاها إلى انتهاج سياسات تضر بمصالحها الوطنية ولا تعود بالنفع إلا على إسرائيل ومؤيديها
لكن البحث في موضوع اللوبي توسع للغاية بعد أن نشر عالما السياسة البارزان جون ميرشايمر وستيفن والت ورقة بحثية في عام 2006 حول اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والتي قاما بتوسيعها لاحقا ونشراها في كتاب في عام 2008، حيث أصبح حينها دور اللوبي الإسرائيلي موضوعا رئيسا للنقاش السياسي بين النخب الأمريكية، وإن ركزت هذه النقاشات على تشويه سمعة كاتبيه والدفاع عن اللوبي ضد حججهما المقنعة أكثر مما فندتها.
وتراوح النقاش العاقل والمعقول حول اللوبي المؤيد لإسرائيل بين مَن يدّعون أنه في غياب التأثير الهائل للوبي، ستكون السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط أقل عدائية تجاه الفلسطينيين، وبين مَن يعتقدون أن نفوذ اللوبي لا يمتد إلى ما هو أبعد من التهليل ودفع السياسة الأمريكية القائمة إلى مسافة أبعد مما هي عليه، لكن في نفس الاتجاه الذي تسعى إليه تلك السياسة أصلا، ولطالما كانت وجهة نظري أقرب إلى الفريق الثاني.
وهنالك، بالإضافة إلى هذه التقييمات الموضوعية لدور اللوبي المؤيد لإسرائيل، مجموعة متنوعة من نظريات المؤامرة العنصرية المعادية للسامية والكارهة لليهود حول التأثير المزعوم لليهود في الدول الغربية، والتي يستخدمها المعلقون المؤيدون للوبي كعصا لدحض الحجج الموضوعية التي يسوقها محللون لا علاقة لانتقاداتهم للوبي بمعاداة السامية، وهو الأسلوب الذي استخدم لتشويه سمعة ميرشايمر ووالت وآخرين.
وكما كنت قد حاججت في مقال في عام 2006، فإن الحماسة التي تصيب الكثير من الناس الذين يدعمون الفلسطينيين في الولايات المتحدة والعالم العربي، عندما تنكشف مكائد اللوبي في الصحافة الغربية، هي حماسة مدفوعة بتصورهم بأن الجمهور الأمريكي والغربي الأوسع الذي أصبح على دراية بحقيقة القوة المفرطة لهذا اللوبي؛ سيدفع باتجاه تصحيح انحرافات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الفلسطينيين والعالم العربي، التي يعتقد هؤلاء أنها ناجمة عن نفوذ اللوبي.
يتشارك العديد من العرب والأمريكيين المؤيدين للغرب ممن يدعمون الفلسطينيين فكرة بأنه في حال اختفى اللوبي المؤيد لإسرائيل عن الوجود، فإن حكومة الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى ستصبح صديقة للعرب والفلسطينيين بشكل عام، أو على الأقل ستصبح أقل عدائية تجاههم بكثير. وتكمن قوة إغراء هذه الحجة في تبرئتها لحكومة الولايات المتحدة من كل المسؤولية والذنب اللذين تستحقهما نتيجة سياساتها في العالم العربي، ويعطي أملا كاذبا للعديد من العرب والفلسطينيين الذين يتمنون أن تقف أمريكا إلى جانبهم بدلا من وقوفها إلى جانب أعدائهم.
يسعى هذا النوع من الحجج إلى تحويل اللوم عن السياسات الأمريكية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل واللوبي الأمريكي المؤيد لها. إن ادعاء أولئك الذين يصرون على أن اللوبي المؤيد لإسرائيل يسيطر على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ يسعى إلى إقناعنا بأنه لا ينبغي أن تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن كل سياساتها الإمبريالية في العالم العربي والشرق الأوسط بشكل عام منذ الحرب العالمية الثانية، بل بأن الولايات المتحدة بريئة من جرائمها وأن إسرائيل واللوبي التابع لها هما من دفعاها إلى انتهاج سياسات تضر بمصالحها الوطنية ولا تعود بالنفع إلا على إسرائيل ومؤيديها.
وتؤكد هذه الحجة أنه لا ينبغي إلقاء اللوم على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين نتيجة حجبهم الدعم الدولي ومنع دعم الأمم المتحدة للحقوق الفلسطينية، وتسليح وتمويل إسرائيل في حربها ضد المدنيين الفلسطينيين، وحماية إسرائيل من غضب المجتمع الدولي، بل يجب إلقاء اللوم على إسرائيل واللوبي التابع لها. ما تتجاهله هذه الحجة هي حقيقة أن حكومة الولايات المتحدة لم تدعم قط حركات التحرر الوطني في العالم الثالث، وأن سجل الولايات المتحدة يؤكد بأنها كانت ولم تزل العدو اللدود لجميع حركات التحرر الوطني في العالم الثالث، بما في ذلك الحركات الأوروبية، امتدادا من اليونان إلى أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا وآسيا، باستثناء الحالات الشهيرة كدعمها للمجاهدين الأفغان في حربهم ضد الحكومة الأفغانية والاتحاد السوفييتي، ودعم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ودعم الحلفاء الإرهابيين الرئيسيين لجنوب أفريقيا العنصرية في أنغولا وموزمبيق ("يونيتا" و"رينامو") ضد حكومتيهما الوطنيتين المناهضتين للاستعمار، ودعم جماعة "الكونترا" ضد حكومة الساندينيستا الثورية في نيكاراغوا، حيث كانت الولايات المتحدة في هذه الحالات تدعم جماعات معادية للثورة وعازمة على تقويض حكومات التحرر الوطني الثورية. فهل كانت الولايات المتحدة ستدعم حركات التحرير الوطني الفلسطيني لو اختفى اللوبي المؤيد لإسرائيل عن الوجود؟ هو سؤال تفشل هذه الحجة في الإجابة عليه.
عندما طرحت هذه الحجج في مقالة نشرتها قبل عقدين من الزمن، اعترض عليها أكاديمي أمريكي أبيض مناصر للفلسطينيين في محادثة معي وأصر على أن الولايات المتحدة قد دعمت الرئيس المصري جمال عبد الناصر ضد الغزو الثلاثي لمصر من قِبَل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل في عام 1956. لكن دعم الولايات المتحدة في هذه الحالة اليتيمة، كما أجبته، كان يرتكز على قص أجنحة فرنسا وبريطانيا اللتين تصورتا أنه لا يزال بوسعهما التصرف بشكل إمبريالي دون إذنها بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما كانت الولايات المتحدة هي التي أنقذتهما من الهزيمة أمام العدوان النازي. كما عارضت الولايات المتحدة إسرائيل في تلك الحالة لأنها نسقت عدوانها على مصر مع هذه الإمبراطوريات البائدة وليس مع الولايات المتحدة. وسرعان ما أدركت إسرائيل أنها قادرة على مواصلة نفس العدوان على جيرانها، ولكن بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وليس مع الإمبراطوريات الأوروبية السابقة. وكما هو متوقع لم تعترض الولايات المتحدة مطلقا على جميع الاجتياحات والغارات الإسرائيلية اللاحقة (في عام 1967، 1978، 1981، 1982، 1985.. الخ) على الدول العربية المجاورة.
أما الحجة ذات الصلة بأن تأثير اللوبي الإسرائيلي على الحكومة الأمريكية هو ما أدى إلى الغزو الأمريكي للعراق، فهي أيضا حجة غير مقنعة بنفس القدر، ليس لأن اللوبي لم يكن يدعم بشكل فعال غزو العراق (بل كان كذلك بالتأكيد)، ولكن لأنه كان يدفع باتجاه حرب كانت مرغوبة بالفعل ومخطط لها من قبل المصالح الإمبريالية السياسية والاقتصادية الأخرى في الولايات المتحدة، أي من قبل متنفذين يملكون قدرا أكبر بكثير من النفوذ الذي يمتلكه اللوبي.
وكانت الولايات المتحدة قد انتهجت سياسة ثابتة منذ الحرب العالمية الثانية تتلخص في الإطاحة بكل الأنظمة في مختلف أنحاء العالم الثالث التي تصر على السيطرة على مواردها الوطنية، سواء أكانت الأرض، أم النفط، أم غير ذلك من المعادن الثمينة. وامتد هذا الاستهداف الإمبريالي من إيران في عام 1953 إلى غواتيمالا في عام 1954 إلى بقية أمريكا اللاتينية، وصولا إلى فنزويلا وإيران في الوقت الحالي. وكان حال أفريقيا أسوأ كثيرا في العقود الستة الماضية، وكذلك الحال بالنسبة لبلدان أخرى في آسيا. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الإطاحة بالأنظمة من خاكوبو أربينس وجواو غولارت إلى محمد مصدق وباتريس لومومبا وسلفادور أييندي، ومحاولات الإطاحة بأوغو تشافيس ونيكولاس مادورو، وكذلك الإطاحة بالأنظمة القومية كنظام أحمد سوكارنو وكوامي إنكروما.
لقد أدى الإرهاب الإمبريالي الذي أطلقته الولايات المتحدة على الشعوب التي تحدت الأنظمة التي فرضتها عليهم الولايات المتحدة، من السلفادور ونيكاراغوا إلى الكونغو وزائير وتشيلي وإندونيسيا، إلى مقتل الملايين على أيدي قوات الأمن القمعية والجيوش التي دربتها الولايات المتحدة على هذه المهام المهمة. وهذا عدا عن الغزوات الأمريكية المباشرة لدول جنوب شرق آسيا وأمريكا الوسطى التي قتلت ملايين لا تعد ولا تحصى على مدى عقود.
كان لمثل هذا النمط من الحجج ليصبح أكثر إقناعا لو كان اللوبي الإسرائيلي يرغم حكومة الولايات المتحدة على اتباع سياسات في الشرق الأوسط لا تتفق مع سياساتها العالمية في مناطق أخرى، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. ورغم أن سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تأخذ في كثير من الأحيان شكلا مبالغا فيه من سياساتها القمعية والمعادية للديمقراطية في أماكن أخرى من العالم، فإنها بكل تأكيد لا تتعارض معها
وبما أن اللوبي لم يكن له دور في كل هذه الغزوات أو التدخلات الأخرى، فلماذا إذن في حالة غزو الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان، أو تهديدها لإيران، يفسّر الأمر على أنه نتيجة نفوذ اللوبي المؤيد لإسرائيل الذي يدفعها إلى هذه السياسات، وليس نتيجة السياسات الأمريكية المعتادة حول العالم؟ هذا سؤال لا يستطيع أنصار الحجة القائلة بسيطرة اللوبي المؤيد لإسرائيل المزعومة على سياسة الحكومة الأمريكية الإجابة علية بكلام مقنع.
كان لمثل هذا النمط من الحجج ليصبح أكثر إقناعا لو كان اللوبي الإسرائيلي يرغم حكومة الولايات المتحدة على اتباع سياسات في الشرق الأوسط لا تتفق مع سياساتها العالمية في مناطق أخرى، لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. ورغم أن سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تأخذ في كثير من الأحيان شكلا مبالغا فيه من سياساتها القمعية والمعادية للديمقراطية في أماكن أخرى من العالم، فإنها بكل تأكيد لا تتعارض معها. بل يمكن للمرء بسهولة أن يزعم أن قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل هي التي تفسّر هذه المبالغة، ولكن حتى هذا الزعم أيضا ليس مقنعا.
لقد حاججت في كثير من الأحيان بأن مركزية إسرائيل في استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هي التي تفسّر، ولو جزئيا، قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل، وليس العكس. يحاجج البعض بأن الدور الذي يلعبه المسؤولون المؤيدون لإسرائيل، والمؤيدون لليكود خاصة، في إدارة بوش الابن (أو حتى إدارة كلينتون)، ناهيك عن المسؤولين في إدارة أوباما أو ترامب أو بايدن (بما في ذلك المليارديرات الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل) هو دليل على قوة اللوبي الهائلة، لكن يمكن الردّ على هذه الحجة ببساطة بالقول بأن هؤلاء الساسة والمليارديرات الأمريكيين هم مَن دفع الليكود والأحزاب السياسية الإسرائيلية الأخرى إلى انتهاج المزيد من السياسات العدوانية منذ التسعينيات، ولا سيما اليوم في حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين في غزة.
لا يعني ذلك أن قادة اللوبي المؤيد لإسرائيل لا يتفاخرون بانتظام بتأثيرهم الحاسم على السياسة الأمريكية في الكونغرس وفي البيت الأبيض؛ بل هم يتفاخرون بذلك منذ أواخر السبعينيات، وقد احتفلوا مؤخرا بنجاحهم في هزيمة عضو الكونغرس جمال بومان. لكن القوة التي يتمتع بها اللوبي في الولايات المتحدة مستمدة من ادعاءاته الرئيسة التي تدور حول تعزيز المصالح الأمريكية، كما أن دعمه لإسرائيل يأتي في سياق دعمه للاستراتيجية الأمريكية الشاملة في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يلعب اللوبي المؤيد لإسرائيل نفس الدور الذي لعبه اللوبي الصيني في الخمسينيات لدعم تايوان ضد جمهورية الصين الشعبية، والدور الذي لعبه ولا يزال يلعبه اللوبي الكوبي حتى يومنا هذا ضد الحكومة الثورية الكوبية ودعمه للكوبيين المنفيين المعادين للثورة.
إن حقيقة أن اللوبي المؤيد لإسرائيل أقوى من أي لوبي آخر معني بالسياسة الخارجية في الولايات المتحدة تشهد على أهمية إسرائيل في استراتيجية الولايات المتحدة، وليس على القوة المتخيلة التي يتمتع بها اللوبي بشكل مستقل عن "المصلحة الوطنية" للولايات المتحدة أو خارج سياقها. فلم يكن اللوبي المؤيد لإسرائيل ليتمكن من تسويق حملاته أو أن يكون له أي تأثير لو كانت إسرائيل دولة شيوعية أو مناهضة للإمبريالية، أو إذا عارضت إسرائيل السياسة الأمريكية في أي مكان آخر من العالم، بل إن اقتراحا كهذا سيكون مثيرا للاستهزاء.
حقيقة أن اللوبي المؤيد لإسرائيل أقوى من أي لوبي آخر معني بالسياسة الخارجية في الولايات المتحدة تشهد على أهمية إسرائيل في استراتيجية الولايات المتحدة، وليس على القوة المتخيلة التي يتمتع بها اللوبي بشكل مستقل عن "المصلحة الوطنية" للولايات المتحدة أو خارج سياقها. فلم يكن اللوبي المؤيد لإسرائيل ليتمكن من تسويق حملاته أو أن يكون له أي تأثير لو كانت إسرائيل دولة شيوعية أو مناهضة للإمبريالية
وقد يجادل البعض بأنه إضافة إلى محاولات إسرائيل توحيد مصالحها ومصالح الولايات المتحدة على أنها مصالح واحدة، فإن اللوبي الإسرائيلي يعمد إلى تضليل صناع القرار في الولايات المتحدة ويحول موقفهم من موقف التقييم الموضوعي إلى ما هو في مصلحة أمريكا ومصلحة إسرائيل. وتقول الحجة بأن هذا الدعم الأمريكي لإسرائيل يقود الجماعات السياسية والمتشددة التي تعارض إسرائيل في الشرق الأوسط إلى معاداة الولايات المتحدة نفسها، وتضطر إلى استهدافها بهجمات عسكرية وإرهابية. كما أن مثل هذا الدعم يكلف الولايات المتحدة فقدان التغطية الإعلامية الودية في العالم العربي، ويؤثر على إمكاناتها الاستثمارية في الدول العربية، ويضعف كذلك حلفاءها الإقليميين العرب. لكن هذا كله ليس أكثر من هراء، فقد تمكنت الولايات المتحدة من أن تكون الداعم والممول الأكبر لإسرائيل، والمدافع الأقوى عنها ومورد الأسلحة لها، بينما حافظت على تحالفات استراتيجية مع أغلب الأنظمة الدكتاتورية العربية، إن لم يكن جميعها، بما في ذلك السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات ومحمود عباس. والواقع أنه كلما زاد تعنت الولايات المتحدة في دعم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل حاليا ضد الشعب الفلسطينيين، كلما زاد تزلف الحكام العرب التابعين لها أكثر.
علاوة على ذلك، تتمتع الشركات والاستثمارات الأمريكية بأكبر حضور في جميع أنحاء العالم العربي، لا سيما في قطاع النفط. كما أن جيشا كاملا من الصحف العربية ومحطات التلفزيون الخاصة والحكومية، ناهيك عن عدد لا يحصى من محطات التلفزيون الفضائية المملوكة لأمراء الخليج، والمواقع الإلكترونية الضخمة ومنافذ الأخبار على الإنترنت التي تمولها المنظمات غير الحكومية الغربية، تحتفي بالولايات المتحدة وثقافتها، وتبث برامج أمريكية، وتقوم بالترويج لوجهة النظر الأمريكية بأكبر قدر ممكن من الفعالية، مثقلة فقط بالقيود التي تفرضها السياسات الأمريكية الفعلية في المنطقة على المنطق والعقل.
وحتى قناة الجزيرة كانت قد تراجعت لاستيعاب وجهة النظر الأمريكية منذ غزو العراق، لكنها كثيرا ما تضطر لنقد السياسات الأمريكية الفعلية في المنطقة. وقد توقفت قناة الجزيرة، تحت ضغط هائل وتهديدات بالقصف من الولايات المتحدة أثناء الغزو الأمريكي للعراق، عن الإشارة إلى قوات الاحتلال الأمريكية في العراق باسم "قوات الاحتلال" وأخذت تشير إليها باسم "قوات التحالف".
ثم هنالك أيضا الحجة المالية، والتي تتلخص على وجه التحديد في أن الولايات المتحدة "تغدق" على إسرائيل مبالغ خيالية من المال، وهي بحسب هذه الحجة تكاليف باهظة للغاية ولا تتناسب مع ما تحصل عليه الولايات المتحدة في المقابل. في الواقع، تنفق الولايات المتحدة على قواعدها العسكرية في العالم العربي (في قطر، والبحرين، والأردن، والمملكة العربية السعودية، والكويت، والإمارات العربية المتحدة) أكثر بكثير مما تنفقه على إسرائيل، ناهيك عن قواعدها الموجودة في أوروبا، أو أفريقيا، أو آسيا. فمثلا، بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر وكانون الثاني/ يناير 2024، أنفقت الولايات المتحدة 1.6 مليار دولار على حشدها العسكري في الشرق الأوسط للدفاع عن مصالحها الإمبراطورية. وبين عامي 2001 و2019، أنفقت الولايات المتحدة 6.4 تريليون دولار على حروبها في أفغانستان والعراق، وسوريا، وباكستان، وحدها.
وقد كانت إسرائيل بالفعل فعالة للغاية في تقديم الخدمات لراعيتها الولايات المتحدة مقابل هذه المساعدات المالية، سواء في تزويد الأسلحة إلى الديكتاتوريات في أمريكا الوسطى في السبعينيات والثمانينيات نيابة عن الولايات المتحدة بطرق غير قانونية، أو في مساعدة الأنظمة المنبوذة مثل نظام تايوان ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في الفترة نفسها، أو في دعم الجماعات المؤيدة لإسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك الجماعات الفاشية، داخل العالم العربي لمساعدتها على تقويض الأنظمة العربية القومية، من لبنان إلى العراق إلى السودان، كما قدمت وتقدم يد المساعدة للأنظمة العربية المحافظة الموالية للولايات المتحدة عندما تتعرض للتهديد، كما حدث في اليمن في الستينيات وفي الأردن عام 1970، وتهاجم الأنظمة القومية العربية بشكل مباشر كما فعلت في عام 1967 مع مصر وسوريا، وحتى مع الأنظمة الصديقة كالأردن، وفي عام 1981 مع العراق عندما دمرت المفاعل النووي في ذلك البلد.
وفي حين تمكنت الولايات المتحدة من الإطاحة بسوكارنو وإنكروما في انقلابات دموية في منتصف الستينيات، ظل جمال عبد الناصر راسخا حتى قامت إسرائيل بتحييده فعليا في حرب عام 1967. وبفضل هذه الخدمة الرئيسة التي قدمتها إسرائيل، عززت الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، قامت إسرائيل بتحييد منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1982، وهي خدمة ليست بالقليلة للعديد من الأنظمة العربية وراعيتها الولايات المتحدة التي لم تتمكن من السيطرة الكاملة على المنظمة حتى ذلك الحين. فلا يمكن لأي من القواعد العسكرية الأمريكية، التي أُنفقت عليها المليارات الطائلة، أن تدعي تحقيق مثل هذا السجل الحافل من الإنجازات والذي كلّف الخزينة الأمريكية مبالغ أقل بكثير.
ولكن إذا كان ما قدمته من حجج أعلاه لا يجانب الصواب، فيمكن للمرء أن يجادل بأنه عندما اضطرت الولايات المتحدة إلى التدخل في الكويت والعراق، لم يكن بإمكانها الاعتماد على إسرائيل للقيام بهذه المهمة بسبب حساسية إدراجها في مثل هذا التحالف الذي كان من شأنه أن يحرج الحلفاء العرب في تلك الفترة. ومن هنا أتت الحاجة إلى التدخل الأمريكي المباشر وعدم جدوى إسرائيل كحليف استراتيجي. وفي حين أن هذه نظرة موضوعية للوضع آنذاك، فإن الولايات المتحدة أيضا لم يكن بوسعها الاعتماد على أي من قواعدها العسكرية لشن عمليات الغزو بمفردها، وكان عليها أن ترسل جيشها لإكمال المهمة. بالطبع قامت القواعد الأمريكية في الخليج بتقديم الدعم اللازم والمطلوب للجيش الأمريكي في حينه، لكن إسرائيل ساهمت في ذلك أيضا.
صحيح أن عملية طوفان الأقصى قد قلبت تماما الأهمية العسكرية الإستراتيجية لإسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة بسبب فشل إسرائيل العسكري في هزيمة المقاومة الفلسطينية، الأمر الذي استلزم ولا يزال يتطلب مساعدات عسكرية أمريكية وبريطانية فورية، بدأت منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر لدعم الجيش الإسرائيلي وتستمر لغاية اليوم، وهذا أمر تكرر مرة أخرى عندما قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والقواعد الأمريكية في الأردن بمعظم العمليات العسكرية للدفاع عن إسرائيل ضد الرد الصاروخي الإيراني على القصف الإسرائيلي للسفارة الإيرانية في دمشق في نيسان/ أبريل الماضي، لكن كل ذلك لم يغير من الدور الذي تلعبه إسرائيل في المنطقة قيد أنملة، أي دورها في تقديم المساعدة لحماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية والذي يتضمن تدمير كل أشكال المقاومة للمصالح الأمريكية الإمبريالية، بما في ذلك مقاومة مكانة إسرائيل في تلك الإستراتيجية.
حكومة الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين هم مَن يتحمل المسؤولية الكاملة عن التحريض والإمداد والدفاع عن حق إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. إن الجهود التي يبذلها اللوبي لدفع الولايات المتحدة إلى زيادة دعمها لإسرائيل أكثر مما تدعمها أصلا ليس إلا عملا متواطئا في الإبادة الجماعية المستمرة، لكنه بالتأكيد ليس السبب الرئيس لارتكاب هذه الجرائم الوحشية
إن أيباك، باعتبارها العنصر الأكثر قوة في اللوبي الداعم لإسرائيل، تمتلك نفوذا كبيرا بالفعل بقدر ما تدفع باتجاه سياسات تتوافق مع المصالح الأمريكية وتتناغم مع الأيديولوجيا الإمبريالية الأمريكية السائدة. لا يعتمد نفوذ اللوبي المؤيد لإسرائيل، سواء في الكونغرس أو بين مدراء الجامعات، كما اتضح بجلاء في الأشهر التسعة الماضية، أو بين صناع القرار السياسي، فقط على مهاراتها التنظيمية أو ثباتها الأيديولوجي، فالمواقف المعادية للسامية في الكونغرس وبين مدراء الجامعات تلعب إلى حد كبير دورا في تصديق مزاعم اللوبي (ومزاعم أعدائه) المبالغ فيها بشأن نفوذه الفعلي، الأمر الذي أدى إلى امتثالهم لمطالبه. في هذه الحالة، لا يهم إذا كان اللوبي يتمتع بنفوذ حقيقي أو متخيل، فطالما أن الكونغرس وصناع السياسات، وعلى الأخص مدراء الجامعات، يعتقدون أن اللوبي يمتلك هذا القدر من النفوذ -إن كان اعتقادهم مبنيا على تحيزهم العنصري المعادي للسامية أو على تقييمات موضوعية- فسيظل اللوبي فعالا وقويا.
ما الذي كان سيختلف إذن في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في غياب اللوبي القوي المؤيد لإسرائيل؟ الجواب باختصار هو التفاصيل والحدة، ولكن ليس الاتجاه أو المحتوى أو آثار هذه السياسات الأمريكية. هل يمتلك اللوبي المؤيد لإسرائيل بالفعل نفوذا كبيرا في الولايات المتحدة؟ باعتباري شخصا واجه القدر الأكبر من نفوذه على مدى العقدين الماضيين من خلال تأثيره الهائل على جامعتي ومحاولاته طردي من عملي، أجيب بـ "نعم" مدوية. لكن هل اللوبي مسؤول بالدرجة الأولى عن السياسات الأمريكية تجاه الفلسطينيين والعالم العربي؟ قطعا لا.
تحظى الولايات المتحدة بمعارضة في العالم العربي وبين الفلسطينيين كما في مناطق أخرى من العالم لأنها اتبعت وما زالت تنتهج سياسات تتعارض مع مصالح معظم الشعوب في هذه البلدان، ولا تخدم سوى مصالحها الخاصة ومصالح الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. فلن تتوقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني إن اختفى اللوبي الإسرائيلي عن الوجود، بل فقط إذا تغيرت هذه السياسات الأمريكية التي يؤيدها اللوبي.
إن حكومة الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين هم مَن يتحمل المسؤولية الكاملة عن التحريض والإمداد والدفاع عن حق إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. إن الجهود التي يبذلها اللوبي لدفع الولايات المتحدة إلى زيادة دعمها لإسرائيل أكثر مما تدعمها أصلا ليس إلا عملا متواطئا في الإبادة الجماعية المستمرة، لكنه بالتأكيد ليس السبب الرئيس لارتكاب هذه الجرائم الوحشية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اللوبي الإسرائيلي السياسات المصالح إسرائيل امريكا مصالح سياسات اللوبي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط حکومة الولایات المتحدة الحرب العالمیة الثانیة کانت الولایات المتحدة الولایات المتحدة على الولایات المتحدة إلى فی الولایات المتحدة أن الولایات المتحدة السیاسات الأمریکیة السیاسة الأمریکیة اللوبی الإسرائیلی الإبادة الجماعیة السیاسة الخارجیة للولایات المتحدة فی العالم العربی الأمریکیة فی فی الکونغرس على إسرائیل إسرائیل فی فی المنطقة بما فی ذلک من العالم هذه الحجة مثل هذا فی هذه لو کان لم یکن فی عام على أن أنه لا
إقرأ أيضاً:
الحرب بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التوسع
الولايات المتحدة – تمتلك الولايات المتحدة بوضوح أحدث التقنيات المتعلقة بصناعة الرقائق في سياق “الحرب” الدائرة بين واشنطن وبكين، ولكن ربما تكتسب الصين ميزات قد تؤدي إلى توسعة نطاق الصراع.
ففيما أعاقت قيود التصدير الأمريكية تقدم الصين في مجال الرقائق المتقدمة، لجأت بكين بقوة إلى توسيع رقعة إنتاجها الرقائق. وهي ليست متطورة مثل رقائق الذكاء الاصطناعي من إنفيديا (Nvidia)، ولكنها ضرورية للسيارات والأجهزة المنزلية، وفق تقرير نشرته “وول ستريت جورنال”. وقد تسبب انقطاع إمدادات هذه الرقائق في حدوث فوضى في سوق السيارات في أثناء الوباء الكوفيدي.
أنفقت الصين 41 مليار دولار على معدات تصنيع الرقائق في عام 2024، أي بزيادة قدرها 29% على أساس سنوي، وفقا لبنك “مورغان ستانلي”، ويمثل هذا ما يقرب من 40% من الإجمالي العالمي، ويقارن بمبلغ 24 مليار دولار المنفق في عام 2021.
وكان جزء من هذا الضخ محاولة من الشركات الصينية لتخزين الأدوات اللازمة التي لا يزال بإمكانها الحصول عليها قبل تشديد القيود بشكل أكبر. لكن الكثير يأتي أيضاً من شركات صينية مثل شركة Semiconductor Manufacturing International، أو SMIC، وHua Hong Semiconductor لصناعة الرقائق القديمة.
ومن جانبها، أنفقت SMIC، أكبرُ مسبك للرقائق في الصين 7.5 مليار دولار على الاستثمار الرأسمالي في عام 2023، مقارنة بحوالي 2 مليار دولار قبل عام من الوباء.
وتعكس الاستراتيجيةَ الشاملة أصداءُ النجاحات الصينية المماثلة في قطاعات مثل الألواح الشمسية التي تتمتع بالدعم الحكومي الهائل، والتسعير، والرغبة في لعب اللعبة الطويلة التي قد لا يرغب اللاعبون الآخرون في القيام بها.
لكن هذه الصناعة لم تصل إلى مستوى الهيمنة على السوق، على الرغم من أن الشركات الصينية تحقق بالتأكيد تقدما. فقد زادت المسابك الصينية حصتها في السوق العالمية في العُقَد الناضجة من 14% في عام 2017 إلى 18% في عام 2023، وفقا لـ “برنشتاين”.
وقد ساعد العملاء الصينيون في هذا على وجه الخصوص، حيث حصلوا على 53% من إمداداتهم من الرقائق الناضجة من المسابك الصينية في عام 2023، وذلك ارتفاعا من 48% في عام 2017. ومن شأن التوترات الجغراسياسية المتزايدة أن تدفع العملاء الصينيين إلى البحث عن مورّدين في الداخل الصيني.
لم تجتح الرقائق الصينية القديمة الطراز العالم بعد، لكن هناك خطر واضح، خاصة بالنسبة للاعبين الأمريكيين، بما في ذلك شركة Texas Instruments وGlobal Foundries، المنافسة في صناعة هذا النوع من الرقائق. وهذا بدوره يمكن أن يشكل صداعا لواشنطن وهدفها المتمثل في الحفاظ على المرونة في سلسلة توريد الرقائق.
قد لا يكون من العملي تمديد القيود لتشمل الرقائق ذات الجودة المنخفضة، لكن الشركات المنتجة لهذه الرقائق قد تحتاج إلى مساعدة الدولة للتنافس مع الصين.
وقد وصفت الولايات المتحدة استراتيجيتها بشأن الضوابط التقنية بأنها نهج يشبه “ساحة صغيرة ذات سياج عال” مع فرض قيود صارمة على عدد محدود من التقنيات المتقدمة، لكن الحَد من حِدة الصراع بهذه الطريقة قد لا يكون بهذه السهولة.
في حرب الرقائق العالمية، كما هو الحال في أي صراع، تميل محاور النزاعات إلى التوسع، ومحاور الاشتباكات ستكون متعددة بين الولايات المتحدة والصين.
المصدر: CNBC