قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة، إن طرفي الحرب في السودان وصلا إلى جنيف، لإجراء محادثات بدأت الخميس بوساطة الأمم المتحدة بهدف “وقف محتمل لإطلاق نار في مناطق” من أجل تسهيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.ورداً على أسئلة من رويترز، قالت المتحدثة “المفاوضات تهدف إلى تحديد سبل تعزيز الإجراءات الإنسانية وحماية المدنيين من خلال وقف محتمل لإطلاق النار في مناطق بناء على طلب مجلس الأمن”.

وأضافت أنها “محادثات غير مباشرة” بما يعني أن من غير المقرر اجتماع الطرفين، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وجها لوجه للتفاوض ولكن سيكون ذلك عبر وسطاء.الشرق للأخبارإنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان: المراحل المبكرة لإطلاق الاسم ودلالاته (2-4)

السودان: المراحل المبكرة لإطلاق الاسم ودلالاته (2-4)
المرحلة الثانية: مرحلة إطلاق اسم اثيوبيا باللغة اليونانية
اثيوبيا
بدأت المرحلة الثانية من مراحل إطلاق اسم “السودان" عند اليونانيين الذين بدأت صلاتهم بافريقيا في النصف الأول من الألف الأخير قبل الميلاد. وكلمة اثيوبيين في اللغة اليونانية تعني السود واثيوبيا تعني بلاد السود. وقد استخدم اليونانيون كلمة اثيوبيين بنفس المعني المصري القديم أي سكان جنوب مصر. فقد ذكر هيرودوت أن "المصريين يسكنون شمال اسوان... والاثيوبيين يسكنون المناطق الواقعة جنوب اسوان." (Herodotus, p 52. 54)

وعندما توسعت معرفة اليونانيون بافريقيا توسعوا في إطلاق اسم اثيوبيا على سكان افريقيا السود الذين عرفوهم. يقول هيرودوت إن الاثيوبيين اكتسبوا هذا اللون الأسود بفعل حرارة الشمس. (Herodotus, p 54) ويقسم هيرودوت الاثيوبيون إلى نوعين: الاثيوبيون جنوب مصر، والاثيوبيون الشرقيون وهؤلاء - كما يقول - يشبهون الاثيوبيون الجنوبيون في كل شيء عدا لغتهم وشعرهم حيث أن شعرهم مرسل (هيرودوت، تاريخ ص 61) فبلاد اثيوبيا تعني بلاد السود أو بلاد السودان، وأثيوبيا تعني السود أو السودانيين.

وكانت معرفة اليونانيون بالسودان سابقة لعصر هيرودوت. فقد وردت بعض المعلومات في التراث اليوناني القديم الذي دونه هومروس في الالياذة نحو عشرة ألف سنة مضت. ونقل ديودورس الصقلي عن المؤرخ اليوناني أجارثرخيدس في القرن الثاني قبل الميلاد أن صاحب الالياذة وصف زيوس والمعبودات اليونانية الأخرى "بأنهم كانوا يذهبون لاثيوبيا [السودان] لتلقي القرابين التي كانت تقدم لهم كل سنة. ولحضور الوليمة العادية التي كان يقيمها الاثيوبيون أنفسهم ... وأن ولاءهم [السودانيون] الشديد للآلهة أكسبهم رضاءها" ديودوري، ص 87) وانظر الموضوع رقم 7 في هذا الكتاب.

والوليمة المذكرورة هنا مقصودٌ بها "مائدة الشمس" التي وصفها الجغرافي الروماني بومبونيوس قائلاً: "يوجد عندهم مكان يملأ في كل الأوقات بوجبات جاهزة يأكل منها كل شخص ما شاء، ولهذا يطلقون عليه مائدة الشمس وهم يعتقدون أن الأكل الذي يوضع فيه يتجدد باستمرار بقدرة ربانية" (بومبونيوس، ص 133)

وكانت تلك المائدة من أهم المعالم التي زارتها بعثة الملك الفارسي قمبيز التي أرسلها عندما غزا مصر وكان يخطط لغزو السودان. فقد ذكرهيرودوت أن أعضاء البعثة زاروا ينبوع الماء الذي تنبعث منه رائحة الفل، وزاروا مائدة الشمس وتوابيت جثث الموتى. ووقفت البعثة على طعام السودانيين الذي يؤدى إلى طول أعمارهم، فقد وصفوا بأنهم طويلو العمر، إذ يعمرون إلى ما بعد المائة وعشرون سنة. كما وصفوا بأنهم أطول الناس قامة وأجملهم. (هيرودوت، تاريخ، ص 54 - 55)

وكان اليونانيون ينظرون إلى السودانيين القدماء نظرة فيها الكثير من التجلة والاحترام، فقد كانوا يعتقدون - كما ذكر أجاثرخيدس -"أنهم من أقدم البشر" ويقول: "إن الدليل على ذلك واضح، ذلك أنهم لم يأتوا كمهاجرين لكنهم أهل البلد، إذاً القول بأنهم أصليون مقبول من كل الناس. إنه أمر بَدَهي أن يكون سكان الجنوب هم أول من تخرجهم الأرض، لأن حرارة الشمس عملت على تجفيف الأرض من الرطوبة عندما وُلِدت كل الأشياء ودبت فيها الحياة. ويقولون إن من المحتمل أن أول الكائنات الحية ظهرت في المناطق القريبة من الشمس." (ديودور ص 18)

ووصف أجاثرخيدس قدماء السودانيين قائلاً: "كما يذكرون في الكتب أنهم أول من علم الناس تقديس المعبودات وتقديم القرابين لها، وتنظيم المواكب والاحتفالات وأشياء أخرى" ويقول عن ملوك السودانيين القدماء: "يتبع الملك في حياته النهج الذي تحدده قوانينهم، وفي العادة كان يتبع سنة الأسلاف لا يحابي أحداً، ولا يعاقب أحداً خلاف العرف المتبع عندهم" (ديودور ص 18)

ووضح هيرودوت أن عاصمة الاثيوبيون [السودانيون] هي مدينة مروي. (Herodotus, p 55) ومن المعروف أن مدينة مروي التي تقع في منطقة البجراوية الحالية شمال مدينة شندي كانت العاصمة الثانية لمملكة كوش الثانية. وقد وردت كتابة اسم هذه المدينة بطرق مختلفة. فأول ذكر لها ورد في المصادر اليونانية، وقد تُرجم اسم المدينة من نص هيرودوت المكتوب باللغة اليونانية إلى Meroe. (Edie, et al, Vol, 1 p 308) ومن العقول جداً أن يكون هيرودوت قد أخذ الاسم من اللغة المصرية القديمة. ويقول أركل إن أقدم رسم معروف لكلمة مروي وصلنا من اللغة اليونانية هو بَروا Barua. بينما يقول محمد ابراهيم بكر إن اسم مروي في اللغة المصرية القديمة هو بِدوي Bedewi. (محمد ابراهيم بكر، ص 141 وArkell, p 146)

وقد ورد ذكر مدينة مروي في نقش الملك الكوشي اماني نتي يركي في الكوة في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد، كما ورد في مسلة الملك الكوشي نستاسن في النصف الثاني من القرن الرابع قبل الميلاد. وقد ترجم رتشارد هلتن بيرس النصين إلي اللغة الانجليزية، فجاءت ترجمة كلمة مروي في النص الأول Meroe وفي النص الثاني Barawe، وترجمها بدج في نص الملك حرسيوتف Birawe وفي مكان آخركتب اسم المدينة Baruat. (ُEdie. et al, Vol. 1 p 401, 475 ) وذكر عبد القادر محمود أن اسم مدينة مروي يكتب باللغة المروية بِدويْ وبِرِويْ، بينما ذكر محمد ابراهيم بكر أنه يكتب باللغة المروية مَزِوي Mazewi. (عبد القادر محمود، ج1 ص 266 و324 ومحمد إبراهيم بكر، ص 141)

ويلاحظ اهتمام قدماء اليونانيين بتراث الأمة السودانية في تلك العصور المبكرة، فهل من أجل ذلك أخذنا بنطقهم لاسم عاصمتنا مروي وتركنا نطق أجدادنا لها؟
وجرت عادة بعض المؤرخين على ترجمة كلمة اثيوبيا في المصادر اليونانية والرومانية والكتاب المقدس إلى الحبشة وبدولة اثيويا الحديثة. ففي الأحداث المتعلقة بوزير الملكة الكوشية الكنداكة. فقد جاء في الكتاب المقدس مايلي:
"26 ثم إن ملاك الرب كلم فيلبُّس قائلاً: قم وأذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي برِّية على ماء * 27 فقام وذهب. فإذا رجل حبشي خَصِيْ وزير لكنداكة ملكة الحبشة كان على جميع خزائها ... 36 وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء. فقال الخصي هو هذا ماء ماذا يمنع أن أعتَمِد* 37 فقال فيلبس إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز. فأجاب وقال: أنا أُومن أن يسوع المسيح هو ابن الله ..." (أعمال الرسل الاصحاح 8 الآيات 26 - 40)
في النسخة الانجليزية جاءت الآية رقم 27 أعلاه كالآتي:
"So he started out, and on his way he met an Ethiopian eunuch, an important official in charge of all the treasury of Candace, queen of Ethiopian". (Acts 8:27)

ومن الواضح أن الشخص المذكور في الآيات هنا مقصود به أحد رجال الكنداكة ملكة كوش الثانية في العصر المروي. وقد وردت الاشارة إليه في الآية بالحبشي. والحبشة تعبير لاحق لم يكن مستخدماً أيام الرومان بل اشتهر في المصادر العربية يقابله Abyssinia في اللغة الانجليزية. ولكلمة الحبشة في المصادر العربية مدلولان، أحدهما خاص أطلق على مناطق دولة اثيوبيا وارتريا الحاليتين، ومدلول عام يشمل أراضي دولة السودان الحالية وأحيانا يتعدى ذلك ليشمل مناطق واسعة نحو الغرب كما قال المسعودي:
"وأما غير هؤلاء من الحبشة الذين قدمنا ذكرهم من أمعن في المغرب - مثل الزغاوة والكوكو والقراقر ومديدة ومريس والمبرس والملانة والقوماطي وزويلة والقرمة - ولكل واحد من هؤلاء وغيرهم من أنواع الأحابش ملك، ودار مملكة" (المسعودي، مروج الذهب، موقع الوراق ج 1 ص 176)
وقد أتت الاشارة " بالاثيوبي " إلى وزير الكنداكة في النص الانجليزي للكتاب المقدس. وذكر الأب فانتيني أن "أول مسيحي دخل أرض النوبة خصي من حاشية قنداقة وهي الملكة الأم في المملكة المروية" (فانتيني، ص 54)

فالحبشة في النص العربي للكتاب المقدس مقصود بها مملكة كوش الثانية في العصر المروي. لكن المؤرخ الاثيوبي سيرجيو سلاسي ذكر إن المسيحية بدأت في اثيوبيا [يقصد دولة اثيوبيا الحالية] مبكرا كما ورد في أعمال الرسل [النص الانجليزي] فإن خَصِيْ الملكة كنداكة ذهب إلى بيت المقدس وعمده فيليب.، وذكرأن الملكة كنداكة معروفة لأنها حاربت الرومان، وذكرأن أغلب الكتاب يفترضون أنها حكمت كل اثيوبيا" (Sellassie. P 97 )

لم يقل سلاسي إن كنداكة هي ملكة مملكة كوش الثانية (مروي) بل اعتبرها ملكة اثيوبيا التي كانت تعرف في ذلك الوقت بمملكة أكسوم. ويضيف سلاسي أن الكتاب اليونانيين ذكروا: "بعض المدن الاثيوبية التي لا تزال موجودة حتى اليوم وأغلب تلك المدن موجودة في اثيوبيا العليا التي هي السودان اليوم مثل نبتة ومروي" (Sellassie. P 49)

وفي واقع الأمر فإن سلاسي أرجع كل المواضع التي ذكرت فيها اثيوبيا وكوش في الكتاب المقدس إلى دولة اثيوبيا الحالية،(Sellassie. P 43) حتى النصوص التي ارتبطت مباشرة بملوك كوش المشهورين مثل الملك ترهاقا، كما ورد سفر اشعيا 37:9 "وسمع عن ترهاقة ملك كوش قولاً قد خرج ليحاربك" فعند سلاسي كوش هنا هي اثيوبيا الحديثة.

المراجع
جيوفاني فانتيني، تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث، الخرطوم: 1978.
ديودور الصقلي، وصف اثيوبيا والاثيوبيون، في سامية، السودان في كتب اليونان والرومان.
سامية بشير دفع الله، السودان في كتب اليونان والرومان، الخرطوم: جامعة السودان المفتوحة 2008.
عبد القادر محمود عبد الله، اللغة المروية، الرياض: جامعة الملك سعود.
ابن فضل الله العمري، التعريف بالمصطلح الشريف.، في مصطفى محمد مسعد، المكتبة السودانية
محمد ابراهيم بكر، تاريخ السودان القديم، القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية 1971.
هيرودوت، تاريخ هيرودوت، في سامية بشير دفع الله، السودان في كتب اليونان والرومان. الخرطوم: جامعة السودان المفتوحة 2008
Arkell, A. J. A History of the Sudan from the Earliest times to 1821, London: University of London, 1955.
Herodotus, History of Herodotus. Encyclopedia Britannica, second edition, 1980
Richard Holton Piere, in Eide et al, Fonte Historiae Nubiorum. P 401, 475.
Sellassie, Sergew Hable, Ancient and Medieval Ethiopian History to 1270 Addis Ababa: 1972, p 97.
Tormod Eide, Tormod Eide et. al. Fonte Historiae Nubiorum.

ahmed.elyas@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: مئات آلاف الفلسطينيين انتقلوا بالفعل من جنوبي غزة إلى مناطق الشمال
  • سوريا تطالب بانسحاب إسرائيل من مناطق سيطرت عليها بعد سقوط بشار الأسد
  • ‏الأمم المتحدة: مقتل 18 شخصًا بتحطم طائرة في "ولاية الوحدة" في جمهورية جنوب السودان
  • مقتل 18 شخصاً جرَّاء تحطم طائرة في جنوب السودان
  • الجيش اللبنانى: إصابة جندى و3 مواطنين بعد تعرضهم لإطلاق نار إسرائيلى
  • السودان: المراحل المبكرة لإطلاق الاسم ودلالاته (2-4)
  • بعد استهداف المستشفى السعودي.. الأمم المتحدة تطالب بوقف القتال في السودان
  • الأمم المتحدة تدين الهجوم على المستشفى السعودي بالفاشر
  • خارجية مجلس الشيوخ: تصريحات ترامب عن التهجير تثير الشكوك حول عودة الحرب
  • الكرملين ينتظر "إشارات" بشأن لقاء محتمل بين ترامب وبوتين