محللون: تعنت نتنياهو يعرقل جهود السلام في غزة
تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT
قال محللون سياسيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو العقبة الأساسية التي تعيق المسار التفاوضي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رغم التصريحات الأميركية المتفائلة بنجاحها.
وبحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي فإن التفاوض لن يتقدم خطوة عملية للأمام ما دام نتنياهو على سدة الحكم.
ووصف نتنياهو بـ"الكذاب والمنافق" الذي يريد احتلال غزة، ويحاول أن يدمر المقاومة وحاضنتها الشعبية في قطاع غزة، مضيفا أن نتنياهو يسعى لإطالة أمد الحرب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية لأنه يتوهم أن ذلك يمكن أن يمنحه دفعة سياسية.
واتفق الباحث في الشؤون الدولية والسياسية ستيفن هايز مع البرغوثي في رأيه وقال إن الواقع يشير إلى أنه من الصعب أن يقبل نتنياهو بهذا التفاوض، لأنه يريد الاحتفاظ بغزة، موضحا أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يستطيع أن يجبره على إتمام الصفقة، رغم وجود بعض التفاؤل لدى الجانب الأميركي.
وأشار هايز إلى أن بايدن يتحدث عن أشياء "يتمناها" هو، ولا يمكن تحقيقها على الأرض، منوها إلى أن داعمي حملته الانتخابية يتناقصون يوما بعد الآخر، مؤكدا أن بايدن لا يستطيع إيقاف شحنات الأسلحة لإسرائيل.
وفيما يتعلق بالمسؤول عن تعثر المفاوضات قال هايز إن إسرائيل وأميركا تنظران إلى حماس باعتبارها عائقا أمام السلام، مثلما كان الأمر عليه في 2007، ولكنه أكد أن نتنياهو لا يريد اتفاقا ولديه قوة السلاح الآن.
مخطط خطيروحذر البرغوثي من محاولة نتنياهو تنفيذ ما سماه بـ"خطة اليوم التالي"، بعد فشله الذريع في إقناع العائلات والفصائل الفلسطينية التي رفضت العمل معه والتعاون مع احتلاله لقطاع غزة.
وأشار السياسي الفلسطيني إلى تقرير نشره المعهد اليهودي للأمن القومي في أميركا كشف أن نتنياهو يخطط لإبقاء الاحتلال في القطاع ثم تكوين قوات من المرتزقة للأمن الداخلي والإدارة، ويحلم بأن يجد دولا عربية تقدم له غطاء لهذا "المخطط الخطير". كما نبه إلى أن نتنياهو يحاول استغلال حاجة المواطنين للمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار كوسيلة لخلق جسم سياسي "مشبوه".
وأكد البرغوثي أن نتنياهو لن يغير نهجه الذي يسير فيه ما لم يتعرض إلى ضغط قوي وعقوبات مؤثرة، مطالبا المقاومة بزيادة صمودها واستبسالها لأنها إحدى الوسائل الفعالة لإفشال مخططات نتنياهو والتصدي لعمليات الإبادة الجماعية وسياسات التجويع بالقطاع، بحسب رأيه. وأوضح أن نتنياهو يفهم تماما أن ما يطالب به لن يقبل به أي فلسطيني، وأن صمود المقاومة أفشل كل مخططات الاحتلال.
التفاوض الخادعوفيما يتعلق بتصريحات مسؤولين أميركيين عن قرب التوصل إلى اتفاق -رغم وجود بعض ما وصفوها بالتفاصيل العالقة- قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة إن ذلك يدخل في إطار إظهار أن أميركا تقوم بدور كبير ومهم للفلسطينيين والإسرائيليين.
وبحسب رأيه فإن الجهود الأميركية تدخل ضمن "المسارات الحميدة"، رغم أنها متورطة تماما فيما يجري في قطاع غزة، وتحاول خداع الرأي العام.
وحذر الحيلة من الأسلوب التفاوضي "الخادع" الذي تنتهجه الإدارة الأميركية وفقا لتجارب المفاوضات السابقة، موضحا أن أميركا تشيع جوا من التفاؤل حول المفاوضات، وحينما تتمسك حماس بالحد الأدنى من المطالب يتم اتهامها بأنها هي التي تعرقل التفاوض وتعطل الوصول إلى اتفاق.
وقال إن نتنياهو نجح في إلقاء مسؤولية أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول على عاتق جهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي، وهو ما يفسر بجلاء -وفق رأيه- وجود الخلافات داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول موضوع الأسرى.
الدول العربيةوحول أي دور يمكن أن تلعبه الدول العربية في الضغط على نتنياهو، يرى الباحث الحيلة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي متأكد أنه لا توجد دولة عربية يمكن أن تمثل تهديدا عليه، ولذلك فهو يرى نفسه مستفردا بالفلسطينيين يفعل بهم ما يشاء دون خوف من ردة فعل عربية رسمية.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أن القوى التي تقارع الاحتلال من لبنان ومن اليمن تعبر عن حالة استثنائية في المحيط العربي، تمثل نبض شارع عربي يتضامن مع الفلسطينيين، موضحا أن هذا الموقف العربي "المتخاذل والغريب" هو الذي يشجع نتنياهو على مواصلة حربه على غزة والتعنت في طاولة المفاوضات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أن نتنیاهو إلى أن
إقرأ أيضاً:
يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟
لندن- يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد أضحى خيار الأوروبيين الأمثل لقيادة وساطة تجسر الهوّة المتسعة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويتضح ذلك بعد النقاشات التي دارت في القمة الأوروبية في العاصمة لندن، وانتهت إلى إدراك أوروبي، أن الطريق لإبرام اتفاق سلام دائم ينهي الحرب في أوكرانيا لا بد أن يمر بواشنطن وأن يحظى بدعم أميركي واضح.
ففي القمة التي عقدت الأحد بمشاركة 15 دولة أوروبية، حاول الأوروبيون الوقوف صفا واحدا خلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد لقائه العاصف بالرئيس ترامب في البيت الأبيض والذي نسف جهودا أوروبية لرأب الصدع بين الجانبين.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أنه وبتنسيق مع فرنسا وشركاء آخرين سيعكفون على الترتيبات اللازمة لإنضاج اتفاق سلام بضمانات أمنية كافية لأوكرانيا وعبر الإعلان عن "تحالف للراغبين" لنشر قوات حفظ سلام على الأراضي الأوكرانية، وزيادة الدعم العسكري والمالي المقدم لكييف، فضلا عن مواصلة الضغط على موسكو.
لكن، يُجمع كثير من القادة الأوروبيين على أن صيغة الاتفاق التي سيحاولون إرسالها إلى الرئيس الأميركي، يجب أن تنجح في إرضاء واشنطن وتغيير موقفها المتصلب إزاء سحب المظلة العسكرية والدفاعية التي توفرها لأوروبا عن طريق قيادتها حلف "الناتو".
إعلان
قادة الوساطة
وعلى هامش القمة، أجرى رئيس الوزراء البريطاني سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من القادة الأوروبيين الذين يبدو أنهم في تصوره يمثلون حجر الزاوية في إدارة المفاوضات الصعبة مع الأميركيين خلال المرحلة المقبلة، ومن هؤلاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي شددت على ضرورة تجنب حدوث صدع في التحالف الغربي بين ضفتي الأطلسي.
في المقابل، دارت نقاشات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني، ووصفت زيارتهما إلى واشنطن الأسبوع الماضي بالناجحة، وتخللتها اتصالات بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عن تأكيده للرئيس الأميركي أن الأوروبيين يجتمعون في لندن لإيجاد حلولٍ للعُقد بينهم وبين واشنطن، لكنهم ينظرون إلى الولايات المتحدة كشريك حيوي لا يمكن التخلي عنه، وليس كخصم يتحالفون عليه.
لكن في الوقت الذي يدرك الأوروبيون أنهم أمام لحظة تاريخية فارقة، أجّلوا التفكير في تداعياتها الجيوسياسية لوقت طويل، في ظل غياب حلف دفاعي أوروبي مستقل عن واشنطن.
وحتى الآن، من غير المعروف إنْ كانت جهود كير ستارمر و"المكانة الخاصة" التي تحظى بها المملكة المتحدة لدى واشنطن كافية لإنجاح الوساطة مع إدارة أميركية يصعب التنبؤ بقراراتها، وعازمة على طي صفحة الحرب الأوكرانية.
يقول شاشنك جوشي، محرر الشؤون العسكرية والإستراتيجية في مجلة إيكونوميست البريطانية، للجزيرة نت، إن بريطانيا ولعقود تنظر لنفسها باعتبارها صلة الوصل التاريخية بين ضفتي الأطلسي، والقادرة على إدارة الوساطة مع واشنطن في لحظات التوتر بينها وبين الأوروبيين.
لكن هذا الدور، كما يرى جوشي، أصبح منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي عام 2016، أكثر تعقيدا؛ حيث بدأت مرحلة الانكفاء على الذات وبناء علاقات أكثر متانة مع الأميركيين وبمعزل عن الأوروبيين.
إعلانرغم ذلك، يضيف جوشي أن خطورة المرحلة، وتداعيات فك الارتباط بين واشنطن وأوروبا دفعتا البريطانيين للعودة بالتنسيق مع فرنسا للانخراط في وساطة لتخفيف حدة المواقف الأميركية، حيث نجح ستارمر في أن يجد لنفسه مكانا في المنتصف بين الأوروبيين وعلى مقربة أيضا من الإدارة الأميركية والعمل لبناء جسور الثقة معها.
في المقابل، يحذر جوشي من أن هذا الوضع الإستراتيجي الخاص الذي تحظى به بريطانيا، سيكون محل اختبار، في حال فشل مقترح السلام الذي يعتزمون تقديمه إلى واشنطن لإقناعها بمواصلة دعم أوكرانيا وتوفير الحماية العسكرية لأوروبا، وفي حال اختار الأوروبيون انتهاج سياسة أكثر عدائية اتجاه واشنطن التي لم تعد تكتفي بإرسال إشارات عدم رضا ولكن باتخاذ خطوات مفاجئة تمس الأمن القومي الأوروبي.
العلاقات الثنائية أولاوقوبلت الأجواء التي دار فيها اللقاء في البيت الأبيض بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي ترامب بارتياح واسع في أوساط الطبقة السياسية البريطانية، حيث استطاع رئيس الوزراء البريطاني انتزاع وعد من الإدارة الأميركية باستثناء بريطانيا من فرض رسوم جمركية يتوقع أن تصل إلى 25% على واردات السيارات والموصلات والأدوية الأجنبية.
في المقابل أعلن ستارمر رفع حجم الإنفاق العسكري ليصل إلى 2.5% قبل عام 2027؛ في استجابة للإلحاح الأميركي بضرورة تحمل الأوروبيين عبء حماية أمنهم الجماعي وتوفير تمويل إضافي لحلف "الناتو".
وتدفع أصوات في الداخل البريطاني بضرورة تركيز ستارمر على تحسين العلاقات الثنائية مع واشنطن، لكن يعتقد آخرون أن الجغرافيا السياسية تجعل بريطانيا في قلب التحولات الجارية بالجوار الأوروبي وتدفعها للانخراط في إيجاد صيغة للحل.
ويشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن جليبرت الأشقر، في حديث للجزيرة نت، أن الاستثمار في العلاقات الخاصة بين واشنطن ولندن لإنضاج اتفاق سلام لا يستثني الأوروبيين والأوكرانيين، قد لا يكفي لإقناع الإدارة الأميركية التي تبدو الهوة بينها وبين الحكومات الديمقراطية الليبرالية شاسعة، وفي ظل عقيدة أيديولوجية يجاهر بها الرئيس الأميركي ولا تخفي قربه من حكومات اليمين الشعبوي، وراغبة في تحسين العلاقة مع موسكو ولو على حساب التحالف التاريخي مع أوروبا الغربية.
إعلانلكن يرى الأشقر أن الأوروبيين يختارون مسالك مختلفة في التعامل مع ترامب، ففي الوقت الذي تبدو بعض الحكومات المحسوبة على اليمين الشعبوي كالمجر وإيطاليا على علاقة جيدة وأكثر قربا أيديولوجيا من إدارة الرئيس الأميركي، قد ينشأ عن هذا الاختلاف تباينات وفروقات تحاول بريطانيا وفرنسا بالأساس تجازوها، فضلا عن ألمانيا التي ظلت مترددة لمدة قبل أن تنضم للجهود الأوروبية مع انتخاب مستشار جديد.
ويشدد الأشقر على أن الخروج بقرار لبناء هيكل دفاعي موحّد قد لا يبدو سهلا، على الرغم من الجهود الذي تبذلها بريطانيا وفرنسا لتوحيد الرؤى، حيث تحفّظ ستارمر عن ذكر الدول الراغبة في المشاركة في حلف قوات حفظ السلام التي يَعِد الأوروبيون بإرسالها إلى أوكرانيا، تاركا قرار الإعلان لحكومات تلك الدول.
وغابت دول البلطيق عن القمة الأوروبية في لندن وهي كل من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وتعد من الدول الأكثر إنفاقا في ميزانية حلف شمال الأطلسي بالمقارنة مع ناتجها الداخلي الخام، والواقعة على تماس مع الحدود الروسية. لكن رئيس الوزراء البريطاني أوضح أنه على اتصال بقادة هذه البلدان لإدراج مقترحاتها في أي اتفاق سلام مرتقب.
وفي هذا السياق، يوضح الأشقر أنه في الوقت الذي ترغب فيه بعض الدول الأوروبية في زيادة الإنفاق العسكري وتحقيق الاستقلالية الدفاعية، تميل أخرى إلى تقديم تنازلات للولايات المتحدة مقابل الاحتفاظ بمظلتها العسكرية مدركة حجم الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة.
ويتوقع الأشقر أن تفشل الوساطة التي يقودها رئيس الوزراء البريطاني بسبب حدة المطالب التي ترفعها الإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن الأوروبيين تنقصهم الجرأة السياسية لاعتماد بدائل أخرى أكثر راديكالية وفي مقدمتها التوجه إلى الصين لتوفير الدعم العسكري والإستراتيجي، مستفيدين من العلاقات الاقتصادية المتقدمة التي تربط الجانبين.