السيسي يمنح سلطان البهرة أعلى أوسمة مصر.. ما سر العلاقة الوطيدة؟
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
منح الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، سلطان البهرة بالهند، مفضل سيف الدين، "وشاح النيل"، أعلى أوسمة البلاد، تقديرا لـ "جهوده المتواصلة في دعم مصر على المستويات الثقافية والخيرية والمجتمعية".
وذكر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، في بيان، أن السيسي رحب بسيف الدين "ضيفاً عزيزاً على مصر، مشيداً بالعلاقات التاريخية بين مصر وطائفة البهرة، ومثمناً الدور المقدّر للسلطان والطائفة في ترميم وتجديد مقامات آل البيت وعدد من المساجد المصرية التاريخية، فضلاً عن الأنشطة الخيرية المتنوعة في مصر، بما يتكامل مع جهود الدولة لتحقيق التنمية، وحرصها على تطوير القاهرة التاريخية واستعادة وإبراز طابعها الحضاري الأصيل".
وأورد البيان أن "سلطان البهرة أعرب عن تقديره البالغ لمصر، مثمناً ما تتمتع به تحت قيادة السيد الرئيس من تعزيز للمواطنة على أساس التسامح الديني والتعايش السلمي، بما يكفل للجميع مناخاً مستقراً للسلام الاجتماعي، ومشيداً بإيمان السيد الرئيس (السيسي) بأهمية الحوار بين كافة شعوب العالم بمختلف مذاهبها وأعراقها، وانفتاح مصر على كافة الأديان والطوائف، استناداً إلى تاريخ شعبها العريق وحضارته الفريدة وفهمه الصحيح للدين".
ويجمع "سيف الدين" و"السيسي" علاقة خاصة منذ تولي الأخير الحكم عام 2014، وسبق لسلطان البهرة التبرع لصندوق تحيا مصر بـ10 ملايين جنيه، وترميم عدد من مقامات آل البيت والمساجد التاريخية في مصر.
والبهرة كلمة تعني التجارة بالهندية، وهي ترمز لإحدى الطوائف الشيعية الإسماعيلية التي انتصرت لإمامة أحمد المستعلي الفاطمي ضد أخيه، نزار المصطفى لدين الله، بعد وفاة والدهما الخليفة المستنصر بالله الفاطمي سنة 487هـ واختار ابنه المستعلي ليكون واليا فنشب الخلاف بين الأخوين وانتهى لصالح الطائفة المستعلية التي هزمت بهزيمة الدولة الفاطمية على يد، صلاح الدين الأيوبي، لينطلق البهرة إلى العديد من دول العالم.
ويستخدم البهرة تقويما قمريا إسلاميا بصيغة خاصة حيث جرى تطويره منذ زمن الفاطميين يعتمد على حسابات فلكية لتحديد بدايات الأشهر لذا فهو ثابت ويختلف بفارق يوم أو يومين عن التاريخ الإسلامي المعتاد.
اقرأ أيضاً
انتقادات واسعة لترميم البهرة ضريح الحسين في مصر (صور)
وتوافد البهرة على مصر بقوة خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، ويعتبر مسجد الحاكم بأمر الله الفاطمي القبلة الأساسية التي يذهبون إليها لأداء طقوسهم، ويعود إليهم الفضل الأكبر في إعادة إحياء مسجد الحاكم بأمر الله بعد فترات طويلة من التردي وسوء الحال، إذ تحول المسجد في فترات طويلة إلى مقر إداري لهيئة الآثار ثم مخزن للمدرسة المجاورة له ليأتي البهرة ويجددوه ويفتتح من جديد لإقامة الصلاة.
ويعتقد البهرة أن المهدي المنتظر سيبعث من داخل أحد آبار مسجد الحاكم بأمر الله، كما يعتقدون أن الحاكم بأمر الله لا يزال على قيد الحياة إلى الآن.
وهذه الأفكار هي المصدر الأساسي للطقوس والشعائر الغريبة عن معتقدات السنة، إذ يطوفون بالمسجد وهم يتلون الأدعية الخاصة بهم مع شروق الشمس.
كما يحتفل البهرة في مصر بمولد زعيمهم، محمد برهان الدين سلطان، في 11 مارس/آذار من كل عام، وتقام الاحتفالات على مدار أسبوع كامل داخل مسجدي الحاكم بأمر الله والأقمر، وفي وقت الاحتفال يزدحم مسجد الحاكم بأمر الله عقب صلاة الفجر بالبهرة وهم يرتدون زيهم الباكستاني المميز.
وللبهرة عيدان كل عام، أولهما يتم الاحتفال به يوم 18 من شهر ذي الحجة وله طقوس خاصة حيث يصومون هذا اليوم ويغتسلون ويصلون ركعتين عند الغروب، والعيد الثاني يستمر خلال الأيام العشرة الأولى من شهر محرم إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين ويحتفلون به في مسجد الحاكم والجيوشي والحسين.
https://www.facebook.com/Egy.Pres.Spokesman/posts/852499322905464?ref=embed_post
اقرأ أيضاً
للمرة الرابعة.. السيسي يستقبل سلطان طائفة البهرة بالهند
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر عبدالفتاح السيسي البهرة الهند مفضل سيف الدين سلطان البهرة فی مصر
إقرأ أيضاً:
الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
الكهانة.. عمود الدين؛ منذ ما قبل الإسلام، فما من دين إلا والكاهن فيه واسطة بين الإنسان ومعبوده، لكن القرآن أعطى تصوراً سلبياً عنه، حيث قرنه بالمجنون: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) - الطور: 29-. ورغم أن القرآن ذكر الشاعر في سياق ذكره الكاهن، بما يشيء بموقفه السلبي من كليهما، إلا أنه استثنى صنفاً من الشعراء: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) - الشعراء:224-227 -. لم يكن القرآن -بحسب تبيينه- من جنس الشعر والكهانة، فهو ليس من وحي الجن والشياطين؛ كما كان المعتقد قبل الإسلام.. بل هو قول رسول يتلقى التنزيل من عند الله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ، وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) - الحاقة:40-43 -.
رفضُ القرآنِ الكهانةَ جاء لبناء «منظومة الوحي الإلهي»، وهي منظومة تحتاج لإعادة قراءة بعيداً عن التأويلات التي لحقت بمعاني القرآن، وما يعنينا هنا هو الحديث عن الكهنوت وموقف الإسلام منه، وتجريد الدين منه.
المعاجم العربية القديمة.. تعرّف الكهانة بأنها «علم بالغيب مدّعى»، ففي «لسان العرب» لمحمد ابن منظور (ت:711هـ): (الكاهِنُ الذي يَتعاطى الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدَّعي معرفة الأَسرار)، و(تكهّن... قضى له بالغيب)، هذا هو المعنى المعجمي، بيد أن المفهوم أوسع منه، ففي أديان المنطقة ترد كلمة «كاهن» بلفظ متقارب، فـ(هي لفظ تستخدم للتعبير عن الكاهن وخادم الله، وهي موجودة حتى في الحضارات القديمة مثل: الأوغارتية والفينيقية والآرامية والفرعونية والنبطية والسريانية والحبشية. وهذه الكلمة من أصل «ك هـ ن»، وهي موجودة في الأكادي القديم بهذا النطق، وتطورت إلى «كانو» ثم «كهانو» بمعني ينحني أمام؛ لأن الكاهن هو الذي يقف أمام الله، وينحني أمامه ويقدم ذبيحته، وتوجد أدلة على هذا من اللغة الأكادية تعود إلى 2250ق.م تقريباً) - موقع الدكتور غالي على الإنترنت -. وتوجد لدى اليهود والمسيحيين بلفظ «كوهين». وهذا يدل على تجذّرها في الأديان، ومازلت باقية فيها حتى اليوم، ولها في كل دين وظائف معلومة لدى أتباعه؛ تقوم على أن العابد لتُقْبَل عبادته لابد أن يقدمها عبر الكاهن.
جاء الإسلام؛ الدين الخاتم ليجرّد الدين من الكهانة؛ في منظوماته:
1. وحدانية الله.. أول منظومة سعى الإسلام إلى تجريدها من الكهانة، لأن هدفه الأسمى إقرار الإيمان بالله وحده رباً للوجود، ولا اعتبار لأية ألوهية لغيره، فنفى عن الملائكة والأنبياء والصالحين والبشر والجن ما ألصق بهم من صفات الألوهية، وأبطل التوجه بالعبادة لمخلوق. وهذا استلزم تحريم التوجه إلى الأحياء بالعبادة؛ حتى لو كانوا من كبراء القوم: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) - الأحزاب:67-68-، فالكبراء الأحياء.. «أشد خطراً» من أي معبود سواهم، سواء أكانوا من رجال الدين؛ وهم الذين يعنيهم القرآن بالأصالة، أم الملأ من الساسة، أم زعماء القوم، لكون الناس تتبع كبراءها. فتحقيق مفهوم «لا إله إلا الله» يقتضي عبادة الله مباشرة دون واسطة.
2. الرسالة.. الرسل هم وحدهم المعتبرون في الإسلام لتبليغ تعاليم الله إلى الناس، ففي إطار تجريد الدين من الكهنوت.. أحل الإسلام «منظومة النبوة» محل «منظومة الكهانة». وإن كان الكاهن في الأديان هو الواسطة بين الآلهة والإنسان؛ بيده يرفع أعمال العبد إليها، وبموافقته تقبل قرابينه، وبمباركته تقدم الطقوس التعبدية، فإن الإسلام ألغى كل ذلك؛ فالنبي.. مبلغ عن ربه فحسب، وليس له أن يشرّع شيئاً من نفسه. إنه كبقية البشر.. بيد أنه يوحى إليه؛ معصوم في تبليغه الوحي كعصمة سلوكه في الأخلاق. أما ما يتعلق بأية وساطة أخرى فليس للنبي منها نصيب، حتى ما يتعلق بالشفاعة؛ دنيا وأخرى، - انظر: الواسطة في القرآن، جريدة «عمان»، 11/ 4/ 2023م- . والنبي.. ليست له سيطرة على الناس، فهو مذكِّر لهم فحسب: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) - الغاشية:21-22-، وليست له عليهم وكالة، فهو مبلغ فقط: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) - الإسراء:54 -.
3. علم الغيب.. أخطر دعوى قامت عليها الكهانة في الأديان، فبها يهيمن الكهنوت على الأتباع، وهي «عمل خفي» لا يمكن للأتباع الاعتراض على ما يأتي عبرها، فالكاهن.. هو مَن يقرر التعاليم التي تستعبد بها الآلهةُ البشرَ، ومن لا يصدق بأنه على حق؛ فإنه يسومه سوء العذاب الدنيوي، ثم يردفه بالعذاب الأخروي، أو يصيبه بالأمراض تركسه في وَصَبها، أو يرسل إليه الجن تمسه برهقها، أو يصبّ عليه وابل دعائه ويستمطر عليه غضب آلهته، وبهذا فرض الكهنوت هيمنته عليهم، وأغلق أي منفذ إلى الله غير نافذته الضيّقة. فلما جاء الإسلام أبطل ما يدعيه الكهنوت، فالله وحده عالم الغيب، ولا أحد يعلمه؛ حتى الأنبياء، فالنبي يقول: (َلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) - الأنعام:50- ، وهو كغيره بشر: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) - الكهف:110-.
4. التشريع.. مما ابتلي به الناس على مدى تأريخهم الطويل؛ التشريع بما لم يأذن به الله. وهذا لم يُصب به دين دون آخر، فهو عام في الأديان حالَ قوتها وإثبات قبضتها على المجتمع. وخطورته عندما يتآصر مع السياسة.. فرغم أن الفقهاء المسلمين الأوائل رفضوا أن تعتمد اجتهاداتهم تشريعاً، لكن السياسة حتى تحكم قبضتها على الشعوب اتخذت من المادة الفقهية والروائية المدونة، ومن الفقهاء الذين تعانقوا مع الساسة؛ مادة كهنوتية تشريعية، وهو ما حرّمه الإسلام من الأساس، قال الله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) - التوبة:31-، فالقرآن.. حرّم التشريع ولو كان من نبي: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) - الشورى:21-، فالله.. وحده المشرّع، والقرآن بيّن ميسّر، لا إبهام فيه لكي يحتاج إلى الخاصة في بيانه، والأخذ بالدليل لا بما يقول الفقيه. فالفقيه.. له أن يمارس فهمه للإسلام ويتدبر القرآن لكن دون أن يفرض رأيه على الناس. والإسلام.. لم يفصّل القوانين اللازمة لانتظام أمر الناس؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحوها، لكون الحياة متغيّرة، ولذا؛ يجب أن يحكمها شرع الله بمبادئه الكلية كالعدل والرحمة والمساواة؛ وهي الآيات المحكمات؛ قال الله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) - آل عمران:7 -.
5. الشعائر.. لا تقام إلا في المعبد، وبواسطة الكاهن تُرفع إلى الآلهة، وهو من يُعَمِّد الناس ليدخلوا في حياض الدين، وبين يديه تقدّم النذور والأضاحي، وبه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران. فلما جاء الإسلام حرر الشعائر من الكهانة، لكي تؤدى لله من دون واسطة.
فالصلاة.. شعيرة لمناجاة الفرد ربه؛ يؤديها أينما حل عليه وقتها، وإنما تقام الصلوات جماعةً لشأن اجتماعي كالمحبة والتعاون والوحدة. ويقيم الصلاة بالمصلين كل مَن يحسنها ولا يدخل فيها ما يفسدها. والأظهر أنه لا ارتباط بين صلاة المأمومين وصلاة الإمام. ومَن ثبت لديه دخول شهر رمضان فعليه صومه، وإعلان دخوله وخروجه من قِبَل السلطة هو شأن تنظيمي لا تشريعي. ومناسك الحج.. يؤديها الفرد بنفسه، فليس هناك من يفتح له مغاليق المسجد الحرام، أو مَن طوف به حول البيت أو يسعى به بين المروتين، وبنفسه يقدم أضحيته ويقف في عرفات مع الواقفين، وكل فرد منهم يتجه إلى الله بدعائه.