لم تَعُدِ الاستدامة الماليَّة رفاهيَّة للدوَل أو الحكومات، بل أضحَتْ ضرورةً يفرضها الواقع الاقتصادى العالَمى، نظرًا لقدرتها على الوفاء بالالتزامات الماليَّة الحاليَّة والمستقبليَّة دُونَ الإضرار بالقدرة على النُّموِّ والتطوُّر، كما أنَّها تُتيح للحكومات تقديم خدمات عامَّة أفضل لمواطنيها، مِثل التعليم والرعاية الصحيَّة وإقامة البنى الأساسيَّة، ما يجعل لها دَوْرًا كبيرًا فى تحقيق استقرار الاقتصاد الوطنى، ممَّا يُؤدِّى إلى تحسين مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهيَّة المطلوبة الَّتى تُلبِّى تطلُّعات وطموحات المواطنين، بالإضافة إلى دَوْرها المُهمِّ والحيَوى فى الوصولِ للاستقبالِ المالى، وتخفيض عبء الديون، التى تؤثِّر على الجانب السِّياسى عَبْرَ التأثير على استقلال القرار الوطنى.


وانطلاقًا من ذلك، حرص السُّلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، على تحقيقِ الاستدامة الماليَّة المنشودة عَبْرَ خطَّة الإنقاذ المالى (٢٠٢٠ - ٢٠٢٤)، الَّتى كان لها دَوْر مشهود فيما تحقَّق من قفزة اقتصاديَّة كبرى فى السنوات القليلة الماضية، رغم الظروف والتحدِّيات الَّتى شهدها الاقتصاد الوطنى والعالَمى، وعلى رأسها انخفاض أسعار النفط، وتداعيات جائحة كورونا «كوفيد ١٩». لقد كان للتَّوجيهات السَّامية دَوْر كبير فيما وصَلْنا له من إنجاز، حيث عزَّزت خطوات التوازن المالى متانة الاقتصاد على المدَى الطويل، وذلك عَبْرَ تبنِّى ممارسات ماليَّة رشيدة وفعَّالة، تهدف فى الأساس إلى تحقيق التوازن المالى، وتعزيز الانضباط المالى، وتطوير منظومة الماليَّة العامَّة، وضمان استدامة الإيرادات غير النفطيَّة.
إنَّ ما تحقَّق من نجاح فى السياسة الماليَّة شكَّل تحوُّلًا مُهِمًّا فى مَسيرة الاقتصاد الوطنى، نَحْوَ تحقيق الاستقرار المالى والتَّنمية المستدامة على المدَى الطويل. فالخطوات الَّتى بدأت بخطَّة الإنقاذ المالى، وما تلاها من خطط وبرامج، أضحَتْ نموذجًا يُحتذى به لتعزيزِ سلامة الماليَّة العامَّة وضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة، وهو جوهر عمليَّات الاستدامة الماليَّة الَّتى تعمل على الحفاظ على القدرة الماليَّة على المدى الطويل، بدءًا من تمويل الأنشطة، وصولًا لتحقيقِ الأهداف دُونَ تراكم الديون بشكلٍ مفرطٍ أو التعرُّض لمخاطرَ ماليَّة تُهدِّد استمراريَّة العمليَّة التنمويَّة.
ويأتى إطلاق دليل (ميزانيَّة البرامج والأداء) خطوةً جديدة فى مساعى تحقيق الاستدامة الماليَّة، إذ يُعَدُّ أساسًا جديدًا فى مجال إدارة الماليَّة العامَّة بسلطنة عُمان، وذلك لرفعِ كفاءة الإنفاق العامِّ، وتحقيق النتائج المرجوَّة من تخصيص الميزانيَّات لوحدات الجهاز الإدارى للدَّولة، وفقًا لأهداف ونتائج البرامج والأنشطة، معزّزةً بذلك تطبيق الميزانيَّة العامَّة للدَّولة بأسلوب البنود. ويضمُّ الدَّليل مجموعةً من المحاور عن ميزانيَّة البرامج والأداء، وأُسُس وقواعد إنشاء البرامج والأنشطة وقياس الأداء ونُظُم دعمِ اتِّخاذ القرار، إضافةً إلى الأدوات الماليَّة والتحليل المالى المتقدِّم لعملِ ميزانيَّة البرامج والأداء وطُرق وأساليب إعداد الميزانيَّة بالبرامج والأداء فى إطارٍ مالى متوسِّط الأجل وعلى أساس الدَّمج، كما يضمُّ الدَّليل محورًا تفصيليًّا لتنفيذِ الميزانيَّة وإعداد التقارير وتدقيق الحسابات فى ميزانيَّة البرامج والأداء والَّذى يُعَدُّ دليلًا استرشاديًّا لكافَّة الوحدات الحكوميَّة، لتسهيلِ إجراءات تطبيق ميزانيَّة البرامج والأداء، ما يُشكِّل خطوةً جديدة فى تحقيقِ الاستدامة الماليَّة المنشودة.

..وتشغيل ثلاث محطات لتوزيع الكهرباء بتكلفة إجمالية 9 ملايين ريال 


تواصل الحكومة فى سلطنة عُمان تنفيذ المشروعات التنموية وفق رؤية عُمان 2040، وفى هذا الإطار، أطلقت عُمان تشغيل ثلاث محطات توزيع كهرباء رئيسة فى مناطق مختلفة بمحافظة ظفار استعدادا لموسم الخريف وهى: منطقة المروج، ومنطقة صحلنوت، ومنطقة طوى أعتير، وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه المشاريع ما يقارب 9 ملايين ريال عمانى، ويأتى تشغيل هذه المحطات بهدف تحسين وتعزيز شبكة الكهرباء بالمحافظة لتأمين توفير الطاقة الكهربائية ومواكبة زيادة الطلب على الكهرباء خلال موسم الخريف.
وبلغت تكلفة تنفيذ مشروع «محطة المروج» بمنطقة عوقد بسعة 2×20 ميجا فولت أمبير أكثر من 3 ملايين ريال عمانى وتم إدخال المحطة فى الخدمة بتاريخ 15 نوفمبر 2023 لتعزيز الشبكة الكهربائية وتلبية الاحتياجات المستقبلية فى تلك المنطقة حيث شهدت فى السنوات الأخيرة نموا سريعا فى التطور السكانى والاقتصادى، مما أدى لزيادة نمو الطلب على الكهرباء.
فيما بلغت تكلفة مشروع «محطة صحلنوت 3» 3.2 مليون ريال عمانى حيث تم تشغيل المشروع فى ديسمبر 2023، بسعة 2×20 ميجا فولت أمبير، حيث ستعزز المحطة موثوقية الشبكة الكهربائية لتلبية حجم النمو المتزايد لخدمة الكهرباء فى منطقة صحلنوت بشرق ولاية صلالة.
وبلغت التكلفة الإجمالية لمشروع محطة طوى أعتير ما يقارب 2.3 مليون ريال عمانى وتم تشغيل المحطة فى مارس 2024م وتأتى هذه المحطة لدعم الشبكة بمحطة طوى أعتير الرئيسية لتوزيع الكهرباء بسعة 2×10 ميجا فوت أمبير، حيث كانت منطقة طوى أعتير والمناطق المجاورة لها تتغذى من مصدر جهد 11 كيلو فولت من محطة طاقة الرئيسية لتوزيع الكهرباء البعيدة مما سبّب خفضا فى الجهد الكهربائى مع تزايد الأحمال ونتيجة لذلك تم تعزيزها بهذه المحطة. كما قامت نماء لخدمات ظفار بتقديم الدعم اللوجستى لعدد من الجهات الحكومية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلال موسم الخريف لضمان نجاح الموسم.
تطوير خدمات الصرف الصحى لمواكبة التطور العمرانى 
وفى مجال تطوير قطاع خدمات الصرف الصحى ومواكبة للتطور العمرانى تم إسناد عقد تنفيذ التوصيلات المنزلية بقيمة تصل إلى مليونى ريال عمانى لمدة خمس سنوات، وتم طرح مناقصة توسعة محطة معالجة مياه الصرف الصحى بصلالة لرفع سعة المحطة إلى 83 ألف متر مكعب باليوم ومن المتوقع البدء بالمشروع خلال الربع الثالث من عام 2024م.
وعلى مستوى قطاع المياه فقد أكدت نماء لخدمات ظفار جاهزية الخزانات الاستراتيجية وكمية استيعابها وجاهزية تعزيزها عند الضرورة، وفيما يتعلق بمنطقة صحلنوت فقد تم عمل خطة تشغيل المضخات لمدة أكبر لضمان رفع إنتاجية المياه لتتناسب مع حجم الطلب المتزايد فى فترة الخريف، كما تم توفير عدد من ناقلات المياه الإضافية للمواقع التى لا تتوفر فيها شبكات المياه فى ولاية صلالة وولاية طاقة خلال الموسم، والتأكد من جاهزية جميع الفرق الفنية فى جميع المناطق وتوفير جميع المواد اللازمة فى مواقع مختلفة لضمان سرعة الاستجابة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لتعزيز الاستدامة المالي ة الاستدامة المالي ة ة البرامج والأداء الاستدامة المالی ریال عمانى ة العام

إقرأ أيضاً:

عُمان وأنجولا تؤكدان إقامة تعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية

مسقط- العُمانية

أكّدت سلطنة عُمان وجمهورية أنجولا على إقامة تعاون يعزز الشراكة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وخاصةً في مجالات التعدين والطاقة النظيفة والتكنولوجيا والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والنقل واللوجستيات والموانئ.

جاء ذلك في البيان المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية أنجولا الصادر بمناسبة الزيارة الرسميّة التي قام بها فخامة الرئيس جواو لورينسو رئيس جمهورية أنجولا، لسلطنة عُمان. وفيما يأتي نصّ البيان: "بدعوة كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه -؛ قام فخامة الرئيس جواو لورينسو رئيس جمهورية أنجولا بزيارة رسميّة إلى سلطنة عُمان خلال الفترة 19- 21 ديسمبر 2024. وعقد جلالة السّلطان المعظم جلسة مباحثات مع فخامة الرئيس الأنجولي، تمّ خلالها استعراض العلاقات الثنائية وبحث سبل تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين. وأعرب القائدان عن اهتمامهما بإقامة تعاون يعزز من الشراكة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وخاصةً في مجالات التعدين والطاقة النظيفة والتكنولوجيا والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والنقل واللوجستيات والموانئ.

واتفق الطرفان على بدء مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية تعاون تغطي الشؤون الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافية، إلى جانب إبرام مذكرات تفاهم واتفاقيات تشمل الإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي الجوازات الرسمية، والمشاورات السياسية، وكذلك في مجال الزراعة.

كما تبادل حضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- وفخامة الرئيس الأنجولي وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكديْن احترامهما للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأهمية التعاون في إطار المنظمات الدولية لتحقيق السلام والأمن، مشددين على ضرورة تكثيف الجهود لمعالجة القضايا المتعلقة بتغيّر المناخ.

وعقدت الوفود المرافقة اجتماعات لبحث سبل تطوير التبادل التجاري وتبادل زيارات الوفود التجارية والاستثمارية وتشجيع إقامة مشروعات مشتركة.

وأشاد حضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم- أعزّه الله- بجهود فخامة الرئيس جواو لورينسو في إحلال سلام دائم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، متمنيًا لفخامته التوفيق لرئاسة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2025. ومن جانبه أثنى فخامة الرئيس على السياسة الخارجية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم المرتكزة على مبادئ الحوار وتشجيع السلام والوئام للجميع. وأعرب فخامة رئيس جمهورية أنجولا عن شكره وامتنانه لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظي به هو والوفد المرافق له خلال زيارته سلطنة عُمان".

وقد اختتم فخامة جواو مانويل لورينسو رئيس جمهورية أنجولا وحرمه زيارتهما الرسميّة لسلطنة عُمان التي استغرقت 3 أيام. وغادر فخامته البلاد صباح أمس، وكان في وداعه بالمطار السّلطانيِّ الخاصّ معالي السّيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السّلطاني، كما كان في التوديع كلٌّ من معالي عبد السّلام بن محمد المرشدي رئيسِ جهاز الاستثمار العُماني، ومعالي الدّكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرةِ التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومعالي الدّكتور سعيد بن محمد الصقري وزيرِ الاقتصاد (رئيسِ بعثة الشرف) وسعادةِ السّفيرِ الدّكتور فري دي ريكو مانويل سفيرِ جمهورية أنجولا المعتمد (غير المقيم) لدى سلطنةِ عُمان.

مقالات مشابهة

  • بنك نكست يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم لتعزيز الشمول المالي
  • المحطة النووية العائمة الوحيدة بالعالم تنتج 978 مليون كيلوواط ساعة من الكهرباء
  • حماية المال العام.. التزام وطني ورؤية استراتيجية لتعزيز النزاهة في سلطنة عُمان
  • «ميرال» تطلق استراتيجية تعزيز تجارب الاستجمام والترفيه
  • ميرال تطلق استراتيجية الاستدامة لتعزيز تجارب الاستجمام والترفيه والسياحة المسؤولة في أبوظبي
  • دراسة تمتد لـ50 عاماً تكشف سر النجاح المالي ومفتاح تحقيق الثروة
  • عُمان وأنجولا تؤكدان إقامة تعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية
  • “إنسان” تستعرض تجربتها في ملتقى المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية
  • حصاد الكهرباء 2024.. خطوات عملاقة نحو الاستدامة ودور أكبر للقطاع الخاص
  • استدامة الطاقة في مصر.. خطوة نحو تحقيق رؤية 2030 | تفاصيل