الضفدع الديمقراطى مات بسبب «ماكرون»
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
على رقعة الشطرنج الفرنسية، يمكننا أن نرى مقامرة إيمانويل ماكرون الصادمة بحل البرلمان فى أعقاب فوز اليمين المتطرف فى الانتخابات الأوروبية، والتى فشلت بشكل مأساوى. وشبه كثيرون دعوته لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بقرار ديفيد كاميرون فى عام 2016 بالدعوة المتهورة إلى إجراء استفتاء على عضوية المملكة المتحدة فى الاتحاد الأوروبى، على افتراض أن البقاء سيفوز، فقط لتدشين خروج بريطانيا.
ولكن بالنسبة للمتشائمين، حتى لو نجح هذا فى إبقاء حزب التجمع الوطنى خارج السلطة، فإن حقيقة أن أحزاباً أخرى «تجمعت» لمنع ذلك والفوضى التى ستنجم عن البرلمان المنقسم لن تؤدى إلا إلى تعزيز محاولة مارين لوبان للوصول إلى الإليزيه فى عام 2027.
هناك قراءتان محتملتان للانتخابات الفرنسية وتداعياتها على بقية أوروبا. القراءة المتشائمة تشبه حكاية الضفدع المسلوق الذى يموت دون أن يدرى بينما يسخن الماء تدريجياً. هى أن اليمين المتطرف يتعزز بعد كل انتخابات، حيث يتم تطبيعه فى النظام السياسى (وخاصة من خلال استعداد يمين الوسط للعمل معه) مع الاحتفاظ بطابعه «المناهض للنظام». إن نجاح التيار السائد فى منعه من الوصول إلى السلطة هو على وجه التحديد ما يمكن اليمين المتطرف من البقاء.
وعلى المستوى الأوروبى، نجح اليمين المتطرف فى تحقيق اختراقات فى التاسع من يونيو ومن المتوقع أن يزداد وزنه مع تشكيل فيكتور أوروبان لحزب «وطنيون من أجل أوروبا»، وهو التجمع اليمينى المتطرف الثالث فى برلمان بروكسل. وهناك عدد متزايد، وإن كان لا يزال أقلية، من الحكومات المتشككة فى أوروبا فى مجلس وزراء الاتحاد الأوروبى الذى يتولى التشريع، بما فى ذلك إيطاليا والمجر وهولندا وسلوفاكيا، ومن المحتمل أن تتبعها النمسا فى وقت لاحق من العام. وعلى هذا فإن درجة الحرارة ترتفع تدريجياً، وفى نهاية المطاف سوف يموت الضفدع الديمقراطى الليبرالى المؤيد لأوروبا.
إن قراءة أكثر تفاؤلاً يمكن تلخيصها على النحو التالى: «احتفظ بالهدوء واستمر فى العمل». لقد تبين أن ماكرون أقرب إلى بيدرو سانشيز منه إلى ديفيد كاميرون. فقد نجح رئيس الوزراء الإسبانى فى تشكيل ائتلاف متنوع بهدف مشترك يتمثل فى إبعاد أقصى اليمين عن السلطة على النقيض من يمين الوسط فى إيطاليا وهولندا، الذى أبدى استعداده للعمل مع أقصى اليمين.
ومن المدهش أن مئات المرشحين الذين احتلوا المركز الثالث انسحبوا من السباق الثلاثى لتجنب تقسيم الأصوات المناهضة للوبان. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الناخبين حذوا حذوهم. فقد استجاب الناخبون الفرنسيون للدعوة إلى التصويت للجبهة الجمهورية حتى لو كان هذا يعنى مخالفة معتقداتهم السياسية.
لقد صوت الملايين من الليبراليين لصالح اليساريين، والعكس صحيح، وقد توحدت هذه المجموعة من الناس على أساس قناعة راسخة بأن الجمهورية الفرنسية وقيمها التى ترسخت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت فى خطر مميت. ولا يزال التمسك بهذه القيم يتردد صداه بين أغلب المواطنين.
لا يزال التهديد الذى يشكله اليمين المتطرف للديمقراطية الليبرالية والتكامل الأوروبى حقيقياً، ومعه دعم الاتحاد الأوروبى لأوكرانيا، والعمل المناخى، والنظام العالمى الليبرالى. ومع ذلك، إن الضرر محصور، وقد يتم تقليصه فى نهاية المطاف إن لم تتم هزيمته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود الانتخابات الأوروبية الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
تزامنا مع تنصيب ترامب.. ماكرون يطالب أوروبا بالتوقف عن شراء الأسلحة الأمريكية
طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دول أوروبا، بالتوقف عن شراء الأسلحة الأمريكية، قائلًا إن مليارات اليورو من أموال الضرائب التي تنفق على الميزانيات العسكرية الأوروبية لا ينبغي استخدامها لشراء أسلحة أمريكية فقط، داعيًا إلى المزيد من الاستثمار في الصناعات الدفاعية المحلية، بحسب وكالة «رويترز».
ماكرون: أوروبا يجب أن تنفق المزيد على الأسلحة المحليةوقال ماكرون، في تصريحات أدلى بها قبل دقائق من تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اشتكى من أن الأوروبيين لا يدفعون ما يكفي مقابل دفاعهم، إن القارة يجب أن تنفق المزيد على الأسلحة المحلية.
ويشار إلى أن فرنسا التي تمتلك صناعة دفاعية كبيرة، اشتكت كثيرا عندما اختارت دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي شراء أسلحة أمريكية في ظل وجود بدائل فرنسية أو أوروبية.
كما أثار قرار ألمانيا في 2022، بإطلاق نظام الدفاع الجوي في الأجواء الأوروبية بمعدات أمريكية وإسرائيلية، متجاهلة البديل الفرنسي الإيطالي، غضب إيمانويل ماكرون.