بوابة الوفد:
2024-08-04@20:18:33 GMT

طرق كتابة اللغة العربية وأقلامها

تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT

لم تمضِ عملية التأليف والكتابة اعتباطاً، أو حسبما يتراءى للكاتب أو المؤلف أو المصنف. بل سن الأوائل من المفكرين والمنظرين الأسس الفنية المستقاة من خبرة الحضارات القديمة فى التأليف والكتابة، من خلال ما خلفوه من تراث إنسانى حافل تذخر به المكتبات القديمة.
ضاعف من أهمية الاهتمام بطريقة التأليف، وطريقة صناعة الكتاب، الذى سيخلد باقياً للبشرية مدى الدهرـ ضاعف من ذلك تعدد أنواع الكتابة وموضوعاتها وأجناسها، وكان من أنواع الكتابة ما أسموه:
كتابة القصص
أما ما يقصد بها، فقد شرحه القلقشندى فى كتابه الشهير، وهو:
ما يُرفع إلى ولاة الأمور بحكاية صورة الحال، وسُمِّيت قصصاً على سبيل المجاز، من حيث إن القصة اسم للمحكىِّ فى الورقة.

لا لنفس الورقة بما نيط من إيجاز واختصار. وإِن كان ينقد بعض نماذجها قائلاً: 
«على أنه قد تصدى لكتابة القصص مَنْ لا يفرِّق بين حَسَنها وقببيحها، ولا ينظر فى دلالتها ولا يُراعى مدلولها، وذلك كنه الزمان فى أكثر أحواله» - ص 203.
كتابة الملخّصات.
يعرض القلقشندى للملخصات الناتجة عن ضيق زمن صاحب الإنشاء عن استيعاب حال الكتب الواردة لوفورها، لذا حدَّدواً كاتباً يتصفح ويلخص، ويستشهد بما ذكره أبو الفضل الصورى فى «تذكرته». والأهم من ذلك وصْفه كيفية صنع الكتابة قائلاً: «إن يترك من رأس الوصل قدر ثلاثة أصابع بياضاً، ثم قدر إصبعين بياضاً عن يمينه، وقدر إصبعين بياضاً عن يساره.. إلخ»- ص 215، بما فى ذلك من ترجمة إذا اقتضى الأمر ذلك.
الفواتح والخواتيم واللواحق البسملة والخطوط
يشرح سبب البدء بالبسملة فيحكى قصة عن المسعودى فى (مروج الذهب)، عن أمية بن أبى الصلت ولقاء بحيّة، وبامرأة عجوز يهودية، وأحداث خيالية مفزعة، خفف من وطأتها جملة «باسمك اللهم»، فصارت قريش تكتبها فى أول كتبها حتى نزل قوله تعالى:{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، فاستفتح بها الرسول فصارت سُنَّة، وبعد أن نزل قوله تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها}.
وعن سفيان الثورى أنه يُكره للرجل أن يكتب شيئاً حتى يكتب «باسم الله الرحمن الرحيم»، وكذلك عن هشام بن عروة، وعن سعيد بن جبير، وعلى ذلك مصطلح كتّاب الإنشاء قديماً وحديثاً، وذكر محمد بن عمر المدائنى فى كتاب «القلم والدواة» أن أهل العلم كرهوا حذف البسملة، وحثّوا على تحسينها فى الكتابة ما استطاع الكاتب، كما يصف كتابة حروفها دون حذف، فقد ضرب عمر كاتباً لأنه حذف منها السين، ويوازن بين كتّاب المغرب ومصر والمشرق فى كتابة البسملة، يبيّن وضع البسملة فى أول الكلام المقصود، وإفرادها فى سطر، وكذلك ما يتصل «بالحمد لله»، والتشهد، والصلاة والسلام على النبى، والسلام فى ابتداء الكلام، وجملة «أما بعد»، وجملة «إن شاء الله» ومحل كتابتها وصورة وضعها فى الدَّرج، والتاريخ وهى: ما قبل الهجرة، وما بعدها.
وقصة عمر لمـا أراد التأريخ، كما يحكى صاحب «ذخيرة الكُتّاب»، وكيف انتهى إلى التاريخ بهجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبشهر المحرم، أما مدار التاريخ فبالليالى لأن سنة العرب قمرية والهلال يظهر ليلاً، لأن أول الشهر ليلُهُ، كما يذكر أبو إسحق الزجاجى فى «الجُمَل»، وأثير الدين أبوحيان فى «شرح التسهيل»، وابن شيث فى «معالم الكتابة»، وتقييد التاريخ بالسَّنة، وذكْر جملة الحمد لله فى آخر الكتاب، والصلاة على النبى، والحسْبلة. والأعجب الإشارة إلى أن يُتَّرب الكتاب بالتراب، وبعضه التراب يكون باللون الأحمر.
المراجعة والتنقيح
ومن المعروف أن أى نوع من التأليف والكتابة يحتاج إلى الدقة التى لا تتحقق إلى بمعاودة النظر، والتمحيص، وهو ما اهتم بشرحه القلقشندى، إذْ يتناول الكاتب عمله بالمراجعة والتنقيح بعد الفراع من الكتابة بتأمله من أوله إلى آخره وتتبّع ألفاظه ومعانيه. ومن القضايا: مراعاة رتب المكتوب عنه، وإليه، ومقادير كل، وفيها نصائح وتوجيهات، كما يذكر أبو هلال العسكرى فى الصناعتين، ومراعاة مواقع الآيات، والسجع، والشعر، وفيها ما يتصل بحسن الافتتاح وحسن الاختتام وهنا شىء لصيق بصناعة الكتاب من معرفة مقادير قطع الورق، وسعة الطُرَّة والهامش، ومقدار ما بين السطور وما يترك فى آخر الكتاب. ولا يغفل القلقشندى الحديث عن الخطوة الأخيرة، وهى الطباعة، وهى مرحلة تدخل فى إطار النشر اليوم وفى زماننا. لكنها فى ذلك العهد البعيد تندرج فى نطاق التأليف، وجزء لا يتجزأ منه؛ ذلك أن الكتاب كما قدمنا مخطوط باليد، وقد يكون بخط مؤلفه، أو بخط من يكلفه مؤلفه، أو على أقل تقدير، بعلمه وإشرافه، ولهذا يمضى القلقشندى فى توجيهاته العلمية الفنية قائلاً:
أما الخط فكلَّما غلظ القلم واتسعت سطوره كان أنقص فى رتبة المكتوب إليه، كذلك الإيجاز والاختصار، والبسط والإطناب، واللواحق واللوازم، والدعاء، والسلام، والترجمة عن المكتوب عنه، حتى يصل إلى العنوان.

عضو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى الحديث.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل

إقرأ أيضاً:

مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تنقل الثقافة السعودية إلى اللغة الصينية

نقلت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، من خلال برنامجها للنشر العلمي الثقافة السعودية إلى اللغة الصينية، الذي نفذ مجموعة من الإصدارات العلمية والثقافية والأدبية باللغة العربية وقام بترجمتها إلى اللغات الأخرى ومن ضمنها اللغة الصينية، وتقوم المكتبة بانتقاء مجموعة من إصداراتها ومن الإصدارات الأدبية والتاريخية والعلمية السعودية وتترجمها إلى اللغة الصينية من أجل وضع ملامح من صور الثقافة السعودية المعاصرة أمام القارئ الصيني.

ومن أبرز ما قامت المكتبة بترجمته إلى اللغة الصينية: المجلد الأول من "موسوعة المملكة العربية السعودية الشاملة"، والذي سيشكل خطوة أولى لترجمة المجلدات العشرين للموسوعة التي تتناول مناطق المملكة جميعها وتركز على عدة مجالات هي: التاريخ، والآثار، والثقافة والجغرافيا، والاقتصاد والأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد، والسياحة والحياة الفطرية وغيرها من المجالات.

وترجمت المكتبة كتاب "المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية: تاريخ العلاقات التجارية بين الصين والجزيرة العربية" الذي يبرز إسهامات الأمة العربية الإسلامية والصين وإنجازاتهما العلمية في مجالات كثيرة كالفلك، والعلوم، والجغرافيا، والزراعة والطب وغيرها، ويبين أن لهما علاقات قديمة قبل الإسلام وبعده، حيث تبادلا التجارة والرحلة عبر طريق الحرير، ويأتي الكتاب ليشكل ترجمة حقيقية لواقع هذا التعاون والتفاهم المشترك، ليكون مصدراً مهماً للباحثين من كلا الحضارتين.

كما تعمل المكتبة على ترجمة كتاب الدكتور عبدالعزيز المانع "على خطى المتنبي" إلى الصينية وفيه رصد للمواضع التي مر عليها المتنبي في رحلة خروجه من القاهرة إلى الكوفة، إضافةً لترجمة المكتبة لعددٍ من الإصدارات من الكاتبة هند السديري ومن بينها كتاب "Modern Woman in the K.S.A"، وهو أول كتاب يضع المرأة السعودية في سياق ثقافي أوسع، ويستكشف مجموعة متنوعة من المواضيع والتطورات التاريخية، ويهتم بمساهمات المرأة السعودية الاجتماعية والاقتصادية، كذلك ترجمت 11 قصة من قصص الأطفال من اللغة العربية إلى اللغة الصينية، وتناولت موضوعات متنوعة تقدم معلومات عن تاريخ المملكة وثقافتها.

يذكر أن المكتبة تقوم منذ إنشاء فرعها بجامعة بكين بجمهورية الصين الشعبية قبل ستة أعوام بفعاليات متعددة تهدف إلى تعريف الصينيين بمختلف عناصر الثقافة السعودية والعربية والإسلامية، وقد أثمرت هذه الفعاليات عن تقريب المسافة بين الثقافتين السعودية والصينية، وتعزيز التفاعل المعرفي على مستوى الكتب والإصدارات، وعلى مستوى إقامة الندوات وورش العمل التي تعرف بالفنون السعودية التراثية باللغة العربية.

مقالات مشابهة

  • كيف تنازلنا عن لُغتنا؟!
  • ندب الدكتور محروس محمد إبراهيم للقيام بأعمال عميد كلية الآداب ببني سويف
  • مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تنقل الثقافة السعودية إلى اللغة الصينية
  • توقعات تنسيق كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالزقازيق بنين
  • توقعات تنسيق كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بأسيوط بنين
  • توقعات تنسيق كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر بإيتاي البارود «بنين»
  • توقعات تنسيق كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بجرجا بنين
  • «وطني الإمارات» تُنظم دورة «اللغة العربية والهوية الوطنية»
  • توقعات تنسيق كلية اللغة العربية جامعة الأزهر في القاهرة بنين
  • راشد عبد الرحيم: وإتفرج يا سلام