بوابة الوفد:
2025-03-03@23:01:43 GMT

طرق كتابة اللغة العربية وأقلامها

تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT

لم تمضِ عملية التأليف والكتابة اعتباطاً، أو حسبما يتراءى للكاتب أو المؤلف أو المصنف. بل سن الأوائل من المفكرين والمنظرين الأسس الفنية المستقاة من خبرة الحضارات القديمة فى التأليف والكتابة، من خلال ما خلفوه من تراث إنسانى حافل تذخر به المكتبات القديمة.
ضاعف من أهمية الاهتمام بطريقة التأليف، وطريقة صناعة الكتاب، الذى سيخلد باقياً للبشرية مدى الدهرـ ضاعف من ذلك تعدد أنواع الكتابة وموضوعاتها وأجناسها، وكان من أنواع الكتابة ما أسموه:
كتابة القصص
أما ما يقصد بها، فقد شرحه القلقشندى فى كتابه الشهير، وهو:
ما يُرفع إلى ولاة الأمور بحكاية صورة الحال، وسُمِّيت قصصاً على سبيل المجاز، من حيث إن القصة اسم للمحكىِّ فى الورقة.

لا لنفس الورقة بما نيط من إيجاز واختصار. وإِن كان ينقد بعض نماذجها قائلاً: 
«على أنه قد تصدى لكتابة القصص مَنْ لا يفرِّق بين حَسَنها وقببيحها، ولا ينظر فى دلالتها ولا يُراعى مدلولها، وذلك كنه الزمان فى أكثر أحواله» - ص 203.
كتابة الملخّصات.
يعرض القلقشندى للملخصات الناتجة عن ضيق زمن صاحب الإنشاء عن استيعاب حال الكتب الواردة لوفورها، لذا حدَّدواً كاتباً يتصفح ويلخص، ويستشهد بما ذكره أبو الفضل الصورى فى «تذكرته». والأهم من ذلك وصْفه كيفية صنع الكتابة قائلاً: «إن يترك من رأس الوصل قدر ثلاثة أصابع بياضاً، ثم قدر إصبعين بياضاً عن يمينه، وقدر إصبعين بياضاً عن يساره.. إلخ»- ص 215، بما فى ذلك من ترجمة إذا اقتضى الأمر ذلك.
الفواتح والخواتيم واللواحق البسملة والخطوط
يشرح سبب البدء بالبسملة فيحكى قصة عن المسعودى فى (مروج الذهب)، عن أمية بن أبى الصلت ولقاء بحيّة، وبامرأة عجوز يهودية، وأحداث خيالية مفزعة، خفف من وطأتها جملة «باسمك اللهم»، فصارت قريش تكتبها فى أول كتبها حتى نزل قوله تعالى:{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، فاستفتح بها الرسول فصارت سُنَّة، وبعد أن نزل قوله تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها}.
وعن سفيان الثورى أنه يُكره للرجل أن يكتب شيئاً حتى يكتب «باسم الله الرحمن الرحيم»، وكذلك عن هشام بن عروة، وعن سعيد بن جبير، وعلى ذلك مصطلح كتّاب الإنشاء قديماً وحديثاً، وذكر محمد بن عمر المدائنى فى كتاب «القلم والدواة» أن أهل العلم كرهوا حذف البسملة، وحثّوا على تحسينها فى الكتابة ما استطاع الكاتب، كما يصف كتابة حروفها دون حذف، فقد ضرب عمر كاتباً لأنه حذف منها السين، ويوازن بين كتّاب المغرب ومصر والمشرق فى كتابة البسملة، يبيّن وضع البسملة فى أول الكلام المقصود، وإفرادها فى سطر، وكذلك ما يتصل «بالحمد لله»، والتشهد، والصلاة والسلام على النبى، والسلام فى ابتداء الكلام، وجملة «أما بعد»، وجملة «إن شاء الله» ومحل كتابتها وصورة وضعها فى الدَّرج، والتاريخ وهى: ما قبل الهجرة، وما بعدها.
وقصة عمر لمـا أراد التأريخ، كما يحكى صاحب «ذخيرة الكُتّاب»، وكيف انتهى إلى التاريخ بهجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبشهر المحرم، أما مدار التاريخ فبالليالى لأن سنة العرب قمرية والهلال يظهر ليلاً، لأن أول الشهر ليلُهُ، كما يذكر أبو إسحق الزجاجى فى «الجُمَل»، وأثير الدين أبوحيان فى «شرح التسهيل»، وابن شيث فى «معالم الكتابة»، وتقييد التاريخ بالسَّنة، وذكْر جملة الحمد لله فى آخر الكتاب، والصلاة على النبى، والحسْبلة. والأعجب الإشارة إلى أن يُتَّرب الكتاب بالتراب، وبعضه التراب يكون باللون الأحمر.
المراجعة والتنقيح
ومن المعروف أن أى نوع من التأليف والكتابة يحتاج إلى الدقة التى لا تتحقق إلى بمعاودة النظر، والتمحيص، وهو ما اهتم بشرحه القلقشندى، إذْ يتناول الكاتب عمله بالمراجعة والتنقيح بعد الفراع من الكتابة بتأمله من أوله إلى آخره وتتبّع ألفاظه ومعانيه. ومن القضايا: مراعاة رتب المكتوب عنه، وإليه، ومقادير كل، وفيها نصائح وتوجيهات، كما يذكر أبو هلال العسكرى فى الصناعتين، ومراعاة مواقع الآيات، والسجع، والشعر، وفيها ما يتصل بحسن الافتتاح وحسن الاختتام وهنا شىء لصيق بصناعة الكتاب من معرفة مقادير قطع الورق، وسعة الطُرَّة والهامش، ومقدار ما بين السطور وما يترك فى آخر الكتاب. ولا يغفل القلقشندى الحديث عن الخطوة الأخيرة، وهى الطباعة، وهى مرحلة تدخل فى إطار النشر اليوم وفى زماننا. لكنها فى ذلك العهد البعيد تندرج فى نطاق التأليف، وجزء لا يتجزأ منه؛ ذلك أن الكتاب كما قدمنا مخطوط باليد، وقد يكون بخط مؤلفه، أو بخط من يكلفه مؤلفه، أو على أقل تقدير، بعلمه وإشرافه، ولهذا يمضى القلقشندى فى توجيهاته العلمية الفنية قائلاً:
أما الخط فكلَّما غلظ القلم واتسعت سطوره كان أنقص فى رتبة المكتوب إليه، كذلك الإيجاز والاختصار، والبسط والإطناب، واللواحق واللوازم، والدعاء، والسلام، والترجمة عن المكتوب عنه، حتى يصل إلى العنوان.

عضو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى الحديث.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل

إقرأ أيضاً:

هيئة الكتاب تصدر «الخيال عند ابن عربي» لـ سليمان العطار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت  الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «الخيال عند ابن عربي» النظرية والمجالات، للدكتور سليمان العطار، ومن تحرير وتقديم قحطان الفرج الله.

العطار في هذا الكتاب لم ينظر لابن عربي بعده شاعرًا، وهو ليس كذلك، غهو فيلسوف غزير الإنتاج عميق الفكر، وهو في مقدمة فلاسفة الإسلام الذين تركوا أثرًا واضحًا ما زال يتفاعل حتى يومنا هذا في محافل الدرس الأكاديمي وخارجه.
 

مدخل العطار لطرح نظريته في الخلق الإبداعي ينطلق من تسليط مجهر البحث العلمي نحو أدوات الخلق التي تجعل من النص المتولد من الخيال خلقًا منفصلًا قابلًا لحالات الموت والولادة والتطور والتجديد غير قابل للفناء أو العدم.
 

وناقش العطار في هذا الكتاب الفريد، حضرة الخيال التي لا يعتريها وهم الوهم، سواء كان عند الإنسان بمفهومه الضيق وهو الآدمي أو بمفهومه الواسع وهو العالم، فإن خياله يخلو من الوهم ويعلو على التقليد في النظر إلى الأشياء.. فالعقل يخطئ أي يقع في الوهم، ويخيل له الخيال دون أن يدري أن هذا حق، لأن الخيال لا يخطئ، وهذا هو التخييل، الوهم قوة من قوى النفس يرمز لها ابن عربي بالشيطان.
 

ويقول العطار في تقديمه للكتاب: «علينا أن نوقظ الوعي بالنهضة حتى تتجاوز طور التشبث بالبقاء إلى طور صنع المستقبل، وهذه اليقظة لبناتها الأولى هي إحياء الفكر الخالد الذي تجاوزنا به العصور الوسيطة على درب النهضة والحداثة قبل أن تعرفهما أوروبا، ومن الطريف أن معظم  هذا الفكر كان نابعًا من الأندلس، هذا البرزخ الذي أطل علينا دائما،  كما أطل بنا على الجهة الأخرى على الغرب، ويبدو أن الأندلس كانت القاع الذي يترسب فيه الناتج الأخير لكل تفاعل كيماوي عربي، هذه الملاحظة المثيرة، تستحق الاهتمام من الدارسين لخط سير الحضارة والفنون والأدب في تاريخ العرب في طوره الإسلامي الوسيط».

مقالات مشابهة

  • مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينظم احتفالية بمناسبة شهر رمضان
  • لازم تعرف.. كيفية كتابة شكوى للرقابة الإدارية
  • مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينظم احتفالية بمناسبة حلول شهر رمضان
  • هيئة الكتاب تصدر «الخيال عند ابن عربي» لـ سليمان العطار
  • سلسلة لا تُقهر..فليك يقترب من كتابة التاريخ مع برشلونة
  • مصطفى حسني يوضح سبب تسمية سورة الفاتحة بـ أم الكتاب
  • فتح باب التسجيل لجائزة مجمع الملك سلمان للغة العربية
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يعلن فتح باب التسجيل في جائزته السنوية العالمية بدورتها الرابعة
  • إيناس الدغيدي تعترف: لم أوفق في كتابة سيناريو مجنون أميرة
  • «رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير».. أدعية شهر رمضان من الكتاب والسنة