طرق كتابة اللغة العربية وأقلامها
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
لم تمضِ عملية التأليف والكتابة اعتباطاً، أو حسبما يتراءى للكاتب أو المؤلف أو المصنف. بل سن الأوائل من المفكرين والمنظرين الأسس الفنية المستقاة من خبرة الحضارات القديمة فى التأليف والكتابة، من خلال ما خلفوه من تراث إنسانى حافل تذخر به المكتبات القديمة.
ضاعف من أهمية الاهتمام بطريقة التأليف، وطريقة صناعة الكتاب، الذى سيخلد باقياً للبشرية مدى الدهرـ ضاعف من ذلك تعدد أنواع الكتابة وموضوعاتها وأجناسها، وكان من أنواع الكتابة ما أسموه:
كتابة القصص
أما ما يقصد بها، فقد شرحه القلقشندى فى كتابه الشهير، وهو:
ما يُرفع إلى ولاة الأمور بحكاية صورة الحال، وسُمِّيت قصصاً على سبيل المجاز، من حيث إن القصة اسم للمحكىِّ فى الورقة.
«على أنه قد تصدى لكتابة القصص مَنْ لا يفرِّق بين حَسَنها وقببيحها، ولا ينظر فى دلالتها ولا يُراعى مدلولها، وذلك كنه الزمان فى أكثر أحواله» - ص 203.
كتابة الملخّصات.
يعرض القلقشندى للملخصات الناتجة عن ضيق زمن صاحب الإنشاء عن استيعاب حال الكتب الواردة لوفورها، لذا حدَّدواً كاتباً يتصفح ويلخص، ويستشهد بما ذكره أبو الفضل الصورى فى «تذكرته». والأهم من ذلك وصْفه كيفية صنع الكتابة قائلاً: «إن يترك من رأس الوصل قدر ثلاثة أصابع بياضاً، ثم قدر إصبعين بياضاً عن يمينه، وقدر إصبعين بياضاً عن يساره.. إلخ»- ص 215، بما فى ذلك من ترجمة إذا اقتضى الأمر ذلك.
الفواتح والخواتيم واللواحق البسملة والخطوط
يشرح سبب البدء بالبسملة فيحكى قصة عن المسعودى فى (مروج الذهب)، عن أمية بن أبى الصلت ولقاء بحيّة، وبامرأة عجوز يهودية، وأحداث خيالية مفزعة، خفف من وطأتها جملة «باسمك اللهم»، فصارت قريش تكتبها فى أول كتبها حتى نزل قوله تعالى:{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، فاستفتح بها الرسول فصارت سُنَّة، وبعد أن نزل قوله تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها}.
وعن سفيان الثورى أنه يُكره للرجل أن يكتب شيئاً حتى يكتب «باسم الله الرحمن الرحيم»، وكذلك عن هشام بن عروة، وعن سعيد بن جبير، وعلى ذلك مصطلح كتّاب الإنشاء قديماً وحديثاً، وذكر محمد بن عمر المدائنى فى كتاب «القلم والدواة» أن أهل العلم كرهوا حذف البسملة، وحثّوا على تحسينها فى الكتابة ما استطاع الكاتب، كما يصف كتابة حروفها دون حذف، فقد ضرب عمر كاتباً لأنه حذف منها السين، ويوازن بين كتّاب المغرب ومصر والمشرق فى كتابة البسملة، يبيّن وضع البسملة فى أول الكلام المقصود، وإفرادها فى سطر، وكذلك ما يتصل «بالحمد لله»، والتشهد، والصلاة والسلام على النبى، والسلام فى ابتداء الكلام، وجملة «أما بعد»، وجملة «إن شاء الله» ومحل كتابتها وصورة وضعها فى الدَّرج، والتاريخ وهى: ما قبل الهجرة، وما بعدها.
وقصة عمر لمـا أراد التأريخ، كما يحكى صاحب «ذخيرة الكُتّاب»، وكيف انتهى إلى التاريخ بهجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبشهر المحرم، أما مدار التاريخ فبالليالى لأن سنة العرب قمرية والهلال يظهر ليلاً، لأن أول الشهر ليلُهُ، كما يذكر أبو إسحق الزجاجى فى «الجُمَل»، وأثير الدين أبوحيان فى «شرح التسهيل»، وابن شيث فى «معالم الكتابة»، وتقييد التاريخ بالسَّنة، وذكْر جملة الحمد لله فى آخر الكتاب، والصلاة على النبى، والحسْبلة. والأعجب الإشارة إلى أن يُتَّرب الكتاب بالتراب، وبعضه التراب يكون باللون الأحمر.
المراجعة والتنقيح
ومن المعروف أن أى نوع من التأليف والكتابة يحتاج إلى الدقة التى لا تتحقق إلى بمعاودة النظر، والتمحيص، وهو ما اهتم بشرحه القلقشندى، إذْ يتناول الكاتب عمله بالمراجعة والتنقيح بعد الفراع من الكتابة بتأمله من أوله إلى آخره وتتبّع ألفاظه ومعانيه. ومن القضايا: مراعاة رتب المكتوب عنه، وإليه، ومقادير كل، وفيها نصائح وتوجيهات، كما يذكر أبو هلال العسكرى فى الصناعتين، ومراعاة مواقع الآيات، والسجع، والشعر، وفيها ما يتصل بحسن الافتتاح وحسن الاختتام وهنا شىء لصيق بصناعة الكتاب من معرفة مقادير قطع الورق، وسعة الطُرَّة والهامش، ومقدار ما بين السطور وما يترك فى آخر الكتاب. ولا يغفل القلقشندى الحديث عن الخطوة الأخيرة، وهى الطباعة، وهى مرحلة تدخل فى إطار النشر اليوم وفى زماننا. لكنها فى ذلك العهد البعيد تندرج فى نطاق التأليف، وجزء لا يتجزأ منه؛ ذلك أن الكتاب كما قدمنا مخطوط باليد، وقد يكون بخط مؤلفه، أو بخط من يكلفه مؤلفه، أو على أقل تقدير، بعلمه وإشرافه، ولهذا يمضى القلقشندى فى توجيهاته العلمية الفنية قائلاً:
أما الخط فكلَّما غلظ القلم واتسعت سطوره كان أنقص فى رتبة المكتوب إليه، كذلك الإيجاز والاختصار، والبسط والإطناب، واللواحق واللوازم، والدعاء، والسلام، والترجمة عن المكتوب عنه، حتى يصل إلى العنوان.
عضو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى الحديث.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل
إقرأ أيضاً:
لضمان حقها.. أمين الإفتاء: يجوز للزوجة كتابة قائمة منقولات حتى لو لم تشترِ شيئا
أكدت وسام الخولي، أمينة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الزوجة تملك حق كتابة قائمة المنقولات الزوجية حتى وإن لم تُحضِر أي شيء من تجهيزات المنزل، مؤكدة أن إعداد الزوج لمسكن الزوجية يكون في الأصل من جزء من مهر الزوجة، وبالتالي فإن ما يجهزه الزوج يُعدّ ملكًا لها شرعًا.
وأضافت أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، أنه سواء قدم الزوج المهر نقدًا أو جهّز به منزل الزوجية، فهو في كلا الحالين يصرف من حق الزوجة، ولذلك يثبت لها حق كتابة القائمة لأنها تمثل ممتلكاتها، مشيرة إلى أن ما يحضره أهل الزوجة أيضًا يُعد ملكًا لها ويُكتب ضمن المنقولات.
هل كتابة قائمة المنقولات حق شرعي للمرأة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
هل السحر له حقيقة ويتسبب فى أمراض أم مجرد شعوذة وتخييل؟.. الإفتاء تجيب
دار الإفتاء تؤكد جواز التعامل مع البنوك وأخذ الفوائد
هل أحصل على ثواب قيام الليل حال أدائه قبل الفجر بدقائق؟.. الإفتاء توضح
وأوضحت أمين الفتوى في دار الإفتاء أن المهر في العرف المصري غالبًا ما يُقسَّم إلى مقدم ومؤخر، وأن تجهيز البيت يتم عادة من قيمة المقدم، ولهذا تصبح المنقولات مملوكة للزوجة ويجوز كتابتها كنوع من التوثيق.
وتطرقت أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى موقف بعض الأهالي الذين يرفضون كتابة القائمة بدافع الثقة في الزوج.
وأكدت أمين الفتوى في دار الإفتاء أن هذا خلق طيب ومن باب التيسير، إلا أنه إذا تراضت الزوجة وأهلها على عدم كتابة القائمة، فلا مانع شرعًا، لأن الأمر يُبنى على الرضا، أما إذا اختاروا توثيقها ضمانًا لحق الزوجة حال وقوع خلاف، فلا مانع كذلك، مؤكدة أن كتابة القائمة لا تُلحق ضررًا بالزوج، لأنها في كل الأحوال ملك للزوجة شرعًا.
حكم كتابة قائمة المنقولاتوفي السياق ذاته، أجابت وسام الخولي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول معنى قائمة المنقولات الزوجية في الشرع، موضحة أن المهر هو الحق الشرعي للزوجة بنصّ قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، مؤكدة أن المهر حق خالص للزوجة، تتصرف فيه كيف تشاء، ويجوز أن يكون مقدّمًا أو مؤخرًا أو بينهما.
وأضافت أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن العُرف في مصر جرى على أن جزءًا من المهر (المقدّم) يُستخدم في إعداد مسكن الزوجية وتجهيزه، سواء قدّمه الزوج بشكل مال أو جهّز به البيت مباشرة، وبالتالي تصبح المنقولات في هذه الحالة مملوكة للزوجة لأنها جزء من مهرها.
وأشارت أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أنه لما ضعفت الهمم وبدأ بعض الأزواج يضيّعون حقوق زوجاتهم عند الخلاف، اتّفق الناس على كتابة قائمة المنقولات من باب توثيق العقود وحفظ الحقوق، وهو أمر مستحب شرعًا، وتُكتب القائمة ببيان جميع الأساس والمفروشات التي تم إعداد منزل الزوجية بها من مقدّم الصداق، أو مما اشترته الزوجة، ويوقّع الزوج عليها باعتبار أن هذه الأشياء ملك للزوجة وهي عنده على سبيل الأمانة.
هل قائمة المنقولات تدخل ضمن المهر؟وكانت الدكتورة هند حمام، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أجابت عن سؤال حول قائمة المنقولات ضمن المهر وكيفية توثيقها، موضحةً أن قائمة المنقولات هي تجهيز بعض الأمور اللازمة في منزل الزوجية، والتي يتحمل الزوج تكلفتها وفق قدرته المادية وظروفه الحياتية.
وأوضحت أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية سابقة، أن العرف المصري جرى على اقتسام الأمر بين الزوج والبنت، حيث تشارك البنت أحيانًا بجزء من تجهيز المنزل، وهذا ما اعتاد عليه المجتمع المصري وأصبح من الممارسات المتعارف عليها، مؤكدةً أن كل ذلك يتم ضمن إطار الشريعة الإسلامية واحترام شروط العقد.
وأشارت أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن مشاركة البنت في تجهيز المنزل يُعتبر جزءًا من المهر، ويُوثّق مثل أي دين ثابت في ذمة الزوج، فالمهر حق ثابت للمرأة يُترتب عليه آثار العقد، حتى لو لم يُذكر في العقد كتابيًا، موضحة أن المهر لا يُعد شرطًا لصحة النكاح، لكنه حق ثابت للمرأة ويجب الحفاظ عليه.
وأكدت أمين الفتوى في دار الإفتاء أن كل ما تم الاتفاق عليه ضمن المهر، سواء كان مبلغًا ماديًا أو قائمة منقولات أو الشبكة، يتم تدوينه كجزء من المهر، ويثبت للمرأة ويظل حقًا لها وفق الشريعة، مؤكدًة أن التوثيق يحفظ حقوق الطرفين ويجنب أي خلافات مستقبلية.