تعهّد قادة دول حلف شمال الأطلسي خلال قمتهم في واشنطن بمناسبة الذكرى الـ 75 لإنشاء الحلف بمنح أوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة 40 مليار يورو خلال العام المقبل، لمساعدتها في الحرب مع روسيا. وأعربوا عن قلقهم من علاقات الأخيرة مع الصين، معلنين جاهزية قاعدة أميركية جديدة للدفاع الجوي شمال بولندا.

وفي البيان الختامي عقب اجتماع قادة الناتو، اتّهم الحلف الصين بأداء دور رئيسي في مساعدة موسكو في الحرب على أوكرانيا، من خلال دعمها للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسيّة.

وجاءت قمة الناتو هذه في ظلّ حروب مستعرة في كل من روسيا وأوكرانيا من جهة، وفي الشرق الأوسط والحرب على غزة من جهة أخرى، وإمكانية اتساعها لتشمل المنطقة بأكملها.

تأسّس حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 1949 كتحالف عسكري من 12 دولة، بهدف مواجهة توسع الاتحاد السوفياتي في أوروبا والعالم بعد الحرب العالمية الثانية. يقع مقر الحلف في بروكسل، ويضم حاليًا 32 دولة، حيث كانت السويد آخر المنضمين في مارس/آذار 2024. وفي أبريل/نيسان 1949، وقّع وزراء خارجية 12 دولة على معاهدة شمال الأطلسي في واشنطن، نتج عنها تأسيس الناتو.

تنصّ المادة الخامسة من المعاهدة على أن أي هجوم مسلح على أحد الأعضاء يُعتبر هجومًا على الجميع، مما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدة الحليف المتعرض للهجوم. هذه المساعدة ليست بالضرورة عسكرية، حيث يتم تحديد طبيعتها بناءً على قدرات كل دولة.

إسرائيل العضو المميز غير الرسمي

شارك يسرائيل كاتس وزير خارجية إسرائيل  في قمة الناتو في واشنطن، وأعلن قبل سفره أنه سيحضر القمة لتمثيل إسرائيل وتحذير القادة ووزراء الخارجية من الخطر الإيراني. كما وجّهت واشنطن دعوات لدول عربية، مثل: الإمارات، وتونس، والمغرب، ومصر، والبحرين، وقطر.

وتعليقًا على عملية طوفان الأقصى، أكد الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، في وقت سابق، حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مشددًا على ضرورة حماية المدنيين. وعلى الرغم من عدم عضوية إسرائيل في الناتو، فهناك تعاون واسع النطاق بين إسرائيل ودول الناتو، بما في ذلك افتتاح مكتب اتصال في مقر الناتو ببروكسل عام 2016، ومشاركة القوات الإسرائيلية في تدريبات الناتو.

لم يتبنَّ الناتو سياسة موحدة بشأن الحرب على غزة، لكنه أكد على أهمية القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب. في المقابل، كان هناك دعم غير مسبوق لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. وأشار مسؤول رفيع في الناتو إلى أن ملف غزة لم يكن محورًا رئيسيًا في القمة، لكنه رجح استغلال القادة الغربيين للقمة لبحث فرص التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين حماس، وإسرائيل.

صحيح أنّ سياسة الناتو المعلنة تجاه الحرب على غزة تبدو وكأنها حيادية وتدعو إلى احترام قواعد القانون الدولي، إلا أن أعضاء في الناتو – مثل: الولايات المتحدة، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا – قدموا جسرًا من الأسلحة والمعلومات الاستخبارية، ووفروا حماية دبلوماسية واسعة في الأمم المتحدة. استخدمت الولايات المتحدة 4 مرات حق النقض في مجلس الأمن ضد أي مشروع قد يشكل إعاقة لعملية إسرائيل العسكرية، مما يعني أن إسرائيل تحظى بصفة عضو مميز، حتى ولو لم تكن عضوًا بالمعنى الرسمي.

ولعلّ عدم ضم إسرائيل لحلف الناتو نابع من مصلحة مشتركة بين الطرفين، فانضمام إسرائيل بشكل رسمي قد يشكل خطرًا على حلف الناتو، الذي قد يجد نفسه في حرب في الشرق الأوسط ضد إيران، أو حزب الله، أو حركة حماس، خاصة في ظل حكم اليمين المتطرف الذي يقود إسرائيل الآن. ومن جانب آخر، فإن إسرائيل تعتبر أن مسألة انضمامها إلى الناتو غير واردة، لأن هذه العضوية قد تعمل على تقييد خططها العسكرية في المنطقة.

كما أن هذه العضوية لن تعود عليها بفائدة مضافة، مادام أن الولايات المتحدة، وهي الدولة الكبرى في الحلف، تقف إلى جانبها، ولذلك ليست إسرائيل مضطرة للانضمام بشكل رسمي للحلف.

الشراكات الدولية للناتو

يعقد الناتو شراكات مع العديد من الدول خارج أوروبا، ووقّع اتّفاقيات شراكة مع نحو 40 دولة ضمن أربع اتفاقيات رئيسية: دول شركاء سلام، دول الحوار المتوسطي، دول مبادرة إسطنبول للتعاون، واتفاقية الشركاء الدوليين. تسهم هذه الشراكات في العمليات والمهام التي يقودها الناتو في مناطق مختلفة.

ورغم المخاوف من عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وإمكانية عرقلته للمساعدات، أكد ستولتنبرغ أن الولايات المتحدة ستظلّ حليفًا قويًا للناتو، مستشهدًا بالدعم الواسع من الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. وتبقى هذه المخاوف قائمة بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية المقبلة، وحتى ما أسفرت عنه في فرنسا وبريطانيا.

وأعلن الناتو خلال القمة عن نيته افتتاح مكتب تنسيق جديد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العاصمة الأردنية عمّان، بهدف تعزيز شراكات الحلف في المنطقة الجنوبية، ومواجهة تصاعد النفوذ الروسي والصيني. سيُسهم هذا المكتب في تطوير برامج وأنشطة الشراكة في مجالات، مثل: الأمن السيبراني، وإدارة الأزمات.

لماذا تمت دعوة بعض الدول العربية لقمة الناتو؟

تمت دعوة وزراء خارجية دول عربية لحضور قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن في ظل حرب عدوانية تشنها إسرائيل على قطاع غزة. صحيح أن الدعوة قد تأتي في إطار المجاملات السياسية والدبلوماسية أو في إطار الشراكات المتعددة، إلا أن الحرب على غزة تجعل لهذه المشاركة مضامين أخرى. يُعتقد أن لهذه الدعوة هدفَين:

الأوّل هو البحث في إمكانية إنشاء "ناتو عربي" كقوة عربية لإدارة قطاع غزة في "اليوم التالي للحرب"، خاصة أن بعض الدول المشاركة قد أبدت رغبة في لعب دور ما بعد الحرب. الثاني هو تعزيز التعاون والاستقطاب، وإظهار الولايات المتحدة كقوة مركزية عالمية أمام روسيا والصين اللتين بدأتا تستقطبان دولًا عربية من خلال شراكات اقتصادية وسياسية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة الحرب على غزة شمال الأطلسی قمة الناتو فی واشنطن

إقرأ أيضاً:

ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف «الناتو» في فلوريدا؟

قال حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إن الأمين العام للحلف، مارك روته التقى الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب في فلوريدا، الجمعة.

وذكر الحلف في بيان أن روته وترامب التقيا في بالم بيتش لمناقشة "مجموعة من القضايا الأمنية العالمية" التي تواجه التحالف. ونشر موقع حلف "الناتو" صورة لهما وهما يتصافحان.

وأضاف البيان أن روته وفريقه التقوا أيضا بعضو الكونجرس مايك والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشاره للأمن القومي.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه حلف الناتو أحد أصعب التحديات التي تواجهه في دعم أوكرانيا وسط الحرب الطاحنة التي تشنها روسيا، حيث أثار ترامب شكوكا حول استمرار التزام الولايات المتحدة تجاه كييف.

ترامب يعلن اختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة ترامب يعلن ترشيحات جديدة لـ 4 مناصب قيادية في إدارته |تفاصيل

واختار ترامب مؤخرا ماثيو ويتاكر، الذي شغل منصب المدعي العام بالنيابة خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ليكون سفيرا للولايات المتحدة لدى حلف الناتو.

وإذا تم تأكيد تعيينه بمنصبه، فمن المرجح أن يتم تكليف ويتاكر أيضا بزيادة الضغط على دول الحلف لزيادة إنفاقها الدفاعي، وتجديد جهود ترامب خلال ولايته الأولى.

وخلال حملته الانتخابية، أشار ترامب إلى أنه لن يمتثل إلا لالتزامات الدفاع المتبادلة لحلف الناتو تجاه البلدان التي تساهم بما يكفي من ميزانياتها السنوية للدفاع.

مقالات مشابهة

  • مسؤول في الناتو للشركات: عليكم الاستعداد لـسيناريو الحرب.. وتقليل الاعتماد على الصين وروسيا
  • مسؤول رفيع بالناتو يدعو للاستعداد للحرب.. ويتحدث عن ضربة استباقية لروسيا
  • خبراء أمميون: إسرائيل مسؤولة عن سلامة مصور الجزيرة فادي الوحيدي
  • أستاذ علوم سياسية: قرار إنهاء الحرب في غزة ولبنان بيد إسرائيل وأمريكا
  • كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لأي محاولة لمنع إسرائيل من الاستمرار في الحرب
  • ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف «الناتو» في فلوريدا؟
  • هذه أبرز تفاصيل اجتماع ترامب وأمين عام حلف الناتو في فلوريدا
  • غداً.. اجتماع عربي طارئ لبحث تداعيات تهديد إسرائيل للعراق
  • العراق يطالب مجلس الأمن إلزام إسرائيل بوقف الحرب بالمنطقة
  • خطر الحرب العالمية الثالثة يلوح في الأفق.. وثائق مسربة عن خطة بوتين لضرب دول الناتو.. وألمانيا تعلن حالة التأهب