الأب لحظي: الجحود: أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ!
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يقول الأب يوأنس لحظي جيد الكاهن بالفاتيكان من منّا لا يشعر بالألم عندما يُلطَم من أناس لم يقدم لهم سوى الحب والكرم والاحترام والكرامة؟ من منّا لم يبكي بصمت أمام جحود الآخرين ونكران الجميل؟ من منّا لم يشعر بالإحباط عند خيانة صديق او حبيب أو رفيق درب؟ من منّا لم يشعر بالخيانة أمام صمت من كان يجب أن يتكلم وأمام الانسحاب الجبان لمن كان يجب أن يتدخل؟ من منّا لم يشعر بالغضب أمام التصرفات غير الأخلاقية وغير المبررة وغير المفهومة لأناس كان ينبغي أن يكونوا نموذجا للأبوة ورِفعة النفس والشيمة والقامة؟ من منّا لم يمضي الليل حائرًا ومتسائلا حول أسباب كل هذا الجحود والنكران؟
وأضاف عبر صفحته الرسميه بالفيس بوك قبل الإجابة أود أن اذكر قصة غيرتني كثيرًا لأحد الأشخاص المُسنين والذي جاء إليّ باكيًا، فظننت أنه سيحكي لي عن أبنائه الذين تركوه وحيدا دون رعاية، أو أن رفيقة حياته التي أهملته؟ أو عن ظروف الحياة القاسية
و غير أن هذا الرجل قالي لي: "نشأت في أسرة رائعة ولم ينقصني يومًا أي شيء، فقد كانا والديَّ يعملان ليلا نهارًا لتوفير كافة طلباتي واحتياجاتي المهم منها والتافه، وبدون سبب كنت أعاملهم دائمًا بطريقة سيئة للغاية.
كنت أرد على محبتهم دائمًا بعبارات جارحة ووصل بي الأمر إلى التعنيف والإهانة. كنت جاحدًا ومتعجرفًا ومتغطرسًا ومتذمرًا وساخطًا معهم، وحنونا ومبتسمًا وعطوفًا ومهذبًا مع الآخرين. كنت أسوأ ابن لأفضل أسرة. اليوم وأنا شيخ ولدي أبناء وأحفاد أنظر إلى الماضي وتعود إلى ذهني تلك الصور واللحظات والأوقات التي تسببت فيها ببكاء أمي وانكسار أبي. أتذكر هذه الأوقات وأعيشها كفيلم يتكرر ويتكرر ولا أستطيع توقيفه. أتذكر كل شيء ولم يعد بمقدوري التوقف عن عيش تلك الأوقات والندم عما فعلت. لقد ماتا والدي وذهبا من هذه الحياة ولم يسمعا مني كلمة شكر واحدة. اليوم أبكي بحسرة وحرقة دون جدوى. اليوم أتمنى أن أركع أمام أقدامهما وأقبلهما وأطلب منهما الغفران دون جدوى. اليوم أفهم كم كنت ابنا عاقا لوالدي. اليوم وقد شارفت حياتي على الانتهاء أشعر بالندم لأني قابلت الكرم بجحود، والمحبة بسخط، والحضن بلطمة، والعناية بتذمر".
واضاف ان أمام كلمات هذا المسن، والنادم بعد فوات الأوان، شعرتُ بالخزي وتأنيب الضمير. فكثيرًا ما اشتكيت من الجحود الذي لاقيته من أشخاص كنت أتوقع منهم خلاف ذلك، وكثيرًا ما تذمرت من تصرفات الأشخاص الجاحدين والناكرين للجميل ولكني لم أطلب الغفران ابداً من الأشخاص الذي تسببت في آلامهم، سواء بقصد أو بدون قصد. ونظرت حولي لاكتشف أننا نميل دائمًا للشعور بأننا ضحايا الجحود وقليلًا ما نعترف بأننا جاحدون.
جاحدون مع الأشخاص الكرماء الذين ساعدونا في حياتنا فاعتقدنا أن مساعدتهم لنا واجب عليهم وحق لنا.
جاحدون أمام المعلمين والمربيين الذين علمونا المشي والكتابة والقراءة والتفكير والتحليل.
جاحدون أمام أفراد أسرتنا وكأن حياتنا بهم أو بدونهم لن تتغير.
جاحدون أمام أصدقائنا وكأن إخلاصهم وصدقهم وتحملهم لنا هو واجب وتحصيل حاصل.
جاحدون أمام رؤسائنا الذين منحونا الفرصة بعد الأخرى.
جاحدون أمام من شجعونا وتحملونا وأوصلونا لما نحن عليه.
جاحدون أمام شركائنا في الطريق والذين بدونهم لما تحملنا مشقة الطريق.
جاحدون أمام أبنائنا الذين أعطوا معنى لمجهودنا وعملنا وتعبنا وحيتنا.
جاحدون أمام مَن يتفوق وينجح وكأنه النجاح يزعجنا ويثير فينا مشاعر المقارنة الحسد والمقارنة.
جاحدون أمام الله وكأن حياتنا ملكنا، وصحتنا بفضلنا، وأنفاسنا من صنعنا.
كلنا جاحدون ولكن أغلبنا لا ينظر في المرآة ويميل إلى ادعاء أنه ضحية جحود الآخرين.
جاحدون ونسقط دائماً في اختبار معرفة قيمة الأشياء والأشخاص الذين ينورون وجودنا بعد أن يغيبوا عنا ويغيب معهم النور.
كلنا رائعون في رؤية الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِينا، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْوننا فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا (لو 6: 41).
كلنا تنطبق علينا كلمات الله في العهد القديم: "ماذا يصنع أيضا لكرمي وأنا لم أصنعه له، لماذا إذ انتظرت أن يصنع عنبا صنع عنبا رديئًا" (إش 5: 4).
كلنا نميل إلى اضطهاد الأنبياء والفتك بسمعة الأقوياء وتقزم انتصارات الأبطال، والتقليل من شأن نجاح المجتهدين (يو 4: 44).
كلنا نميل للعب دور الضحية والتظاهر بالتقوى والانحناء أو أقله الصمت والابتسام أمام أصحاب النفوذ حتى وإن كانوا على باطل وسحق الأضعف منا، حتى وإن كانوا على حق.
كلنا جاحدون لأننا نجد صعوبة في قول كلمة "شكرا" للمحسنين إلينا، والاعتذار لمن أخطأنا في حقهم، والتشجيع لمن منحنا الله أمانة رعايتهم.
كلنا نتصرف مثل الكرامين القتلة والذين بعد سماع مثل السيد المسيح حكموا بأريحية على الآخرين: قَالُوا لَهُ: "أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا" (مت 21: 41). فحكموا على أنفسهم بأنفسهم.
كلنا نحتاج لسماع كلمات النبي نَاثَانُ الذي َقَالَ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذلِكَ قَلِيلًا، كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا. لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. " (2 صم 12: 7 -
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس من من ا لم دائم ا
إقرأ أيضاً:
هكذا يمكن مساعدة الفلسطينيين الذين يتحدون حماس
لفت حسين إبيش، كبير الباحثين المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إلى أنه بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات الشعبية في شمال غزة ضد حماس، يبدو أن قبضة الحركة هناك تتلاشى. فقد شارك في كل احتجاج مئات الفلسطينيين، ويعكس ذلك فهماً واضحاً بأن حماس، وليس إسرائيل فقط، مسؤولة عن محنتهم. وقد تكون هذه نقطة تحول، لكن الكثير يعتمد على كيفية رد القوى الخارجية.
آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب
كتب إبيش في شبكة "إم إس إن بي سي" الأمريكية أن الانتقادات العلنية لحماس في غزة ليست نادرة، كما يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وحتى خلال الحرب التي شنتها إسرائيل بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل، اندلعت احتجاجات أصغر وأكثر تفرقاً بشكل دوري.
يبلغ الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين ذروته. ولكن ما يميز الاحتجاجات الأخيرة هو حجمها واستمرارها. ففي الأيام القليلة الماضية، تجمع آلاف الفلسطينيين لحث حماس على التخلي عن السلطة، وإطلاق سراح الرهائن، والمساعدة في وقف هجمات إسرائيل المتواصلة التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين. أما نتانياهو فهو مخطئ في الاستشهاد بالاحتجاجات، وبطريقة ساخرة وكاذبة، بصفتها دليلاً على أن سياسات إسرائيل "تنجح". لكن حماس مخطئة أيضاً في ادعائها أن تلك الاحتجاجات مُصنعة وموجهة من "قوى خارجية"، وليست تعبيراً عفوياً عن غضب مستحق بقوة.
غضب على إسرائيل وحماس
وأضاف الكاتب أنه لطالما أعرب عن رأي مفاده أن على الفلسطينيين ألا يسامحوا حماس على استفزازها المتعمد لإسرائيل، ودفعها إلى رد فعل مبالغ فيه. ولطالما اعتمدت السياسة الإسرائيلية على الانتقام غير المُتكافئ. إن شدة الوحشية الإسرائيلية في غزة متوقعة بقدر ما هي مروعة. والفلسطينيون يدركون ذلك بشكل شخصي.
ثمة غضب واسع ضد حرب إسرائيل على المجتمع الغزي بشكل عام، وهو غضب لا يقتصر على حماس فحسب. وجادل العديد من الباحثين والمؤرخين حول الإبادة الجماعية، بما في ذلك عدد من الإسرائيليين، وقالوا إن الكلمة تنطبق بشكل معقول على استخدام الجيش الإسرائيلي للغذاء، والدواء، والماء، والنزوح الروتيني، أسلحة حرب ضد المدنيين.
Analysis | Anti-Hamas demonstrations in Gaza have shown rare defiance against Hamas and longevity—but without leadership, regional backing, or media coverage, their path forward remains uncertain.
✍️@sfrantzmanhttps://t.co/ZhavPPUuH7
ومع ذلك، لا يزال الإحباط من حماس بين سكان غزة العاديين في غليان. ومن المتوقع أن تتركز الاحتجاجات في شمال غزة، وهي أول المناطق التي دمرت بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تركزت أشد أعمال العنف والحرمان من الضروريات الأساسية.
لم تسأل مليوني فلسطيني
على عكس مزاعم نتانياهو، تجري هذه الاحتجاجات رغم وحشية إسرائيل المستمرة، وليس بسببها. فقد أظهر استطلاع للرأي للباروميتر العربي، نشر في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن 29% فقط من الفلسطينيين في غزة لهم مواقف إيجابية من حماس. واليوم، قد تكون النسبة أقل من ذلك.
ليس للمتظاهرين أوهام حول إسرائيل. فقد أعرب جميع من قابلتهم وسائل الإعلام العربية والغربية تقريباً عن غضبهم من وحشية إسرائيل، بوضوح تام.
The group will be forced to either meet the people’s demands or violently suppress the demonstrations. Either outcome weakens Hamas, explains @AhmadA_Sharawi: https://t.co/3VZMgqzc9y
— FDD (@FDD) March 29, 2025لم تهتم حماس بمصير أكثر من مليوني مدني فلسطيني جندتهم "للاستشهاد" دون أدنى استشارة أو تحذير أو تحضير. كما أنها لا تهتم كثيراً بمد وجزر الرأي العام. لا تزال حماس تحتفظ بقاعدة دعم شعبي، وسيواصل جزء كبير من السكان تركيز غضبهم بشكل مفهوم على إسرائيل، في الحد الأدنى حتى ينسحب الجيش الإسرائيلي نهائياً من غزة. لكن اليأس والغضب أججا هذه الاحتجاجات الكبيرة والمستمرة على نحو غير معتاد ضد حماس، ونصيبها الواضح من المسؤولية.
فرصة مهمة
وبالنسبة إلى القوى الخارجية المهتمة بصدق برؤية نهاية سلطة حماس في غزة، تمثل هذه الاحتجاجات فرصة مهمة. ليس واضحاً كيق يكون نتانياهو من بينهم حقاً، بعد عقود من ضمان بقاء الفلسطينيين منقسمين بين الحكم الإسلامي في غزة، والسيطرة القومية العلمانية في المناطق الصغيرة ذات الحكم الذاتي في الضفة الغربية. وكما هو متوقع، يبذل نتانياهو قصارى جهده لتدمير وتقويض مصداقية الاحتجاجات، وإمكاناتها السياسية بتصويرها دليلاً على حكمة سياسة الأرض المحروقة الإسرائيلية.
مع ذلك، يعلى الدول العربية ذات التوجه البناء، مثل مصر، والسعودية، والإمارات، أن تبذل، بحذر لكن بشكل عمدي، كل ما في وسعها لدعم قادة الاحتجاجات ومنظميها. وبإمكانها توفير عناصر أساسية لسلطة مدنية فلسطينية بديلة في غزة لتتولى مسؤولية الحكم، بدل الاحتلال الإسرائيلي وحماس.
لا شك أن المصالح التجارية الباقية، وزعماء العشائر وكوادر فتح المتبقية في غزة، إما مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بحركة الاحتجاج ومنظميها، أو يجب أن يصبحوا كذلك، بغض النظر عن مدى عفوية المظاهرات. هناك بالتأكيد تنسيق كبير قائم بالنظر إلى حجمها وانتشارها واستدامتها.
خطة الجامعة أمر حيوي
على إسرائيل التزام الصمت عن الاحتجاجات لأغراضها السياسية، ويُحتم استئناف وقف إطلاق النار على الدول العربية الرائدة أن تتقدم وتأخذ زمام المبادرة، وعلى الولايات المتحدة والدول الغربية، أن تدرك أن الاحتجاجات تظهر أن خطة جامعة الدول العربية التي نسقتها مصر لوقف هذا الجنون نهائياً وبداية إعادة الإعمار في غزة أمر حيوي، بل هو الإطار الحقيقي الوحيد القادر على إنهاء الحرب، وحكم حماس في غزة.
يُظهر المتظاهرون بشجاعة أن آلاف الفلسطينيين الوطنيين في غزة يريدون بصدق إنهاء الحرب وهم يُطلقون عليها عادة اسم "الإبادة الجماعية"، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين وتنحي حماس.
هذا بالضبط ما تريده الدول العربية والغربية، والإسرائيليين. لم يعد هناك أي أساس للقول إنه لا يوجد ما يمكن فعله عملياً وسياسياً مع فلسطينيي غزة. فالواضح أن هناك الكثير، إذا كان هناك من يهتم حقاً.