من هو مصنّع السلاح الحاسم الذي خططت روسيا لاغتياله؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
كشفت وكالات الاستخبارات الأميركية عن مؤامرة روسية لقتل الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع أسلحة ألمانية، وفقًا للعديد من المسؤولين الغربيين، في الوقت الذي تكثف موسكو حملتها لتقويض الدعم للمجهود الحربي في أوكرانيا.
وتناقلت وسائل الإعلام اسم أرمين بابرغر، رئيس شركة "راينميتال"، بعدما ذكرت شبكة "سي أن أن" أن الولايات المتحدة أبلغت ألمانيا بمخطط الحكومة الروسية لقتله، وهو الأمر الذي نفته موسكو.
وتأتي أهمية "راينميتال" بأنها الشركة التي تصنع قذائف المدفعية والدبابات التي تستخدمها أوكرانيا في حربها ضد روسيا، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" التي أوضحت أن بابرغر كان الشخصية الوحيدة في صناعة الدفاع التي تم استهدافها بالاسم أو الذي يبدو أن الروس قد أعدوا له خطة متقدمة للاغتيال.
وكانت "سي أن أن" قد أوردت في وقت سابق تفاصيل المؤامرة والجهود الأميركية لإحباطها، وذلك نقلًا عن خمسة مسؤولين أميركيين وغربيين لم تحدد هوياتهم، موضحة أنه تم الإبلاغ عن العملية الروسية، في الربيع الماضي.
وقالت هذه المصادر للشبكة إن المؤامرة كانت واحدة من سلسلة خطط روسية لاغتيال مديرين تنفيذيين في صناعة الدفاع في جميع أنحاء أوروبا كانوا يدعمون المجهود الحربي في أوكرانيا. وكانت خطة قتل بابرغر، العملاق ذو الشعر الأبيض الذي قاد مهمة التصنيع الألمانية لدعم كييف، هي الأكثر نضجاً.
وكان بابرغر هدفاً واضحاً، بحسب الشبكة التي أشارت إلى أن شركته "راينميتال" هي أكبر وأنجح شركة ألمانية مصنعة لقذائف المدفعية الحيوية من عيار 155 ملم والتي أصبحت "السلاح الحاسم" في حرب الاستنزاف الطاحنة في أوكرانيا.
وتفتتح الشركة مصنعًا للمركبات المدرعة داخل أوكرانيا في الأسابيع المقبلة، وهو جهد قال مصدر مطلع على الاستخبارات إنه يثير قلقًا عميقًا بالنسبة لروسيا.
وبعد سلسلة من المكاسب في وقت سابق من العام الجاري، توقفت جهود موسكو الحربية مرة أخرى وسط مضاعفة الدفاعات الأوكرانية والخسائر الفادحة في الأفراد.
ولم يكن من الواضح ما إذا كانت المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بشركة راينميتال تشير إلى أن روسيا تعتزم قتل بابرغر مباشرة أو استئجار وكيل محلي.
ووفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، رغم أن بابرغر قال إنه لا يستطيع تأكيد تفاصيل المؤامرة، إلا أنه أكد أنه يصدق الخطوط العريضة الواردة في تقرير شبكة "سي أن أن"، وتحديدًا تلك المتعلقة بأن المخابرات الأميركية كشفت عن المخطط الروسي وأبلغت السلطات الألمانية، التي تمكنت بعد ذلك من إحباط المؤامرة.
وقال عندما سئل عن مدى صحة قصة التقرير الشبكة الأميركية: "أعتقد أن سي أن أن لا تأتي بالمعلومات من السماء".
وعندما سُئل عن شعوره تجاه التهديد المزعوم لحياته، قال بابرغر: "أشعر دائمًا بالأمان. أنا رجل سعيد للغاية".
ورفض أوليفر هوفمان، المتحدث باسم راينميتال، التعليق. وقال هوفمان: "يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة دائمًا بالتشاور المنتظم مع السلطات الأمنية".
ونفى دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التقارير، الجمعة، ووصفها بأنها "مزيفة وتفتقر إلى أي حجج جدية".
من هو بابرغر؟ووفقا لسيرته الذاتية على الموقع الرسمي لراينميتال، فإن بابرغر من مواليد 1963، وأصبح هو رئيسًا لمجلس إدارة الشركة اعتبارًا من 1 يناير 2013. وفي الوقت نفسه، بصفته رئيسًا لمجلس إدارة الدفاع، فهو مسؤول عن هذا القطاع داخل الشركة.
وأوضحت أنه بعد تخرجه في الهندسة، بدأ بابرغر حياته المهنية في عام 1990 موظفًا في إدارة الجودة في مجموعة راينميتال للدفاع. ومنذ عام 2001، كان مديرًا إداريًا للعديد من الشركات التابعة لوزارة الدفاع. وفي يوليو 2007، تم تعيين بابرغر أيضًا رئيسًا لقسم الأسلحة والذخائر. وفي أوائل عام 2010، تولى مسؤولية كل من أنظمة المركبات وقسم الأسلحة والذخائر في مجلس إدارة الدفاع.
وذكرت "فاينانشيال تايمز" أن باغرجر، الذي وصفته بـ"زعيم الأسلحة الأالماني"، أثار غضب الكرملين في عام 2023 عندما أعلن عن خطط لبناء مصنع دبابات بانثر في أوكرانيا، والذي هددت وزارة الخارجية الروسية بتدميره، وفقًا لمتحدث باسم الوزارة.
ووفقا للصحيفة، قامت شركة راينميتال، التي تصنع قذائف المدفعية، ومركبات المشاة القتالية، والطائرات العسكرية بدون طيار، والمدفع الموجود فوق دبابة ليوبارد 2، بتوسيع قدرتها الإنتاجية بسرعة رداً على الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا.
وستنتج الشركة حوالي 700 ألف طلقة مدفعية العام المقبل، مقارنة بـ 70 ألف فقط في عام 2022، بحسب الصحيفة.
وقال بابرغر لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن شركة راينميتال ستبدأ في إنتاج قذائف 155 ملم في غرب أوكرانيا "قريبا جدا"، في حين أن مواقع الإنتاج الجديدة في ألمانيا لإنتاج الذخيرة والمكونات للطائرة المقاتلة إف-35 ستبدأ العمل في العام المقبل.
وترى الصحيفة أن هذه المواقف تلخص صعود بابرغر كعنصر رئيسي في الجهود العسكرية الأوروبية إلى جانب شركة راينميتال، التي تحولت منذ الغزو الروسي لأوكرانيا من شركة بالكاد يرغب المستثمرون في لمسها إلى شركة محبوبة على مؤشر داكس لأكبر 40 شركة في ألمانيا.
ووفقا للصحيفة، اعترف البافاري، وهو صياد متعطش، أن الحرب "أدت إلى حقبة جديدة" للمجموعة التي يوجد مقرها في دوسلدورف، والتي انضم إليها في عام 1990 بعد الحصول على شهادة في الهندسة وترأسها لمدة عقد من الزمن.
وقفزت أسهم راينميتال أكثر من 150 في المائة منذ أن شن بوتين الهجوم في فبراير 2022، حيث عاد المستثمرون إلى صناعة الأسلحة تحسبا لزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي.
واستغل بابرغر شهرته الجديدة ليصبح واحدا من أكثر المسؤولين التنفيذيين في مجال الدفاع صراحة في أوروبا، وكثيرا ما ينتقد برلين والحكومات الأخرى لعدم تقديم طلبات كافية لشراء المعدات العسكرية الأوكرانية.
لكن الأشخاص الذين يعرفونه يقولون إن بابرغر كان يتمتع دائمًا بسلوك صريح. ووصفه أحدهم بأنه "شخصية أكبر من الحياة"، بينما قال آخر إن لديه "رؤية قديمة للسلطة" وكان "ساحرًا حقًا ولكن يمكن أن يكون عدوانيًا للغاية". وقال عنه أحد الأشخاص: "شخصيته لم تتغير، ما تغير هو أنه الآن على الساحة العالمية".
وقال شخص آخر كان يعمل مع بابرغر للصحيفة إنه رغم أسلوبه الصريح الذي أحبط العديد من الشركات التي تعاونت معها راينميتال، إلا أنه أصبح "المعيار الذي أصبح الناس يتوقعونه هذه الأيام".
وذكرت الصحيفة أن استعداد بابرغر لجذب الانتباه يتناقض مع رؤساء شركات الدفاع الألمانية المنافسة، مثل شركة ديهل وكراوس مافي فيغمان، وهي شركات مملوكة لعائلات تحافظ على مستوى منخفض نسبيًا من الاهتمام العام.
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في الصناعة بألمانيا إن بابرغر "لديه يتمتع بحس جيد للغاية في مجال الأعمال، وهو يحظى باحترام كبير في الصناعة بسبب ذلك".
وبعد تعليقاته حول بناء الدبابات في أوكرانيا، أعلنت راينميتال في مايو 2023عن "شراكة استراتيجية" مع شركة الدفاع المملوكة لكييف "أوكروبورونبروم"، والتي قالت إنها "ستبني جسراً بين راينميتال وصناعة الدفاع الحكومية الحالية في أوكرانيا". وأضافت أن التركيز الأولي للمشروع المشترك سيكون إصلاح المركبات العسكرية التي تم إرجاعها من خط المواجهة، لكن "المرحلة اللاحقة" ستشمل تصنيع "منتجات مختارة من راينميتال".
أشارت الصحافة الألمانية إلى أن بابرغر ، الذي حصل على أجر قدره خمسة ملايين يورو في عام 2022، لديه حافز كبير لإبقاء سعر سهم راينميتال مرتفعاً. وحسب تقديرات صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج"، في فبراير2023، فإن قيمة أسهمه في الشركة ارتفعت بمقدار 30 مليون يورو منذ بداية الحرب.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أنه قد تكون الدعاية التي يجتذبها بابرغر مفيدة لعقد الصفقات لشركة يجب أن توافق برلين على كل معاملاتها بسبب قواعد التصدير العسكرية في البلاد. وقال أحد الأشخاص المقربين من الشركة: "في الماضي، إذا كنت تريد التوقيع على صفقة، كان عليك أن تكون متواضعاً ومتجهمًا". وأشار إلى استخدام "راينميتال" لتصريحات للصحافة لزيادة الضغط على برلين لإرسال المزيد من المعدات العسكرية إلى أوكرانيا، وأضاف: "لقد تغير هذا الآن".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فاینانشیال تایمز شرکة راینمیتال فی أوکرانیا سی أن أن فی عام رئیس ا
إقرأ أيضاً:
لمواجهة روسيا.. أوكرانيا تراهن على الشركات الناشئة لإنتاج الأسلحة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تسعى أوكرانيا إلى زيادة إنتاجها من الأسلحة عبر تشجيع استثمار القطاع الخاص في مصانع الأسلحة والذخيرة، سعياً لمواجهة روسيا التي تتفوق في عديد الجنود وحجم الاقتصاد، وذلك بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وبتشجيع من التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود والمنح الحكومية، ظهرت أكثر من 200 شركة ذخيرة جديدة منذ بداية الحرب الروسية في عام 2022، حسب مسؤولين أوكرانيين. على الرغم من أنهم يصنعون كل شيء بدءاً من الذخيرة والبارود، إلا أن معظمهم ينتجون الطائرات المسيرة بشكل أساسي.
عندما بدأ رجل الأعمال أندريه بوندارينكو في صنع طائرات بدون طيار، لم يكن لديه خبرة في مجال الأسلحة، لكن من خلال العمل مع صديق، استغرق الأمر شهراً واحداً لتطوير نموذج أولي من طائرة مسيرة. ولم يمر سوى شهر حتى كانت أولى طائرات الشركة تضرب الخنادق الروسية. لم تكن هناك حاجة إلى عقود أو موافقات حكومية.
بعد أكثر من عام، جمعت شركة Ark Robotics التي أنشأها بوندارينكو أكثر من مليون دولار من المستثمرين، وأصدرت 20 إصداراً محدثاً من طائرتها المسيرة، وتعمل على نظام اتصالات يتيح للطيارين التحكم في الطائرات بدون طيار من أماكن بعيدة.
تتناقض السوق المفتوحة في أوكرانيا مع الإنتاج الحربي في روسيا، حيث مولت الحكومة الإنتاج الضخم للأسلحة في المصانع المملوكة للدولة. لا تستطيع كييف مضاهاة إنتاج موسكو ولا تزال تعتمد بشكل كبير على الغرب للحصول على الإمدادات، وخاصة الأسلحة بعيدة المدى.
بمجرد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في يناير، يمكن أن يتضاءل تدفق الأسلحة من الولايات المتحدة، ما لن يؤدي إلا إلى زيادة اعتماد أوكرانيا على شركاتها الناشئة في مجال التكنولوجيا الدفاعية للتخفيف من ميزة روسيا على الأقل.