موقع النيلين:
2024-08-04@14:54:45 GMT

هل هناك فرق بين الجيش والجنجويد؟

تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT

من أهم معالم الحرب السودانية تفشي حالة واسعة من التلاعب بالعقول حققته الدعاية الممولة جيدا وساعدها في ذلك الكثير من الطيبين.

خذ علي سبيل المثال مقولة ألا فرق بين الجيش والجنجويد وهو جيش كيزان علي كل حال. قبلت مجموعات واسعة من الطبقة المتعلمة وناشطة سياسيا هذه المقول ولكن فات عليها واجب قياس أي مقولة بمقاييس الواقع المتعين.

لندع جانبا قضية أنها ميليشيا تملكها أسرة وممولة من الخارج الذي تخدم مصالحه وقد تخصصت سابقا في إصطياد المهاجرين الأفارقة في الصحراء وقبل وصولهم إلي سواحل البحر الأبيض مقابل ثمن تدفعه أوروبا حماية لبياضها من التلوث بالمهاجرين السود.

لو كان الواقع هو مرجعيتنا الأخيرة فان مقولة لا فرق بين جيش وجنجويد لا تصمد لحظة أمام الفحص من قبل أي إنسان بلغ السابعة من العمر.

فمثلا عادة ما يكون الجيش موجودا في مدينة أو منطقة ومسيطر عليها والحياة تسير والمواطن آمن في داره علي نفسه واهله وماله (علي علات الجيش).

ولكن ما أن يدخل الجنجويد المدينة إلى ونكلوا باهلها واغتصبوا إناثها و أهانوا رجالها ونهبوا أموالهم ومركباتهم ومدخرا تهم.

فكيف يجروء أحد بعد ذلك علي القول الصريح أو الضمني بعدم وجود فرق بين الجيش والجنجويد؟
ولو دخت في حوار مع أحد من هذا النوع سيسرع بإستدعاء سوءات قديمة أو معاصرة للجيش للدفاع عن حماقة لا-منطقه لان هكذا إستدعاء تغيير كامل للموضوع واستبدال للسؤال المحرج قيد البحث باخر سهل. حيث أن السؤال الأصلي هو هل هناك فرق بين الجيش والجنجويد ولكن يتم تحويله صراحة ضمنا إلي سؤال هل الجيش منظومة مثالية، منزهة صافية النقاء؟ وهذا سؤال آخر تماما وهروب من السؤال الأول.

نعم، الجيش منظمة مليئة بالعيوب مثل جميع مؤسسات الدولة السودانية وأحزابها ومجموعاتها ومنظماتها المدنية بل وانسانها ولكن القول بان الجيش معيوب لا يعني ألا فرق بينه وبين الجنجويد لان من ينهب السودانيين ويغتصبهم ويشرد ملايينهم من ديارهم هو دخول الجنجويد لمنطقة وليس وجود الجيش فيها. فكيف يستوي الجنجا والجيش؟

للأسف هذه حقائق أولية لا يمكن أن تغيب عن ذهن صبي ما عندو شنب ولكنها غائبة عن كثير من قادة الراي العام والناشطين ولكن العوام بفطرتهم السليمة أحسن حالا.
السبب في هذا الإنهيار الفكري الكامل هو أصلا ضعف الطبقة السياسية المتعلمة وتروما العنف الذي تعرضت له تحت حكم البشير العسكري وهذه التروما شوهت سبل تفكيرها وأعمتها. ومن المعروف أن العنف يفسد الجلاد والضحية معا ولا أكثر وأشد من عنف البشير ثلاثين عاما.

تضافرت هذه العوامل لإضعاف الطبقة السياسة وساهمت في انكشافها أمام أسخف أنواع الدعاية ضحالة وجعلتها لقمة سائغة للدعاية المساعدة عمليا للغزو الميليشي رغم حسن نيتها.

وهذا التلاعب بالعقول معروف في علم النفس باسم ال (gaslighting) وهو
نوع من أشكال العنف النفسي الذي يحاول فيه المعتدي زرع الشك والارتباك في ذهن الضحية حتي تري الواضح علي عكس وضوحه بهدف إخضاعها لقوة وسيطرة مصدر التلاعب من خلال تشويه الواقع وإجبارهم على التشكيك في حكمهم وحدسهم.

وهذه الطبقة إستهدفتها الدعاية منذ 2020 بهجمة هجمة ممولة بسخاء للتلاعب بالعقول. البعض منا يتذكر الحملات الإعلامية بشق من أفلام الكرتون التي صورت الإنهيار الإقتصادي المريع في 2020 – 2022 علي أنه نجاح رائع رغم تضاعف تكلفة المعيشة عشرات المرات وإنهيار سعر العملة و إزدياد حدا الفقر والبطالة وتاكل الطبقة الوسطي – وهذا ما أقر به وزير المالية حينها في مقال باللغة الإنجليزية موجه إلي خارج لا يشتري الهراء بنفس السهولة . ومن صدق ذلك الهراء كفيل بان يصدق ألا فرق بين جيش وجنجويد.

الكثير من المراقبين والناشطين لا يجرؤون علي القول صراحة بعدم وجود فرق بين الجيش والجنجويد ولكنهم يتعاملون مع الحرب بعدم مبالاة وك أنها تدور في كوكب نيبتون بين فريقين ولا يهمهم من يفوز يخسر. وهذا الموقف هو ترجمة عملية لاستبطان فرية ألا فرق بين جيش وجنجويد. واستبطان الدعاية السامة هو أعلي مراحل نجاحها.

مرة أخري، القول بان الجنجويد حالة فريدة من العنف والفساد الأخلاقي لا يعني بان الجيش مثالي. والقول بان الجنجويد أسوأ ألف بليون مرة من الجيش لا يعني بحال من الأحوال أن الجيش منزه لذا فقد قالت حكمة الثوار “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” ولم تقل لا فرق بين الجيش والجنجويد.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: لا فرق بین

إقرأ أيضاً:

حول شعار الجنجويد ينحل

رشا عوض

عند مناقشة السؤال حول من هو الطرف او الأطراف المسؤولة عن اشعال هذه الحرب، يأتي البلابسة والكيزان الظاهرون والمستترون فيجتهدون في إثبات ان قوى الحرية والتغيير مسؤولة عن اشعال الحرب ! لماذا؟ لأنها خانت شعار العسكر للثكنات والجنجويد ينحل! ويرددون بمنتهى البساطة : لو قحت حلت الجنجويد ما كان الحرب قامت!!
والمصيبة ان هناك من يوزع مثل هذا العلف باسم الثورة والثوار!
موزعو هذا العلف لا يجتهدون مطلقا في شرح الكيفية العملية التي كان يجب ان تتبعها قحت في حل الجنجويد وهي قوى مدنية لا جيش لها، ولكن السؤال المنطقي إذا كان حل الجنجويد امرا سهلا ويتحقق بمجرد الرغبة فيه واعلان هذه الرغبة في شكل قرار مذاع في وسائل الاعلام، لماذا لم يتم حل الجنجويد خلال هذه الحرب التي دخلت الان شهرها السادس عشر؟ هل من المنطق ان نحاصر المدنيين العزل بسؤال حل قوات عسكرية قوامها اكثر من مائة الف جندي ام نحاصر به الجهة السياسية التي تمتلك الجيش والاحتياطي المركزي وهيئة العمليات بجهاز الامن وكتائب الظل كالبراء بن مالك والبنيان المرصوص والمستنفرين! اي نحاصر به الجهة المسؤولة اساسا عن خلق واقع تعدد الجيوش في البلاد بانشاء قوات الدعم السريع وتقنين وجودها كجيش نظامي موازي للجيش ؟!
هذه الجهة هي نظام الكيزان وليس قحت التي وجدت الدعم السريع كامر واقع يستحيل ان يزال بجرة قلم كما اثبتت هذه الحرب!
بدليل ان كل الهيلمانة العسكرية من جيش وكتائب كيزانية وهيئة عمليات واحتياطي مركزي ومستنفرين انخرطت في حرب ضروس هدفها كما اعلنه الكيزان هو حل الدعم السريع وقد صدر قرار الحل من قائد الجيش شخصيا وهذا القرار قيد التنفيذ منذ 15 ابريل 2023 حتى الان فهل انحل الجنجويد؟ هل مؤشرات الميدان العسكري تشير الى ان الامور تمضي في اتجاه حل الجنجويد ام ان النتيجة الشاخصة امامنا هي ان الدعم السريع سيطر على اكثر من نصف مساحة البلد ويهدد ماتبقى من اقاليم ولو استمرت الحرب لن يكون الافق مفتوحا على حل الجنجويد واستعادة الكيزان لسلطتهم بواسطة الجيش وكتائب الظل كما يحلمون بل سيكون مفتوحا على تقسيم البلاد الى مناطق نفوذ متصارعة على احسن الفروض!
يعني باختصار الدرس المستفاد من هذه الحرب هو ان موضوع حل الجنجويد ليس بالتبسيط الطفولي والاستسهال الذي يتحدث به البعض لمجرد النكاية في الحرية والتغيير.
بمنطق القوى المدنية الديمقراطية الملتزمة بالنضال السلمي، الحل الوحيد الممكن لمعضلة “تعدد الجيوش” هو عملية اصلاح امني وعسكري تهدف لبناء جيش مهني قومي واحد في سياق دولة مدنية لا يسمح دستورها للجيش بممارسة السياسة، ولكي يتحقق ذلك بصورة سلمية لا بد من مساومة محسوبة بعناية مع قيادات الجيوش المتعددة الموجودة بالفعل في الساحة تتركز حول تعاون هذه القيادات في انجاح مسار التحول الديمقراطي والاصلاح الامني والعسكري مقابل عفو مشروط بمغادرة الملعب السياسي، وعدم مصادرة الاموال الخاصة بشرط بسط ولاية وزارة المالية على كل الشركات الامنية والعسكرية وتحصين المستقبل من اي سيطرة عسكرية على المال العام، وكل ذلك يحتاج لتصميم نموذج سوداني للعدالة الانتقالية هدفه شراء المستقبل دون نسيان الماضي بالكامل، ولكن بتقديم تنازلات محسوبة لتفادي المواجهات العسكرية الاستئصالية وما تجره على البلاد من دمار شامل.
أداء القوى المدنية في الفترة الانتقالية لم يكن بمستوى التحدي الذي يواجه البلاد، واهم مواطن التقصير كان في الالتحام بالشارع الثوري الحقيقي والاستثمار فيه لتنظيم وتكثيف الضغوط السياسية على العسكر، ولكن هذا ليس السبب الرئيس لفشل الفترة الانتقالية من وجهة نظري، السبب الرئيس هو ان الأطراف العسكرية لم تكن راغبة مطلقا في الخروج من معادلة السلطة، بل كان رهانها الاستراتيجي هو اضعاف المدنيين عبر تقسيمهم وشيطنتهم ثم الاطاحة بهم ثم الاستيلاء على السلطة كاملة ، اما الكيزان فكان رهانهم الاستراتيجي استغلال الجيش في الانقلاب على الثورة وتصفيتها نهائيا ولا مانع لديهم من استيعاب الدعم السريع كشريك اصغر كسابق عهده وفي حالة رفضه تتم ازاحته بالقوة.
هذه الرهانات العسكر كيزانية هي التي جعلت الحرب حتمية، اضف الى ذلك الايدي الخارجية التي كانت حاضرة بكثافة في الشأن السوداني، ورهان الاقليم كله على الحكم العسكري في السودان وإجهاض الحكم المدني.
من حق اي تيار سياسي ان يكون معارضا جذريا للحرية والتغيير، فهذا حق ديمقراطي، ومؤكد للحرية والتغيير اخطاء واخفاقات تستوجب المساءلة الصارمة، ولكن النزاهة تقتضي عدم التدليس السياسي وانكار الحقائق الموضوعية لمجرد إدانة الخصم! النزاهة تقتضي محاكمة القوى السياسية المدنية في حدود الممكنات الواقعية لا الممكنات المتخيلة، ومحاسبتتها على تقصيرها فيما تستطيع فعله ولكنها تخاذلت عن فعله.
الدعم السريع معضلة كبيرة من معضلات السياسة السودانية لم تصنعها قحت كما يحاول الكيزان ايهام الناس ويساعدهم في اشاعة هذا الوهم كثير من المتواطئين او المغفلين.
الكيزان الذين صنعوا هذه المعضلة اقتنع بعضهم الان، وبعد ان دمروا البلاد بالحرب بالحل التفاوضي ولكن بشرط ان يقود التفاوض الى استئصال اجندة الانتقال المدني الديمقراطي، وما زال البعض متمترسا في خندق استمرار الحرب وان ضاعت البلاد وانهارت تماما.
القوى المدنية الديمقراطية يجب ان تظل متمسكة براية لا للحرب، وان تعمل ما في وسعها لان تتوقف الحرب على اساس حل يحقق السلام المستدام والتحول الديمقراطي، اما ان توقفت الحرب على اساس استبداد عسكري جديد، او على اساس تسوية اليد العليا فيها للعسكر فعلى القوى المدنية ان توحد صفوفها من اجل خوض معركة التحول الديمقراطي وهي معركة تاريخية طويلة.
، لا معنى لان تكون القوى المدنية منخرطة في تخوين وتجريم بعضها البعض على خلفية الموقف من هذه الحرب في حين ان غاية الحرب هي استئصال الحياة المدنية الديمقراطية.

الوسومرشا عوض

مقالات مشابهة

  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: مصر تبذل جهود كبيرة لحل القضية الفلسطينية
  • ياسر العطا البرهان ابلغني رغبته في التنحي وعرض هذا المقترح وقال وصلنا الحد.. تابع التفاصيل بالفيديو
  • سفير مصر الأسبق في إسرائيل يكشف تفاصيل عملية "أيلول الأسود"
  • سفير مصر الأسبق بإسرائيل: منظمة التحرير الفلسطينية عملت بعد 67 من لبنان والأردن
  • جملة لحسن نصرالله بخطاب تشييع فؤاد شكر تشعل تفاعلا
  • حول شعار الجنجويد ينحل
  • مقتل وإصابة «18» شخصاً جراء سقوط مقذوف بالسوق المركزي جنوبي العاصمة السودانية
  • معتصم اقرع:???? اليسار اللا-تاريخي والدولة السودانية
  • مصطفى بكري: رئيس الوزراء وعد بتطبيق فقه الأولويات حفاظاً على الطبقة الوسطى والفقراء
  • محلل إسرائيلي: تل أبيب ما تزال بعيدة عن هزيمة حماس