هل هناك فرق بين الجيش والجنجويد؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
من أهم معالم الحرب السودانية تفشي حالة واسعة من التلاعب بالعقول حققته الدعاية الممولة جيدا وساعدها في ذلك الكثير من الطيبين.
خذ علي سبيل المثال مقولة ألا فرق بين الجيش والجنجويد وهو جيش كيزان علي كل حال. قبلت مجموعات واسعة من الطبقة المتعلمة وناشطة سياسيا هذه المقول ولكن فات عليها واجب قياس أي مقولة بمقاييس الواقع المتعين.
لندع جانبا قضية أنها ميليشيا تملكها أسرة وممولة من الخارج الذي تخدم مصالحه وقد تخصصت سابقا في إصطياد المهاجرين الأفارقة في الصحراء وقبل وصولهم إلي سواحل البحر الأبيض مقابل ثمن تدفعه أوروبا حماية لبياضها من التلوث بالمهاجرين السود.
لو كان الواقع هو مرجعيتنا الأخيرة فان مقولة لا فرق بين جيش وجنجويد لا تصمد لحظة أمام الفحص من قبل أي إنسان بلغ السابعة من العمر.
فمثلا عادة ما يكون الجيش موجودا في مدينة أو منطقة ومسيطر عليها والحياة تسير والمواطن آمن في داره علي نفسه واهله وماله (علي علات الجيش).
ولكن ما أن يدخل الجنجويد المدينة إلى ونكلوا باهلها واغتصبوا إناثها و أهانوا رجالها ونهبوا أموالهم ومركباتهم ومدخرا تهم.
فكيف يجروء أحد بعد ذلك علي القول الصريح أو الضمني بعدم وجود فرق بين الجيش والجنجويد؟
ولو دخت في حوار مع أحد من هذا النوع سيسرع بإستدعاء سوءات قديمة أو معاصرة للجيش للدفاع عن حماقة لا-منطقه لان هكذا إستدعاء تغيير كامل للموضوع واستبدال للسؤال المحرج قيد البحث باخر سهل. حيث أن السؤال الأصلي هو هل هناك فرق بين الجيش والجنجويد ولكن يتم تحويله صراحة ضمنا إلي سؤال هل الجيش منظومة مثالية، منزهة صافية النقاء؟ وهذا سؤال آخر تماما وهروب من السؤال الأول.
نعم، الجيش منظمة مليئة بالعيوب مثل جميع مؤسسات الدولة السودانية وأحزابها ومجموعاتها ومنظماتها المدنية بل وانسانها ولكن القول بان الجيش معيوب لا يعني ألا فرق بينه وبين الجنجويد لان من ينهب السودانيين ويغتصبهم ويشرد ملايينهم من ديارهم هو دخول الجنجويد لمنطقة وليس وجود الجيش فيها. فكيف يستوي الجنجا والجيش؟
للأسف هذه حقائق أولية لا يمكن أن تغيب عن ذهن صبي ما عندو شنب ولكنها غائبة عن كثير من قادة الراي العام والناشطين ولكن العوام بفطرتهم السليمة أحسن حالا.
السبب في هذا الإنهيار الفكري الكامل هو أصلا ضعف الطبقة السياسية المتعلمة وتروما العنف الذي تعرضت له تحت حكم البشير العسكري وهذه التروما شوهت سبل تفكيرها وأعمتها. ومن المعروف أن العنف يفسد الجلاد والضحية معا ولا أكثر وأشد من عنف البشير ثلاثين عاما.
تضافرت هذه العوامل لإضعاف الطبقة السياسة وساهمت في انكشافها أمام أسخف أنواع الدعاية ضحالة وجعلتها لقمة سائغة للدعاية المساعدة عمليا للغزو الميليشي رغم حسن نيتها.
وهذا التلاعب بالعقول معروف في علم النفس باسم ال (gaslighting) وهو
نوع من أشكال العنف النفسي الذي يحاول فيه المعتدي زرع الشك والارتباك في ذهن الضحية حتي تري الواضح علي عكس وضوحه بهدف إخضاعها لقوة وسيطرة مصدر التلاعب من خلال تشويه الواقع وإجبارهم على التشكيك في حكمهم وحدسهم.
وهذه الطبقة إستهدفتها الدعاية منذ 2020 بهجمة هجمة ممولة بسخاء للتلاعب بالعقول. البعض منا يتذكر الحملات الإعلامية بشق من أفلام الكرتون التي صورت الإنهيار الإقتصادي المريع في 2020 – 2022 علي أنه نجاح رائع رغم تضاعف تكلفة المعيشة عشرات المرات وإنهيار سعر العملة و إزدياد حدا الفقر والبطالة وتاكل الطبقة الوسطي – وهذا ما أقر به وزير المالية حينها في مقال باللغة الإنجليزية موجه إلي خارج لا يشتري الهراء بنفس السهولة . ومن صدق ذلك الهراء كفيل بان يصدق ألا فرق بين جيش وجنجويد.
الكثير من المراقبين والناشطين لا يجرؤون علي القول صراحة بعدم وجود فرق بين الجيش والجنجويد ولكنهم يتعاملون مع الحرب بعدم مبالاة وك أنها تدور في كوكب نيبتون بين فريقين ولا يهمهم من يفوز يخسر. وهذا الموقف هو ترجمة عملية لاستبطان فرية ألا فرق بين جيش وجنجويد. واستبطان الدعاية السامة هو أعلي مراحل نجاحها.
مرة أخري، القول بان الجنجويد حالة فريدة من العنف والفساد الأخلاقي لا يعني بان الجيش مثالي. والقول بان الجنجويد أسوأ ألف بليون مرة من الجيش لا يعني بحال من الأحوال أن الجيش منزه لذا فقد قالت حكمة الثوار “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” ولم تقل لا فرق بين الجيش والجنجويد.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لا فرق بین
إقرأ أيضاً:
رئيس الإمارات يمنح وزيرة البيئة وسام زايد الثانى من الطبقة الأولى
منح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية ، الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة وسام زايد الثانى من “ الطبقة الأولى ” وذلك عن دورها ومساهمتها المميزة فى الجهود المصرية لتسهيل عملية التفاوض فى ملف تمويل المناخ ب cop28 برئاسة دولة الإمارات العربية، وضمن كوكبة من ٦ وزراء على مستوى العالم.
وأوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد أن هذا التكريم يأتى تتويجاً لحصاد مؤتمر COP27 الذى إستضافته مصر في شرم الشيخ في نوفمبر 2022، الذى مهد الطريق لنجاح مؤتمر دبي بقرارت فعالة على رأسها إنشاء صندوق الخسائر والأضرار ، وتأكيد الانتقال العادل للدول النامية دون المساس بمساراتهم للتنمية المستدامة وضمان حصول تلك الدول على تمويل المناخ.
وأضافت وزيرة البيئة أن الوسام الاماراتي الرفيع يعكس تقديراً لمكانة مصر العربية والأفريقية والدولية ولجهودها للارتقاء بالعمل المناخي الدولي إلى نتائج حقيقية تتصدى لآخطار تغير المناخ، وتشريفاً لها كوزيرة مصرية لدورها في تسهيل التفاوض حول ملف تمويل المناخ ، ممثلة عن الدول النامية، بمشاركة وزير البيئة الكندي السيد ستيفن جيلبولت، وفي توصل المؤتمر الى قرارات كفيلة بوضع العمل المناخي على محاور واقعية للتعاون الدولي، وفي النجاح بالتوصل إلى أتفاق يسمى "توافق الإمارات"، مؤكدة أن هذا التكريم يعد بمثابة شاهد على مسعى عربي غير مسبوق يضمن عملاً مناخيًا طموحًا ومتعدد الأطراف يتمتع بالمصداقية، ويقدم نموذج رائع للتعاون بين قيادتي الدولتين مصر والإمارات.