كيف قابل الحوثي فتح الطرقات في اليمن؟
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
(عدن الغد) متابعات:
قابل الحوثيون مبادرات فتح الطرقات بمزيد من التعنت كان آخرها مبادرة نائب رئيس المجلس العميد طارق صالح، لفتح طريق حيس - الجراحي بالحديدة.
ولم يقدم الحوثيون أي تنازلات تشفع لهم لدى اليمنيين سواء بموجب اتفاق الهدنة أو اتفاق ستوكهولم، بما فيه بند الطرقات الذي تحول إلى ملف منسي دوليا رغم قيمته الإنسانية.
المبادرة التي قادها طارق صالح، والتي قوبلت بالرفض من مليشيات الحوثي، واستهدفت تخفيف معاناة ملايين المدنيين في محافظتي الحديدة وتعز، سبقتها مبادرات حكومية كثيرة كان من بينها فتح الطرقات لرفع حصار تعز.
ويغلق الحوثيون طرقاً كثيرة مهمة وحيوية ليعزلوا مناطق ومحافظات بأكملها، لاسيما محافظة تعز المحاصرة، ومحافظة الحديدة المعزولة؛ ما تسبب بازدحام وعرقلة تنقلات المدنيين وشاحنات البضائع في طرق نائية ووعرة وضيقة.
ووفقا لمصادر حكومية لـ"العين الإخبارية" فإن مليشيات الحوثي تغلق أكثر من 20 طريقا رئيسيا في 7 محافظات يمنية، منها حجة والحديدة والضالع والبيضاء ومأرب والجوف؛ ما أجبر المواطنين على التنقل عبر طرق بديلة مميتة، وغير معبدة عبر جبال وعرة، أو صحراوية رميلة قاسية.
أمام هذا الوضع يلاحظ اليمنيون صمت الوسطاء الدوليين وعدم وقوفهم على هذا الملف الإنساني، وذلك رغم المناشدات الحكومية والحقوقية للمجتمع الدولي التي تطالب بعدم تجاهل ملف الطرقات في المفاوضات المقبلة.
مبادرة طريق حيس - الجراحي
تكمن أهمية فتح طريق حيس - الجراحي الرابط بين مدن ساحل اليمن الغربي، أنها سوف تسهم في تخفيف معاناة آلاف المدنيين، خاصة المرضى والأطفال والنساء، وكذلك المركبات والشاحنات ودخول الأدوية والمساعدات الإنسانية وسهولة التنقل.
الناشط السياسي والاجتماعي اليمني صلاح عبدالواحد، يقول في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن خط حيس الجراحي يعد من أهم الخطوط الذي سيخفف فتحه حركة التنقل أمام المسافرين، والحركة التجارية، بين محافظتي تعز والحديدة، وبالتالي سينعكس ذلك على حياة المواطنين.
ويضيف عبدالواحد أن مليشيات الحوثي لا ترغب في فتح الخط، وكعادتها بعد كل مبادرة من طرف الحكومة اليمنية، تقابلها بمزيد من التعنت، دون أن تلتفت إلى مصالح المواطنين وما سيخفف عنهم أعباء السفر والتنقل بسبب الحصار الظالم الذي تقوم به على أكثر من مدينة يمنية.
وبحسب عبدالواحد فإنه يمكن قراءة تعنت مليشيات الحوثي لمبادرة العميد طارق لفتح طريق حيس - الجراحي جنوبي محافظة الحديدة، على أن الحوثي يقول لنا بأن الحصار لا يمكن أن ينتهي أبدا على المدن اليمنية خاصة الحديدة وتعز.
وأوضح قائلا: "لا تريد مليشيات الحوثي للحرب أن تنتهي ويعيش المواطن اليمني في سلام، هذا بلا شك بات واضحًا عند الجميع، فالمفاوضات التي أجريت خلال الأعوام الماضية أكدت أن الحوثيين لا يرغبون في السلام، كما أن المبادرات التي قدمتها الشرعية من جانبها لم يقبل بها الحوثي، ولم يبدِ أي اهتمام حقيقي بإنهاء الحصار عن تعز وغيرها".
عبدالواحد يرى أن الغرض من قبول المليشيات للمشاورات، فقط هو تسكين ملف الحرب، وإعادة ترتيب صفوفها من أجل تصعيد جديد.
ويشير إلى منظور آخر وهو استخدام مليشيات الحوثي ملف الطرقات كورقة سياسية وعسكرية للضغط على المجلس الرئاسي، خصوصا في ظل تراخي المجتمع الدولي بالضغط على مليشيات الحوثي من أجل القبول بالمبادرات التي تقدمها الشرعية من أجل إنهاء معاناة المواطنين في المدن المحاصرة.
ويؤكد السياسي اليمني أن الحل العسكري هو الخيار الأمثل لفتح الطرقات وفك الحصار عن تعز والحديدة، لأن المليشيات لا تؤمن بالسلام، ولا بقيَم التعايش السلمي، ولا تريد لليمنيين إلا أن يكونوا تحت سطوتها.
قطع الطرقات "حصار صامت"
يرقى قطع الطرقات الداخلية إلى حصار داخلي تفرضه مليشيات الحوثي والتي ترفض على مدى 9 أعوام من الحرب كل الاتفاقيات والمبادرات لتسهيل تنقلات المدنيين وهو ما يعري نوايا المليشيات بالقبول بأي حل سياسي سلمي.
وقال الناشط السياسي اليمني إبراهيم بكيرة، إن مليشيات الحوثي مستمرة بحربها ضد المدنيين في مختلف المجالات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، وأنها ماتزال ترفض أي مبادرة لفتح الطرقات الداخلية أمام المواطنين، كما هو الحاصل في مدينة حيس بالحديدة.
وأوضح بكيرة لـ"العين الإخبارية"، أن المواطن في مدينة الحديدة يحتاج أكثر من 19 ساعة سفرا، ليصل إلى العاصمة المؤقتة عدن ومثلها في طريق العودة؛ كون المسافر يمر عبر الطرقات البديلة الوعرة بسبب تعنت المليشيات لفتح خط حيس الجراحي أمام المواطنين.
وتساءل بكيرة، عن من يقف خلف مليشيات الحوثي، لتستمر برفضها وتعنتها بفتح طريق حيس، والتي ينتج عنها مضاعفة معاناة المواطنين؟، مشير إلى أن من يقف خلف الحوثي هو نفسه من منع مواصلة تحرير محافظة الحديدة، ولم يتم الضغط على المليشيات بالالتزام بالاتفاقات الدولية التي رعاها.
وانعكس قطع الطرقات على قاطني المدن المحاصرة كتعز وحيس وخلف آثارا متعددة، ولعل الجانب الاقتصادي كان له الأثر الأكبر في حياة المواطنين، فالبضائع القادمة من مناطق الحوثي تباع بأسعار مضاعفة جدا، ورغم البعد الإنساني تواصل المليشيات استثمار هذه الملفات سياسيا لفرض مشروعها الطائفي بالقوة، وفقا لمراقبين.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: ملیشیات الحوثی فتح الطرقات
إقرأ أيضاً:
ما أبرز العقبات أمام رد إسرائيلي ناجع على هجمات الحوثي من اليمن؟
تتحدث الأوساط الإسرائيلية عن الخيارين الذين أمام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ما بين الهجوم على إيران كما يقترح رئيس الموساد، أو حدثها على "ضبط وكيلهم" في اليمن من خلال ضرب جماعة أنصار الله "الحوثي"، التي تبقى "عنيدة وغير مستسلمة وتعبر عن التضامن مع حماس".
وقال المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع: إنه "في المرة الثالثة في غضون أربعة أيام اضطر الكثيرون من سكان إسرائيل أن يركضوا في ظلمة الليل من أسرتهم إلى الملاجيء المحصنة.. والصاروخ الباليستي الذي أطلق من اليمن وإن كان اعترض بنجاح لكن الحوثيين يواصلون تثبيت أنفسهم كالازعاج المركزي بعد وقف النار في الشمال وتفكيك معظم قدرات حماس في الجنوب".
وأوضح يهوشع "عمليا، الخليط بين الصواريخ والمُسيرات في هذه الجبهة خلق واقعا فيه تنطلق الصافرات يوما.. نعم يوما وفي الليل أيضا لم لا؟".
وأضاف "مثلما قدروا في إسرائيل، الهجوم الثالث لسلاح الجو في اليمن زاد بالذات شهية الحوثيين على مواصلة إطلاقاتهم، وفي مجال المُسيرات أضافوا حتى مسار تسلل لذاك الذي عملوا فيه قبل ذلك – عبر البحر المتوسط ومن هناك إلى خط الشاطيء، إلى المسار الذي يجتاز سيناء إلى قطاع غزة ومن هناك إلى النقب الغربي".
وذكر أنه "بما يتناسب مع ذلك، ينفذ سلاح الجو والصناعات الجوية تعديلات على منظومة الاعتراض حيتس مع اسختلاص الدروس من الاعتراضين اللذين فشلا في الوصول لهدفهما الأسبوع الماضي والدرس المركزي هو إطلاق صاروخي اعتراض نحو الهدف، حين يكون اشتباه لامكانية تفويت الإصابة، ومثل هذا القرار دراماتيكي من ناحية الكلفة وكميات صواريخ الاعتراض التي ينبغي الاحتفاظ بها مثلا لمعركة واسعة مع إيران".
وأشار إلى "كلفة صاروخ اعتراض جديد هي نحو أربعة ملايين دولار وزمن الإنتاج طويل بالتأكيد مقارنة مع تسلح الحوثيين، الذين ينجحون في ارتجال صاروخين باليستيين في الأسبوع.. مستواهم وإن كان يعتبر متدنيا، لكنهم لا يزالون قادرين على اختراق طبقات الدفاع وإن كانت بنسبة متدنية وإحداث ضرر".
وبين أن وزارة الحرب وقعت على صفقة كبرى مع الصناعات الجوية لشراء صواريخ اعتراض "حيتس 3" بهدف استكمال المخزون، وبسبب الحساسية الكبيرة لا يمكن نشر حجم الصفقة وكمية صواريخ الاعتراض التي سيتزود بها سلاح الجو، لكن يمكن الإشارة الى أن الحديث يدور عن تسلح سريع وضروري.
وقالت "من الدفاع إلى الهجوم: في إسرائيل لا يزالون يترددون هل سيهاجمون إيران كما يقترح رئيس الموساد أم اليمن كما يعتقدون في الجيش، ورئيس الموساد، دادي برنياع، طرح اقتراحه في الكابينت الأمني بدعوى أن هكذا يمكن ردع الحوثيين وممارسة ضغط من طهران على وكيلهم في اليمن"، ومسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي ادعى بالمقابل أن تأثير الإيرانيين على الحوثيين ليس كالتأثير الذي كان لإيران على حزب الله، وأنهم نوع من "الولد المستقل والمعربد".
وادعى المسؤول أن مثل هذا الهجوم ليس فقط لن يحقق هدف ردع الحوثيين بل سيجدد جبهة مباشرة مع إيران، اما برنياع فيعتقد أن "الإيرانيين مردوعين من إسرائيل بعد الهجوم الأخير وبالتأكيد قبل لحظة من دخول ترامب إلى البيت الأبيض".
وزار وزير الحرب كاتس بطارية حيتس الثلاثاء، وتناول الموضوع مرتين في غضون 12 ساعة وكرر في مناسبتين أن "إسرائيل ستختار مهاجمة الحوثيين، ولم يذكر إيران"، قائلا: "لن نسلم بحقيقة أن الحوثيين يواصلون إطلاق النار على دولة إسرائيل.. سنعالج قادة الحوثيين في صنعاء وفي كل مكان في اليمن. وبالفعل، فإن تصفية قيادة المنظمة توجد كإمكانية على جدول الأعمال.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن "التحديات في الجبهة معروفة وعلى رأسها توجد المعلومات الاستخبارية الناقصة، وليس لأن شعبة الاستخبارات والموساد لم يستثمروا في هذا التهديد: فقد كانت لهم مهام أكثر إلحاحا مع لبنان وسوريا وإيران وغزة، والمشكلة الثانية هي المسافة، التي تجعل الهجمات معقدة وثمينة، وبالمقابل هذا تدريب عملي قبيل هجمات في إيران".
من ناحية أخرى، قالت الكاتبة الإسرائيلية سمدار بير: إنه "بعد المناوشات القوية مع حماس في غزة وحزب الله في لبنان بقينا فقط مع منظمة إرهاب عنيدة وغير مستسلمة، حاليا… وهي الحوثيون في اليمن، الذين يعبرون عن التضامن مع حماس ويواصلون التشكيك بنصرالله وغير مستعدين للتنازل".
وأضافت بير في مقال عبر صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن "الولايات المتحدة ودول التحالف الخاص الذي أقيم ضد الحوثيين يواصل القصف في اليمن، لكن يبدو أن هذه الاعمال لا تحيد الحوثيين عن رأيهم أو تحبط خططهم.. وهكذا أيضا حقيقة أن إسرائيل ضربت الحوثيين في اليمن ثلاث مرات على الأقل، واقسم كاتس بالوصول حتى إلى الزعيم عبدالمالك الحوثي".
وأكدت "من المهم الفهم أنه رغم عمل الحوثيين ضد سفن تجارية في مضائق باب المندب وإطلاق الصواريخ والمُسيرات نحو إسرائيل من منطقة الميناء، فإنهم لا يوجدون في مناطق الهجوم، وحتى حجم قواتهم غير معروف وهو قد يكون بين 150 و 250 ألف بالاجمال، من أصل عدد من السكان اليمنيين يبلغ 34.5 مليون".
وبينت "يختص الحوثيون بالعمل من بعيد بواسطة صواريخ من إنتاج إيراني، ومُسيرات حديثة، ومشوق أن نعرف أن ضباطا كبار في سلاح الجو في إسرائيل تلقوا توصيات بأن يتورطوا مع الحوثيين أقل ما يمكن، وترك الأمريكيين والتحالف يقومون بالعمل، وهذا لأن الحوثيين يتبينون أكثر فأكثر كمنظمة إرهاب مختلفة وغير عادية، والصواريخ تأتي الآن من جهتهم فقط، لا من حماس ولا حزب الله، وسوريا الجديدة لم تكشف بعد عن وجهها الحقيقي".
وقالت "تبدو هجمات الحوثيين على إسرائيل حاليا كهجمات مخطط لها لأنها تصل في أوقات متقاربة أكثر، فمن بداية كانون الثاني فقط أطلق الحوثيون صواريخ أو مُسيرات ثماني مرات على الأقل، وسارعت إسرائيل لأن ترد بهجوم على أهداف دقيقة في العاصمة صنعاء، والولايات المتحدة هاجمت بالتوازي، لكن ما الذي حصل في الجانب الآخر؟ الحوثيون أقسموا بالذات على أن يواصلوا الهجوم الى أن توقف إسرائيل الحرب في غزة".
وأشارت إلى أن "اليمن هو الدولة الأفقر بين دول الشرق الأوسط، وصور سكان الجوعى والأطفال الذين ينازعون الموت بأمراض معدية وعلى رأسها شلل الأطفال والطاعون تقشعر لها الابدان، وتصل المساعدات عبر البحر في أوقات متباعدة، وفي المستشفيات أيضا نفدت مخزونات الأدوية والمواطنون اليمنيون يضطرون للاستعانة بخدمات متطوعين في العيادات".
وأضافت "حتى الآن لم تنجح الهجمات الإسرائيلية على أهداف وقواعد الجيش في مناطق الحوثيين في اليمن في أن تكبد قيادة الحوثيين خسائر حقيقية، فالقائد، عبدالمالك والناطق الحوثي يحيى السريع، في خطاباتهما الغريبة والمشفقة يواصلون التهديد بأكثر الكلمات وضوحا على الولايات المتحدة، على بريطانيا وأساسا على إسرائيل".
ولفتت إلى أنه "حتى يتحقق وقف نار كامل في غزة سيواصل الإيرانيون تزويد قيادة الحوثيين ليس فقط بالسلاح وبالعتاد العسكري بل وأساسا بتعليمات ألا يتوقفوا وأن يواصلوا مهاجمة إسرائيل".
وأكدت "يجدر بنا أن نذكر عنصرا إضافيا: الحوثيون أبعد بكثير عن إسرائيل مقارنة بحماس في غزة أو حزب الله في لبنان نحو 1500 كيلو متر، واليمن بخلاف لبنان أو غزة، تقع في مساحة هائلة ولم يسبق لنا أن كانت تجربة في مناطق الخليج في مواجهة طويلة مع زمن طيران طويل ومع منطقة جديدة وغير معروفة".
وذكرت بأن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اقسم الأسبوع الماضي بان يدفع الحوثيون ثمنا باهظا على هجماتهم، وزير الدفاع كاتس، سار شوطا أبعد في تهديداته، غير أن عبدالمالك، القائد الحوثي الكبير، لم يبدو مفزوعا".
وختمت بالقول: "الحوثيون، كما نفهم من بين السطور في تصريحاتهم مستعدون ومجندون وغير مردوعين، واليزابيث كيندل، الخبيرة الأمريكية في شؤون اليمن، وصفت الوضع بالكلمات الأكثر بساطة: يبدو التأثير متعذرا على الحوثيين دون ضغط عسكري مكثف، لكن بالقدر ذاته من الصعب أن نرى كيف سينجح ضغط مكثف على الحوثيين على الاطلاق".