الحرب حالة مؤقتة وتوقفها حتمي، نتمناه سريعا ،وكمدنيين دورنا في ايقاف الحرب هو نزع المشروعية السياسية والاخلاقية عنها والتبصير بطبيعتها وكشف اسبابها الحقيقية ومحاربة اي خطاب كراهية او عنصرية او سرديات مضللة تهدف الى تزيين الحرب واستنفار الشباب للقتال!
هذه ليست حرب الشعب السوداني بل هي صراع سلطة بين قوى عسكرية متفقة على قهر ونهب الشعب السوداني ومختلفة حول انصبتها من كعكة السلطة!
العداء الاكبر والمغلظ الذي يستبطنه مشعلو هذه الحرب ولا سيما الكيزان هو في الاساس ضد القوى المدنية الديمقراطية التي تجتهد في مساعدة الشعب السوداني على استخلاص الدرس الصحيح وولادة الوعي الجديد من هذه التجربة القاسية التي دفع فيها اثمانا باهظة.


هذا الشعب الذي تنفق ٨٠% من موارده المالية على الامن والدفاع مطلوب منه ان يخرج من تحت الانقاض مضرجا بدمائه ممزق الاوصال وهو يهتف بان القوات المسلحة صمام امان البلد ! واي صوت يتساءل اين هو الامان والقوات المسلحة وقوات الدعم السريع افزعونا بداناتهم وطيرانهم ورصاصهم في صراعهم على السلطة، اين الامان والشعب هائم على وجهه هربا من رعب الاشتباكات وانتهاكات الدعم السريع والجيش هارب من الميدان تاركا المواطنين مكشوفي الظهر والشرطة فص ملح وداب منذ اول يوم في الحرب!
كل من يطرح اسئلة منطقية كهذه خائن وعميل ومرتزق اما الوطنية فهي التسبيح بحمد القتلة!
الدرس الصحيح المستفاد من هذه الحرب هو ان المؤسسة الامنية و العسكرية السودانية من جيش ودعم سريع وجهاز امن وشرطة كلها معطوبة وتحتاج الى اعادة بناء على اسس جديدة تجعلها فعلا مؤتمنة على حياة وكرامة المواطنين!
مذلة الحرب يجب ان تفرز وعيا يرفض بل يحتقر الحكم العسكري ويتطلع لحكم مدني ديمقراطي مستوفي لشروط الحكم الراشد ، والحكم المدني المنشود هو نسخة ديمقراطية مرسومة من وحي المعاناة ومخاض التجربة العسيرة ممثلة في هذه الحرب، بمعنى انه ليس عودة الى اي نموذج ماضوي بل اجتراح نموذج مستقبلي.
ربما تتوقف الحرب على اساس صفقة بين المجرمين ينتج عنها استبداد عسكري كامل الدسم او نصف دسم ، هذا ليس مستبعدا ، والشعب المسحوق بالحرب سيرحب بالسلام لان غايته اسكات البنادق والعودة الى منازله ومزارعه وحياته الطبيعية ولا يمكن لومه على ذلك، كل ما يجب قوله للشعب في هذه الحالة: السلام مبروك ، تمسك به فهو حقك الاصيل الذي عاد اليك ، ولان السلام عزيز وغالي احرص ايها الشعب على استدامته واياك ان تسمح لهؤلاء العسكر ان يسلبوك هذه النعمة مجددا كما سلبوها اول مرة! والطريق الى استدامة السلام هو طريق الديمقراطية والحكم الراشد .
اهم معيار لنجاح القوى المدنية والديمقراطية هو ان تفرض اجندة التحول الديمقراطي على اي مشروع للسلام بحيث يكون سودان ما بعد الحرب في حالة قابلية للتحول الديمقراطي، وهذا يتطلب ان تكون اي مساومة مع القوى العسكرية محصورة في مصائرهم الشخصية ومصائر امبراطورياتهم الاقتصادية ولا تتجاوز ذلك الى تقرير مصير البلاد سياسيا والمشاركة في الحكم.
بحسابات الواقع ، الراجح ان لا تمضي الامور في خط مستقيم سياسيا واخلاقيا، فالتعرجات والالتواءات والانحرافات واردة بكل اسف تحت اكراهات الواقع المعقد، ولكن الشيء الوحيد الذي يجب ان لا نسمح بانحرافه او التوائه هو بوصلتنا الوطنية الاخلاقية والفكرية والسياسية التي يجب ان تكون مضبوطة في اتجاه الضفة الصحيحة من التاريخ، ولو كانت كذلك فعلا، حتى لو فرض علينا خيار الحكم العسكري البائس باي مؤامرة داخلية او اقليمية وتواطؤ دولي فلن ندخل الى بلاط الحكم العسكري سجدا! بل سندخله وايدينا مطبقة على انوفنا من رائحة الجثث المنبعثة من بزاتهم اللامعة، وعيوننا سترسل لهم نظرات الغضب النبيل المستحق والوعيد الشعبي الصارم باستئناف الثورة.
هؤلاء العسكر اثبتوا على مدى ٥٤ عاما من عمر الاستقلال انهم فاشلون عاجزون حتى عن اقامة نموذج " مزرعة الحيوان" حيث يحرم الناس من الحرية مقابل السلام والطعام!
ومع ذلك تجتهد ابواق التضليل والتجهيل في ان تجعل من هذه الحرب مشنقة للقوى المدنية الديمقراطية ومحرابا لتقديس المؤسسة الامنية والعسكرية الفاسدة والفاشلة التي اشعلت كل هذا الجحيم في اجساد الابرياء في الصراع على السلطة بين اجنحتها!!  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

ساكس: أوباما كان وراء حرب سوريا.. وأمريكا سبب الفوضى بالشرق الأوسط

كشف الاقتصادي العالمي جيفري ساكس، أن الحرب في سوريا اندلعت نتيجة قرار من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، مشيراً إلى أن واشنطن كانت المحرك الرئيسي للحروب في الشرق الأوسط. 

وقال ساكس، وهو مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وأستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، في تصريحات خلال مشاركته في "منتدى أنطاليا الدبلوماسي" إن الحرب في سوريا لم تنشأ بسبب قمع النظام السوري فحسب؛ بل كانت بتوجيه من أوباما للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ربيع 2011. 

واعتبر ساكس، أن مقتل 600 ألف شخص في الحرب، لا يمكن تفسيره بالاحتجاجات وقمع النظام فقط؛ بل كان نتيجة حرب شاملة تتطلب تمويلاً وتسليحاً بمليارات الدولارات.

وأكد ساكس، أن المنطقة تشهد تدخلات مستمرة من القوى الغربية، وهو ما يعود إلى اتفاقيات سابقة مثل معاهدة فرساي.

كما انتقد بشدة فكرة الاعتماد على الولايات المتحدة لحل المشكلات الإقليمية، قائلاً إن الإمبراطوريات تسعى للهيمنة، ولا يمكن لواشنطن تحقيق مصالح الدول العربية والتركية والفارسية.

وتطرق ساكس أيضاً إلى تفاصيل فشل اتفاق السلام الذي توسط فيه كوفي عنان عام 2012، حيث اتهم الولايات المتحدة بعرقلة الاتفاق بسبب تمسكها برحيل الأسد الفوري.

 وقال إن جميع الأطراف وافقت على السلام، إلا أن الولايات المتحدة أصرت على رحيل الأسد في اليوم الأول، مما أدى إلى فشل الاتفاق واستمرار الحرب.

كما تحدث عن الدعم الأمريكي لإسرائيل في النزاعات، مؤكداً أن ما يحدث في غزة اليوم من إبادة جماعية، يتم بـ"تواطؤ أمريكي".

 واختتم دعوته لدول المنطقة إلى تحديد مصيرها بأنفسها بعيداً عن التدخلات الخارجية، مشددا على ضرورة إنهاء سياسة "فرق تسد" التي تمارسها القوى الإمبريالية منذ قرن.

مقالات مشابهة

  • العودة إلى منبر جدة- تحديات تحقيق السلام في السودان وسط تصاعد الحرب الدامية
  • زيلينسكي يدعو ترامب إلى زيارة أوكرانيا لرؤية حجم الدمار الذي خلفته الحرب
  • مسقط.. قِبلة السلام
  • الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
  • وزير صحة الخرطوم يقف على حجم الدمار الكبير والتخريب الذي الحقته المليشيا المتمردة بمستشفى بن سينا
  • ساكس: أوباما كان وراء حرب سوريا.. وأمريكا سبب الفوضى بالشرق الأوسط
  • مسجد عين علم مبني من الطوب اللبن يحكي تاريخ 400 عام بقرية بلاط فى الوادى الجديد
  • جامعة أفريقيا العالمية.. جسر السودان الذي مزقته الحرب
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق ستّ مدارس لوكالة “الأونروا” في القدس المحتلة
  • رابطةُ العالم الإسلامي تُدين أوامر الإغلاق التي أصدرتها إسرائيل بحق 6 مدارس لـ “الأونروا” في القدس المحتلة