تعنت القيادة العسكرية السودانية- طريق مسدود إلى مستقبل مظلم
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
زهير عثمان حمد
إن صراع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من أجل السلطة لا يعدو كونه صراعاً عدمياً لن يخرج منه أي طرف منتصراً، بل ستظل الخسائر تتراكم على حساب الشعب السوداني البريء. حكومة الأمر الواقع تجد نفسها تحت ضغوط وهجمات سياسية وإعلامية دولية متزايدة، مما يحول السودان إلى دولة فاشلة، مارقة، ومنبوذة، تُقارن بجماعات إرهابية مثل داعش وبوكو حرام، ومتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
كانت قوة السودان دوماً مرتبطة بدوره الأفريقي والإقليمي والعالمي، لكن العناد والصلف الأجوف ورفض التعاطي مع الحقائق على الأرض، يؤدي إلى عزله عن الاندماج الوثيق بالنظام الدولي. هذا الارتباط يتعرض حالياً لتهديد كبير، حيث تواجه البلاد حملة دولية غير مسبوقة ضدها. الجهد المتواصل لشيطنة الجيش وكتائب الإسلاميين أدى إلى تراجع ملحوظ في مكانة السودان على كافة الأصعدة.
إن فشل السودان في معالجة هذه الحملة يضع اقتصادها وأمنها القومي في مخاطر كبيرة، ويضعف قدرتها على تحقيق أهدافها العسكرية. نحن، ككتاب وأبناء هذا الوطن، نبكي على ما آل إليه حال بلدنا ونطالب قادة الجيش وصناع القرار بأن يعوا ما هم فيه من أخطاء فادحة.
ضرورة المشورة القانونية والشفافية
إن إسداء المشورة القانونية لقادة الجيش وصناع القرار بشأن القضايا المتعلقة بالقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بالنزاع المسلح وحل النزاعات، هو أمر حتمي. المستشارون القانونيون يمكنهم أن يساعدوا في توجيه عمليات الجيش نحو احترام القانون الدولي والابتعاد عن الجرائم التي قد تؤدي إلى ملاحقات قانونية دولية.
لكن لماذا تصر القيادة العسكرية على التعنت ورفض الذهاب إلى التفاوض في الظلام وعبر وسطاء يسعون للسلم؟ إن التفاوض السري عبر وسطاء ليس الحل الأمثل ولا يعكس الشفافية المطلوبة لحل النزاعات. يجب أن يكون هناك وضوح وشفافية في هذا الأمر، حتى يتمكن الشعب السوداني من معرفة ما يجري والمشاركة في صناعة مستقبلهم.
شفافية التفاوض والقناعة الشعبية
إن الشعب السوداني يستحق أن يعرف الحقائق ويتشارك في صنع القرار. يجب على القيادة العسكرية أن تكون أكثر شفافية في عمليات التفاوض وأن تستمع إلى صوت الشعب. هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. العناد ورفض التعاطي مع الحقائق لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والمزيد من الخسائر.
إن السودان بحاجة إلى قيادة رشيدة، تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، وتعمل بجدية لتحقيق السلام والتنمية. إننا ندعو قادة الجيش وصناع القرار إلى تبني الحوار والتفاوض بشفافية، والاستماع إلى مطالب الشعب، والعمل على بناء مستقبل أفضل لبلادنا. إن طريق العناد والتعنت لا يؤدي إلا إلى مستقبل مظلم، بينما طريق الحوار والتفاوض يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للأمل والتقدم.
إننا نناشد القيادة العسكرية السودانية بأن تنظر إلى المستقبل بعين الحكمة، وأن تدرك أن القوة الحقيقية لا تأتي من العناد والتعنت، بل من القدرة على الحوار والتفاهم والعمل معاً من أجل مصلحة السودان وشعبه. دعونا نتعلم من دروس التاريخ، ونعمل معاً لبناء سودان مستقر، مزدهر، ومتصالح مع نفسه ومع العالم.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القیادة العسکریة
إقرأ أيضاً:
الحرب السودانية ودور الاعلام السوداني ووسائل التواصل الاجتماعي
سودانايل: في الخامس عشر من أبريل 2023م اندلعت الحرب الكارثية في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مخلفة وراءها أسوأ الكوارث الانسانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية على مستوي العالم في السنوات الأخيرة ، حيث قضت الحرب على الأخضر واليابس وقتل أكثر من مئة الف وأصيب مئات الالاف أغلبهم من المدنيين وأصبح أكثر من 10 مليون بين لاجئ في دول الجوار ونازح إلى مناطق أكثر أمنا داخل السودان، كما تم استهداف الأفراد على أساس قبلي وهوياتي خاصة في اقليم دارفور والعاصمة الخرطوم والجزيرة وتبادل الطرفان المتقاتلان والمليشيات التي تتبع لهما ممارسة هذه الانتهاكات الفظيعة. وقد وثقت وسائل التواصل الاجتماعي السودانية والمنظمات الحقوقية الدولية بعضا من هذه الانتهاكات حيث أشارت تقارير عن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى أن معظم هذه الانتهاكات كان دافعها قبلي واثني دفع ثمنها في الغالب المدنين العزل، مما ينذر بخطر اندلاع حرب أهلية أكثر خطورة وفظاعة اذا استمرت هذه الحرب والانتهاكات. ووثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) حالات اغتصاب وعنف جنسي متزايدة، مع تسجيل أكثر من 200 حالة مؤكدة في المناطق المتأثرة بالنزاع منذ بداية الصراع.
دور الاعلام السوداني ووسائل التواصل الاجتماعي
بكل أسف لعب الاعلام السوداني من قنوات فضائية وصحف ومواقع الكترونية تبع للطرفين المتقاتلين والمليشيات التي تقاتل بجانبهما إلى جانب الناشطين المؤثرين الذين يمتلكون أعدادًا كبيرة من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا وسالبا في تفاقم الأزمة السودانية وتوجيه الرأي العام نحو مزيد من الفرقة والشتات بتأجيج خطاب الكراهية وذلك إلى جانب تصوير جرائم القتل والتعذيب التي تقوم بها الاطراف المتقاتلة وتوثيقها وبثها بغرض بغرض اثارة الرأي العام ضد مكون أو قبيلة بعينها مما يقود إلى تقسيم المجتمع السوداني إلى قبائل واثنيات تؤدي إلى حرب كارثية.
نناشد الأخوة الاعلاميين والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي أن يرتقوا لمستوى المسئولية والقيام بدورهم الاخلاقي والمهني في وضع حد لهذه المأساة الانساية وأن يتواضعوا على خطاب يدعو إلى التهدئة وتجنب تأجيج الصراعات القبلية والاثنية والدعوة إلى تعزيز قيم التعايش السلمي ونبذ العنف وحماية النسيج الاجتماعي للسودان، وضرورة عدم السماح بتحويل النزاع إلى صراع قائم على العرق أو الجنس أو القبيلة، وعلينا مواجهة محاولات بعض الأطراف التي تسعى لتأجيج الفتنة القبلية لتحقيق مكاسب قصيرة المدى على حساب وحدة السودان ومستقبله.
هذه الكارثة الانسانية من المفترض أن تجعل منا كصحفيين واعلاميين شركاء أساسيين في مجابهة هذه الحرب اللعينة بنقل الحقيقة بموضوعية وشجاعة، وأن نكون صوتًا للضحايا ومنبرًا للمصالحة الوطنية، وأن يكون خطابنا موحدا للسودانيين بدلًا من أن يكون مقسما لهم.