أكَّد فضيلة الدكتور شوقي علَّام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أنَّ قضية وجود صِدام بين العلم والدين ليست مطروحة في الفكر الإسلامي، ولكن كان لها سياق معين في زمان معين ومرتبط ببعض الأماكن.

وأضاف مفتي الجمهورية، أن الأديان جميعها جاءت لصالح الإنسان وعمارة الأرض، ولكي يكون الإنسان مستقيمًا في سلوكه في الحياة، فالدين مؤثر بشكل كبير ولا يستغني عنه الإنسان، موضحًا أنه عندما تحيد البشرية عن الأحكام يرسل الله إليهم رسولًا يرشدهم إلى مراد الله عزَّ وجلَّ ويضبط حركة الحياة.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» الذي يذاع على فضائية صدى البلد، حيث أوضح فضيلته أن ادعاء التصادم بين العلم والدين يفرز عددًا من التساؤلات: عن أيٍّ علم نتحدث؟ وهل الدين في تضادٍّ مع العلوم مثل الطب والهندسة والعلوم وغيرها؟

وأشار فضيلة المفتي إلى أنه في السياق التاريخي قد يكون الفهم غير الصحيح للدين عائقًا يحول دون إيجاد توءَمة بين العلم والدين في بعض السياقات التاريخية المعينة، ولكن في سياقنا المعاصر فإن الدين يعد محفزًا إلى التقدم العلمي، والشريعة صريحة بتكليف الله بإعمال العقل والنظر في الكون في آيات كثيرة من كتاب الله، فأول آية كانت: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.

وقال فضيلة مفتي الجمهورية: "إن علماء الإسلام جعلوا البحث العلميَّ وما ينتج عنه من تطوير في مهنة معينة فرض كفاية، وهو ما يعني أنه لا بدَّ أن تقوم به مجموعة من المجتمع، فلا بدَّ في منظور الفقه الإسلامي من العناية بالبحث العلمي في المجتمع، وإلَّا نكون قد وقعنا في دائرة التقصير والمحاسبة من الله سبحانه وتعالى، لأنَّ فروض الكفاية هي فروض على الجميع، ولكن إذا قام بها البعض سقط التكليف عن الباقين".

وأضاف فضيلة المفتي أنَّ ارتقاء العلماء بمفردات البحث العلمي وتطبيقه إلى دائرة فرض الكفاية هو دلالة حقيقية على أن الدين يعد العلم فريضة، موضحًا أن من قالوا بأن هناك تصادمًا بين العلم والدين عملوا على تنحية الدين حتى في جانبه الأخلاقي كذلك، ثم عادوا لينادوا مرة أخرى بعودة الجانب الأخلاقي والمبادئ والقيم.

وحول حكم قتل القطط والكلاب الضالة أجاب فضيلة المفتي بأن الإسلام جاء بالرحمة في كافة تفاصيل الحياة مع الإنسان والحيوان، بل مع النبات والجماد، فكان الجماد يشعر بوجوده ويحنُّ إليه، ولذلك لما صعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم جبل أُحد اهتزَّ الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أُحد جبل يحبنا ونحبه".

وأضاف فضيلته أن إثبات علاقة الحب بين الإنسان والجماد يعطي مفهومًا أوسع للرحمة، حتى إنَّ الصالحين كانوا يرون أنه يجب أن يكون التعامل حتى مع الجمادات برفق، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزع من شيءٍ إلَّا شانه».

وقال فضيلة المفتي إن الحيوانات هي أمَّة من الأمم ينبغي أن نتعامل معها بالرحمة، وأما أي فعل غير ذلك فيجب أن يكون تحت مبرر شرعي، وهو الضرر الشديد جدًّا، ويجب أن يكون من قِبل الدولة، والسلطات المختصة بهذا الأمر هي التي تقدر هذه الأمور.

وعن حكم نشر الفضائح والصور الخاصة بالآخرين دون إذن منهم وانتهاك خصوصيتهم، أكَّد مفتي الجمهورية أنه لا يجوز بحال من الأحوال انتهاك الخصوصية وخرقها بأي صورة من الصور، كذلك لا يجوز انتهاك خصوصية الناس إلا بمبرر قانوني له ضوابطه المحددة.

وأضاف فضيلته أن سيدنا النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم حذر من نشر فضائح الناس أو نشر صورهم وعوراتهم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله»، فمُرتكِب هذا الفعل وقع في ذنب مركَّب، وهو انتهاك الخصوصية ونشر الفضائح.

وحول حكم استخدام العطور للمرأة في الحر عند الخروج من المنزل، أوضح فضيلة المفتي أنَّ العديد من الفتاوى التي صدرت من دار الإفتاء لا تمنع من هذا الأمر، ما دام غير لافت للأنظار وفي حيِّز المقبول والاعتدال فلا مانع منه.

أما عن حكم هجر الزوج لزوجته، فأكد مفتي الجمهورية أنه لا يجوز للزوج أو الزوجة أن يأتيا بالأسباب التي تصل بهما إلى الهجر، ولكن يجب أن تقوم العلاقة بينهما على المودة والرفق، والهجر يكون محاولةً لإنقاذ هذه العلاقة في بعض الحالات لرفع الضرر، ولكن ننصح بالمودة والرحمة وإيجاد السبل التي تؤدي إلى التقارب بين الزوجين.

اقرأ أيضاًرئيس هيئة النيابة الإدارية الجديد يستقبل مفتي الجمهورية للتهنئة بتولية منصبه

مستشار مفتي الجمهورية يكشف أهم ملامح المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء

مفتي الجمهورية لـ «الأسبوع»: من حق المرأة تولي منصب الإفتاء إذا توافرت فيها هذه الشروط (حوار)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام الإعلامي حمدي رزق الفكر الإسلامي صلى الله علیه وآله وسلم بین العلم والدین مفتی الجمهوریة فضیلة المفتی

إقرأ أيضاً:

وزير الشؤون الإسلامية يبحث مع مفتي لبنان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك

استقبل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، في مكتبه بمحافظة جدة، اليوم الخميس، مفتي جمهورية لبنان الشقيقة الشيخ عبداللطيف بن فايز دريان، والوفد المرافق له والذي يضم عدداً من مفتي المحافظات والمدن اللبنانية أعضاء دار الفتوى. 

وجرى ــ خلال اللقاء ــ تبادل الأحاديث الودية، وبحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك؛ لاسيما ما يتصل بالشأن الإسلامي، وسبل التعاون بين الوزارة ودار الفتوى. 

وعقب اللقاء، أكد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ على التفاهم الكبير بين الجانبين في خدمة القضايا الإسلامية، والحرص على التعاون المشترك لخدمة هذه القضايا، مشيداً بالمشاعر الصادقة والمحبة الكبيرة التي يحملها العلماء والمفتين اللبنانيين تجاه قيادة المملكة المتمثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ــ حفظهم الله ــ، وتقديرهم للجهود والأعمال الكبيرة التي يقدمونها لخدمة الإسلام والمسلمين، والدور الكبير الذي يقوم به سمو ولي العهد في بناء وتنمية الوطن وخدمة المواطنين، والتطور والازدهار الذي تشهده المملكة في مختلف المجالات، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يحفظ البلدين الشقيقين، ويديم عليهما نعمة الأمن والاستقرار والرخاء. 

كما أكد على أهمية الدور الذي يضطلع به العلماء والمفتين في نشر قيم ووسطية الإسلام وسماحته والتصدي للجماعات التي تسيس الإسلام لأغراض ومقاصد دنيئة تهدم روح وجوهر الدين ولا تحقق للأوطان سوى الدمار والفتن، لافتاً إلى أن الإسلام يحمل رسالة سامية نقية في نشر الألفة والمحبة والتسامح ويبنى الأوطان ويزيد من تآلف الشعوب على اختلاف ثقافاتهم. 

من جانبه، قال مفتي جمهورية لبنان الشيخ عبداللطيف بن فايز دريان، إن المملكة هي القلب النابض للعروبة وهي قبلة العرب والمسلمين ومصد اعتزازهم وفخرهم ، وكل من يأتي لزيارة المملكة معتمراً أو حاجاً أو زائراً يرى بأم عينيه الإنجازات الكبيرة الضخمة التي تقوم بها حكومة المملكة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله-سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يحمي هذه البلاد حكومة وشعباً ومؤسسات من كيد الكائدين ومن حسد الحاسدين ومن حقد الحاقدين، وأن يزيد مملكة الخير والإنسانية والعطاء رفعة وتقدير وعزة في ظل قيادتها الحكيمة. 

وعبر مفتي الجمهورية اللبنانية عن شكره وتقديره لقيادة المملكة على مواقفها الدائمة والمستمرة لدعم ومساندة لبنان عبر التاريخ والتي كانت سبباً بعد الله في تجاوز الكثير من المحن والأزمات، مؤكداً أن لبنان وشعبها كانت ولاتزال محل عناية ورعاية قادة المملكة عبر التاريخ وهو محل تقدير من كافة اللبنانيين اللذين يدينون لها بالفضل . 

وأشاد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان في ختام تصريحه بالدور الرائد الذي تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة على التواصل مع مثيلاتها لتعزيز وحدة المسلمين وتوحيد كلمتهم وتوطيد قيم الوسطية والاعتدال التي هي من أسمى مميزات ديننا الحنيف، منوهاً بالجهود الكبيرة التي يقوم بها الوزير الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ في تعزيز التعاون مع مختلف المؤسسات الإسلامية بالعالم لخدمة الإسلام والمسلمين.​

استقبل معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، في مكتبه بمحافظة جدة اليوم الخميس السادس والعشرين من شهر المحرم 1446هـ، سماحة مفتي جمهورية لبنان الشقيقة الشيخ عبداللطيف بن فايز دريان، والوفد المرافق له والذي يضم عدداً من مفتي… pic.twitter.com/1SeaAjQyuM

— وزارة الشؤون الإسلامية ???????? (@Saudi_Moia) August 1, 2024

مقالات مشابهة

  • الجدل حول جنس الملاكمة الجزائرية مستمر.. ماذا قالت إيمان وماذا يقول العلم؟
  • الجدل حول جنس الملاكمة الجزائرية.. ماذا قالت إيمان وماذا يقول العلم؟
  • المفتي يوضح المُتغير والثابت في الشريعة الإسلامية ومقاصدها
  • مستشار المفتي: المؤتمر العالمي للإفتاء أكد ضرورة إبراز دَور الفتوى في مواجهة التحديات الأخلاقية
  • إسرائيل: لا يوجد لدينا معلومات بشأن وقوع انفجار قرب سفارتنا بالهند
  • مفتي الجمهورية: المقاصد الكلية للشريعة لا تتحقَّق إلَّا بوجود فتوى رشيدة
  • مفتي الجمهورية: الثابت يمثل نسبة قليلة جدًّا من الشريعة الإسلامية
  • علي جُمعة: يضيع العلم بين الأعداء والأدعياء
  • وزير الشؤون الإسلامية يبحث مع مفتي لبنان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك
  • فتاوى.. يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان