شيخ الأزهر يوصي علماء إندونيسيا بتحصين أبنائهم ضد دعاة التشكيك في السنة
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
عقدت الجمعية المحمدية الأندونيسية بجاكارتا، حفل استقبال خاص لفضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين؛ بمناسبة زيارة فضيلته لإندونيسيا للمرة الثالثة، تحت عنوان "الأزهر الشريف والمحمدية ودورهما الرائد في نشر وسطيَّة الإسلام وتحقيق السلام العالمي"، بحضور فضيلة الشيخ حيدر ناصر، الرئيس العام للجمعية المحمدية، وقيادات المؤسسة، ورؤساء الجامعات المحمدية، ونخبة من علماء إندونيسيا ومفكريها.
أكد السيد حيدر ناصر، الرَّئيس العام للجمعية المحمدية الإندونيسيَّة أنَّ الأزهر يعد أنموذجًا في تطوير التعليم الديني والدعوة إلى الإسلام، وهو المرجعيَّة الإسلامية الأكبر، وعمود من أعمدة الحضارة الإسلامية.
وأكَّد السيد حيدر ناصر أنَّ شيخ الأزهر هو الدَّاعم الأكبر لقضايا العالم الإسلامي والقضايا الإنسانية، فهو ليس إمامًا للمسلمين وهو رمز للسلام والإنسانية على مستوى العالم، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل بنود وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقَّعها فضيلته مع البابا فرنسيس عام ٢٠١٩، لما تحويه من مبادئ إنسانية ترعى مصلحة الإنسان أيًّا كان لونه أو دينه أو عرقه.
مشيرًا إلى تقدير الإندونيسيين للمبادرات التي خرجت من رحم هذه الوثيقة، وفي مقدمتها جائزة زايد للأخوة الإنسانية، التي تُوِّجت بها جمعيتي المحمدية ونهضة العلماء لجهودهما في إرساء السَّلام والأخوَّة الإنسانية داخل إندونيسيا، ومشاركتهما الفعَّالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال التوسع في إنشاء المعاهد والجامعات والمستشفيات التي تخدم ملايين الإندونيسيين.
ألقى فضيلة الإمام الأكبر كلمةً أكَّد فيها أن ارتباط الأمة المحمدية بنبي الإنسانية ﷺ الذي أخرج البشريَّة من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ضيق الوحشية والبطش إلى سعة الرحمة والسلام- لهو ارتباط وثيق لا تزيده الأيام إلا رسوخًا وثباتًا، موضحًا أن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتدارسون سيرته وأخباره، ويقدرونه حق قدره، ويوقنون بأنه كان حلقة الوصل في تبديد ظلمات الأرض بأضواء السَّماء.
التَّشكيك في قيمة السنة النبوية
ولفت شيخ الأزهر إلى ظهور صيحات (قديمة متجددة) دأبَتْ على التَّشكيك في قيمة السنة النبوية، وفي ثبوتها وحجيتها، والطعن في رواتها: من الصحابة والتابعين ومَنْ جاء بعدهم، والمطالبة باستبعاد سنَّته الشريفة جملةً وتفصيلًا من دائرة التشريع والأحكام، وأن يكون الاعتماد في التشريع والأحكام على القرآن الكريم وحده، في كل ما يأتيه المسلم وما يدعه من عبادات ومعاملات، وما لا يجده المسلمون منصوصًا عليه في القرآن فإنَّهم غير ملتزمين فيه بأمرٍ أو نهيٍ، أو حِلٍّ أو تحريم، واصفًا إياها بالأمر القديم المتجدد.
وأوضح شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن سلخ القرآن الكريم عن السنة النبوية يضعه في مهب الريح، ويفتح عليه أبواب العبث بآياته وأحكامه وتشريعاته، مبينًا قول العلماء في ذلك حول الصلاة كمثال، فهي ثابتة بالقرآن، ومع ذلك لا توجد آية واحدة في القرآن يتبين منها المسلم كيف يصلِّي، ولا ما هي كيفية الصلاة، ولا عدد ركعاتها وسجداتها، ولا هيئاتها، فهذه التفاصيل وأضرابها لا يمكن تبينها ولا معرفتها ولا الاستدلال عليها إلا من السنة النـبوية، التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، مشيرًا إلى أن كثيرًا من التشريعات وردت في القرآن مجملة وفصَّلتها السنَّة النبويَّة.
وأوضح شيخ الأزهر أنَّ هؤلاء المشكِّكين على اختلاف أماكنهم وأزمانهم، وتباينات مشاربهم وأذواقهم يجمعهم قاسم مشترك، هو: الشك والرِّيبة في رواة الأحاديث، والإغضاء من قيمة جهود علمية جبارة مضنية، أفنى فيها علماء الأمة وجهابذتها أعمارًا كاملةً، أراقوا فيها ماء عيونهم، بحثًا وتحقيقًا لهدف واحد، هو تمييز الصحيح من غير الصحيح من مرويَّات السنة، وذلك من خلال بحث دقيق، متفرد وعجيب، في تاريخ الرواة وسيرهم العلمية والخلقية، ومنزلتهم في الصدق والضبط والأمانة، ومن المعدل ومن المجروح - حتى نشأ بين أيديهم من دقة التعقب والتقصي والتتبع علمٌ مستقِلٌّ يُعرَفُ عند العلماء بعلم «الإسناد» أو «علم الرجال»، وهو علم لا نظير له عند غير المسلمين، لا قديمًا ولا حديثًا، وذلك بشهادة الأفذاذ من علماء أوروبا ممن توفَّروا على دراسة السنة النبوية.
وأثنى فضيلة الإمام الأكبر على قيام الأزهر الشريف بتصميم مقرَّرات تُعنى بنقد المتن المنكر، وذلك منذ أن كان فضيلته رئيسًا لجامعة الأزهر في بداية هذا القرن الميلادي؛ حيث إنه طلب ذلك بنفسه من كبار علماء الحديث في كليَّة أصول الدين، بهدف تبيين العلل القادحة في هذا المتن، وأن ينشروا هذا التراث الحديثي النقدي، ويحقِّقوا هذه الكنوز النادرة في هذا الفن، التي لم تأخذ نصيبها الأوفر من الدراسة والذيوع والانتشار.
أعرب شيخ الأزهر عن تعجُّبه الشديد، من أنَّ النبي قد أخبر أمته قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان أن أناسًا ممَّن ينتسبون إليه سيخرجون يومًا من الأيام ينادون باستبعاد سنته، والاكتفاء بها عن القرآن، ويحذرنا من صنيعهم وهم لا يزالون بعدُ في ضمير الغيب، قائلًا: "أليس هذا دليلًا من دلائل نبوته ﷺ ومعجزةً من معجزاته التي لا ينطفئ سراجها الوهاج على مر الزمان وكر الدهور".
متعجبًا أيضًا من أن بعض منكري السنة يسمون أنفسهم «القرآنيين»، مؤكدًا أنهم هم أبعد الناس عن القرآن الكريم، ولو كانوا قرآنيين حقًّا، وذلك لأنهم أنكرُوا ما أوجب الله تعالى في هذا القرآن من وجوب اتباع سنة النبي، واتباع سبيل المؤمنين، مؤكدًا أن السنة محفوظة بحفظ القرآن الكريم نفسه.
أوصى فضيلة الإمام الأكبر علماء إندونيسيا بأن يولوا هذه القضية (حجية السنة النبوية) عنايةً فائقةً، وحبذا لو جعلتموها في متطلَّباتٍ جامعيَّةٍ، بل مقررات دراسية في مراحل التعليم قبل الجامعي، حتى نحصِّن أجيال الشباب ضد اختطافهم إلى حيث لا سنة ولا قرآن، بل ولا دين، قائلًا: "الحديث يطول، وحسبي أنَّني قرعت ناقوس الخطر الذي بدأ يطل برأسه من جديد أيامنا هذه في بلاد المسلمين، شرقًا وغربًا".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر الجمعية المحمدية وسطية الإسلام فضیلة الإمام الأکبر السنة النبویة القرآن الکریم شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
وفد أزهري يتابع مسابقة حفظ القرآن الكريم السنوية للإمام الأكبر
تفقد اليوم وفد شئون القرآن الكريم برئاسة الشيخ عوض الله عبد العال، رئيس الإدارة المركزية لشؤون المناطق والخدمات، يرافقه الشيخ حسن عبد النبي عراقي، وكيل لجنة مراجعة المصحف، والمشرف على المسابقات القرآنية الأزهرية، والدكتور أبو اليزيد علي سلامة، مدير عام شئون القرآن الكريم، أعمال مسابقة الأزهر الشريف للقرآن الكريم بمنطقة القاهرة الأزهرية.
تلك المسابقة التي تم فيها تصعيد أكثر من خمسين ألف طالب في المرحلة الأولى إلى التصفيات المؤهلة من مجموع 155.000 طالب تقدموا في المرحلة الأولى، حيث انطلقت اليوم الفعاليات في منطقة القاهرة، التي تم تصعيد 1147 طالبًا منها لتجري الاختبارات فيها على مدار سبعة أيام وتنتهي يوم 4 فبراير 2024م.
وانطلقت المسابقة في عشر محافظات منذ يوم الأحد 26 من رجب 1446هـ الموافق 26 من يناير 2025م، واستقبل وفد اليوم الشيخ/ وطني معبد، مدير شئون القرآن بمنطقة القاهرة الأزهرية، و إيمان يوسف، مديرة إدارة الكمبيوتر التعليمي بالمنطقة، و آن حسين، موجه عام الحاسب الآلي بالمنطقة.
جدير بالذكر أن المسابقة سنوية برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ولجنتها العليا بإشراف مباشر من الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر، ويشرف على أعمالها الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد، وتضم لجنتها العليا الشيخ عوض الله عبد العال، رئيس الإدارة المركزية لشئون المناطق والخدمات، والدكتور أحمد خليفة شرقاوي، رئيس الإدارة المركزية لشئون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية.
كما يشارك فيها طلاب المعاهد الأزهرية، وطلاب مكاتب التحفيظ الخاضعة لإشراف الأزهر، وطلاب الرواق الأزهري، وتقوم الإدارة العامة لشئون القرآن الكريم بقطاع المعاهد الأزهرية على تنفيذها.
وأشار الدكتور/ أبو اليزيد سلامة إلى أن المسابقة تهدف إلى العناية بكتاب الله –تعالى - حفظًا وتلاوة وإتقانًا وفهمًا، ونشره في ربوع العالم؛ وترسيخ الدور الحضاري للأزهر الشريف في المحافظة على الريادة المصرية في حفظ القرآن الكريم ورعاية أهله، وتشجيع الناشئة والشباب على الإقبال على القرآن الكريم حفظًا وتدبرًا وتعلمًا لأحكامه وآدابه، وتطبيق أحكام التجويد والتلاوة عمليًا، واكتشاف وتشجيع المواهب القرآنية، والأصوات الحسنة، وإبراز القدرات الإبداعية لديهم، وتهيئة وإعداد الناشئة والشباب للمشاركة في المحافل والمسابقات الدولية للقرآن الكريم، وإعداد محفظين للقرآن الكريم على المنهج الأزهري الوسطي؛ ليكونوا نواة لنشر الكتاتيب ذات التوجه المعتدل في المجتمع، وبناء نسق من القيم القرآنية الحضارية لدى الناشئة تنعكس على سلوكياتهم وأخلاقهم.
جدير بالذكر أن المسابقة تتكون من أربعة مستويات بجوائز تتجاوز 25 مليون جنيه، المستوى الأول: حفظ القرآن الكريم كاملًا مرتلًا بأحكام التلاوة مع حسن الأداء، والمستوى الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملًا، والمستوى الثالث: حفظ عشرين جزءًا بدءًا من سورة التوبة حتى نهاية سورة الناس، أما المستوى الرابع: فحفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم، بدءًا من سورة العنكبوت حتى نهاية سورة الناس.