تشهد المعابر الحدودية التركية السورية منذ إعادة افتتاحها قبل أيام، عقب إغلاقها جراء موجة العنف الأخيرة التي عمت بعض الولايات التركية والتظاهرات في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة؛ تدفق موجات من اللاجئين الراغبين بالعودة إلى بلادهم "طوعاً"، وفق ما أكدت مصادر لـ"عربي21".

وأكدت المصادر ذاتها أن الأحداث الأخيرة والاعتداءات على ممتلكات اللاجئين، أشاعت المخاوف والقلق وعدم الاستقرار في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا، ما دفع ببعضهم إلى الانتقال إلى الشمال السوري.



وقال مصدر مسؤول من معبر "باب السلامة" الحدودي، إن عشرات العائلات تدخل الشمال السوري من المعبر يومياً، مؤكداً لـ"عربي21" زيادة حركة "العودة الطوعية"، بعد أحداث ولاية قيصري الأخيرة.

وتوقع المصدر زيادة في وتيرة العودة، جراء التضييق على اللاجئين من قبل السلطات التركية، وخاصة في الولايات الجنوبية القريبة من الحدود السورية، مثل غازي عنتاب، وكلس.



وإلى جانب العودة الطوعية، تواصل السلطات التركية ترحيل عشرات اللاجئين السوريين يومياً نحو الشمال السوري "قسراً"، تحت مبررات "مخالفة" قانون الحماية المؤقتة.

ويعاني الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة من الاكتظاظ السكاني أساسا، حيث تقدر إحصائيات غير رسمية عدد سكان المنطقة بما يزيد عن 6 ملايين نسمة، نصفهم تقريباً من المهجرين والنازحين من مناطق سيطرة النظام السوري.

وبالتالي فإن أي زيادة في عدد السكان، تعني زيادة الضغط على المنظومة الخدمية "الهشة"، وهو ما يؤكد عليه منذر السلال المدير التنفيذي لـ"وحدة دعم الاستقرار" (منظمة تدعم الاستقرار والحوكمة في الشمال السوري) لـ"عربي21".

هل يستطيع الشمال السوري استيعاب المزيد؟
وفي الغالب، يعد الشمال السوري منطقة مخيمات (نحو 2000 مخيم)، وعن ذلك يقول السلال إن الشمال السوري يعاني من اكتظاظ بشري، والبنى التحتية فيها كانت لا تكفي حاجة سكان المنطقة قبل استقبال موجات النزوح، والخدمات فيها هشة ما قبل اندلاع الثورة.

ومع تضاعف عدد السكان في الشمال السوري، تراجعت الخدمات، والمعلوم أن البنى التحتية تحتاج إلى مشاريع ضخمة لاستخراج مياه الشرب، والصرف الصحي، علما أن المجالس المحلية ينقصها التمويل.

ويؤكد السلال عدم توفر البنى التحتية اللازمة لاستيعاب المزيد من السكان، مشيرا إلى عدم توفر المنازل للسكن، فضلاً عن قلة فرص العمل.

وحتى يستطيع الشمال السوري استيعاب نسبة من اللاجئين السوريين في تركيا، لا بد وفق المدير التنفيذي لـ"وحدة دعم الاستقرار" من بناء حواضر مدنية كبيرة، وتوفير مشاريع إنتاجية.



من جانب آخر، لفت إلى الإشكالات الأمنية التي يعاني منها الشمال، الناجمة عن استمرار القصف من النظام، والمفخخات، والانفلات الأمني بين الفصائل، وقال: "بالتالي لا نستطيع اعتبار الشمال السوري آمناً، أو ملائماً للعودة الطوعية".

وزير الاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" عبد الحكيم المصري، أشار إلى تهالك البنى التحتية في عموم الشمال السوري، بسبب الحرب والقصف، وعدم توفر الدعم لإعادة الإعمار.

وفي حديثه لـ"عربي21" أكد كذلك أن المنظومة الصحية غير قادرة على توفير الخدمات الطبية للسكان، وقال: "نتحدث عن عوائق كبيرة، اقتصادية، وخدمية، وصحية، وعمرانية".

والحل لكل ذلك، هو دعم الشمال السوري، وجلب الاستثمارات، لتأمين فرص العمل، كما يؤكد الوزير مستدركاً: "لكن مع ذلك تشهد المنطقة تحسناً واضحاً، ونأمل أن يستطيع الشمال استيعاب المزيد من السوريين".

منطقة حرب
الكاتب والمحلل السياسي عبد الكريم العمر، المقيم في الشمال السوري، قال لـ"عربي21" إن الشمال السوري لا زال يعد منطقة غير مستقرة، فهو يشهد عمليات عسكرية بشكل متقطع.

لكن مع ذلك، يبقى الشمال السوري وجهة وحيدة أمام اللاجئين السوريين بتركيا في ظل التضييق وإغلاق الحدود، كما يؤكد العمر، موضحاً: "المنطقة تشهد مقومات الحياة بالحد الأدنى، وهناك حركة عمران ولكن لا يعني ذلك أنها منطقة آمنة أو يمكن تستوعب كل تلك الأعداد من المرحلين الذين لم يبق أمامهم سوى الشمال السوري بعد أن أغلقت بوجههم حدود المعمورة".



من جهته، يوضح الكاتب باسل المعراوي، وهو طبيب مقيم في الشمال السوري، أن المنطقة تعاني من هشاشة على كل المستويات، مرجعا ذلك إلى الدمار الذي طال الشمال بعد الثورة، وإلى عدم تأهيل المنظومة الخدمية.

ويقول لـ"عربي21": إن الشمال السوري يعيش تحت وطأة فقر مدقع، في ظل نقص المساعدات، مضيفا: "سمعنا عن وعود ببناء مجمعات سكنية ممولة عربياً، وتوفير مشاريع إنتاجية، لكن هذه الوعود لم تترجم".

وفي حزيران/ يونيو الماضي، قال زير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إن تركيا تحتضن 3 ملايين و114 ألف و99 سوريا تحت الحماية المؤقتة، مؤكداً أن 103 آلاف و45 سوريا عادوا بشكل طوعي إلى بلادهم خلال العام الماضي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية تركيا العودة الطوعية قيصري سوريا سوريا تركيا قيصري العودة الطوعية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین فی الشمال السوری

إقرأ أيضاً:

منظمة الهجرة: سوريا ليست مستعدة لعودة اللاجئين على نطاق واسع

قالت المديرة العامة لمنظمة الهجرة الدولية، التابعة للأمم المتحدة، إيمي بوب، إن سوريا ليست مستعدة بعد لاستقبال عودة أكثر من 6 ملايين لاجئ في الخارج، ولهذا السبب "لا تشجع هذه المنظمة على عمليات العودة على نطاق واسع إلى البلد العربي".

وأشارت بوب، وهي من أوائل رؤساء الوكالات الأممية الذين زاروا سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، إلى أن "المجتمعات غير مستعدة لاستيعاب جميع السكان النازحين، نعتقد أن عودة ملايين الأشخاص من شأنها أن تخلق صراعاً في مجتمع هش".

I'm here in #Damascus, as part of a @UN delegation, at this key moment in the country's history. Syrians are looking ahead with hope to the practical realities of rebuilding their country.#Syria deserves full support of the int'l community, and IOM stands ready to assist. pic.twitter.com/H6PgKuCN6H

— Amy Pope (@IOMchief) December 17, 2024

وأوضحت المديرة العامة، أن السلطات الانتقالية "ليس لديها القدرة على تلبية احتياجات ملايين الأشخاص وتحتاج إلى دعم دولي"، وذلك بعد اجتماعها في دمشق مع وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة تصريف الأعمال السورية، فادي القاسم.

وقد نقل لها الوزير حرصه على عودة المنظمات الدولية مثل منظمة الهجرة الدولية، التي طردها نظام الأسد عام 2018، إلى البلاد لتشارك في عملية إعادة إعمار تشجع المزيد من اللاجئين والنازحين على العودة إلى ديارهم.

International Organization for Migration chief Amy Pope says the UN agency was not advising the large-scale return of refugees to Syria before the situation stabilised after the fall of Bashar al-Assad.

"People have the right to return home, but we are not advising any sort of… pic.twitter.com/dR0idMHfUj

— Middle East Eye (@MiddleEastEye) December 18, 2024

وقالت بوب: "نأمل أن تستمر عمليات العودة هذه على نطاق أوسع بكثير مما هو عليه حالياً (حيث يصل عددهم إلى الآلاف)، لكن هدفنا الآن هو أنهم عندما يعودون، يجدون مكاناً مستقراً، حيث يمكنهم الحصول على سكن ولا يضطرون إلى النزوح مرة أخرى".

وأشارت إلى أن العديد من مجتمعات اللاجئين أرسلت أحد أفرادها "كمقدمة" إلى سوريا، لرؤية حالة منازلهم من أجل تقييم ما إذا كان من الآمن عودة بقية أفراد أسرهم أو مجموعة العائلات.

وأضافت المسؤولة الدولية أن "هناك أشخاصاً يعودون بشكل عفوي، ونحن نشجعهم على الحصول على الدعم للعودة، ولكن كلما كانت سوريا أكثر استقراراً وسلاماً، كلما زاد تشجيع أفراد المجتمعات الأخرى على العودة".

وأبرزت بوب أنه علاوة على 6 ملايين لاجئ في دول مثل تركيا ولبنان والأردن وألمانيا، هناك أكثر من 7.2 مليون نازح داخل سوريا، حيث لا يزال 16 مليون نسمة بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وتابعت "إنها دولة على مفترق طرق، حيث يسود جو من الأمل والتفاؤل"، مذكرة بأن سوريا لا تزال تخضع للعقوبات الدولية، لذا يجب زيادة الاستثناءات من هذه العقوبات لتعزيز أعمال التنمية وإعادة الإعمار.

مقالات مشابهة

  • بانتظار الأمان.. تحذيرات من التعجل في عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم
  • بانتظار الأمان.. تحذيرات من التعجل في عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم- عاجل
  • سفير تركيا بالقاهرة: السوريون وحدهم هم من يستطيعون تحديد مستقبل سوريا وخيوط سوريا في أيدي السوريين
  • مسؤولة بمفوضية اللاجئين تتحدث عن تحديات عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم
  • “الأناضول”: عودة السوريين من تركيا تتسارع بعد سقوط نظام بشار الأسد
  • بعد سقوط الأسد .. عودة السوريين من تركيا تتسارع
  • هذه الدول تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين (إنفوغراف)
  • الأمم المتحدة تطالب الدول الأوروبية بعدم ترحيل اللاجئين السوريين
  • منظمة الهجرة: سوريا ليست مستعدة لعودة اللاجئين على نطاق واسع
  • مفوضية اللاجئين تتوقع عودة مليون سوري لبلادهم خلال النصف الأول من 2025