#رغيف_خبز_عاطفي / #زيد_الطهراوي
كان ابن خلدون جريئا ؛ فقد كاشفهم بالحقيقة
و المكاشفات في وطني سلبية ، ذلك أنها تؤذي و تجرح ،
فكل همهم أن يضربوا وجه المستمع بالحقيقة ، أو التي يظنون أنها حقيقة ، و أما مكاشفة ابن خلدون فهي مقنعة أنيقة .
لقد وضح لهم أن رغيف خبزهم لا يستطيع شخص واحد إنتاجه ؛ طحين و عجين و خبز و مخبز و خباز ،
إلى غير ذلك من المفردات و الأشخاص و الأدوات ،
ليصلك رغيف الخبز مليئاً بالبروتين و الفيتامينات .
و لقد تعرفت على فكر ابن خلدون منذ طفولتي ، و فهمت أن ابن خلدون يريد أن يقول : إن الإنسان اجتماعي بطبعه فجاءني خطابه قويَّ الحجة ، و لم أكتشف في طياته الأسرار
و لكنني فهمت بعد ذلك معنى التراحم ، الذي يشرق من خلال التعاون على إنتاج رغيف خبز .
و لم يستطع القرَّاء أن يستوعبوا هذه المشاعر ، و تجاهلوها قائلين : هل هذا الكلام الذي تقوله مكتوب ؟ قلت لهم : هذه أمور لا تُكتب ، و كنت أعذرهم قليلا ؛ فالرغيف الذي كان يُخبز في أيام ابن خلدون يختلف عن الرغيف الذي يُخبز في أيامنا ، فالذي يُخبز في أيامنا هو صنع آلات لا تفهم و لا تشعر ، و أما في أيامهم فقد كانوا يسكبون الطحين مع الماء بأيديهم ، و يعجنونه بأيديهم ، و يوقدون نار التنور ( الفرن ) بأيديهم ، و يخبزون بأيديهم ، فكانت أعمالهم هذه مزيجاً رائعاً من المشاعر ، و لهذا كانوا يفهمون فهماً عاطفياً بأن من كُلِّف بالعجن أو الخبز يستحق أن يأكل مما تعبت فيه يداه ، و ناله تعب عجنه و حر خبزه ، فلو أحضروا له أفضل رغيف في العالم فلن يكون لذيذا كلذة الرغيف الذي تنتجه يداه ، و هنا ترقد حقيقة العاطفة
مقالات ذات صلة قلبي عبلدي، وقلب بلدي عالحجر… 2024/07/11و لم يفهمني القراء في كل ما قلت ، و كانوا يتساءلون دائماً عن أسباب المجاعات ، و لماذا يطير رغيف الخبز من أفواه الناس و كأنه عصفور بريّْ
و مع ذلك كررت لهم قائلاً : رغيف الخبز يا سادتي تخبزه الآلات ، و لقد تحول الناس إلى رجال روتينيين ، يقذفون الماء و الطحين في الآلات ؛ فيخرج مخبوزاً مطحوناً بلا تراحم أو عاطفة
لو كان ابن خلدون حياً لرجوته أن يضيف معاني التراحم إلى خطابه ، و لعل كبار السنِّ يُحدثونكم عن أجدادهم ، و كيف كانوا يشعرون بالخجل إذا علموا أن شخصاً في الحيِّ نام جائعاً بلا رغيف خبز .
كانت حياة القراء صاخبة ، و الآلات تطحن و تعجن و تخبز ، و مع هذا كنت أسعى جاهداً من البدء لأكون نزيها ، و كانت الميادين واسعة لأعجن فيها رغيفي ، و كنت أشعر أنني أركض فيها وحيدا ، ذلك أن الطيور البشرية حولي كانت لا تعرف أن رغيفاً واحداً مني لا يكفي في مواجهة هذه المجاعات ، و أنه لا بد أن تجتمع عملياً و عاطفياً كل أرغفة الخبز ، لينجو العالم و ينام بلا جوع ، و يصحو بلا جوع .
لقد نجحت الطيور البشرية القاسية في كل شيء ، و صفعت الناس بأرغفة خبز لا تُسكت صراخ أمعائهم ، لأنها استغنت عن الرفيق و اكتفت بالطريق و أما أنا ففي نهاية الجولات لم أفز ، لأنني لم أقتنع بالطريق إلا مع الرفيق ، و كنت أنشد أرق الكلمات وحدي ، و أركض بنشاط و تصميم وحدي ، و أصحو كل يوم برغيف لا يُشبع الأوفياء .
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ابن خلدون رغیف خبز
إقرأ أيضاً:
الداخلية تضبط أكثر من 28 طن دقيق مدعم خلال الـ 24 ساعة الآخيرة
واصل قطاع الأمن العام والإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة بالتنسيق مع مديريات الأمن، حملاتها التموينية المكبرة لضبط الجرائم التموينية، وضبط الأسواق والتصدي الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة.
أسفرت الجهود عن ضبط عدد من القضايا في مجال المخابز السياحية الحرة والمدعمة خلال 24 ساعة ضُبط خلالها ما يزيد عن 28 طن دقيق أبيض، بلدي مدعم، وتم إتخاذ الإجراءات القانونية.
جاء ذلك استمراراً لجهود أجهزة وزارة الداخلية لحماية جمهور المستهلكين وإحكام الرقابة على الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز والبيع بأزيد من السعر المقرر وعدم الإعلان عن الأسعار.
اقرأ أيضاًنيران ساعة الفطار.. السيطرة على حريق التهم شقة سكنية في الحوامدية
بالحبل السري.. العثور على طفل حديث الولادة في ترعة بالمنوفية
بعد تصريحاته الأخيرة.. بلاغ للنائب العام من نادي بيراميدز ضد إيهاب الكومي