فوبيا المثلث الاحمر المقلوب
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لم يكن هذا المثلث شعارا للمقاومة الفلسطينية في غزة، وليس له أي دلالات عربية أو جهادية أو حربية أو دينية أو تنظيمية. ظهر لأول مرة في فيديوهات كتائب القسام وكان مجرد علامة وقع عليها الاختيار لتنبيه المشاهد الى الآليات والمواقع الاسرائيلية التي اصابتها بنادق المقاومة. وبالتالي فان هذا المثلث كان اشبه برأس السهم الذي يستخدمه عامة الناس في وسائل الايضاح للاشارة الى النقاط المطلوب التركيز عليها.
لكن هذا المثلث تسبب في تفشي الرعب في قلوب الخياليم بعد مقتل اكثر من 1800 ضابط وجندي من وحداتهم المسلحة، وبعد سقوط اكثر من 12000 جريح منهم، ووقوع اكثر من 120 في الأسر، وإصابة اكثر من 1400 آلية، حتى اصبح هذا المثلث رمزا للقوة والشجاعة والنصر والصمود، وعنواناً للاشتباكات من المسافة صفر، وفسّره بعضهم بانه: مثلث برمودا، وربطه الكثيرون بالمثلث الموجود على العلم الفلسطيني. وهكذا توحدت كل التشبيهات التي جعلت منه رمزا للكرامة والثبات على الحق. وجعلت منه قاعدة صلبة يقف عليها كل مناضل يحمل راية التحرير، حتى بات يغزو مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، ورفعه المتظاهرون في كل مكان للاحتجاج على حملات الإبادة الجماعية. .
اللافت للنظر ان جيش الاحتلال هو الذي وضع هذا المثلث على فيديوهات توّعدَ فيها المقاومة في غزة، بمعنى ان هذا المثلث ازعجهم، ودمر أعصابهم، وضربهم في العمق، ثم جاءت القرارات الألمانية التي تضمنت تحريم وتجريم استخدامه في العلامات المرورية، وفي البيانات الإرشادية، وفي سيارات الإسعاف، وفي التظاهرات السلمية، وهذا مربط الفرس. فقد صوّت البرلمان الألماني لصالح حظر استخدام المثلث الأحمر مع فرض عقوبات على مستخدميه، ونص قرار الحظر على ان أيقونة السهم الأحمر تمثل تهديدا مباشرا للسامية، بينما انتقدت المعارضة الألمانية هذا القرار، وقالت: انه تجاوز الحدود. وشككت في قانونية ودستورية هذا النوع من التشريعات المثيرة للسخرية. واتهمت الحكومة بانها وضعت القيود على التظاهرات الداعمة لفلسطين، وهي بطبيعة الحال قيود مغلفة بمعاداة السامية والتحريض على العنف. .
ختاما: لا شك ان فرحتك بمشاهدة هذا المثلث الأحمر الصغير تعكس إنسانيتك ومواقفك النبيلة واهتماماتك بالانتصارات التي تحققها المقاومة. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذا المثلث اکثر من
إقرأ أيضاً:
هل باتت القدس أبعد؟
– مع كل احتفال سنوي لإحياء يوم القدس كنا نقيس المدى الذي يفصلنا عن القدس ونقول إنها باتت أقرب، ونحن نشهد تنامي قوة المقاومة في لبنان وفلسطين، خصوصاً بعد ظهور محور المقاومة إلى حيّز الوجود، وتحوله إلى محور حقيقي، ظهرت ملامح تبلوره كجبهة مقاتلة موحّدة بعد طوفان الأقصى. وها نحن اليوم مع الإحياء السنوي ليوم القدس نجد السؤال يطرق أبوابنا، وقد حوصرت المقاومة في العراق حتى أقفلت الإسناد واضطرت للبحث عن كيفية حماية حضورها من الحصار، بينما المقاومة في لبنان قد أصيبت بجراحات بالغة خسرت معها كثيراً من كبار قادتها، وعلى رأسهم قائد محور المقاومة السيد حسن نصرالله، الذي أتاح اغتياله لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن يقول إن المحور انتهى باغتيال السيد نصرالله، وصولاً إلى سقوط سورية من موقعها في محور المقاومة وخياراتها، وإقفالها كقاعدة لقوى المقاومة وإغلاق مسارات الإمداد التي كانت تمثلها لهذه القوى، فهل يجب أن نستنتج أن القدس باتت أبعد ونحن نرى غزة تواجه حرب الإبادة منفردة، لولا يمن عزيز بقي وحيداً يساندها؟
– بالعودة الى عناصر قرب القدس وبُعدها ثمة معياران يشكل اجتماعهما مصدر الجواب، الأول هو درجة حضورها كقضية ساخنة تُلهب المشاعر وتستنهض الهمم في وجدان شعوب الأمتين العربية والإسلامية، والثاني هو درجة تأثير كل عناصر القوة التي تمثلها المقاومة في بنية كيان الاحتلال وجيشه وجبهته الداخليّة، ودرجة بلوغ هذا التأثير الحد الذي يجعل المأزق الوجودي أشدّ عمقاً وحضوراً. وكي نستطيع فهم المشهد بعقل بارد، لأن المشاعر الحارة تفسد هنا القدرة على الملاحظة والاستنتاج، بحجم الخسائر التي لحقت بقوى المقاومة ودرجة حرارتها الحارقة للقلوب والمشاعر، لأن هذه الحرب بما تمثل من تصادم وارتطام كبير لقوّتين متعاكستي الاتجاه بكل القوة والسرعة، تركت خراباً على ضفتي التصادم، وإذا كنا نلاحظ ونستشعر ما حلّ بالضفة التي نقف عليها، فما يهمّ هو رؤية ما لحق بالضفة المقابلة؟
– إذا كانت القدس ترمز في ما ترمز للقضية الفلسطينية، فإن الأعداء أنفسهم لا ينكرون أن ما جرى خلال عام ونصف نقل القضية الفلسطينية إلى مرتبة ومكانة ما كانتا لها في يوم من الأيام، وقد صارت استحقاقاً سياسياً وأخلاقياً ودبلوماسياً واستراتيجياً لا مفرّ منه بالنسبة لكل دول العالم وشعوبه وحكومات المنطقة وشعوبها. وبالتوازي فإن شعور شعوب العرب والمسلمين بالتقصير والخزي بسببه مع فقدان الثقة بأن تفعل الحكومات شيئاً زاد من تطلّع الشعوب نحو قوى المقاومة، ولعل أبرز مثال على ذلك هو مقارنة مكانة اليمن في عيون العرب قبل الطوفان وجبهات الإسناد وبعدهما، وقد صار اليمن قدوة الجميع في الحديث عن الشرف والنخوة والشهامة ومقياس العروبة والتقيّد بأحكام الإسلام. وفي الجواب على السؤال من هذه الزاوية، فإن القدس باتت أقرب بكثير مما كانت عليه من قبل، وأن يوم القدس صاحب أفضل في مراكمة الوعي وشحن الذاكرة لإبقاء القدس حاضرة عصيّة على النسيان.
– في حال كيان الاحتلال، رغم صخب الحرب ومظاهر القوة التي يُبديها قادة الكيان إلى حد التوحّش، ومن خلفهم كل القدرات الأميركية العسكرية والسياسية والمالية والدبلوماسية، فإن النظر إلى المشهد داخل الكيان، ومتابعة خطابات قادته، يكشف لنا بوضوح أن الحديث يجري عن كيفية تفادي خطر الحرب الأهلية، وعن وجود أكثر من “إسرائيل” يجب أن تضمحل إحداهما كي تبقى الأخرى على قيد الحياة، وأن الفشل في التخلص من حركات المقاومة، يجعل المأزق الوجودي حاضراً بقوة، بدليل رفض نازحي مستوطنات الشمال والجنوب العودة إلى مستوطناتهم، بينما رفض الانضمام إلى الخدمة العسكرية يتسع بصورة تصيب القادة بالذهول، والهجرة المعاكسة من الكيان بلغت أرقاماً قياسية مع التحفظ على العودة، ولا أحد يجرؤ من القادة العسكريين على التحدث عن كفاءة القوات البرّية للفوز في جبهات لبنان وغزة، ولا عن كفاءة القبّة الحديدية أمام صواريخ اليمن وطائراته المسيّرة، وأمام أي احتمال للعودة إلى المنازلة مع المقاومة في لبنان، وفرضيّة الحرب مع إيران.
– تستمرّ الحرب أساساً لأن إقفالها يعني تكريس الفشل الاستراتيجي لمشروع اسمه “إسرائيل”، ولذلك يجهد قادة الكيان ومن خلفهم الغرب كله كي تنتهي بصورة تتيح للكيان الاحتفال بصورة نصر يتفادى بها كتعويذة بقاء خطر التفكك، لكن الحرب لم تنته بعد ولا يبدو في الأفق أن الكيان يستطيع الحصول على التعويذة المنشودة لإنهائها، وعندما يضطر لإنهاء الحرب بغير شروط تتيح الحصول على تعويذة البقاء بمزاعم النصر، سوف نكتشف كم جعلتنا هذه المتغيّرات، رغم الجراحات وآلامها، أقرب إلى القدس.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية