تسببت خطوة مجلس النواب الليبي في إقرار ميزانية ضخمة للحكومتين في شرق وغرب ليبيا جدلا واسعا وردود فعل متباينة تجاه القرار الذي وصف بأنه يكرس الانقسام ويشرعن الفساد المالي والإداري.

وصوت البرلمان الليبي بشكل رسمي الأربعاء على اعتماد مخصصات إضافية للميزانية المالية لعام 2024 والتي بلغت قيمتها 88 مليار دينار ليبي (18.

3 مليار دولار) ليصل إجمالي الميزانية العامة للعام الجاري 179 مليار دينار بفارق 90 مليار دينار عن ميزانية العام المنصرم 2023.

وكان المجلس قد صادق في نيسان/ أبريل الماضي على مشروع موازنة عامة للبلاد للعام الجاري 2024، للحكومة الليبية المكلفة منه برئاسة، أسامة حماد بقيمة 90 مليار دينار، ويعد التصويت الأخير بمثابة اعتماد مخصصات إضافية.

وتعد هذه الميزانية أكبر موازنة عامة في تاريخ ليبيا تعتمدها الجهة التشريعية، ولأول مرة أيضا تمنح ميزانية عامة في الدولة لحكومتين منقسمتين، ورغم ذلك لا تزال البلاد تعاني من تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وغياب الصرف الصحي عن عدة مناطق.


"رفض وتحذير"
في المقابل، رفض المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إقرار الميزانية العامة واعتبرها تجاوزا وإجراءات منفردة تقود إلى مزيد من الانقسامات والهدر للموارد والمقدرات العامة، محذرا من خطورة هذا المآل وتداعياته، داعيا كل ذي مصلحة إلى الطعن في الخطوة بالمخالفة أمام القضاء المختص، وفق خطاب رسمي موجه للبرلمان.

مراقبون للشأن العام رأوا أن الخطوة تكريس للانقسام والفساد المالي والإداري، متسائلين: أين تذهب الميزانيات الهائلة فيما البلاد لم تشهد تغيرا نوعيا على صعيد الخدمات العامة؟

"خطوة قانونية ورقابية"
من جهتها، رأت عضو مجلس النواب الليبي المشاركة في جلسة التصويت، "ربيعة بوراص" أن "اعتماد الميزانية يعتبر خطوة أكثر ضمانا لإدارة الأموال بشكل قانوني مما يسهل عملية الرقابة ومكافحة الفساد، بغض النظر عن حجم الميزانية التي تم رصدها، كون إقرار الميزانية في ظل الفوضى يتطلب تخطيطا دقيقا وتعاونا مكثفا بين جميع الأطراف المعنية لضمان استقرار الوضع وتحقيق التنمية المستدامة".

وأكدت في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة، هل مصادر الدخل قادرة على توفير الدعم الكافي لتغطية هذا المبلغ الضخم الذي تم إنجازه بين طرفي الحكومتين برعاية اللجنة المالية بمجلس النواب، ومن حق المواطن أن يتحصل على إجابات لكل مخاوفه من هذه المبالغ المالية الضخمة التي تم المصادقة عليها تحت مسمى التنمية وخدمة المواطن"، وفق قولها.

وبسؤالها عن مصير هذه الميزانية الضخمة في ظل تردي الخدمات، قالت: "هنا يأتي دور الأجهزة الرقابية لضمان الشفافية والنزاهة والمتابعة، مما يعزز ثقة المواطن بخصوص خطوة إقرار قانون الميزانية"، كما رأت.


"تكريس الانقسام والفساد"
في حين أكد وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أنه "باعتماد هذه الميزانية الضخمة لايكرس البرلمان حالة الانقسام فحسب؛ بل يؤكد تجاهله لحالة الاقتصاد الليبي المتدهورة وحالة الدينار الآيل للسقوط كما يؤكد التوافق التام بين حكام البلاد على تقاسم عائدات النفط دون اعتبار لمستقبل البلاد ووحدتها وسيادتها".

وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "هذه الميزانية الضخمة لن تحل مشكلة العلاج في الخارج ولا مشكلة البنية الاقتصادية المدمرة سوى بعض الطرق والكباري ولن تنهض بالتعليم المتدني ولكنها ستزيد من التضخم وارتفاع الأسعار"،حسب تقديراته.

وتابع الوزير الليبي: "الأزمة أيضا أن إقرار هذه الموازنة الضخمة سيخلق طبقة جديدة من الأغنياء مع زيادة حجم الطبقة الفقيرة واتساع الهوة بينها وبين الطبقة الغنية المصطنعة، ومن المستغرب موافقة المصرف المركزي والتزامه بتوفير التغطية وهو من عودنا على إشهار البطاقات الحمراء في وجه ميزانيات لاتتجاوز نصف هذه الميزانية"، كما تساءل.

"مصر وتركيا المستفيدتان"
الكاتب والمحلل السياسي الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير قال من جانبه إن "ما حدث هو عملية استيلاء على المال العام من قبل الكليبتوقراطية، فالزيادة الكبيرة لم يقابلها أى زيادات للناس العادية، ولكن أرقام كبيرة خصصت لمشاريع لا رقابة عليها وهى مشاركة بين النخبة الليبية والشركات المصرية والتركية، واللتان لا يمكن أن تكونا بعيدتين عن الموضوع".

وأوضح أن "تركيا ومصر يعانيان من شح الدولار وأن الاحتياطى النقدى الليبي بالدولار وهو ما سيمول العجز فى الميزانية الناتج عن مشروعات قدرها عشرات المليارات تستفيد منها البلدان، بمعنى أن هذا الاحتياطى سيستعمل لحل مشاكل القاهرة وأنقرة الاقتصادية وتثرى من وراء ذلك النخبة الحاكمه فى ليبيا"، بحسب رأيه.

وأضاف لـ"عربي21": "المواطن الليبي لن تخلق له وظيفة واحدة، بل سترتفع عليه الأسعار نتيجة الإنفاق بالعجز، وبالتالى ارتفاع سعر الدولار ومعه السلع، لذا أرى أن إقرار هذه الميزانية الضخمة ما هو إلا عملية سطو منظم تم الاتفاق عليها فى القاهرة بين عقيلة صالح والصديق الكبير"، وفق تصريحاته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مجلس النواب ميزانية ضخمة ليبيا الفساد ليبيا فساد مجلس النواب ميزانية ضخمة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دینار

إقرأ أيضاً:

البركي: دعوة الكوني لتقسيم ليبيا مرفوضة وترتبط بأجندات خارجية

ليبيا – البركي: دعوة الكوني لتقسيم البلاد مرفوضة وترتبط بأجندات خارجية انتقاد حاد لتصريحات الكوني

علق المترشح الرئاسي عبد الرحيم البركي، ووكيل وزارة التعليم في حكومة عبد الله الثني، على تصريحات عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني بشأن دعمه لنظام الأقاليم الثلاثة، معتبرًا أن أي دعوة لتقسيم البلاد غير مقبولة، بغض النظر عن المبررات المطروحة.

اتهامات بالارتباط بمخططات خارجية

وفي تغريدة عبر حسابه الرسمي على “إكس”، قال البركي:
“تصريحات موسى الكوني بشأن دعوته لتقسيم البلاد، مهما كانت الظروف والمبررات، فهي غير مقبولة، ولا يمكن أن تصدر عن مسؤول وطني. تصريحاته يشوبها الارتباط بالمخططات السرية والأجندات الخارجية.”

رفض المساس بوحدة وسيادة ليبيا

وأكد البركي أنه لا يمكن اعتبار أي شخص يدعو إلى تقسيم بلاده ويفرط في سيادتها وطنيًا، مشددًا على أن الحفاظ على وحدة ليبيا هو مسؤولية وطنية لا تقبل التنازل أو المساومة.

مقالات مشابهة

  • البعثة الأممية: تيتيه ناقشت مع الحداد التطورات الراهنة في ليبيا
  • الكشف عن فضائح فساد في تمويلات ضخمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن
  • قشوط: لدي قناعة كاملة أن الدبيبة لن يتوانى عن بيع ليبيا وشعبها مقابل البقاء في السلطة
  • المزوغي: ليبيا بحاجة إلى حكومة موحدة بوجوه تكنوقراط لإنهاء الأزمة
  • الدبيبة: ليبيا مستعدة للانفتاح على الشركات العالمية في قطاع النفط لإستثمار خيرات بلادنا
  • البركي: دعوة الكوني لتقسيم ليبيا مرفوضة وترتبط بأجندات خارجية
  • بالتعاون مع ليبيا.. أمريكا تنفّذ عملية عسكرية «غير مسبوقة»
  • شبكة دولية لغسيل الأموال تسقط في قبضة الأمن التركي
  • السلطات العراقية تكشف عن اختلاس 3.3 مليار دينار من مديرية المرور
  • التكبالي عن مقترح “الفيدرالية”: خطوة نحو تقسيم ليبيا