حلف الناتو يتحسس مستقبله بين زلزال ترامب وواقعية بايدن
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
واشنطن- على الرغم من لعب الدول الأعضاء الأوروبية بحلف شمال الأطلسي "الناتو"، دورا متزايدا في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، وما تبعه من زيادة في إنفاقها الدفاعي، فإن الحقيقة التي لا مفر منها هي أن الولايات المتحدة لا تزال حجر الأساس لقدرة الناتو على ردع أي هجمات من روسيا أو غيرها.
من هنا تحمل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بين الرئيس الحالي جو بايدن وغريمه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب أهمية خاصة ومصيرية لمستقبل الناتو، بما يحملانه من وجهات نظر مختلفة تماما حول مستقبل الحلف.
وقد دأب ترامب على إرسال إشارات متضاربة حول التزامه بالدفاع الجماعي وتنفيذ المادة الخامسة من ميثاق الحلف، وكرر احتمال انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، في حين عمل بايدن جاهدا لدعم حلف الناتو، بما في ذلك توسيعه ليشمل فنلندا والسويد في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
رؤيتان متناقضتانوفي حديث للجزيرة نت، قال ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، إن الرئيس بايدن يكرر علنا التزامه بحلف الناتو، بما في ذلك مبدأ المادة الخامسة للدفاع الجماعي، في حين يشكك الرئيس السابق ترامب علنا في التزام الولايات المتحدة بالمادة نفسها، ويسيء وصف التزام الدفاع بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويشجع روسيا علنا على فعل ما تريد للبلدان التي يراها متأخرة في المدفوعات.
ويقول الباحث إن هذا يضعف عامل الردع الذي تفرضه المادة على روسيا، "ولن يفاجئني إذا لم يرد ترامب على هجوم على عضو في الناتو في المستقبل، وقد ساعد الخوف من هذا في تحفيز الأعضاء الأوروبيين على تعزيز إنفاقهم الدفاعي".
وينتمي بايدن للمدرسة الواقعية الأميركية التي تدعم تقوية تحالفات واشنطن العسكرية حول العالم، وعلى رأسها حلف الناتو، حيث دافع عن الحلف من أجل الديمقراطية وأمن الولايات المتحدة، وحشد الحلف لمواجهة غزو روسيا لأوكرانيا، ودفع لإضافة أعضاء جدد للحلف لأول مرة منذ سنوات.
ويروج بايدن لعلاقاته الدافئة مع القادة الأوروبيين وغيرهم من التحالفات، حيث كانت أوروبا أحد أكبر الحشود التي خاطبها كرئيس، كما دافع بايدن عن الأمم المتحدة باعتبارها "ضرورية للحفاظ على السلام ومنع الصراع وتخفيف المعاناة الإنسانية"، وحاول استغلال قمة الناتو لخدمة مصالحه الانتخابية.
في حين يتبنى ترامب مبدأ "أميركا أولا" ويشكك بالالتزام بأي اتفاقيات دولية قد تثقل السيادة الأميركية أو تكلفها المال، وكرر أنه يعتقد أن دول الناتو الأخرى تتجاهل الولايات المتحدة بشكل أساسي من خلال عدم إنفاق ما يكفي من أموالها الخاصة على الدفاع، حتى إنه هدد بالانسحاب من الحلف، كما يمتلك نظرة قاتمة للأمم المتحدة والمعاهدات المتعددة الأطراف، مثل اتفاقيات الحد من التسلح أو التغيرات المناخية.
دفع بايدن خلال فترة حكمه حلف الناتو لمواجهة غزو روسيا لأوكرانيا ولإضافة أعضاء جدد (رويترز) اختبار دعم أوكرانياكان بايدن حازما في دعمه لأوكرانيا، وقدمت إدارته لها عشرات مليارات الدولارات من المساعدات المالية والأسلحة، ويكرر أن السبيل لإنهاء الحرب هو أن تسحب روسيا قواتها، وهو أمر لا يُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي اهتمام بالقيام به.
وإلى أن يحدث ذلك، يقول بايدن إنه عازم على تعزيز دفاعات أوكرانيا، محذرا من أنه إذا انتصر بوتين في الحرب، فقد يتجرأ على التحرك غربا ومهاجمة دول الناتو.
في حين قال ترامب إنه إذا تم انتخابه، فإنه سيوقف الحرب بين أوكرانيا وروسيا في غضون 24 ساعة، دون أن يقدم الكثير من التفاصيل حول كيفية قيامه بذلك.
يذكر أن ترامب سعى خلال فترة حكمه الأولى، إلى البقاء على علاقة جيدة مع بوتين. وفي وقت سابق من هذا العام، تبنى المرشح الجمهوري فكرة تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا على شكل قروض بدلا من منح.
الرئيس الأميركي والناتووردا على تهديدات ترامب، أدرج مجلسا النواب والشيوخ الأميركيان بندا في قانون ميزانية الدفاع، العام الماضي، يحظر على الرئيس سحب الولايات المتحدة من حلف "الناتو" دون موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، أو قانون منفصل للكونغرس.
ومع ذلك، فإن خطوة الكونغرس لا تحمي بالضرورة الناتو من ترامب حال فوزه بولاية جديدة، فحتى لو منعه القانون من سحب الولايات المتحدة رسميا من الحلف، يمكن للرئيس استخدام سلطته لتقويض الحلف بشدة وسحب الدعم الأميركي له في كل المجالات.
وعلى الرغم من وجود جدل كبير حول وجوب حفاظ الولايات المتحدة على التزامها بتحالف يعود إلى حقبة الحرب الباردة، فمن الطبيعي أن يتوقع الحلفاء أن يعرقل الكونغرس أي تخفيض أو تقليص لالتزام الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن وجهات نظر ترامب الطويلة الأمد والصارخة حول الناتو وتاريخه من العمل العشوائي، تعني أن ولاية ترامب الثانية يمكن أن تكون زلزالا للحلف.
وعمليا، يمكن لرئيس مستعد لتقويض الناتو أن يتخذ العديد من الإجراءات الدبلوماسية والعسكرية من جانب واحد، والتي من شأنها أن تضر وربما تشل الحلف، فعلى المستوى الدبلوماسي -على سبيل المثال- يمكن للرئيس أن يقرر عدم تعيين سفير لدى الناتو، كما يمكنه أن يقرر عدم إرسال وزيري الخارجية والدفاع وغيرهما من المسؤولين إلى الاجتماعات، وتجاهل اجتماعات قمة دول الحلف.
كما يمكن للرئيس اتخاذ إجراءات أكثر أهمية باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، كسحب الأسلحة والعتاد العسكري الأميركي والجنود من أوروبا، مما يؤدي إلى إضعاف التزام واشنطن تجاه الحلف، حتى لو لم تنسحب رسميا من الحلف، كما يمكنه أن يلجأ إلى عدم تعيين القائد الأعلى لحلف الناتو، وهو شخصية عسكرية أميركية يحددها البيت الأبيض، ليبقى الحلف حينها دون قائد أعلى له.
ويمكن للرئيس الأميركي أن يقرر ويعلن أنه إذا تعرضت دولة عضو في الناتو للهجوم، فإن الولايات المتحدة لن تهرع بالضرورة لتنفيذ التزامها بالمادة الخامسة لمساعدة ذلك البلد، وهو ما قاله ترامب فعلا في عدة مناسبات، وفي الآونة الأخيرة، قال في تجمع انتخابي قبل أسابيع إنه سيشجع الروس على "فعل ما يريدون" لدول الناتو التي لا تفي بالتزاماتها بالإنفاق.
ويتضح مما سبق، أنه لا يتعين على الرئيس الأميركي الانسحاب رسميا من الناتو لتقويض الحلف، وهو ما يوفر وغيره أسبابا كافية لبث المزيد من عدم اليقين بين الأوروبيين، خاصة مع مواجهة العديد من الحكومات الأوروبية تحديات داخلية من أقصى اليمين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة یمکن للرئیس حلف الناتو من الحلف فی حین
إقرأ أيضاً:
الرئيس البنمي: قناة بنما لم تكن تنازلا أو هدية من الولايات المتحدة
أكد الرئيس البنمي، خوسيه راؤول مولينو، أن قناة بنما لم تكن تنازلا أو هدية من الولايات المتحدة، مؤكدا أن قناة بنما تابعة لبنما وستظل تابعة لها.
ترامب يعلق على تصريحات الرئيس البنمي بشأن القناة الرئيس البنمي ردًا على ترامب.. سيادة بلادنا على القناة غير قابل للتفاوضوأضاف الرئيس البنمي -أثناء حضوره المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد حاليا في مدينة "دافوس" السويسرية، حسبما نقل راديو "لاك" السويسري اليوم الأربعاء أن "بنما دولة فريدة من نوعها بسبب موقعها الجغرافي، لأنها تربط أمريكا الجنوبية بأمريكا الوسطى".
وكان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قد كرر في خطاب تنصيبه تهديده بـ"استعادة" السيطرة على قناة بنما، وهي ممر مائي بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ بنته الولايات المتحدة وافتتحته عام 1914 ونقلت ملكيته إلى بنما عام 1999.
يذكر أن الرئيس البنمي رد على هذه التصريحات قائلا إن "القناة تنتمي لبنما وستظل تابعة لها".
ريابكوف يتوقع غموضا في العلاقات الروسية-الأمريكية بعد تنصيب ترامب
حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف من أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة قد تشهد فترة من عدم اليقين بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة.
وقال ريابكوف - في كلمة ألقاها في معهد الدراسات الأمريكية والكندية، وهو مركز أبحاث تابع للأكاديمية الروسية للعلوم - "أعتقد أن الفترة المقبلة لن تتسم بعدد كبير من التحديات فحسب، بل ستتسم أيضا بوتيرة متزايدة من التغييرات ومستوى عال من عدم اليقين؛ بما في ذلك العلاقات الدولية الأوسع نطاقا لاسيما على منصة حوارنا مع واشنطن"، حسبما نقلت وكالة أنباء تاس الروسية.
وأشار ريابكوف إلى أنه في ضوء عودة ترامب إلى السلطة - الذي أطلق "ثورة في الحس السليم" في خطاب تنصيبه - "يزداد دور هذا المعهد كمركز أبحاث رئيسي يقدم التحليل الأكثر تفصيلا للدولة غير الصديقة التي تعد محورية بالنسبة لنا بشكل كبير" (على حد وصفه).
وتولى ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة السابع والأربعين، كانت ولايته الأولى كرئيس للولايات المتحدة في الفترة من 2017 إلى 2021.
نيويورك تايمز ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب لضمان صموده
رحبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية باتفاق وقف إطلاق في غزة، داعية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ضمان صموده.
وقالت الصحيفة - في مقال افتتاحي أوردته اليوم الأربعاء إن الاتفاق هو تتويج لأشهر عديدة من الجهود الدؤوبة التي بذلتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن والوسطاء من مصر وقطر، كما تلقى دفعة في اللحظة الأخيرة من دونالد ترامب .. والحقيقة هي أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بنفوذ قوي على الأحداث في الشرق الأوسط ، بما في ذلك مصير هذا الاتفاق الذي سيتطلب جهدا هائلا.
وأضافت الصحيفة أنه قبل فحص أوجه المخاطر والضعف التي ربما تعتري الاتفاق في غزة، دعونا نرحب حتى بأقل ما قد يحققه .. فبعد خمسة عشر شهرا من شن إسرائيل للغزو الانتقامي، أصبحت غزة أرضا قاحلة حيث أصبح معظم سكانها البالغ عددهم مليونا نسمة بلا مأوى وجائعين ويائسين، مشيرة إلى أنه مجرد وجود أنباء عن إطلاق سراح بعض الرهائن فقط وحتى بضعة أسابيع من المساعدات الإنسانية غير المقيدة إلى غزة، هي أخبار جيدة.