إيران والمقايضة الصعبة: لبنان مقابل الخليج
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
كتب طوني عيسى في" الجمهورية":ثمة أسئلة يطرحها البعض عن اللغز الذي سمح بنمو دور «حزب الله» وإيران في لبنان تصاعدياً وبسهولة، إلى حد انهيار جبهة الخصوم الداخليين، عملياً. وتتركز هذه الأسئلة خصوصاً على الأسباب التي أدت إلى هذا الانهيار، بعدما كانت الساحة اللبنانية تحافظ على توازن دقيق بين القوى المحلية والإقليمية طوال عشرات السنين.
المطلعون يقولون إن إيران تمكنت من تدعيم حضورها في لبنان، فبات حلفاؤها يمتلكون الجزء الأكبر من السلطة، نتيجة تراجع الأدوار التي تؤديها القوى العربية ذات النفوذ في لبنان، ولاسيما المملكة العربية السعودية ومصر. فالتحولات التي شهدتها المنطقة العربية على مدى عقود أدت إلى تبدل الأولويات لدى القوى العربية النافذة فباتت مصالحها وضروراتها الأمنية هاجسها الأساسي، وبات لبنان في درجة متأخرة على سلم الاهتمام.
أولوية المصريين اليوم هي الخروج من مأزق غزة، لكنهم يعيشون هواجس الاضطراب مع الجوار السوداني والليبي والأثيوبي وبذلك أصبح الاهتمام بالملف اللبناني في درجة أكثر تأخراً. وأما السعوديون فيتصرفون وفقاً لمقتضيات براغماتية. وإذ أدركوا أن الخطر الأكبر الذي يهدّدهم يكمن في الخاصرة اليمنية، سارعت قيادتهم الجديدة إلى تطويق هذا الخطر الذي يهددهم، والمنظومة العربية الخليجية بأسرها، باعتماد سياسة صفر مشكلات مع إيران والنأي بالنفس عن الصراع الشرس بين الولايات المتحدة وإيران.
وهذه السياسة قادت إلى انفتاح على المحور الشرقي، جرت ترجمته باتفاق بكين الذي أحدث انقلاباً في العلاقة بين الرياض وطهران وفي الرؤية السعودية للعالم. اليوم، يريد السعوديون إبعاد أصابع طهران عن الخليج العربي، ما يتيح للمملكة أن تتقدم في مسار الانفتاح والازدهار نحو الحلم الاقتصادي والسياسي الذي تعمل قيادتها الشابة لتحقيقه. وهذه الأولوية تستدعي مناخاً توافقياً مع إيران يسمح بوقف تورطها في الشؤون الخليجية الداخلية.
البعض يقول: بناءً على هذا المناخ، يصبح بديهياً أن يترك الخليجيون لإيران هامشاً آخر للتحرك والتوسع في مناطق أخرى من الشرق الأوسط والعالم العربي، ومنها لبنان. ولكن بعض المطلعين يحذرون من أن هذا التصور فيه شيء من المبالغة. فصحيح أن المملكة تريد إبعاد خطر إيران عن الخليج كأولوية مطلقة للتمكن من المضي في طريق الأمن والازدهار الدائمين، إلا أن أي مقايضة لم تعقد مع الإيرانيين، تقضي بإعطائهم دوراً أكبر في لبنان، مقابل عدم تورطهم في دول الخليج. وفي رأي هؤلاء، أن العامل الأساسي في توسع نفوذ إيران في لبنان والإقليم لا يعود أساساً إلى تراجع دور القوى العربية التقليدية، بل إلى الانتصارات التي حققها حلفاء إيران في المعارك التي خاضوها، من العراق وسوريا إلى غزة ولبنان، والتي نجحوا في تثميرها لتكريس النفوذ سياسياً وعسكرياً.
وفي أي حال، استفادت إيران من واقع الإرباك الذي يعيشه الإسرائيليون والأميركيون في التعاطي مع ملفها النووي ونفوذها الإقليمي. ففيما يهدد بنيامين نتنياهو بتسديد الضربات في عمق إيران ويطلب شراكة الولايات المتحدة في هذا الشأن، فإن واشنطن فضلت عدم التورط في المغامرة، في عهد دونالد ترامب وطبعاً في عهد جو بايدن. وهذا الإرباك يسمح لطهران بأن تمضي في تدعيم نفوذها. وبعد الحرب في غزة وجنوب لبنان، لن تمر أي تسوية في الملفين إلا ممهورة بالتوقيع الإيراني.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان
إقرأ أيضاً:
عن التوغل البريّ في لبنان واتّفاق وقف إطلاق النار.. ما الذي قاله لواء إسرائيليّ؟
قال اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي إسرائيل زيف قائد شعبة العمليات سابقاً، إنه ينبغي على إسرائيل أن تتخلى عن أمر جوهري من أجل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.
وحذّر من أنّ "التوسّع البري والضغط العسكري قد ينقلب علينا ويعمل ضدنا من دون التوقيع على اتفاق ونجد أنفسنا في المستنقع اللبناني".
ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية عن زيف إشارته إلى أنّ "المهم ليس أننا قريبون من تسوية في الشمال، إنما النقطة التي لا تزال موضوع خلاف هي فرض التسوية من خلال زيادة الضغط العسكري".
وأضافك "هناك نقطة لا تستطيع تجاوزها في المفاوضات، واستمرار الضغط العسكري في مرحلة معيّنة يجعل هذا الضغط عادياً، والطرف الثاني صامد".
كما رأى أنه "يحتمل الوصول إلى وضع بحيث أن الهجمات في لبنان قد تنقلب على إسرائيل كما حدث في الأمم المتحدة". (الميادين)