حصار وحرب منذ أشهر تدفع النازحين الفلسطينيين داخل غزة إلى عدم الاستجابة لمطالبات القوات الإسرائيلية التي تدعوهم فيها لمغادرة المناطق التي يسكنوها حاليا، إذ أصبحت المخاطرة بالموت أمرا مسلما به في ظل ما يعانونه.

الجيش الإسرائيلي أسقط، الأربعاء، منشورات يأمر العديد من سكان القطاع إلى مغادرة أماكنهم، فيما قررت العديد من العائلات تجاهل هذه المنشورات على أكدت تقارير نشرتها وسائل إعلام أميركية.

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الهجوم البري والجوي الذي تشنه إسرائيل على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 38 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، مع نزوح معظم سكان القطاع وعددهم 2.3 مليون نسمة.

واندلعت الحرب، في السابع من أكتوبر، حين اجتاح مسلحو حركة حماس جنوب إسرائيل. وتقول إسرائيل إن المسلحين قتلوا أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتادوا 253 آخرين رهائن إلى غزة.

القوات الإسرائيلية ألقت منشورات تدعو الأهالي لترك منازلهم

أحمد سيدو (31 عاما) قال لصحيفة نيويورك تايمز، الخميس: "لن نغادر"، في إشارة إلى اتخاذ قرار هو وعائلته بعدم ترك مكانهم الحالي.

وأضاف "أن الناس صامدين منذ ما يقرب 270 يوما، ولن يتم تهجيرهم"، وحتى لو احتلت إسرائيل القطاع بأكمله، قال إن عائلته قررت "على أنه لن يتم تهجير أحد، وهذا حال العائلات في غزة رغم قلة الماء والغذاء ومستلزمات الحياة".

وأشار إلى أن "الناس يقتلون أينما كنا، سواء في الشمال أو في الجنوب".

وبحسب الصحيفة حددت المنشورات التي أسقطتها الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق أجزاء من غزة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي "أربعة ممرات آمنة" للفرار للجنوب ولوسط غزة "بسرعة" من دون تفتيش.

وحذرت المنشورات من أن "مدينة غزة ستبقى منطقة قتال خطيرة".

وقال البعض للصحيفة إنهم قرروا البقاء في منازلهم أو الأماكن التي نزحوا إليها في منازل الأقارب أو المستشفيات أو المدارس "خوفا من المخاطر المحتملة من القوات الإسرائيلية على ممرات الإخلاء"، ناهيك عن معرفتهم أن لا "أمان" في جنوب غزة.

الأمم المتحدة لطالما كررت في تصريحاتها أن الهجمات الإسرائيلية في غزة "لم تترك أي مكان آمن"، ناهيك عن إجبار السكان على الفرار عدة مرات.

وتقدر الأمم المتحدة وجود حوالي 300 ألف شخص في شمال غزة، فيما عادت المعارك في هذه المناطق حيث تقول القوات الإسرائيلية إنها عائدة لمحاربة بقايا حماس وجماعات مسلحة أخرى.

الحرب في غزة دخلت شهرها العاشر

ومنذ صدور المنشورات الإسرائيلية الأخيرة، لم يعبر باتجاه الجنوب سوى بضع مئات وفقا لتقدير أولي من الأمم المتحدة، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

وقال سكان في شمال غزة للصحيفة إنهم "بعد أن نجوا من القصف العنيف في الشوارع والحرمان الشديد منذ أشهر، يفضلون البقاء في أماكنهم والمخاطرة بالموت في منازلهم بدلا من السير في حرارة الصيف الحارقة إلى الجنوب، حيث يعيش معظم السكان متكدّسين في ظروف يائسة".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين فلسطينيين وسكان غزة ومنظمات إغاثية قولهم: "حتى أولئك الذين لجؤوا إلى ما تسميه إسرائيل 'مناطق إنسانية'، ما زالوا يقتلون على خط النار".

ويؤكد بعض السكان أنهم "يشعرون أن من واجبهم البقاء في شمال القطاع، خوفا من أن يمهد الإخلاء الكامل الطريق أمام إسرائيل لإعادة احتلال نصف القطاع".

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قال في تصريحات أخيرا إن "إسرائيل تدرس فرض سيطرة عسكرية مؤقتة على الحياة المدنية في غزة"، زاعما في الوقت ذاته أنه "يعارض إعادة إنشاء مستوطنات إسرائيلية هناك".

وأعلن نتانياهو، الخميس، في خطاب تلفزيوني مقتضب بعد عودة الوفد المفاوض من الدوحة في ختام جولة مفاوضات جديدة تهدف لوقف الحرب التي دخلت شهرها العاشر، عدّد نتانياهو أربعة شروط وضعتها حكومته لإبرام أي اتفاق مع حماس.

لا مكان أمن في غزة

وأول هذه الشروط الأربعة هو أن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على "ممر فيلادلفيا ومعبر رفح" اللذين احتلهما بداية مايو وذلك بهدف منع "تهريب الأسلحة" لحماس.

أما الشروط الثلاثة الأخرى التي وضعتها حكومة نتانياهو في هذه المفاوضات غير المباشرة التي تجري بوساطة مشتركة قطرية-مصرية-أميركية فهي استئناف الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة التي سيتم الاتفاق عليها ومنع عودة المسلحين إلى شمال القطاع والإفراج في المرحلة الأولى من الاتفاق عن أكبر عدد ممكن من الرهائن المحتجزين في غزة.

وقال نتانياهو إن أي اتفاق "يجب أن يسمح لإسرائيل باستئناف القتال بعد انتهاء فترة الهدنة التي سينص عليها حتى تتحقق أهداف الحرب".

وأضاف أن "إسرائيل لن تسمح بعودة الإرهابيين المسلحين أو الأسلحة إلى شمال قطاع غزة"، الذي شهد قتالا عنيفا بين الجيش الإسرائيلي من جهة والفصائل الفلسطينية المسلحة، وفي مقدمها كتائب القسام من جهة أخرى.

ميدانيا، تواصلت المعارك في القطاع الفلسطيني المحاصر، ولا سيما في مدينة غزة. وأفاد الدفاع المدني في القطاع عن العثور على نحو 60 جثة تحت أنقاض المباني في حي الشجاعية بمدينة غزة، بعدما كان الجيش الإسرائيلي أعلن انسحابه، الأربعاء.

وكانت المعارك في الشجاعية امتدت إلى كل أنحاء مدينة غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه يواصل عملياته ضد مسلحين "متحصنين في مقر الأونروا في وسط غزة"، موضحا أن قواته "رصدت كميات كبيرة من الأسلحة في منطقة المقر العام تشمل مسيرات وقنابل يدوية وعبوات ناسفة وقاذفات صاروخية".

عمليات إسرائيل مستمرة في كل قطاع غزة

ووفقا لوزارة الصحة في غزة، توفي ما لا يقل عن 33 طفلا بسبب سوء التغذية، معظمهم في الشمال الذي يشهد وطأة الحملة العسكرية الإسرائيلية حتى الآن.

والشهر الماضي قالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، التي تدعمها الأمم المتحدة، إن قطاع غزة لا يزال معرضا بقوة لخطر المجاعة مع استمرار الحرب وتقييد وصول المساعدات. وأوضحت المبادرة أن أكثر من 495 ألفا يواجهون المستوى الأشد أو "الكارثي" لانعدام الأمن الغذائي.

في جنوب قطاع غزة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه يواصل عملياته في منطقة رفح الحدودية مع مصر، مؤكدا أن قواته "قضت على عشرات الإرهابيين"، بينهم حسن أبو كويك الذي يوصف بأنه أحد قادة العمليات الأمنية في جهاز الأمن الداخلي لحركة حماس.
ويعتبر الوضع في القطاع المحاصر كارثيا، حيث تنتظر المساعدات الإنسانية عند الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، في حين تتبادل الأمم المتحدة وإسرائيل الاتهامات بهذا الشأن. 

وبينما تقول إسرائيل إن الأمم المتحدة فشلت في إيصال المساعدات إلى داخل القطاع، تؤكد الأخيرة أن خطورة الوضع تمنع القافلات من التقدم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القوات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی الأمم المتحدة قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

عبد الإله مول الحوت.. الشجرة التي تخفي غابة لوبيات البحار

زنقة 20 | علي التومي

في مشهد شغل الرأي العام المغربي، ظهر عبد الإله مول الحوت كمنقذ للمستهلكين، مقدماً السردين بثمن منخفض خلال الأيام الأولى من رمضان، وهو ما استقبله المواطنون بالتصفيق والترحيب، لكن سرعان ما انكشفت معطيات أخرى تشير إلى أن ما حدث لم يكن سوى مسرحية محبوكة، يقف وراءها وحوش الصيد البحري المهيمنة على القطاع، والتي استخدمت عبد الإله كواجهة لخدمة مصالحها.

السردين.. طُعم في لعبة المصالح:

تفيد مصادر مطلعة بأن عبد الإله لم يكن سوى جزء من خطة مدبرة بعناية، حيث تم إمداده بشاحنة مليئة بالسردين مملوكة لأحد كبار أباطرة القطاع، في خطوة مدروسة لإستقطاب الأضواء نحو “البطل الجديد”، بينما تُطبخ في الكواليس خطط ومكائد حفاظا على المصالح.

وبينما احتفى المواطنون بمشهد السردين الرخيص، كان اللوبي الحقيقي يراقب ردود الفعل، ممهدًا الطريق لإتمام صفقة أكبر إما التراجع عن تفتيش مخازن السردين، ورفع اليد عن مراقبة سفن الصيد في أعالي البحار، وإما مواجهة سيناريوهات مماثلة قد تكشف المزيد من الفضائح حول القطاع.

السكان بلا سردين.. واللوبي يوزع الأدوار:

الغريب في الأمر أنه في الوقت الذي كانت فيه شاحنة عبد الإله تبيع السردين بثمن بخس، كانت مدن مثل العيون وبوجدور تعاني من غياب شبه تام لهذا السمك، وفي المقابل، كان “وحوش القطاع” يرسلون أطنانًا من سردين اقاليم الجنوب إلى عبد الإله، متحكمين في خيوط اللعبة وموجهين السوق وفق مصالحهم.

قطاع يُستنزف.. ومواطنون محرومون من تذوق السمك :

ما جرى في الأيام الأخيرة ليس سوى فصل آخر من فصول هيمنة لوبيات الصيد البحري على ثروة تستخرج من أقاليم تعاني ساكنتها من الفقر والتهميش، رغم كونها تزود البلاد بكنوز بحرية هائلة، فبينما يحقق كبار الفاعلين أرباحًا ضخمة، يعيش سكان الداخلة وبوجدور وآسفي أوضاعًا بائسة، محرومين حتى من الحصول على سمك بسعر معقول.

نهاية المسرحية.. وبداية تساؤلات جديدة:

انتهى مشهد “البطل المزيف”، لكن المعركة حول القطاع لم تنتهِ، فالتصالح الذي تم بين كبار الفاعلين بعد هذه المسرحية يعكس طبيعة الصفقات التي تدور في الخفاء، حيث تُفرض شروط وتُلغى أخرى، في ظل غياب الرقابة الحقيقية والمحاسبة.

وفي الأخير يبقى التساؤل هل كانت قضية عبد الإله مول الحوت مجرد حلقة في سلسلة أكبر من التلاعب بقطاع الصيد البحري وهل سيستمر الرأي العام في التصفيق لعروض جديدة، أم أنه سيبدأ في التساؤل حول من يملك الحقيقة في هذا القطاع الحيوي.

مقالات مشابهة

  • حماس ترحب بتراجع ترامب عن دعوات التهجير
  • عاجل | هيئة عائلات الأسرى للوفد الإسرائيلي المفاوض: لا تعودوا دون التوصل لاتفاق يعيد كل المحتجزين فورا ودفعة واحدة
  • الحوثي تعلن استئناف حظر السفن الإسرائيلية في البحر.. وتشترط
  • عبد الإله مول الحوت.. الشجرة التي تخفي غابة لوبيات البحار
  • الأمم المتحدة: عائلات بأكملها قُتلت خلال أعمال العنف في سوريا
  • الأمم المتحدة: عائلات بأكملها قتلت في الساحل السوري
  • الأمم المتحدة: عائلات بأكملها قتلت خلال الحملة العسكرية في سوريا
  • أهالي عائلات الأسرى الإسرائيليين يمهلون نتنياهو 24 ساعة لإعادة الكهرباء لغزة
  • إسرائيل تصعّد حصارها على غزة بقطع الكهرباء وسط تفاقم الأزمة الإنسانية
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون