سوريا – تفاقمت مؤخرا ظاهرة نقص المياه بمئات المخيمات شمال غربي سوريا مع توقف منظمات عن دعم خدمات المياه والصرف الصحي جراء تراجع التمويل، ما أدى إلى معاناة النازحين بالحصول على مياه الشرب.

ورد نازحون ومنظمات محلية وعاملون إنسانيون أزمة نقص المياه في المخيمات، مترافقة مع تكوم النفايات وعدم معالجة الصرف الصحي، إلى “توقف منظمات عدة عن تقديم خدماتها جراء تراجع تمويل الجهات المانحة”.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة لوكالة “فرانس برس” إن “4,1 ملايين شخص في شمال غربي سوريا يمثلون ثمانين في المئة من السكان يحتاجون إلى دعم في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة خلال العام الحالي، لكن هذا القطاع هو الأقل تمويلا”.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة “يفتقر 41 في المئة من المخيمات، أي 460 من بين 1100 مخيم، إلى دعم أساسي للمياه والصرف الصحي والنظافة من الشركاء الإنسانيين”.

وتتوقع الأمم المتحدة أن “يتم قطع الخدمات عن 111 مخيما آخر بنهاية سبتمبر، ما يبرز الحاجة الملحة إلى زيادة الدعم المالي للحفاظ على العمليات الإنسانية الأساسية في المنطقة”.

وفي الربع الأول من عام 2024 “تم تلقي اثنين في المئة فقط من التمويل المطلوب للاستجابة في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة”، وفق المصدر ذاته.

ومنذ سنوات يعتمد قاطنو المخيمات المكتظة على مساعدات غذائية وطبية ولوجستية توفرها منظمات محلية ودولية في ظل فقر مدقع.

وقال نائب المنسق الإقليمي للأزمة السورية ديفيد كاردن لوكالة “فرانس برس” إن “أوضاع المخيمات في شمال غرب سوريا يرثى لها.. سبعون في المئة منها مكتظة وتواجه العائلات في خيم مهترئة حرارة خانقة في وقت تتراكم القمامة في مخيمات لا تحظى بدعم للصرف الصحي ويمرض الأطفال”.

وتؤوي المناطق “الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في إدلب ومحيطها أكثر من خمسة ملايين نسمة الجزء الأكبر منهم نازحون”، بحسب الأمم المتحدة.

وقال النازح حسين النعسان (30 عاما) المقيم مع زوجته وطفليه في مخيم في مدينة سرمدا شمال محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية لوكالة “فرانس برس”: “حرمونا في السابق من السلل الإغاثية والخبز والآن يحرموننا من المياه، كما لو أنهم يحاولون قتلنا ببطء”.

وأوضح النعسان النازح منذ 11 عاما “بالنسبة إلينا المياه هي الحياة هي كل شيء”.

وتحت أشعة شمس حارقة، يروي الرجل كيف يتشارك مع ثلاث عائلات أخرى خزان مياه، يتقاسمون الانتفاع منه وثمن المياه التي ثمة حاجة ماسة إليها خلال فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيم المنتشرة بكثرة في المنطقة.

وأضاف: “نواجه صعوبة كبيرة في الحصول على المياه التي لا نملك ثمن شرائها بشكل منتظم بسبب قلة المساعدات وفرص العمل”.

وأبدى خشيته من أن “يؤدي انقطاع المياه والتوقف عن جمع القمامة الى انتشار الجراثيم والأمراض ومن ثم انهيار المنظومة الصحية المرهقة أساسا بعد أكثر من 13 عاما من نزاع مدمر” واصفا ذلك بـ”الكارثة الكبرى”.

وخلال زيارة ميدانية لمخيم على أطراف مدينة سرمدا شمالي محافظة إدلب، لاحظ الطبيب لدى جمعية “العطاء” المحلية فداء الحامض المسؤول عن عيادة متنقلة أن “نسبة الإصابة بالجرب في بعض المخيمات تتجاوز تسعين في المئة”.

وقال ينتج ذلك عن “نقص المياه وانتشار القمامة في الشوارع وعدم وجود شبكات صرف صحي”.

وفي مخيم قرب قرية البردقلي في ريف إدلب الشمالي تشعر أسماء الصالح (32 عاما) أنها مكبلة اليدين لصعوبة توفير حاجتها من المياه لإعداد الطعام واستحمام أطفالها الخمسة.

وتقول “لا أمتلك خزانا لحفظ المياه ولا قدرة لي على شراء واحد” مضيفة “عندما أنقطع من المياه أتوجه سيرا على الأقدام حاملة أواني فارغة لتعبئتها من الآبار القريبة”.

المصدر: “أ ف ب”

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: والصرف الصحی نقص المیاه من المیاه فی المئة

إقرأ أيضاً:

كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟

الفاشر- لم تكن النازحة عرفة آدم تدرك ما ينتظرها عندما قررت الفرار من القصف المدفعي العنيف الذي تشنه قوات الدعم السريع على المدنيين في مدينة الفاشر غرب السودان. كانت تعيش في أحد مراكز الإيواء، حيث تدهورت الأوضاع بشكل مقلق، مما زاد من شعورها بالخوف والقلق مع كل دوي قذائف متبادل.

في خضم هذه الظروف الصعبة، فكرت عرفة في مستقبلها ومستقبل طفلتها. ورغم الفوضى والدمار، أخذت نفسا عميقا، مُصممة على حماية طفلتها فاطمة (7 أشهر). كانت تحتضنها بقوة، وكأنها تحاول منحها الأمان في خضم المعاناة.

ومع تصاعد الأصوات حولها، زادت عزيمة النازحة عرفة على الوصول إلى منطقة جبل مرة، التي سمعت أنها واحدة من أكثر المناطق أمانًا في دارفور.

عرفة نزحت من الفاشر إلى بلدة روكرو في جبل مرة بحثا عن الأمان (الجزيرة) رحلة نحو الأمل

تقول عرفه للجزيرة نت "بعد أن قضينا يومين على ظهر شاحنة مكتظة بالنازحين، تمكنا من الوصول إلى بلدة روكرو بجبل مرة" وتضيف "الرحلة لم تكن سهلة، فقد واجهتنا تحديات عدة، منها قلة الطعام والماء، مما جعلنا نشعر بالقلق على صحتنا وأطفالنا".

وأوضحت أن "الحياة هنا جيدة للغاية، حيث الطبيعة الجبلية وأشجار متنوعة وشلالات المياه، لكن ذكرياتي عن منزلي لا تفارقني".

وأشارت إلى أن المنطقة أصبحت ملاذا للنازحين، حيث توفر لهم بعض الأمان بعيدا عن الحرب المستعرة. وقالت "منذ وصولنا إلى روكرو، استقبلتنا المنطقة بكل حفاوة، صحيح أن الأمان متوفر، ولكن لا وجود لمساعدات إنسانية كافية، حيث تمت استضافتنا في إحدى المدارس كمراكز لإيواء النازحين".

إعلان

ومن جانبها، قالت النازحة ابتسام عمر، التي فرت من كبكابية، للجزيرة نت "لقد فقدت كل شيء، ولكن الأمل لا يزال يعيش في قلبي"، وأكدت أن "الأطفال هنا بحاجة إلى التعليم والرعاية الصحية، ونأمل أن تصل المساعدات قريبا".

وفي حديثه للجزيرة نت، قال محمد آدم، مسؤول شبابي في المنطقة، إن من واجبهم الأخلاقي استضافة النازحين الذين شردتهم الحرب، مشيرا إلى أن النازحين يشعرون بالراحة ويتلقون معاملة جيدة، لكنهم لا يزالون في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.

وأوضح أن بعض الشباب يعملون على تنظيم حملات لجمع التبرعات وتوزيع المواد الأساسية مثل الغذاء والملابس، مشددا على أهمية توفير التعليم للأطفال النازحين لضمان مستقبلهم، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتوفير المساعدات الإنسانية، وأكد أن الوضع لا يمكن أن يستمر على حاله.

صعوبات تنقل

وفقا للنازح سليمان إبراهيم، يمثل التنقل بين المناطق الجبلية المختلفة للوصول إلى جبل مرة تحديا كبيرا. وقال للجزيرة نت "تضطر العائلات إلى السير لأيام في ظروف قاسية، حيث يواجهون شتاء قاسيا، مما يزيد من صعوبة الرحلة".

وأشار سليمان إلى أن بعض النازحين يفضلون الانتقال بواسطة الشاحنات، حيث توفر لهم بعض الراحة والسرعة، بينما يختار آخرون السير على الأقدام بسبب نقص وسائل النقل، مما يزيد من معاناتهم.

وأضاف "يعاني الكثير من الأطفال والنساء من التعب والجوع، ويضطر البعض للتخلي عن متعلقاتهم أو حتى عن بعض أفراد الأسرة". واختتم سليمان حديثه قائلا "نبحث عن حياة أفضل، ونأمل أن تعود أيام السلام إلى منطقتنا، حتى نتمكن من العودة إلى منازلنا".

وبحسب آدم رجال، المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور، أصبحت المنطقة ملاذا لأكثر من 7.5 ملايين نازح، وفقا للإحصائيات الأخيرة. وأوضح للجزيرة نت أن معظم هؤلاء النازحين قدموا من مدن الفاشر ونيالا وزالنجي وكبكابية، ويواجهون ظروفا إنسانية صعبة، أبرزها نقص المساعدات الإنسانية وغياب فرص التعليم.

إعلان

وقال رجال، إن النازحين استقروا في مناطق طويلة وروكرو وقولو، بينما لجأ آخرون إلى الجبال. كما لفت إلى أن عملية النزوح لا تزال مستمرة، حيث يصل أسبوعيا نحو 500 أسرة في حاجة ماسة لمساعدات عاجلة.

وتشير الإحصائيات التي نشرتها منظمة الهجرة الدولية إلى أن عدد النازحين داخليا في السودان تجاوز 10 ملايين شخص، بينهم 1.5 مليون في دارفور وحدها.

ويقيم معظم هؤلاء النازحين في مراكز إيواء غير رسمية ويعيشون في ظروف صعبة، بينما يقيم آخرون مع عائلات مضيفة. وتواجه الأسر المضيفة تحديات كبيرة في توفير الغذاء والمياه والإيواء لهؤلاء النازحين.

وجهة سياحية

وتعتبر منطقة جبل مرة واحدة من الوجهات السياحية في السودان، حيث تتميز بتضاريسها الجبلية الخلابة وتنوعها البيولوجي. وتحتوي المنطقة على شلالات مياه جميلة وغابات كثيفة، مما يجعلها ملاذا مثاليا لعشاق الطبيعة. بالإضافة إلى ذلك، تُعد موطنا للعديد من الأنواع النادرة من النباتات والحيوانات.

ويمكن للزوار الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة السياحية في جبل مرة، مثل الرحلات الجبلية ومشاهدة المناظر الطبيعية. كما يمكنهم زيارة القرى المحلية للتعرف على ثقافة قبيلة الفور، التي تسكن المنطقة.

ويتمتع الزوار بإطلالات رائعة على المناظر المحيطة، وتشتهر المنطقة بتراثها الثقافي الغني من الرقصات التقليدية والموسيقى. وتعكس الفنون الشعبية في جبل مرة تاريخ وثقافة قبيلة الفور.

وعلى الصعيد السياسي، تسيطر حركة تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد نور، على المنطقة. وقد أعلنت الحركة موقفها بالحياد وعدم الانخراط في الصراع الحالي في السودان، مما يعكس سعيها للحفاظ على الاستقرار وضمان سلامة السكان.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يعاني السودان من أزمة إنسانية بالتوازي مع صراع مستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأسفر هذا النزاع العنيف عن مقتل العديد من الأشخاص وأجبر الملايين على النزوح من منازلهم.

إعلان

وقد تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على جميع ولايات دارفور باستثناء شمالها وبعض محليات روكرو وقولو ونيرتيتي في وسط الإقليم، بالإضافة إلى شرق جبل مرة، الذي يقع تحت سيطرة حركة تحرير السودان.

مقالات مشابهة

  • اعتماد خطط سلامة ومأمونية المياه والصرف الصحي بمحطات القليوبية
  • تحذيرات من «انهيار بيئي» بسبب شح المياه وتسرب الصرف الصحي
  • ما حقيقة فيديو أول استعراض عسكري في سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • سوريا: احتجاجات واسعة في إدلب وحلب ضد “تحرير الشام” تطالب بالإفراج عن المعتقلين 
  • بلدية غزة تحذر من انهيار المنظومة البيئية بسبب شح المياه وتسرب الصرف الصحي
  • بلدية غزة تحذر من انهيار بيئي بسبب شح المياه وتسرب الصرف الصحي
  • كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
  • مجتمع متعدد الطوائف .. علي الدين هلال يحلل مستجدات الأوضاع في سوريا
  • مناقشة مستوى سير الاداء بمؤسسة المياه والصرف الصحي بالحديدة 
  • مناقشة مستوى تحسين الأداء بفرع مؤسسة المياه والصرف الصحي بمدينة البيضاء