حسام موافي: الغرور والغيرة والغباء.. أخطر ثلاثية تهدد صحتك النفسية
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
كتب- حسن مرسي:
كشف الدكتور حسام موافي، أستاذ طب الحالات الحرجة بالقصر العيني، عن ثلاث صفات وصفها بأنها "أصعب الأمراض" المنتشرة في العصر الحالي.
وأوضح موافي خلال حواره ببرنامج "كلام الناس" أن هذه الثلاثية المدمرة تتكون من "غرور، وغيرة، وغباء"، مشيرًا إلى أن علاجها صعب للغاية بسبب القناعة الراسخة لدى أصحابها بأنهم الأفضل.
وحذر موافي من خطورة الغرور الذي وصفه بأنه "قاتل"، مشددًا على ضرورة تجنبه والرضا بما قسمه الله لكل شخص. كما نبه إلى أن الغيرة قد تدفع إلى ارتكاب جرائم، مستشهدًا بقصة قابيل وهابيل.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: أحمد شوبير شهد سعيد هدير عبدالرازق الطقس أسعار الذهب أحمد رفعت سعر الدولار حكومة مدبولي التصالح في مخالفات البناء معبر رفح سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان الدكتور حسام موافي القصر العيني برنامج كلام الناس صحتك النفسية قابيل وهابيل
إقرأ أيضاً:
سورية الجديدة.. كيف نزيل الآثار النفسية والاجتماعية لحقبة الأسد؟
انتصر الشعب السوري في ثورته، وسقط نظام الأسد، وسقطت معه عقودٌ من القهر والاستبداد، لتشرق شمس الحرية في سماء سورية. وهذا الحدث التاريخي ليس مجرد نهاية لطاغية حكم بالنار والحديد، بل هو بداية حقبة تاريخية يستعيد فيها السوريون وطنهم المسلوب، وحلمهم بوطن حرّ يتسع للجميع. وبعد سنوات طويلة من القتل والقمع والاعتقال والدمار والتهجير، يقف الشعب السوري بعد انتصاره، أمام فرصة نادرة لصياغة مستقبله بأيدي أبنائه، متسلحين بإرادة لا تُقهر وأمل لا ينكسر.
لكنّ هذا النصر ليس المحطة الأخيرة، بل هو الخطوة الأولى نحو بناء سورية التي يحلم بها الجميع؛ دولة تقوم على العدالة والحرية والكرامة. فالرهانات كبيرة، والتحديات هائلة، والجرح عميق، ولكن الأمل أكبر، والإرادة أقوى. وهذه لحظة فارقة في تاريخ الشعب السوري؛ لحظة تتطلب منا جميعًا أن نكون على قدر المسؤولية، لنعيد بناء وطن يليق بتضحيات أبنائه، ويعيد لسورية وجهها الإنساني والحضاري العريق الذي عرفه العالم على مرّ الأزمان.
أولاً: الإرث النفسي والاجتماعي في مرحلة ما بعد سقوط الأسد
عاش السوريون تحت حكم الأسد لعقودٍ كانت فيها ثقافة الرعب والخوف أداة السلطة الأولى لإحكام السيطرة والقهر. وهو نظامٌ استخدم كل أشكال القمع، من الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري إلى التعذيب الوحشي والمراقبة المستمرة، مما أفضى إلى انعدام الثقة بين أفراد المجتمع. وخلال الثورة السورية (2011-2024)، بلغ هذا القمع ذروته، حيث ردّ النظام على انتفاضة الشعب بالعنف المفرط والقتل الجماعي والاعتقال والتهجير. ونتيجة لذلك، شُرّدت مئات آلاف العائلات، ووجدت نفسها بلا مأوى، إما في مخيمات اللجوء أو في الشتات داخل سورية وخارجها. وهذه الحرب الطويلة لم تدمّر البنية التحتية فحسب، بل مزّقت أيضاً شبكات الدعم الاجتماعي، تاركةً ملايين السوريين يعانون من النزوح والحرمان.
وقد خلّفت هذه الحرب المدمّرة إرثًا نفسيًا ثقيلًا على السوريين، حيث يعاني كثيرون اليوم من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والقلق المزمن، والاكتئاب، إلى جانب أمراض نفسية وعقلية متزايدة. حيث نشأ جيل كامل في ظروف مأساوية، بين الحصار والجوع والتشرد، محرومًا من الشعور بالأمان أو الانتماء لوطن يحميه. وأما على الصعيد الاجتماعي، فقد تخلخلت البنية المجتمعية السورية بفعل تفكك العائلات، والتغيير الديموغرافي الناتج عن التهجير القسري، وتصاعد الانقسامات الطائفية والمناطقية والسياسية. وإن هذه التركة الثقيلة تتطلب جهودًا استثنائية لإعادة بناء الإنسان السوري، إلى جانب إعادة إعمار الوطن الذي مزقته الحرب.
ثانياً: خطوات المعالجة: بناء سورية جديدة خالية من إرث القمع
إزالة الآثار النفسية والاجتماعية لحقبة الأسد تتطلب إستراتيجية شاملة ومتكاملة، وتعتمد على نهج سياسي وفكري واجتماعي يعالج جذور الأزمة ويرسخ أسس العدالة والمصالحة. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا عبر مسارات متعددة تجمع بين الإصلاح المؤسسي، المبادرات المجتمعية، والوفاق الوطني، مع الاستفادة من تجارب دول تجاوزت صراعات مشابهة، كجنوب إفريقيا، السلفادور، ورواندا، وأفغانستان.
العدالة الانتقاليةالعدالة الانتقالية تشكّل حجر الزاوية لتحقيق السلم الأهلي واستعادة الثقة بين مكونات المجتمع السوري. ويتطلب ذلك محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال سنوات الصراع لضمان عدم تكرارها، مع إعطاء الأولوية لحقوق الضحايا ورد اعتبارهم. كما يمكن الاستفادة من تجارب مثل “لجان الحقيقة والمصالحة” في جنوب إفريقيا، التي وثقت الجرائم وكشفت الحقائق، مما أسهم في تعزيز التعايش السلمي وبناء مجتمع متماسك. وإن هذه اللجان لا تهدف فقط إلى المحاسبة، بل أيضاً إلى تحقيق المصالحة، من خلال منح الضحايا فرصة لسرد معاناتهم، واستعادة كرامتهم.
دعم الصحة النفسيةإن إعادة بناء الإنسان السوري تستلزم وضع الصحة النفسية في مقدمة الأولويات الوطنية. وإنشاء مراكز دعم نفسي في جميع أنحاء سورية يمكن أن يوفر خدمات استشارية وعلاجية للمتضررين من الصراع، مع التركيز على تدريب كوادر محلية متخصصة لضمان استدامة هذه الجهود. وتُظهر تجربة رواندا بعد الإبادة الجماعية أهمية العلاج النفسي المجتمعي، حيث ساعدت جلسات العلاج الجماعي وفرق الدعم المحلية الناجين على تجاوز صدماتهم، مما أتاح لهم العودة تدريجياً إلى حياة طبيعية. وسورية بحاجة إلى اِعتماد إستراتيجيات مشابهة، تركز على تقديم الدعم النفسي للناجين في المدن والقرى والمخيمات، كجزء لا يتجزأ من عملية إعادة الإعمار الاجتماعي. وهذه الخطوات ليست مجرد معالجة لآثار الماضي، بل هي استثمار في بناء مستقبل سورية، حيث يُعاد بناء الإنسان جنباً إلى جنب مع إعادة بناء الوطن.
تعزيز التعليم والتوعيةالتعليم يُعد الأداة الأكثر قوة لمحو آثار الاستبداد وترسيخ قيم التسامح والتعايش. يتطلب ذلك تطوير مناهج تعليمية جديدة تُركّز على احترام حقوق الإنسان، وتعزيز قيم المواطنة، والبناء المجتمعي، مستلهِمة الأخلاق النبوية في الصفح والعفو عند المقدرة. التصالح مع الماضي والنسيان المدروس قد يكونان عاملين أساسيين لنضج التجربة السورية في أبعادها الفكرية والعلمية. وإلى جانب ذلك، يجب إطلاق برامج توعية تستهدف الأهالي لتشجيعهم على أداء دور إيجابي في إعادة بناء النسيج الاجتماعي والديني المتنوع. وقد تكون تجربة البوسنة والهرسك مصدر إلهام، حيث طُوّرت مناهج تعليمية تروي سرديات متعددة للأحداث التاريخية، مما ساهم في تقليل حدة الانقسامات العرقية. وعلى المنوال ذاته، يمكن لسورية تبني مناهج تُرسخ مفاهيم المواطنة والتنوع الثقافي، لتنشئة أجيال قادرة على تجاوز الماضي، وبناء المستقبل.
إعادة بناء الثقةإعادة بناء الثقة بين السوريين تمثل تحدياً كبيراً، لكنها ضرورة لبناء وطن مستقر. يمكن تحقيق ذلك عبر مبادرات محلية مثل لجان المصالحة والأنشطة الثقافية التي تعزز التقارب والحوار بين الأطياف المجتمعية. وإن تجربة “محاكم الجاتشاتشا” التقليدية في رواندا تقدم درساً مهماً، حيث سمحت هذه المحاكم للمجتمعات المحلية بالالتقاء مع الجناة وجهًا لوجه لتحقيق العدالة وترسيخ الثقة. وإن تطبيق نموذج مشابه في سورية، قد يسهم في تهدئة النفوس وتخفيف وطأة الألم الذي ترسخ بسبب عقود من الظلم والانقسامات. وعلى الرغم من أن هذه الجهود قد تتطلب وقتاً طويلاً لتهدأ الجراح، فإنها تشكل خطوة ضرورية لإعادة بناء اللحمة الوطنية.
تمكين المرأة والشبابالنساء والشباب هم الفئات الأكثر تأثراً بالحرب، ولكنهم يحملون أيضاً مفتاح المستقبل. يجب أن تشمل جهود إعادة الإعمار تمكينهم من خلال إتاحة الفرص للمشاركة في صنع القرار وبرامج التنمية. ودعم المشاريع الصغيرة وتوفير التدريب المهني يمكن أن يسهم في تمكينهم اقتصادياً واجتماعياً. وتُعد تجربة جنوب إفريقيا في تمكين المرأة والشباب نموذجاً يحتذى به، حيث لعبت هذه الفئات دوراً حاسماً في تعزيز التنمية المجتمعية. ويمكن لسورية تبني خطوات مشابهة لتقديم الدعم للفئات المهمشة، ودمجها في عملية إعادة البناء، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك، واقتصاد مستدام.
العمل على المصالحة بين المكونات الطائفية والإثنيةالشحن الطائفي، والانقسامات الإثنية التي عمّقتها الحرب في سورية تحتاج إلى معالجة شاملة وجادة، إذ يمكن تحقيق ذلك من خلال إطلاق منتديات حوار وطنية تجمع بين قادة المجتمعات المختلفة، بهدف تعزيز التفاهم وبناء جسور من العلاقات الجديدة القائمة على الاحترام المتبادل. ويجب أن تشمل هذه الجهود خطوات عملية، كتنظيم لقاءات بين النخب والقادة المحليين والمؤسسات الدينية والاجتماعية، إضافة إلى تعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة التعايش، وإعادة بناء اللحمة الوطنية.
الاستفادة من التجارب الإنسانيةتقدم التجارب الدولية تقدّم إضاءات مهمة لسورية في مرحلتها الانتقالية. ففي ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، تم إطلاق برامج “إعادة التعليم “(Reeducation)، والتي ركزت على تعزيز قيم الديمقراطية واِحترام حقوق الإنسان، وإلى جانب إدماج الناجين من الحرب في الحياة المدنية عبر برامج تدريب وتأهيل مهني. ففي البوسنة، ساهمت برامج إعادة دمج الجنود والمدنيين المتأثرين بالحرب في تقوية التماسك المجتمعي، وهي خطوة يمكن أن تستفيد منها سورية لإعادة تأهيل الأفراد المتضررين نفسيًا واجتماعيًا، وتوفير فرص عمل تسهم في دعم الاقتصاد وبناء مجتمع متماسك.
رؤية المستقبل “بناء سورية الحرة”إن فجر الحرية الذي يشرق على سورية يمثل بداية عهد جديد مليء بالأمل والتحديات، ولكنه يحمل إمكانات هائلة لتحويل هذا البلد العريق إلى نموذج للنهضة والتعافي. وبناء سورية الجديدة يتطلب إشراك الشعب السوري في صياغة مستقبله، وإرساء دولة قائمة على المواطنة والعدالة والكرامة الإنسانية، خالية من إرث الاستبداد والإقصاء. وفي حين تتوجه الأنظار نحو إعادة الإعمار المادي، تبقى الأولوية لمعالجة الجروح النفسية والاجتماعية وبناء مجتمع متماسك ومتسامح. وإزالة آثار حقبة الأسد ضرورة لبناء وطن يتسع للجميع، وطن يُعيد لسورية دورها الحضاري، ويصبح منارة للأمل والكرامة والعدالة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.